البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

مخطّط إحلال العاميّة عند الاستشراق المنطلقات والأهداف والأثر

الباحث :  د. محمود كيشانه
اسم المجلة :  دراسات استشراقية
العدد :  35
السنة :  صيف 2023م / 1445هـ
تاريخ إضافة البحث :  August / 3 / 2023
عدد زيارات البحث :  689
تحميل  ( 548.933 KB )
الملخّص
لا شكّ في أنّ الاستشراق -منذ عقود بل قرون- يسعى للدعوة إلى العامّيّة ومحاولة إحلالها محلّ اللغة العربيّة الفصحى، وقد بدأت بواكير هذه الدعوة على يد الاحتلال الغربيّ لبلاد الشرق -فيما أعلم-؛ ولذلك كان دعاة إحلالها هم بالأساس رجال الاحتلال في الشرق، وأحد أذرعته التي زرعها بين الشعوب المحتلّة، وهذا ما يثبته الإنتاج الذي كتبه هؤلاء المستعمرون الذين حملوا صفة مستشرقين مثل: ولهلم سبيتا، وسلدن ولمور، وغيرهما.
لكن من الأكيد أنّ مخطّط إحلال العامّيّة كان ولا زال هدفًا مهمًّا للاستشراق في ثوبيه القديم والحديث، وقد وضع هذا المخطّط بعناية، ويبني عليه المستشرقون المحدثون في النيل من اللغة العربيّة الفصحى؛ فاللغة العربيّة الفصحى هي لغة القرآن، ويعدّ القضاء عليها محاولة منهم للقضاء على الكتاب الذي نزل بهذه اللغة وهو القرآن الكريم. ما يعني في النهاية أنّ الهدف الرئيس من تلك الدعوة هو هدف عقديّ أكثر من أي شيء آخر.

ولا شكّ في أنّ لتلك الدعوة آثارها السيئة على اللغة العربيّة وفصاحتها وبلاغتها وأساليبها، إنّها في التحليل الأخير تعدّ قضاءً مبرمًا على تلك اللغة الباسلة التي تواجه منذ القدم مثل هذه الدعوات، علمًا بأنّها كلغة لا تضاهيها في أدواتها البلاغيّة والبيانيّة وأسالبيها وتراكيبها أيّ لغة في العالم في الفصاحة والبيان.
الكلمات المفتاحيّة: اللغة العربيّة، العامّيّة، الفصحى، البلاغة العربيّة، الذوق اللغويّ.

مدخل
سوف يتناول هذا البحث مخطّط إحلال العامّيّة، مع الكشف عمّا يقوم عليه من منطلقات أهمّها: وضع خطوات إجرائيّة شديدة الدهاء، استغلال الاستعمار في التمهيد للعامّيّة، ادّعاء بكلاسيكيّة اللغة الفصحى، ادّعاء بقصور اللغة العربيّة الفصحى، الدعوة إلى اللغويّة الجغرافيّة، الدعوة للعامّيّة على أنّها مواكبة للعصر، كلّ ذلك مع بيان الأهداف التي تنطوي عليها هذه المنطلقات، كما يتناول البحث أثر الدعوة لإحلال العامّيّة على الفصاحة العربيّة.

وفي ضوء ذلك انتهج البحث نهج المنهج التحليليّ النقديّ الذي يحلّل المخطط الذي خطّه المستشرقون في إحلال اللغة العامّيّة محلّ العربيّة الفصحى، ومواجهته بالنقد العلميّ الذي يهدمه من الأساس.
أوّلًا- المستشرقون الداعون لمخطّط إحلال العامّيّة
لا شكّ في أنّ ولهلم سبيتا الذي عنون كتابه بعنوان: قواعد اللغة العربيّة العامّيّة في مصر، كان من أولئك النفر الذين كان في دعوتهم الكثير من الشدّة التي قد تصل إلى حدّ العداء، فقد كان من أوائل الداعين إلى العامّيّة والعمل الدائم للقضاء على العربيّة الفصحى، وقد قعّد القواعد لذلك، بدليل كتابه المشار إليه.
في حين كان المستشرق دوفرين يسير في الاتجاه نفسه الذي سار فيه سلفه، فكتب تقريرًا عام 1302هـ الموافق 1882م، دعا فيه إلى هجر اللغة العربيَّة الفصحى وإحلال العامّيّة المصريّة مكانها في بناء منهج التربية والتعليم والثقافة وغيرها[2]. وقد عمد إلى تنفيذ هذا المخطّط بكلّ ما أوتى من قوّة، في إحلال اللغة العامّيّة محلّ اللغة العربيّة الفصحى.
من أولئك المستشرقين المستشرق الإنجليزيّ سلدن ولمور[3] الذي كتب كتابًا بعنوان «العربيَّة المحلّيّة في مصر» في سنة 1901، و قد كان الهدف الرئيس الذي يريده هذا المستشرق أنّ تغزو اللغة الإنجليزيّة مصر، بينما كانت العقبة الكؤود في سبيل الوصول إلى تحقيق هذا الهدف في مصر ومثيلاتها من دول العالم العربيّ هو تداولها لِلغة عربيّة فصحى يصعب بها الترقّي في مدارج العلوم[4].
إضافة إلى ذلك ثمّة مستشرقون كثر عمدوا إلى إيقاد نار الخلافات اللغويّة والدعوات الصريحة إلى اللغة المحلّيّة الدارجة على حساب اللغة العربيّة الفصحى في العديد من الأقطار العربيّة، ومن هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر:

إمانويل ماتسن صاحب كتاب «لغة بيروت العامّيّة 1911م».
لويس ما سينيون صاحب كتاب: «لهجة بغداد العامّيّة 1912م».
بين صامويل صاحب كتاب «لغة مراكش العامّيّة وقواعدها 1918م».
كوسن دور سبرسفال صاحب كتاب «قواعد العامّيّة الشرقيَّة والمغربيَّة 1918م». وغيرها من الكتب[5].

ثانيًا- وضع خطوات إجرائيّة
يمكننا أن نقف عن واحد من مخطّطات هؤلاء المستشرقين؛ لنقف على الخطوات الإجرائيّة التي تمّ وضعها في سبيل إحلال العامّيّة محلّ اللغة العربيّة الفصحى، وهو المستشرق ولهلم سبيتا، في كتابه: قواعد اللغة العربيّة العامّيّة في مصر، إذ يمكننا من خلال هذا الكتاب وما كتب عنه من الدارسين أن نؤكّد على أنّ مخطّطه كان يقوم على خمس مراحل رئيسة:

الأولى: اتِّهام اللغة الأخيرة بأنَّها لغة غازية جاءت لتقضي على القبطيَّة عند دخول الإسلام مصر وإحلال الفصحى مكانها[6].
الثانية: الإشعار بصعوبة اللغة الفصحى واتهام قواعدها بأنَّها صعبة، وكتابتها بأنَّها شاقَّة، حتَّى يكون له مسوِّغ في الدعوة إلى العامّيّة.
الثالثة: الإعلاء من قيمة العامّيّة، ومحاولة الإيهام بأهمِّيَّتها كلغة أدب ولغة تحدّث.
الرابعة: استنباط قواعد اللغة العامّيّة، لتكون نواة للاستخدام في الأعمال الأدبيَّة.
الخامسة: الادِّعاء بأنّ العامّيّة لن تؤثّر بحال على الشعائر الدينيّة، فلغة الصلاة والشعائر ستظلّ كما هي، ولن تتغيّر مطلقًا[7].

وهذه المراحل من الخطورة بمكان بحيث تقضي على اللغة الفصحى قضاءً مبرمًا، لولا أنها لغة محفوطة من قبل الله تعالى كونها لغة القرآن؛ لأنّ هذا المخطّط المحكم الذي خطّه ولهلم سبيتا أقرب إلى أن يكون مخطّطًا شيطانيًّا، فهو يكشف خلفه النوايا الشريرة الحقيقيّة لدولة الاحتلال، كما يكشف عن حقيقة الاستشراق وأهدافه المضمرة.

