العدد 16

العدد 16

محتويات العدد

■ الاستعراب الإسباني بالمغرب خوصي ماريا لورشندي نموذجا(1836م ـ 1896م)

عبد العالي احمامو

■ البقاع المقدسة في الرحلة الغربية -رحلة في بلد العجائب- (حجُّ مسيحيٍّ إلى مكَّة والمدينة)

الدكتور مكي سعد الله

■ الاستيطان الأوروبي في المغرب على عهد الحماية الفرنسية وانعكاساته الاجتماعية

أستاذ التاريخ المعاصر جلال زين العابدين

■ نقد نظرية التناقض الأدبي في الآيات القرآنية

د.محمد جواد اسكندرلو

■ قراءة الوحي بعيون استشراقية

أ.د/ عماد الدين إبراهيم عبد الرازق

■ «سيبويه» حسب مخطوطة نحوي أندلسي من القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي».

جينيفير هومبرت

■ اهتمام المستشرقين بترجمة حِكم الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام)المتعلقة بالثقافة وطلب العلم إلى اللغات الأوربية منذ القرن السابع عشر حتى بداية القرن العشرين

المرحومة فادية فيضي/ الدكتور صبيح صادق

ملخصات البحوث باللغة الانجليزية

The Critique of the Theory on the Literary Contradiction in the Quranic Verses

By Dr. Mohammad Jawad Iskandarlou

The Holy Sites in the Western Journey in the Country of Miracles,

By Dr. Makki Saadullah

Reading the Revelation Through Orientalist Eyes

By Dr. Imad Eddin Ibrahim Abdel Razzaq

The Interest of the Orientalists in Imam Ali Maxims

By Fadia Fayd and Dr. Sobeyh Sadeq

The Social Reflections of the European Colonialism in Morocco

By Dr. Jalal Zein El A’bideen

Sibawaih’s Book According to an Andalusian Linguist from the 6th Century Hegira

By Dr. Jennifer Humbert

The Spanish Arabicism in Morocco, José Maria Lorchande a Model

Dr. ‘Abdel ‘Aali Ihmamou

 

 

افتتاحية العدد

الوجوه المختلفة لاستمرار رسالة الإستشراق

في الذكرى المئوية لانعقاد مؤتمر المستشرقين، نظمت المؤسسة الاستشراقية مؤتمراً في باريس صيف عام ١٩٧٣، وطرح على بساط البحث تغيير مصطلح «مستشرقين» تحت عنوان أنه لم يعد يتناسب مع اتساع وتنوع الإنتاج الغربي الخاص بما هو أوسع من الشرق التقليدي. والحق أن المصطلح كان قد افتضح وخسر الكثير من رصيده الأكاديمي وأدى دوره في فترة الاستعمار المباشر، ولم يعد يتناسب مع موجة الاستقلال التي اجتاحت العالم الثالث في ستينيات وسبعينيات القرن المنصرم... في الحصيلة وبعد نقاشٍ طويلٍ وافق المؤتمر على تسمية نفسه «المؤتمر العالمي للعلوم الإنسانية في آسيا و شمال إفريقيا». ولم يكتب لهذا الاسم النجاح، وقد كان مصطلح كرسي الشرق الأوسط يملأ جامعات الغرب، وأصبحت الدراسات الشرق أوسطية اختصاصاً قائماً بذاته خصوصا في الجامعات الاميركية.

واليوم تقدم مراكز التفكير المعنية بالعرب والمسلمين والشرق الأقصى أو بقارتي آسيا وأفريقيا، تقدم نفسها كجسر عبورٍ لمعرفة العالم الآخر، تحت عناوينَ مختلفةٍ، ولكنها تضيف إلى ما ينجزه المستشرق عادة، اقتراحاتٍ عمليةً لما يجب عمله لاستمرار الهيمنة الغربية على كل الآخرين.