ثالثًا- الاستعمار والتمهيد للعامّيّة
لا شكّ في أنَّ الاحتلال الذي استولى على البلاد العربيَّة اتّجه إلى إحداث فوارق بين الشعوب ولغتها، بهدف فصلها عن كتاب ربّها المحفوظة به، وبالنظر إلى الاحتلال الفرنسيّ للجزائر نجده الصورة المعبّرة عن محاولة النيل من العربيَّة الفصحى وإبعاد الناس عنها وإدخال الفرنسيّة عليهم قصرًا، كلّ ذلك في اتّفاق تامّ مع الاستشراق، بيد أنَّ ما نادى إليه الاستشراق نظريًّا حاول الاستعمار تطبيقه عمليًّا. لكن كان الرجوع إلى كتاب الله تعالى حفظًا ومدارسةً هو الحصن الحصين الذي تكسّرت عنده دعوات الاستشراق ومحاولات الاحتلال الدؤوبة النيل من اللغة العربيَّة الفصحى.

وقد أدرك عدد من المفكّرين العرب خطورة الاحتلال على اللغة العربيّة، وأنّه كان مِعوَلًا من معاول الاستشراق، من أمثال مصطفى صادق الرافعي الذي يقول: «أمّا اللغة؛ فهي صورة وجود الأمّة بأفكارها ومعانيها وحقائق نفوسها، وجودًا متميّزًا قائمًا بخصائصها، تتّحد بها الأمّة في صور التفكير، وأساليب أخذ المعنى من المادّة، والدقّة في تركيب اللغة. إذا كانت لغة الأمّة هي الهدف الأوّل للمستعمرين، فلن يتحوّل الشعب أوّل ما يتحوّل إلّا من لغته، فليس كاللغة نسب للعاطفة والفكر، حتّى أنّ أبناء الأب الواحد لو اختلفت ألسنتهم نشأ منهم ناشئ على لغة ونشأ الثاني على أخرى والثالث على لغة ثالثة، لكانوا في العاطفة كأبناء ثلاثة آباء»[8].
لكن على الرغم من وجود هؤلاء المفكّرين المدافعين عن العربيّة، فإنّنا نجد عددًا آخر لم يكونوا على المستوى المأمول من الدفاع عن العربيّة، بل إنّهم سايروا الاحتلال وكذلك الاستشراق من موقفهما من العربيّة الفصحى عمدًا أم جهلًا، ومن هؤلاء أحمد لطفى السيّد الذي كان يؤيّد الدعوة للعامّيّة وإحلالها محلّ اللغة العربيّة الفصحى. لكن موقفه لم يعجب أصحاب الموقف الأوّل، فهذا الرافعي ينتقده وغيره، قائلًا: «إنّ في العربيَّة سرًّا خالدًا هو هذا القرآن المبيّن الذي يجب أن يُؤَدّى على وجهه الصحيح، وإلّا لزاغت الكلمة عن مؤدّاها. فكيفما قلّبتَ اللغة العربيَّة وجدتها الصفة الثابتة التي لا تزول بزوال الجنسيّة وانسلاخ الأمّة عن تاريخها»[9].
ومن هؤلاء المدافعين عن اللغة العربيّة الفصحى ضدّ كلّ دعوات إحلال العامّيّة محلّها المفكّر عمر فروخ الذي عدّ اللغة -إضافة إلى كونها أداة التفاهم- الجامع الموحّد للقوميّة بأوسع معانيها والسياج للأمّة والصلة بين ماضيها وحاضرها، وطريق مستقبلها وعنوان ثقافتها، «فإذا كانت الأمّة قديمة اللُحمة في التاريخ، واضحة النسب في المجد، كانت أحرص على ماضي لغتها، لأنَّها لا تريد أن تفرّط بشيء من تاريخها، فإنّ الأمّة إذا بدأت تنسى تاريخها سهل على الحوادث أن توزّعها بين الأمم المختلفة الطامعة بها، أو الطاغية عليها من كلّ جانب»[10].

فالتخلّي عن اللغة مظهر من مظاهر التخلّي عن الأمّة والوطن، وبفقدها يسهل للاحتلال والاستشراق التحكم في مقدراتهما ومصيرهما، فما ذلّت لغة شعب إلّا ذلّ، ومن هذا يفرض الأجنبيّ المستعمر لغته فرضًا على الأمّة المستعمرة، ويركبهم بها ويُشعرهم بعظمته فيها. وليس في العالم أمّة عزيزة الجانب تقدّم لغة غيرها على لغة نفسها، وإجلال الماضي في كلّ شعب تاريخه هو الوسيلة الروحيّة التي يستوحي بها الشعب أبطاله[11].

رابعًا- الادّعاء بكلاسيكيّة اللغة الفصحى
يمكن القول إنّ ثمّة مسألة مهمّة في هذه القضيّة يجب الالتفات إليها، وهي أنّ المستشرقين دأبوا على النظر إلى العربيَّة الفصحى على أنَّها لغة كلاسيكيَّة من الماضي، بل هي لا تعدو في نظرهم أكثر من كونها لغة زائلة كاللاتينيَّة واليونانيَّة[12] وغيرهما من اللغات القديمة، والتي تلاشت مع الزمن، فالنظر إلى اللغة الفصحى على أنَّها لغة كلاسيكيَّة من هذا النوع أمر أساسيّ في جدول أعمال المستشرقين للقضاء على العلاقة المتينة بين القرآن والفصحى.
لكن ماذا يعني مفهوم الكلاسيكيّة عند المستشرقين؟ يمكن القول إنّ مفهوم «الكلاسيكيّة عند المستشرقين مرتبط بالقِدم، وأمّا مفهوم المعاصرة، فمرتبط بالحداثة. وتاريخ اللغات الأوروبيَّة يعرف هذين المفهومين، وما يترتّب على كلّ منهما من تغيُّر واسع بين ماضي اللغة وحاضرها في جميع جوانبها»[13]، ومن ثمَّ عمدوا في سبيل الحداثة إلى القضاء على كلّ مظهر من مظاهر القدم وعدُّوه غير صالح للمعاصرة، ومن ثمّ عمدوا أيضًا إلى البحث عن كلِّ ما هو جديد، وإن كان غير نافع، وبما أنَّ العامّيّة كانت أحدث من الفصحى، فقد عدُّوها لغة المرحلة أو اللغة المرادة التي تتماشى مع المعاصرة والحداثة.

ومن ثمَّ فهم ينظرون إلى «تاريخ اللغة، أيَّ لغة، على أنَّه سلسلة من المراحل المتباعدة تاريخيًّا، حتَّى يُصبح الفرق واسعًا بين ماضي اللغة وحاضرها، ويشمل الاتِّساع في الفروق بين المراحل اللغويَّة جميع الجوانب اللغويَّة من نحو وصرف وصوت ومعنى»[14].
إنَّ هؤلاء المستشرقين اعتمدوا في استنباطهم لمفهوم الكلاسكيَّة في اللغة وخصائصه على نظرتهم للاتينيَّة أو للغاتهم القديمة التي بينها وبين لغاتهم الحديثة أوشاج مقطوعة، وليس ثمّة مشكلة في تلك النظرة، وإنَّما تطلُّ المشكلة برأسها حينما يجعلون مفهوم الكلاسيكيَّة مقياسًا معياريًّا صالحًا لأن تخضع له اللغاتُ كلُّها؛ وهذا -لا شكَّ- يُمثِّل بعدًا عن المنهج العلميّ السديد الذي لا بدّ فيه من مراعاة تميُّز بعض اللغات وتفرُّدها عن غيرها[15].
إنّ هذا الأمر يقودنا إلى حقيقة مهمّة، وهي وجود تباعد كبير بين القائلين باللغة العامّيّة واللغة العربيَّة الفصحى، وهو تباعد ناتج عن طبيعة فهم العلاقة بين اللغة والدين، فالفريق الأوّل الذي يقوده المستشرقون لا يقيم وزنًا لوجود علاقة متينة بين اللغة الفصحى والدين، ومن ثمّ فقد عدّها هؤلاء مجرّد لغة ينطبق عليها ما ينطبق على اللغات القديمة الدارسة، في حين نظر لها الفريق الثاني المتحصِّن بالفصحى لغة القرآن على أنَّها في علاقتها بالدين بمثابة صنوين، يقول أحد الباحثين: «فَصلة الدين باللغة عند دعاة العامّيّة من المستشرقين والنصارى العرب لا تختلف عن صلة التجارة والحرب والسياسة بها؛ ولذلك تراهم يعتبرون التحوُّل عن الفصحى إلى العامّيّة أمرًا طبيعيًّا، في حين يراه دعاة الفصحى يعني الهلاك والفناء والاندثار؛ لأنّ صلة الدين الإسلامي عندهم -وعندي- ليست بأقلّ درجة من صلة الروح بالجسد، وترى أنصار الفصحى يكتبون في هذا الشأن وكأنّهم في المحراب يصلّون صلاة المودّع، أمّا كتّاب الغرب وأشياعهم، فلا يعيرون صلة الدين باللغة أهمِّيَّة أكبر، فإنَّ أمرَهم يختلف تمامًا، فيما يكتبون»[16]، هذا يعني أنَّ اللغة العربيَّة الفصحى لها أبعاد كثيرة أكثر من كونها مجرّد لغة للتخاطب والتواصل، وأهمّ هذه الأبعاد على الإطلاق البعد الدينيّ، المتمثِّل في الارتباط الوثيق بين الرسالة المحمّديّة ولغة القرآن الكريم.

خامسًا- الادّعاء بقصور اللغة العربيّة الفصحى
لا شكّ في أنّ قضيّة الادّعاء بقصور اللغة العربيّة الفصحى هو ادّعاء ظهر مع ظهور الاستشراق ذاته، فقد كان يُنظر إليها على أنّها العقبة الكؤود في اتجاه فرض هيمنهتم وسيطرتهم لغويًّا وفكريًّا وعلى الأصعدة كافّة. ويظهر هذا الاتِّهام جليًّا عند المستشرق وليم بولك[17] على سبيل المثال، الذي قال في مقدّمة كتاب ياروسلاف ستتكيفتش[18] العربيَّة الفصحى الحديثة: «أليست اللغة قبل كلّ شيء مجرّد وسيلة اتِّصال، ومن ثمَّ تقوم بصورة أساسيَّة في ضوء الجوانب العمليَّة؟ وإذا ما وجدت وسيلة أفضل متوفّرة أَلَا ينبغي اتِّخاذها؟ أيمكن أن تكون ثمَّة مزيَّة حقيقيَّة في المحافظة على لغات لا تفي بما يطلب منها؟ لغات هُجِرت منذ أمدٍ أو في طريقها إلى أن تُهجَر؟»[19] كما يظهر عند المستشرق كارل فولرس[20] الذي ندَّد في مقدّمة كتابه: اللهجة العربيَّة الحديثة في مصر بالعربيَّة الفصحى متِّهمًا إيَّاها بالجمود، وبأنَّها تسير على منوال اللاتينيَّة واليونانيَّة وسائر اللغات القديمة التي اندثرت مع الزمن، وواصفًا لها بأنَّ العلاقة بينها وبين العامّيّة كالعلاقة بين اللاتينيَّة الكلاسيكيَّة القديمة واللغة الإيطاليَّة[21].
لكن المتخصّصين في دراسة اللغات لم يعجبهم هذا الأمر، بل لقد انتقد الدارسون الربط بين اللغة العربيَّة واللغات الدارسة، مستندين في ذلك إلى أنّ اللغة العربيَّة تختلف عن سائر اللغات الأخرى في أصولها وتاريخها وحياتها، فالعربيَّة حتّى اليوم لا تزال قائمةً على أسسها المتينة، وأعمدتها الصلبة، لم تُصِبها الهزات التي أصابت اللغات الأخرى، بدليل أنّ النصوص التي بنى عليها الدارسون أبحاثهم وملاحظاتهم وخرجوا منها إلى القواعد والقوانين لا تزال معينًا لا ينضب، ولا تزال القيم التي تُعدُّ معايير الفصاحة والبيان الناصع للشعراء والخطباء والكتَّاب والمؤلّفين هي هي[22].
ويمكن القول بكلّ تأكيد إلى أنَّ ما ثبت بالنسبة للعربيّة لم يثبت لغيرها من اللغات؛ لأنَّ العربيَّة تناسلت تناسلًا طبيعيًّا، واحتفظت بأصالتها، وأصولها التركيبيّة والدلاليّة والصوتيّة والبنائيّة منذ أقدم عصورها فيما تناقلته الأجيال العربيَّة من نصوصها الأدبيّة.. في حين فقدت اللغات الأوروبيّة هذه الخاصّيّة، فانبتَّت أصولها، وابتعدت عن أمّها اللاتينيّة التي أصبحت في عداد اللغات الميتة.. ومن هذا المنفذ دخل البنيويّون ينظرون إلى اللغة على أنَّها الموجودة بين أيدينا، لا نعرف لها أصلًا، ولا ننظر في تراثيّتها، ولا نقارن بينها وبين ما كانت عليه، وإنَّما ينظرون إليها نظرة (آنيّة شموليّة)[23].

إنّ نظرة المستشرقين للغة العربيَّة ليست منصفة؛ كونها تنبني على النظر لها على أنَّها لغة فحسب، دون النظر في أصولها أو مراحلها التاريخيّة، ومن ثمّ عندما وجدوا أنَّ العامّيّة هي لغة منتشرة ظنّوا أنَّها هي الأمر الواقع، وأنَّ غيرها غير موجود، أو شيء دارس تعافاه الزمن وأتى عليه ومنبتر عن الأصل، مع أنَّ واقع الحال يقول إنّها موجودة وبقوّة، ولم تمرّ بمرحلة الانفصال عن الأصل كما يشيع المستشرقون وأربابهم.
فاللغة العربيَّة الفصحى لم تواجه تلك الكوارث والعقبات التي واجهتها اللغات الدارسة كاللاتينيّة وغيرها، وإنَّما وقفت صامدة لم تستطع أن تنال منها واحدة، بدليل أنَّها تحتلّ الصدارة في البلاغة والفصاحة والبيان، بقواعدها الرصينة ووسائلها وتعابيرها الجذابة. فهل يا ترى حصل للعربيّة هذا الانبتار عن الأصل، حتّى نضطر إلى تطبيق المنهج من جديد لدراستها ووضع قواعدها وفقا لمتطلّبات مرحلتها؟! وما أظنّنا لو طبّقنا المنهج البنيويّ في دراسة نصوص العربيَّة الصحيحة خارجين بأكثر مما خرج به النحويّون العرب من أحكام وقواعد[24].

سادسًا- الفصحى واللغويّة الجغرافيّة
تقوم اللغويّة الجغرافيّة على أساس تعظيم دور اللهجات المحلّية وعدّها لغة يُحكم عليها بالصواب، ولا تخضع لمقاييس الخطأ والصواب، فقد صارت صحيحة بمجرّد أن يتحدّث بها الناس ويفهمون بعضهم بعضًا من خلالها. حيث إنّ «كلّ ما يقوله أغلبيّة الناس ويقبلون به كلامًا سليمًا بغض النظر عن اللغة المكتوبة التي تستعمل في الأدب وخلافه. فلم يعد هناك معيار للصواب والخطأ مفروض على أفراد المجتمع، بل أصبح كلّ ما يقوله مجتمع معيّن يعدّ لغةً سليمةً لا غبار عليها، وتستحقّ التسجيل في كتب القواعد، ولم يستبعدوا من ذلك إلّا كلام السوقة، وأولئك الذين يتكلّمون لهجاتٍ محليّةً خاصّةً بأفراد جماعةٍ معينةٍ، أو حيّ معيّن أو مهنةٍ معينّةٍ، وحتّى هذه -إن وجدت- فلها الدراسات الخاصّة بها»[25].