لم يعد الهدف هو التعرف على الآخر، وتأسيس علومٍ إنسانيةٍ تحفر في البنى السياسية والإجتماعية والإقتصادية، لتحدد أماكن زرع المتفجرات المعرفية أو السياسية فحسب، بل يتدخل ما يسمى بالخبراء اليوم في هندسة المجتمعات، وتحديد نوع الحروب التي يجب أن تخوضها، والشعارات الزائفة التي يجب أن تموت من أجلها، والقضايا التي يجب أن تشغلها بعيداً عن قضاياها الأساسية بالطبع.

تجاوز الغرب مرحلة اكتشاف قيمنا وتراثنا وعاداتنا ولغاتنا وثقافتنا... إلى مرحلةٍ تتحول فيها قيمنا وقضايانا وثقافتنا إلى منتجٍ يتم تصنيعه، ليخدم أهدافاً محددةً. ونحن في الحقيقة لا نقصر في استهلاك ما ينتج لنا بدليل ما نشاهده اليوم من خراب في العالم العربي.

في هذا العدد:

يعالج الدكتور عبد العالي احمامو مسار الاستعراب الإسباني في المغرب العربي، وما يميزه عن الإستشراق بشكلٍ عامٍّ، حيث تبقى اللغة والثقافة العربية مجال الاشتراك الواسع بين المصطلحين. وفي إضاءته على حياة أهم المستعربين خوسيه ماريا لورشندي يكشف عن أن أساليب المستعربين في نشر التبشير المسيحي، إذْ لم يقتصر التبشير على التدخل في المعرفة ودراسة اللغات واللهجات، بل دخل إلى صميم النسيج الإجتماعي للمغرب، بتأسيس المدارس ومعاهد التعليم ومساكن لإيواء الفقراء والمستشفيات بدعمٍ مباشرٍ من الكنيسة والدولة الإسبانية الكاثوليكية. أما الاهتمام الخاص باللهجة المحلية ووضع المعاجم الخاصة بها، فقد كان وسيلة المبشرين لتجاوز المتمسكين بالعربية الفصحى والوصول والتواصل مع العامة من الناس، وبالطبع فإن التمكن من العامية الدارجة والمبتذلة يمكنه أن يساعد المبشر على كسر الحواجز الدينية والنفسية، وخدمة دولته بشكلٍ أفضلَ، كما بين الدكتور احمامو كيف كان مقدرا لتلك المعاجم أن تخدم القواعد العسكرية الإسبانية في المغرب في أيام لم يكن فيها راهبٌ واحدٌ يحسن العامية المغربية، مما ساهم في إطلاق البعثات الهادفة إلى تمكين عددٍ أكبرَ من المبشرين من إتقان العربية الفصحى والعامية.

في بحثه القيم يعالج الدكتور جلال زين العابدين أثر الاستيطان الأوروبي الفرنسي وانكاساته الاجتماعية في المغرب العربي، ويبين كيف تم الاستيلاء على الأراضي من الفلاحين المغاربة بأسلوب قتل المالكين أحيانا أو بالقوانين التي فُصِّلت على قياس مصلحة المستعمر. وحتى خطوات التحديث الفرنسية بالمغرب هدفت لتحويل الفلاح المغربي الذي كان حرَّا بأملاكه إلى عاملٍ عند السلطة المستعمرة أو الإقطاعيات الخادمة لها. بنى الإستعمار الفرنسي أحزمة البؤس من الفلاحين الذين هاجروا إلى المدن إما بسبب فقدهم لأراضيهم أو لأنها لم تعد قادرة على منافسة الزراعة المحدثة التي أدارتها حكومة المستعمرة. ومع هذا أصبحت البنية الاجتماعية المفككة عاجزةً عن التضامن في وجه المستعمر بعد تحول رؤساء القبائل إلى إقطاعيين أو بسبب تفكيك بنية القبيلة.