هذا يعني أنّ المستشرقين أرادوا أن يجعلوا من اللغويّة الجغرافيّة مقياسًا للصواب أو الخطأ اللغويّ، بمعنى أنَّ أيَّ لهجة يتحدّث بها الناس في منطقة معيّنة، فإنّها لهجة صحيحة، ولا غبار عليها ما دامت وسيلة الاتّصال والتواصل بينهم، وهذا -لا شكّ- يقود إلى نوع من الفوضى اللغويّة، ويقود في التحليل الأخير إلى هدم اللغات الأصليّة، ومنها اللغة العربيَّة الفصحى بالتأكيد.
ويعدّ المستشرق الألمانيّ برجشتراسر أوّل من قام بدراسة من هذا النوع، حيث كتب دراسة لغويّة جغرافيّة عن لهجات أهل الشام تحت عنوان: الأطلس اللغويّ لسوريا وفلسطين سنة 1915م[26]. ثمّ توالت الدراسات اللغويّة الجغرافيّة بعدها، انتهى بمجموعة من الأطالس اللغويّة[27]. ولقد كانت مسألة الاهتمام بإصدار أطالس عن لهجات الشام ومصر والمغرب من قبل المستشرقين محاولة منهم لاصطناع المناهج نفسها والمواقف ذاتها المتّبعة تجاه لغاتهم القديمة خاصة اللاتينيّة واليونانيّة القديمة، «في هذا ما يدلّ على الاتّصال والتزامن الوثيقين بين ما يُطبّق على اللغات الأوروبيَّة والشرقيَّة، وقد انعكس الاتّجاه العامّ للبحث في اللهجات الأوروبيّة على دراسات المستشرقين، فقد أخذوا يُولون اللهجات العربيَّة الحديثة عناية خاصّة... وقد بلغ من شدّة اهتمام المستشرقين باللهجات الدارجة أنَّ عدّوها اللغات الجديرة بالدراسة دون الفصحى، فقد ذهب بعضهم إلى إنكار أن تكون الفصحى لغة حيَّة، قياسًا على واقع اللغتين اليونانيَّة واللاتينيَّة»[28].
هذا التأثّر الكبير بالفكر اللغويّ الغربيّ كان له أثره في دراسة المستشرقين للغة العامّيّة واللهجات المحليّة على حساب اللغة العربيَّة، الأمر الذي قادهم إلى المناداة بإحلال اللغة العامّيّة محلّ اللغة العربيَّة الفصحى. وهذا فيه خطأ كبير؛ لأنَّه نقل ما في البيئة الغربيّة إلى البيئة العربيَّة، محاولًا تطبيقه عليها، مع أنَّ الواقع غير الواقع والخصائص اللغويّة غير الخصائص اللغويّة، وطبيعة اللغة هنا غير اللغة هناك، فالمستشرقون حاولوا نقل التجربة اللغويّة في واقعهم قصرًا إلى الواقع اللغويّ العربيّ، غير مدركين أو لنقل غير مهتمّين بالفوارق بينهما.

سابعًا- هل التطوّر اللغوي يفضي إلى العامّيّة؟!
يمكن القول إنّ المستشرقين تحت مظلّة الادّعاء بالتطوّر اللغويّ يحاولون تشويه اللغة العربيَّة الفصحى لغة القرآن؛ فهم يستندون إلى المنهج الوصفيّ في دراسة اللغة العربيَّة -وهو المنهج ذاته الذي يستخدمونه حيال لغاتهم-، تاركين دراستها من جانب المنهج التاريخيّ، ومن ثمّ فإنّ أيّ انحراف صرفيّ أو نحويّ أو دلاليّ تجاه العربيَّة الفصحى لا ينظر إليه المستشرقون على أنّه انحراف، بل هو في نظرهم من قبيل التطوّر اللغويّ، ومن ثمَّ فلا معياريّة ولا قياس.
ولكن السؤال: إلام تقود هذه اللامعياريّة؟! إنّه ممّا لا شكّ فيه أنّ اللامعياريّة التي يعمد إليها المستشرقون صرفيًّا ونحويًّا ودلاليًّا تقود إلى نوع من الفوضى اللغويّة التي تصبح معها اللغة الفصحى نهبًا لكلّ وارد يعبث فيها كيفما يشاء بدعوى التطوّر اللغويّ وطرائق الاستعمالات اللغويّة الجديدة. ومن ثمَّ فلا التزام بقواعد نحويّة، أو قوالب صرفيّة، أو أساليب دلاليّة، فالأمر مشاع، ومن هنا تضيع اللغة الفصحى، كمحاولة حثيثة للقضاء على الكتاب الذي نزل بها.

قد يكون من المقبول أن يذهب المستشرقون إلى وجود ألفاظ معرّبة تدخل على اللغة العربيَّة وتهضمها، فيكون ذلك صورة من صور اتّساع الألفاظ وملمحًا من ملامح تطوّرها ومواكبتها للألفاظ الجديدة الوافدة، لكن من غير المقبول مطلقًا أن ينحصر التطوّر عند المستشرقين في محاولات الاعتداء على القواعد النحويّة والصرفيّة والأساليب الدلاليّة، بدعوَى اللغة العربيَّة الحديثة أو المعاصرة.
بيد أنّ الأمر الذي لا يفهمه المستشرقون هو أنّ تطوّر اللغة العربيَّة وهضمها للألفاظ الوافدة وإخضاعها لقواعدها النحويّة وقوالبها الصرفيّة هو ما يؤرّق هؤلاء المستشرقين، فهي لغة متجدّدة دون أن تفرّط في مقوّماتها وخصائصها القديمة، وهذا ما يُمثّل أكبر ردّ على هؤلاء المستشرقين، وعلى ضعف موقفهم من محاولات إحلال اللغة العامّيّة مكانها.

ثامنًا- هل تعني العامّيّة مواكبة العصر؟!
ومن جانب آخر لنا تساؤل مؤدّاه: إذا كان المستشرقون يلحّون على إحلال العامّيّة محلّ العربيَّة الفصحى، فهل تحقّق لهم العامّيّة مطلبهم المزعوم بمواكبة العصر؟! بالطبع لا، لن تحقّق لهم العامّيّة ذلك، إذن فما الهدف من وراء حملاتهم المتواصلة؟! الهدف يكمن في القضاء على الرابطة التي تربط المسلمين في الوطن العربيّ بعد الدين وهو رابطة اللغة، فالقضيّة ليست قضيّة الانتقال إلى لغة جديدة بغية تحقيق التقدّم العلميّ والحضاريّ؛ لأنَّ العربيَّة الفصحى لغة علم وحضارة لا شكّ في ذلك، بدليل أنَّها كانت لغة العلم في العصور الوسطى، تلك العصور التي كانت حالكة السواد على الغرب، فهي لديها من الخصائص على المستوى الصرفيّ والنحويّ والدلاليّ ما يمكّنها من مسايرة العصر، بدليل كمّيّة المصطلحات العلميّة وخاصّة الطبّيّة منها التي هضمتها وأخضعتها لاشتقاقاتها دون أن يكون في ذلك نوع من الجمود أو التأخّر العلميّ - وإنّما القضيّة قضيّة القضاء على الرابطة اللغويّة التي توحّد بينهم وعلى الدين الذي يجمعهم.
لكنّ الاستشراق الذي هاجم اللغة، وحاول النفاذ إلى الدين من خلالها أسدى خدمة غير مقصودة إلى العربيَّة الفصحى ذاتها؛ إذ أُنشأت المجامع اللغوية العربيَّة في العديد من الأقطار العربيَّة كمصر وسوريا والعراق والأردن، وانطلقت تدافع عن لغة القرآن، وتذبّ عنها، وتستخدم مرونة اللغة الفصحى في هضم المصطلحات والألفاظ الوافدة وتخضعها لقوانينها النحويّة واشتقاقاتها الصرفيّة ودلالتها الأسلوبيّة.

ليس هذا فحسب، بل إنّ هجمات المستشرقين على العربيَّة الفصحى والمطالبة بإحلال العامّيّة مكانها أثمرت حالة من الاستفاقة على أهمّيّة لغتنا؛ إذ أدرك العرب أنَّ لغتهم الحصن الثاني بعد الدين، وأنَّه لا يمكن التنازل عنها مثلما لا يمكن التنازل عنه، فرغم تعدّد لهجات الأقطار العربيَّة، إلّا أنَّ ما يجمعهم هو العربيَّة الفصحى التي يلجأون إليها ليفهم كلّ منهم الآخر، ويتواصل معه، ولو تحقّق للاستشراق مراده من العامّيّة لصار لكلّ قطر لهجته العامّيّة، وحينها لا يفهم المصريّ لغة العراقيّ، ولا السودانيّ لغة الأردنيّ، ولا التونسيّ لغة المغربيّ، وهكذا تضيع العربيَّة الفصحى بإحلال اللهجات العامّيّة محلّها.

تاسعًا- أثر دعوة الاستشراق للعامّيّة في قضيّة الفصاحة العربيّة
تعدّ قضيّة البلاغة من أقوى الانتقادات التي توجّه إلى اللغة العامّيّة، فاللغة العامّيّة التي أرادها المستشرقون تقضي على بلاغة الفصحى العربيّة كلّيّة، إنّ البلاغة تعني مطابقة الكلام لمقتضى الحال، وهذا يعني أنّ لها أساسًا متينًا نفتقده لا محالة في العامّيّة التي تتعدّد بتعدّد الأقطار؛ إذ هناك العامّيّة المصريّة والعامّيّة المغربيّة وغيرها من اللهجات العامّيّة الدارجة في كلّ قطر من أقطارنا العربيّة، ومن ثمّ فإنّنا لا نستطيع المقارنة بين الفصحى والعامّيّة من حيث البلاغة؛ لأنّها ستكون حينها مقارنة ظالمة بين لغة تمتلك كلّ الأدوات البلاغية وأخرى تفتقر افتقارًا شديدًا لها. ولقد كان النيل من البلاغة العربيّة هدفًا رئيسًا للمستشرقين وأتباعهم في الشرق، حتّى أنّ الحرب عليها كانت معلنة وتتسم بالضراوة، فقد دعا بعضٌ إلى قتل الفصاحة وتجاهل البلاغة بزعم أنّنا أصابنا من جرّائها شرّ كثير[29].
لكنّنا نؤيّد ما ذهب إليه أحد الباحثين من أنّ تلك الدعوى كانت «صيحة علت حين أخذت الشعوبيّة تَقرع طبولها في الستينات، ولكنّها لم تلبث أن خفتت وعجزت عن المتابعة؛ لأنّ تيّار البيان العربيّ كان أكبر منها، وقد غاب عن هؤلاء حقيقة أصيلة هي أنّ الإفصاح منهج واضح من مناهج اللغة العربيّة في أدبها الذي يعرف لها من العصر الجاهليّ حتّى هذا العصر، وأنّ الشيء الذي لا يمكن أن يمتدّ إليه جموح المجدّدين هو تلكم الميزة التي لا تفارق اللغة وبيانها، وهي الإفصاح الكاشف لكلّ ما يختبئ في الفكرة من دقيق المعاني وخفيّها»[30].

ثمّ يؤكّد الأمر بقوله: «إذ لا سبيل أن يتولّى أدب الغموض الذي برعوا في تحديثه شيئًا من ذلك، لأنّه يعتمد غالبًا على الإحالة في البيان على أشياء مجهولة تحتاج هي نفسها إلى شرح وإفصاح، والدقيق الخفي -كما هو معلوم- لا يفسّره غموض أو إخفاء، واللغة العربيّة من أدقّ اللغات وأبرعها في استخدام كلّ ما يحرّك النفس ويهيّج الخاطر، ولها في الإيحاء المفصح مسالك يدركها من درس أسلوبها البلاغيّ.. الأمر الذي يجعلنا نقرّر أنّ الإفصاح روح اللغة وجوهرها مهما دقّ المعنى أو بعُد»[31].

فمحاولة القضاء على اللغة الفصحى تنسحب بالتبعيّة على البلاغة العربيّة التي تعدّ من أخصّ خصائص اللغة العربيّة الفصحى كالإعراب، كلّ ذلك بهدف القضاء على القرآن الكريم، الذي جاء بلسان عربيّ مبين، وقد فطن إلى هذه القضيّة أنور الجندي الذي يقول: «إنّ القضاء على القرآن، مصدر الإسلام وقانونه الإسلاميّ، يتطلّب القضاء على اللغة الفصحى، ولما كان التبشير والنفوذ الاستعماريّ لا يستطيعان أن يكشفا هذه الحقيقة صراحة، فإنّه قد أخفاها وراء كلّ خطوة اتخذها بشأن الدعوة إلى العامّيّة أو مهاجمة العربيّة واقتناصها أو الدعوة إلى الكتابة بالحروف اللاتينيّة»[32].
وممّا لا شكّ فيه أنّ البلاغة العربيّة كانت صعبة المراس على منتقديها؛ إذ لم يستطيعوا النيل منها مثلما حاولوا النيل من غيرها من علوم العربيّة والعلوم الإسلاميّة؛ لأنّهم وجدوها جدارًا شامخًا لا يستطيع تسلّقه؛ فلم يستطيعوا أن يطاولوها كبنيان لا علم لهم به؛ لأنّ العالم بمسالكها ودروبها لا يكون إلّا عربيًّا فصيحًا حتى يستكشف أسرارها وينال من معينها. إذ يمكن القول إنّ «بلاغة القرآن التي أعيَت خصوم الإسلام في الحاضر عن أن ينالوا منها على نحو ما أعيتهم فيما مضى، يرجع جانب كبير منها إلى ما تضمّنته من وجود ظواهر في تراكيب جمل التنزيل وسياقات آياته يتمّ بموجبها مراعاة مقتضى الأحوال على أكمل وجه، كما تستوجب -في عالم البشر- وجود ملكة لا تتحقّق إلّا إذا كان المعبِّر عن المقصود بلفظ فصيح فصيحًا»[33].
ومن ثمّ فإنّ القول باستبدال العامّيّة بالفصحى ستظهر أوّل آثاره السلبيّة في فهم بلاغة القرآن الكريم وجمال تراكيبه وتناسق جمله. نحن نفهم أن يهدف الاستشراق لذلك تحقيقًا لأهداف هو يرتضيها ويدعو إليها، لكنّنا لا نفهم أن يتابع بعض بني جلدتنا الاستشراق والمستشرقين في ذلك غير آبهين بخطورة ترديد مثل تلك الترّهات. ولو كان المستشرقون على علم بدروب العربيّة البلاغيّة ومسالكها الجماليّة ربما ما اتخذوا للفصحى بديلًا.

إنّ الفصاحة هي الركن الركين الذي تستند إليه البلاغة العربيّة، فلا بلاغة دون إفصاح، ومن هنا نفهم هجمة المستشرقين على اللغة العربيّة الفصحى، فاللغة العربيّة بفصاحتها قادرة على إبراز المعاني الدقيقة والدلالات الكامنة خلف النصّ، والتي لا يدركها إلّا من امتلك أدوات الفصاحة والبلاغة والبيان. وقد أشارت إلى هذه القضية بنت الشاطئ؛ حيث قالت: «إنّ اللغة العربيّة بالنسبة للمستشرقين لغة أجنبيّة عنهم، ومهما أتقنوها وأجادوا تعلّمها هم يعجزون عن تذوّق بعض أساليبها، ويحوّل تركيبهم الاجتماعيّ وتكوينهم الحضاريّ دون النفاذ إلى ما وراء الكلمات والحروف من شفافيّة وحسن وأسرار مبثوثة، وهذا أوقع بعضهم في أخطاء دفعتهم إلى إصدار أحكام مجحفة سجّلوها ظلمًا على بعض مفاهيم الإسلام»[34]، لكن هذا إذا افترضنا فيهم حسن النيّة، أمّا إذا افترضنا سوء النيّة، فإنّنا نقول إنّ موقفهم من اللغة الفصحى كان هدفه النيل من اللغة في القرآن الكريم.
لكن ممّا لا يدركه هؤلاء المستشرقون، ولعلّهم يدركونه، أنّ فروع اللغة العربيّة وثيقة الصلة ببعضها، وأنّه إذا همّشنا جانبًا منها، فإنّ ذلك يقضي على ميزة الفصاحة أو الإفصاح الذي تتميّز به، هذا يعني أنّ اتّهام المستشرقين للنحو العربيّ بالصعوبة ودعوتهم إلى التخلّي عن علامات الإعراب هو في حقيقته طعن للفصاحة العربيّة وتهديد لبلاغتها التي لا تكون من دون الاعتماد على النحو العربيّ في صورته التي انتهى إليها علماء النحو.
فضلًا عن أنّ استبدال العامّيّة بالفصحى هو في حقيقته قضاء مبرم على البلاغة والفصاحة العربيّة، فإذا كّنا قد انتهينا إلى أنّ التخلّي عن النحو العربّي يقضي على الفصاحة العربيّة -وهو فرع من فروعها- فإنّ العامّيّة التي تتخلّى عن كلّ شيء فصيح تعدّ هدمًا لكلّ صرح بلاغيّ تقوم عليه اللغة العربيّة، لأنّها تفترض التخلّي عن كلّ ما يمتّ للعربيّة الفصحى بصلة، وهنا تكمن خطورة الدعوة إلى العامّيّة وإحلالها محلّ اللغة العربيّة الفصحى.
ولأدراك أهمّيّة التكامل بين فروع اللغة العربيّة مجتمعة في عمليّة الإفصاح والبلاغة نقف عند العلامة عبد القاهر الجرجاني في كتابيه: أسرار البلاغة ودلائل الإعجاز، «فإنّ مباحث الإمام عبد القاهر قد مزجت بين هذه الفنون مزجًا حكيمًا، فكانت (بلاغة)، حتّى النحو والصرف اللذين هما الآن فنّان مستقلّان، فإنّهما في مباحث الإمام عبد القاهر من الروافد التي أسهمت في تكوين (كوثر) البلاغة بما فيه من صفاء وعذوبة وحياة»[35]. هكذا كان ينظر أعلام البلاغة في اللغة العربيّة، وهكذا ينبغي أن ننظر، وأن نعي جيّدًا المخطّط الذي يحاول أن يمرّره المستشرقون من خلال مناداتهم للعامّيّة وحربهم الضروس من أجلها.