لقد تمت صياغة نظامِ زراعيٍّ ملائمٍ لحاجات السوق الفرنسية ولم يخسر المزارع المغربي أرضه فقط بل خسر قوة عمله بواسطة استبدادٍ قانونيٍّ أعاد إنتاج بروليتاريا مغربيةً كانت نواة الحركات العمالية في ما بعد.

تحليلٌ عميقٌ ومتميزٌ يقدمه الدكتور مكي سعد الله في تفكيك خطاب التحيز والمركزية عند المستشرق ألبير لو بوليكو الذي تنكر بزيِّ مواطنٍ مصريٍّ ليزور مكة والمدينة ويعود بكتابه «رحلة في بلد العجائب: حجُّ مسيحيٍّ إلى مكة والمدينة».

يكشف الدكتور مكي خلفيات الصناعة الغربية للصورة النمطية، وجمود الكاتب أمام ما يثير الإعجاب في رحلة الحج المقدسة، واهتمامه بحبك الصورة المتخيلة للواقع أو المبالغة في إبراز السلبيات لتكريس صورة الآخر العدو المخيف عن المسلم الذي يمكن أن يقدم على قتله لو اكتشف أنه مسيحيٌّ. تتردد هذه المخاوف لإبراز توحش المسلمين، كما تختلط صورة البدوي المحترف للقتل والسبي والسطو مع العربي عموما، ليصبح البدوي المتوحش هو نفسه العربي. أما الرسول الأعظم (ص) فيختار المستشرق من سيرته أموراً ويختلق أمورًا تجمع بينها العجائبية البعيدة عن أن تكون أساسا لإيمان العقلاء. بحثٌ قيّمٌ جديرٌ بالمتابعة والدراسة والتأسيس عليه لأنه يرسم منهجاً في قراءة الاستشراق المتحيز عموما.

اهتمام المستشرقين بترجمة حكم الإمام علي (ع) من القرن السابع عشر لغاية القرن العشرين، بحثٌ جمعت فيه المرحومة فادية فيض والدكتور صبيح صادق، نماذجَ مميزةً من الترجمات بجهدِ توثيقيٍّ مميزٍ، عكس رغبة بعض المستشرقين في نقل الحكمة العلوية إلى فضائهم الثقافي.

يستعرض الدكتور عماد الدين إبراهيم عبد الرازق افتراءآت المستشرقين في قضية إثبات الوحي ومعناه وإعادة تفسيره بما يتلاءم مع أهوائهم، ثم يؤكد على ما جاء به الرسول (ص) وأن الوحي لا بد أن يكون من ذاتٍ موحِية وذاتٍ متلقيةٍ باعتبار إخفاق كل محاولات نسبة القرآن إلى ذات الرسول أو إلى عصره.

تقييمٌ متخصصٌ لمخطوطة ابن خروف الأندلسية لكتاب سيبويه تقدمه جينيفر هومبرت وهي تلاحق النسخ المفقودة التي اعتمد عليها ابن خروف في نسخته. وينتهي بها البحث إلى أن نسخة ابن خروف جامعةٌ بين النسخ الشرقية والأندلسية للكتاب المرجع في علم النحو. ولا يسعنا إلا أن نثني على الترجمة الدقيقة عن الفرنسية للأستاذ مؤنس مفتاح والتي ساهمت في توضيح مدى دقة البحث وأهميته.

عالج العلماء المسلمون وعلى رأسهم أئمة أهل البيت (ع) ما طُرح من شبهاتٍ حول اختلاف القرآن، وكانت إجاباتهم تحول الإِشكال إلى فرصة لبيان روعة القرآن وإعجازه اللغوي والبلاغي والأدبي. في بحثه عن »نقد نظرية التناقض الأدبي في الآيات القرآنية« يتعرض الدكتور محمد جواد إسكندرلو لجذور الإشكالات التي طرحها القاصرون عن فهم القرآن أو الزنادقة، وما توصل إليه العلماء من ضرورة عرض النحو على القرآن بدل عرض القرآن على قواعد النحو.