وممّا لا شكّ فيه أن القرآن يحتوي على أسرار بلاغيّة -فضلًا عن أسراره اللغويّة- لا يدركها إلّا المتمرّس العالم بها، ومن ثمّ فإنّ الدعوة للعامّيّة واتهام اللغة العربيّة الفصحى تعدّ مقدّمة لمحاولة القضاء على البلاغة العربيّة المرتبط وجودها بوجود اللغة الفصحى ذاتها، بل إنّ ذلك يعدّ مقدّمة لنتيجة يريدها الاستشراق وينتويها تحقيقًا لأهداف مريبة، وهي القضاء على بلاغة القرآن الكريم المتضمّنة في آياته وكلماته وعباراته.
وهذا يفسّر لنا لماذا كان العلّامة عبد القاهر الجرجاني قد ناط الإعجاز في القرآن الكريم ببيانه، فالبلاغة التي يعالجها هي بالأساس بلاغة القرآن الكريم، أي بلاغة القول المعجز[36].
إنّ الفصاحة في اللغة العربيّة لا تنشأ عن اللفظ بمفرده ولا عن المعنى بمفرده، ولا عن الأسلوب بمفرده أو الصياغة النحويّة فقط، بل إنّ الفصاحة هي مزيج من هذه الأمور كلّها، ومن هنا تنشأ الفصاحة وتستبين البلاغة التي تقوم عليها اللغة العربيّة، وهذا يعني أنّ دعوة الاستشراق إلى التخلّي عن علامات الإعراب إنّما هي طعنة خنجر للفصاحة والبلاغة في آن، كما أنّ دعوته إلى إحلال الحروف اللاتينيّة مكان الحروف العربيّة تنتهي إلى النتيجة ذاتها، أمّا دعوتهم إلى العامّيّة فهي تمثّل قضاءً مبرمًا على البلاغة والفصاحة بصفة عامّة. ويعدّ القرآن الكريم النموذج الأعلى للفصاحة والبلاغة، وهو لم يتّصف بذلك بناء على اللفظ فقط أو المعنى فقط، أو البيان بمنأى عن النظم، وإنّما سرّ إعجاز القرآن اللغويّ وسرّ فصاحته إنّما تكمن في نظمه.
ومن ثمّ فإنّ للعامّيّة خطورة كبيرة على اللغة الفصحى، وقد فصّل الدكتور شوقي ضيف ذلك في كتاب له حمل عنوان: تحريفات العامّيّة للفصحى في القواعد والبنيات والحروف والحركات[37]. هو كما يبدو من العنوان يؤكّد على خطورة اللغة العامّيّة المحلّيّة على اللغة الفصحى، ولنا أن نقول أيضًا إنّ القضاء على القواعد والبنيات والحروف والحركات لا يصبّ في النهاية في صالح البلاغة العربيّة، التي تستمدّ قوّتها ووجودها من هذه الجوانب الأربعة، فضلًا عن جوانبها الذاتيّة الخاصّة بها والتي تعطيها سمتها البلاغيّة.
وتذهب بعض الدراسات أنّ استعمال العامّيّة في التدريس من أهمّ أسباب الضعف اللغويّ، ويرجع هذا إلى أنّ العامّيّة ضعيفة في مادّتها، فقيرة في ألفاظها، وأنّ من دأبها التهاون في التعبير، وهذا يؤدّي إلى تهاون في التفكير، وهذا التهاون تنشأ عنه عادات لغويّة رديئة، وينبني عليه الكسل العقليّ، ولا يرى الكثير من المعلّمين خطورة في استعمال العامّيّة والتدريس بها، ولذا يعتمدون عليها سواء أكان ذلك في المرحلة الجامعيّة أو ما قبلها، فنراهم في كثير من البيئات العربيّة لا يستخدمون الفصحى في قاعات الدرس جهلًا أو ازدراء، ويرجِع المعلّم أسباب لجوئه للعامّيّة بهدف تقريب المعنى للتلميذ باعتبارها (العامّيّة) سهلة الفهم على الفصحى[38]. وهذا كلّه يصبّ في غير صالح البلاغة العربيّة؛ لأنّ العربيّ إذا توارت لغته الفصحى خلف غياهب العامّيّة، فأنّى يمتلك ناصية اللغة؟! وأنّى يلمّ بمستوى أعلى منها وهو المستوى البلاغيّ؟!

وبالنظر إلى فوائد البلاغة العربيّة نجد أنّ منها ما يصبّ في اتجاه معرفة معاني القرآن وأسراره التعبيريّة والبيانيّة، والكشف عن جماليّاته ودقّة نظمه، فهل العامّيّة التي يريدها المستشرقون بديلًا لها تستطيع أن تؤدّي هذا الدور؟! وهل في الاستغناء عن القواعد الإعرابيّة معرفة لمعاني القرآن ونظمه وجماليّاته؟! أم هل في استبدال الحروف اللاتينيّة بالحروف العربيّة ما يمكّننا من ذلك؟! بالطبع لا؛ لأن في أطروحات الاستشراق هنا طعنًا غائرًا لهذه الفوائد على الصعيد القرآنيّ. إنّ البلاغة هي الأداة لمعرفة الإعجاز اللغويّ في القرآن، فهو العلم الذي يبوح بأسرار هذا الكتاب العظيم، وما نظنّ أنّ علمًا من علوم العربيّة أفاد في الكشف عن هذا الإعجاز كما أفاد علم البلاغة؛ كونه كتابًا في قوّة البلاغة والفصاحة وأوجها، ولا تنتهي عجائبه ولا تفنى بدائعه، خاصّة إذا كان الأمر يتعلّق بمن يحبون الغوص في أعماقه كي يستخرجوا منه كنوزه؛ لذا كان في حاجة إلى علم يستطيع استكشاف هذه القوّة ويعلن عنها. هذا يعني أنّ استبدال العامّيّة بالفصحى له أضراره البليغة على اللغة في القرآن الكريم؛ لأنّ هذا الاستبدال سوف يقضي على الصلة اللغويّة والبلاغيّة بين المسلم والقرآن، فإذا مرّ الزمن شيئًا فشيئًا جهل المسلم لغته الفصحى واستنكر بلاغتها، ولم يكن في استطاعته فهم ما في القرآن الكريم من إعجاز تحار له العقول، وهنا مكمن الخطورة.
ومن جانب آخر فإنّ المتأمّل في معاني ألفاظ القرآن الكريم ودلالتها وأحكامها لا بدّ من أن يكون ملمًّا بعلم البلاغة وقواعده، فالقرآن أسلوب معجز يمتلئ بختلف الصور البلاغيّة، ومن ثمّ كان من المهمّ الإلمام بذلك، ولن يتحقّق هذا الإلمام إذا اتخذنا من العامّيّة لسانًا ننطق به، فالقرآن يحوي تكرارًا وحذفًا خاصّة في مجال القصص القرآنيّ، وهما صورتان لهما أغراضهما البلاغيّة في القرآن الكريم، ومن ثمّ فلا بدّ للمتأمّل في القرآن أن يمتلك هذه الأدوات التي لا تستطيع أن تقدّمها له أيّ من اللغات العامّيّة الدارجة.
هذا يعني أنّ الدعوة للعامّيّة تمثل إضعافًا لعلاقة الإنسان بالقرآن فهمًا وتدبّرًا، إضعافًا لفهمه الصور البلاغيّة المتضمّنة فيه، ففهم آيات القرآن في حاجة إلى معرفة البلاغة العربيّة، والقارئ للقصص القرآنيّ وأحداث الأمم السابقة لن يستطيع فهمه حقيقة الفهم دون الإلمام بالبلاغة، فقارئ القرآن في حاجة إلى البلاغة، والمتدبّر للقرآن في حاجة إليها، كذلك الفقيه والمفسّر في حاجة إليها حتى يقوم بدوره. هذا كلّه لن يتحقّق إلّا في وجود اللغة العربيّة الفصحى التي تقوم على البلاغة والفصاحة والبيان، فبإقرار العامّيّة إقرار على إعدام الفصاحة والبلاغة والبيان.
ومن فوائدها أيضًا أنّ لها القدرة على تنمية الذوق اللغويّ للتمييز بين الجيّد والرديء من الكلام، وهذه من أهمّ ما تقدّم لنا البلاغة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هل تمكّننا العامّيّة المحلّيّة في أيّ قطر عربيّ من ذلك؟! هل تستطيع العامّيّة أن تنمّي فينا القدرة على التمييز بين الجيّد والرديء كما في اللغة العربيّة الفصحى ببلاغتها وفصاحتها؟! أظنّ أنّ الأمر على خلاف من ذلك تمامًا. خاصّة أنّ العامّيّة لغة دارجة لا تنمي في الإنسان القدرة على هذا التمييز، كونها تغوص في بحر من الرداءة، فكيف يستفاد منها في تنمية القدرة اللغويّة، ففاقد الشيء لا يعطيه.

الخاتمة
دعا المستشرقون كما قلنا للغة العامّيّة، ولكن لماذا؟ الإجابة لأنَّهم كانوا ينتقصون من قيمة الفصحى ويتَّهمونها اتِّهامات باطلة، فقد خطّطوا أوّلًا زاعمين عدم مواكبتها للعصر، ثمّ محاولة الانتقاص من النحو العربيّ أصالة وتقعيدًا ثانيًا، ثمّ الدعوة ثالثًا إلى استبدال الحروف اللاتينيّة بالحروف العربيّة، فما كان من سبيل حتّى تكتمل أركان النيل من اللغة العربيّة الفصحى إلّا الدعوة الصريحة إلى العامّيّة. ومن ثمَّ اتَّجهوا إلى العامّيّة بزعم أنّها أكثر قدرة على الوفاء بمتطلّبات الإنسان لغويًّا من العربيَّة الفصحى. وقد بيَّنا في السطور السابقة كيف كان ولهلم سبيتا ووليام ولكوكس من أولئك الداعين إلى إحلال العامّيّة محلّ الفصحى، والتمسُّك بها كلغة تحدّثٍ وكتابة.
لقد قادنا هذا البحث إلى إنّ أهداف المستشرقين وغاياتهم تتلخَّص في صنع جدار عازل بين القرآن واللغة الفصحى باعتبارها اللغة التي نزل بها، فإذا ما صُنع هذا الجدار جاء اليوم الذي يكون فيه القرآن مهجورًا أو غير مفهوم نتيجة إهمال الفصحى، فتصير الفصحى كغيرها من اللغات المندثرة كالعبريّة واللاتينيّة والآراميّة، لكن لأنّ وجودها مرتبط بالقرآن ذاته فإنّها لغة خالدة.
لكن من المهمّ أن ندرك أنَّ اللغة العربيَّة الفصحى ظلّت وسوف تظلّ صامدة أمام هذا المدّ الاستشراقيّ الذي يزداد يومًا بعد يوم؛ لأنّ العربيَّة لغة القرآن ومحفوظة بحفظه سبحانه لقوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ(الحجر: 9)، وسوف تظلّ العربيَّة الفصحى قائمة ما دام القرآن محفوظًا في الصدور متلوًّا باللسان، وسوف يظلّ إلى يوم الدين. ومن ثمَّ فحفظ اللغة العربيَّة من لوازم الدين ذاته، فهي لازمة من لوازم الدين وباقية ببقائه، وما دام ربّ العالمين قد قضى بحفظه، فهي مشمولة أيضًا بهذا الحفظ وناتجة عنه.

ومن ثمَّ نفهم أنَّ نظرة المستشرقين للغة العربيَّة الفصحى لا تختلف عن نظرتهم لأيّ لغة قديمة، وهي نظرة مبنيّة -في التحليل الأخير- على اتِّهام اللغة العربيَّة بالقصور عن أداء مهامها، وهذا فيه خطأ كبير. فاللغة العربيَّة الفصحى ليست لغة قاصرة عن أداء مهامها كما يحاول أنَّ يوهمنا المستشرقون، بل هي لغة الكتابة والمكاتبات الرسميّة، واللغة التي يتحدّث بها قطاع كبير من المثقّفين والمفكّرين، حتّى أولئك النفر الذين يجيدون العربيَّة العامّيّة ولا يجيدون العربيَّة الفصحى لا يخرج لهم كتاب أو إنتاج ما إلّا وفق الثانية، وهذا كلّه من باب التأكيد على وجود اللغة العربيَّة الفصحى حيّة متداولة.

لائحة المصادر والمراجع
إبراهيم محمد عبد الله الخولي، مقتضى الحال بين البلاغة القديمة والنقد الحديث، رسالة دكتوراة، جامعة الأزهر، 1978م.
إسماعيل عمايرة، بحوث في الاستشراق واللغة مؤسّسة الرسالة- دار البشير، ط أولى 1417هـ/ 1996م.
أنور الجندي، الفصحى لغة القرآن، لبنان - بيروت، دار الكتاب اللبنانيّ، 1402هـ/ 1982م.
الرافعي، وحي القلم، راجعه واعتنى به درويش الجويدي، لبنان - بيروت، المكتبة العصريّة، دون تاريخ.
رشيد عبد الحميد العبيدي، البحث اللغوي وصلته بالبنيوية في اللسانيات، مجلة الآداب بالجامعة المستنصرية- بغداد، العدد الثاني عشر، 1985م.
ستتكيفتش، العربيَّة الفصحى الحديثة (بحوث في تطور الألفاظ والأساليب)، ترجمة: محمّد حسن عبد العزيز 1985م.
شوقي ضيف، تحريفات العامّيّة للفصحى في القواعد والبيان والحروف والحركات، القاهرة، دار المعارف، 1994م. وليد علي الطنطاوي، بحث في فقه اللغة، قسم اللغة العربيّة، كلية اللغات جامعة المدينة العالميّة شان - علم ماليزيا
eltontouly@mediu/edu.my
طيب عمارة فوزية، اللهجة العامّيّة وتأثيرها على التعليم، مجلّة أقلام الهند، مجلّة إلكترونيّة فصليّة، السنة الثانية، العدد الثالث، يوليو - سبتمبر، 2017م.
عبد الحكيم درقاوي، اللهجات المحلّيّة.. هل تصلح للتدريس؟ على الرابط التالي:
https://www.arabiclanguageic.org/print_page.php?id=
عبد العظيم المطعني، المجاز في اللغة والقرآن بين الإجازة والمنع، القاهرة، مكتبة وهبه.
عبد الله أحمد خليل إسماعيل، قراءة جديدة في قضيّة الدعوة إلى العامّيّة، مجلّة الجامعة الإسلامية، المجلد الخامس - العدد الثاني، 1997م.
عصام فاروق، موقف المستشرقين من العربيَّة الكلاسيكيّة، مقال منشور بموقع الألوكة، بتاريخ 31/ 8/ 2016م، على الرابط التالي:
https://www.alukah.net/culture/0/106976/
-عمر فروخ، القومية الفصحى، بيروت، دار العلم للملايين، الطبعة الأولى، 1961م.
فاطمة هدى نجا، نور الإسلام وأباطيل خصومه، دار الإيمان، الطبعة الأولى، 1993م.
محمد عبد العليم دسوقي، موروثنا البلاغيّ والأسلوبيّة الحديثة.. دراس وموازنة، القاهرة، طباعة ونشر دار اليسر، بدون.
مصطفى صادق الرافعي، وحي القلم، بيروت، الطبعة الثالثة، الجزء 3.
موسوعة أ. الجندي (محاولة لبناء منهج إسلامي متكامل)، القاهرة، دار الأنصار للطبع والنشر - مطبعة التقدّم، دون تاريخ، 5/ 108، 109.
نايف خرما، أضواء على الدراسات اللغويّة المعاصرة، الكويت، المجلس الوطنيّ للثقافة والفنون والآداب عالم المعرفة، سبتمبر، 1978م.
نفوسة زكريا سعيد، تاريخ الدعوة إلى العامّيّة وآثارها في مصر، الطبعة الأولى، 1383هـ/ 1964م.

--------------------------------------------
[1][*]- باحث في الفلسفة، أستاذ محاضر بجامعة القاهرة ـ فرع الخرطوم.
[2]- أسامة مهملي، آليّات المستشرقين لهدم اللغة العربيَّة الفصحى، ص39.
[3]- أحد قضاة محاكم الإنجليز في مصر.
[4]- انظر: عبد الحكيم درقاوي، اللهجات المحلية.. هل تصلح للتدريس؟ على الرابط التالي:
https://www.arabiclanguageic.org/print_page.php?id=12385
[5]- انظر: عبد الحكيم درقاوي المرجع السابق.
[6]- انظر: فاطمة هدى نجا، نور الإسلام وأباطيل خصومه، دار الإيمان، الطبعة الأولى، 1993م، ص213.
[7]- انظر: فاطمة هدى نجا، نور الإسلام وأباطيل خصومه، ص213.
[8]- مصطفى صادق الرافعي، وحي القلم، بيروت، الطبعة الثالثة، الجزء 3، ص32.
[9]- أنور الجندي، الفصحى لغة القرآن، لبنان - بيروت، دار الكتاب اللبنانيّ، 1402هـ/ 1982م، ص187.
[10]- عمر فروخ، القومية الفصحى، بيروت، دار العلم للملايين، الطبعة الأولى، 1961م، ص97.
[11]- الرافعي، وحي القلم، راجعه واعتنى به درويش الجويدي، لبنان – بيروت، المكتبة العصريّة، بدون، ص29-32.
[12]- انظر: إسماعيل أحمد عمايرة، المستشرقون والمناهج اللغويّة، ص89.
[13]- إسماعيل عمايرة، بحوث في الاستشراق واللغة مؤسّسة الرسالة - دار البشير، ط أولى 1417هـ/ 1996م، ص329.
[14]- إسماعيل عمايرة، بحوث في الاستشراق واللغة مؤسّسة الرسالة - دار البشير، ط أولى 1417هـ/ 1996م، ص328.
[15]- انظر: عصام فاروق، موقف المستشرقين من العربيَّة الكلاسيكيّة، مقال منشور بموقع الألوكة، بتاريخ 31/ 8/ 2016م، على الرابط التالي: https://www.alukah.net/culture/0/106976/
[16]- عبد الله أحمد خليل إسماعيل، قراءة جديدة في قضية الدعوة إلى العامّيّة، مجلّة الجامعة الإسلاميّة، المجلد الخامس - العدد الثاني، 1997م، ص77-78.
[17]- مستشرق أمريكيّ، ولد في عام 1929م، عمل صحفيًّا ودبلوماسيًّا وباحثًا في المنطقة العربيَّة، أنشأ مركزًا لدراسات الشرق الأوسط وكان مديرًا له، وعمل رئيسًا لمعهد ستيفنسون أدلاي للشؤون الدوليّة، ومن مؤلّفاته كتاب: كيف نفهم العراق؟
[18]- مستشرق أمريكيّ يعمل أستاذًا في الأدب العربيّ بقسم اللغات وحضارات «الشرق الأدنى» في جامعة شيكاغو. باحث في قسم الدراسات العربيَّة والإسلاميّة، بجامعة جورج تاون في العاصمة الأمريكيّة واشنطن، وحاصل على الدكتوراه في الأدب العربيّ عام 1962 من جامعة هارفارد.
[19]- ستتكيفتش، العربيَّة الفصحى الحديثة (بحوث في تطور الألفاظ والأساليب)، ترجمة: محمّد حسن عبد العزيز 1985م، ص18-19.
[20]- مستشرق ألمانيّ (1857–1909م)، وتولّى إدارة المكتبة الخديويّة بالقاهرة، عمل أستاذًا بمدرسة الفلسفة في جامعة يينا.
[21]- انظر: نفوسة زكريا سعيد، تاريخ الدعوة إلى العامّيّة وآثارها في مصر، الطبعة الأولى، 1383هـ/ 1964م، ص25.
[22]- انظر: عصام فاروق، مرجع سابق، وانظر رشيد عبد الحميد العبيدي، البحث اللغويّ وصلته بالبنيويّة في اللسانيّات، مجلّة الآداب بالجامعة المستنصريّة - بغداد، العدد الثاني عشر، 1985م، ص56-57.
[23]- انظر: عصام فاروق، مرجع سابق، وانظر: رشيد عبد الحميد العبيدي، البحث اللغويّ وصلته بالبنيويّة في اللسانيّات، مجلة الآداب بالجامعة المستنصريّة - بغداد، العدد الثاني عشر، 1985م، ص56-57.
[24]- انظر: عصام فاروق، مرجع سابق، وانظر: رشيد عبد الحميد العبيدي، البحث اللغويّ وصلته بالبنيويّة في اللسانيّات، مجلّة الآداب بالجامعة المستنصريّة - بغداد، العدد الثاني عشر، 1985م، ص56-57.
[25]- نايف خرما، أضواء على الدراسات اللغويّة المعاصرة، الكويت، المجلس الوطنيّ للثقافة والفنون والآداب عالم المعرفة، سبتمبر، 1978م، ص89.
[26]- مستشرق ألمانيّ (1886-1933)، عُني بدراسة اللغات السامية بعامّة والنحو العربيّ خاصةً، وكذلك اللهجات العربيَّة والقراءات القرآنيّة، كما أنّه له بصمته في كتاب تاريخ القرآن لنولدكه.
[27]- انظر: إسماعيل أحمد عمايرة، المستشرقون والمناهج اللغويّة، ص110-111.
[28]- انظر: إسماعيل أحمد عمايرة، المرجع السابق، ص110-111.
[29]- انظر: محمد عبد العليم دسوقي، موروثنا البلاغيّ والأسلوبيّة الحديثة.. دراس وموازنة، القاهرة، طباعة ونشر دار اليسر، دون تاريخ، ص5-6.
[30]- انظر: محمد عبد العليم دسوقي، موروثنا البلاغيّ والأسلوبيّة الحديثة.. دراس وموازنة، ص6.
[31]- انظر: محمد عبد العليم دسوقي، موروثنا البلاغيّ والأسلوبيّة الحديثة.. دراس وموازنة، ص6.
[32]- موسوعة أ. الجندي (محاولة لبناء منهج إسلاميّ متكامل)، القاهرة، دار الأنصار للطبع والنشر – مطبعة التقدّم، دون تاريخ، 5/ 108، 109.
[33]- انظر: محمد عبد العليم دسوقي، مرجع سابق، ص5.
[34]- موسوعة أ. الجندي (محاولة لبناء منهج إسلاميّ متكامل)، 4/ 63.
[35]- عبد العظيم المطعني، المجاز في اللغة والقرآن بين الإجازة والمنع، القاهرة، مكتبة وهبه، 1/ 296.
[36]- إبراهيم محمّد عبد الله الخولي، مقتضى الحال بين البلاغة القديمة والنقد الحديث، رسالة دكتوراه، جامعة الأزهر، 1978م، ص62.
[37]- انظر: شوقي ضيف، تحريفات العامّيّة للفصحى في القواعد والبيات والحروف والحركات، القاهرة، دار المعارف، 1994م.
[38]- انظر: وليد علي الطنطاوي، بحث في فقه اللغة، قسم اللغة العربيّة، كلّيّة اللغات جامعة المدينة العالميّة شان - علم ماليزيا
eltontouly@mediu/edu.my
وانظر: طيب عمارة فوزيّة، اللهجة العامّيّة وتأثيرها على التعليم، مجلّة أقلام الهند، مجلّة إلكترونيّة فصليّة، السنة الثانية، العدد الثالث، يوليو – سبتمبر، 2017م.