العدد 23

العدد 23

محتويات العدد

■ الافتتاحية: العلم والتكنولوجيا والتعليم والإعلام

    جهاد سعد

■ أثر الرياضيات اليونانيّة في الرياضيات العربيّة... حقائق وأباطيل

    مصطفى يعقوب عبد النبي

■ تحدي تمثّلات الغرب عن الشّرق في  رواية: «الموريسكي» للكاتب المغربي حسن أوريد

    رشيد المنوار

■ الفكر الإصلاحي والوعي بقضايا الاستشراق - مصطفى السباعي (1915-1964) نموذجًا

    د. حسان عبد الله حسان

■ علم النجوم أم علم الهيئة أم علم الفلك؟ صعوبات التأريخ لعلم عربي

    مهدي سعيدان

■ الاستعارة المعجميّة في القرآن الكريم من منظور استشراقي - آرثر جيفيري نموذجًا

    الدكتور عبد العالي احمامو

■ الأدب العربي في عيون المستشرقين الروس (قراءة في كتابات كراتشكوفسكي)

    أ.د. حبيب بوزوادة

■ كتاب الزين الغمري: الإسلام في الصحافة البريطانية، أثر الخطاب الإستشراقي في تقديم صورة الإسلام في الإعلام البريطاني

    عرض ومناقشة: جهاد سعد

افتتاحية العدد

العلم والتكنولوجيا والتعليم والإعلام

تريلونات من العملة الصعبة صُرفت على الأبحاث العلميّة والتكنولوجيا، منذ أن شهدت البشريّة نهضتها العلميّة، ولكنّها تقف اليوم عاجزةً عن مواجهة كائنٍ أصغر 1000 مرّة من حبّة الملح، فهل سيُؤدّي هذا التّحدّي إلى صحوةٍ في البحث العلمي والتصنيع التقني. بقوّة الجائحة تستخدم التكنولوجيا اليوم للوقاية من المرض بعد أن اعتدنا على أنّ ساحتها الرئيسة هي الأسلحة للحروب، والمعلومات للغزو الفكري والثقافي والحروب الناعمة، والألعاب لتدريب الأطفال على العنف في سنّ مبكر. فقَدَ العلم بوصلته الإنسانيّة وتدفّق بالتكنولوجيا والتعليم والإعلام يبني عالمًا من الفوضى الأخلاقيّة والتيه الفكري والفلسفي. فمناهج الجامعات كُتبت لتأبيد السّيطرة وتحريف الماضي، ورسالة الإعلام صُنعت لتزوير الوعي وحرف الوقائع، فلا علاقتنا بالماضي حقيقيّة، ولا صورة الواقع في أذهاننا صافية، وتشدّنا عمليات غسل الأدمغة إلى مستقبل ليس لنا على أرض تصرخ من وجع بيئتها.

حكم الغرب عالمنا منذ قرنين من الزمن، وها هي تنكشف براءة الاختراع المزيّفة لمفاهيم التّقدّم والتنمية والرفاه والسعادة. لا غنى لنا عن بحثٍ علميٍّ ينتجه الضمير الإنساني والفطرة السليمة، ويجري مطهّرًا -كما النّهر- مناهج التربية والتعليم واستخدامات التكنولوجيا ولغة الإعلام، علم عرفناه في أيات الله هاديًا لولادة الإنسان الجديد،  (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ)[1] .

في هذا العدد:

1. في بحثه القيم: «أثر الرياضيات اليونانيّة في الرياضيات العربية، حقائق وأباطيل». يفتح  الدكتور مصطفى يعقوب عبد النبي بابًا لإعادة كتابة تاريخ العلم من منظور منصف، ويكشف التأسيس المصري للرياضيات والهندسة والاستفادة اليونانية، ثمّ الإضافات العربية-الإسلامية التي ما كان من الممكن للرياضيات الحديثة أن تظهر بدونها. ومن الالتفاتات الجميلة في هذا البحث أثر القرآن الكريم على التأليف الرياضي بدءًا بكتاب الخوارزمي الذي أراده مؤلّفه خدمةً لحساب الوصايا والمواريث والأراضي.

2. تحدّي تمثّلات الغرب عن الشرق، في  رواية: «الموريسكي» للكاتب المغربي حسن أوريد. معالجة دقيقة للكاتب رشيد المنوار في إطار حرب التنميط الممنهج التي شنّها الغرب على المسلمين من بدايات الاحتكاك مع الوجود الإسلامي في الأندلس، وخصوصًا بعد سقوط غرناطة، وخضوع المسلمين «المورسيكيين» للحكم القشتالي المتعصّب. اللّافت في النّص تشابه الأساليب التي كانت تتّبع آنذاك ومنها لصق الصفات العنفية بالمسلم مع ما يحدث اليوم.

3. الفكر الإصلاحي والوعي بقضايا الاستشراق، مصطفى السباعي (1915-1964) نموذجاً للدكتور حسان عبد الله حسان. وهو خلاصة مكثّفة لجهود المفكّر مصطفى السباعي في نقده للمستشرقين، وكشف أهدافهم وخلفياتهم وأساليبهم.

4. علم النجوم أم علم الهيئة أم علم الفلك؟ صعوبات التأريخ لعلم عربي. للدكتور مهدي سعيدان، محاولةٌ موفّقةٌ لإعادة الاعتبار لعلم الفلك عند المسلمين، وخصوصًا تأثّر أمثال كوبرنيكوس بنظريّات مرصد مراغة. وتظهر في هذا البحث جرأة بعض المستشرقين على إصدار أحكامٍ مجحفةٍ في أمور لا يفهمونها أصلًا، ولا يدفعهم إلى التقليل من شأنها إلا كونها خارج دائرتهم.

5. الاستعارة المعجميّة في القرآن الكريم من منظور استشراقي، آرثر جيفيري نموذجًا للدكتور عبد العالي احمامو. بحث إشكاليٌّ يطرح العديد من التّساؤلات حول سبل معالجة ما يُسمّيه الباحث «استعارة معجميّة». تكمن أهمّيته في فتح الأبواب لتتبّع دقيق لحجم هذه الاستعارة أوّلًا عن طريق إثبات أنّها استعارة، وثانيًا تحديد ما إذا كانت معربة قبل نزول القرآن الكريم، وثالثًا تحديد اللّغة التي استعيرت منها وهل هي من عائلة اللغات السامية أو غيرها.... يعرض الباحث المغربي احماموا لسلسلةٍ من مؤلّفات العلماء المسلمين الذين أحصوا الكلمات الأجنبيّة في القرآن، كالسيوطي (ت911هـ) في رسالته «المهذّب فيما وقع في القرآن من المعرب»، وفي ذكر المؤلّفات بعض المزج بين المجاز والغريب وما جاء في إطار تفسير القرآن عمومًا. وغاب عن الباحث  بعض المصادر المهمّة في الموضوع، ربما بسبب عدم توفّرها بين يديه، ككتاب «غريب القرآن للفقيه واللغوي فخر الدين الطريحي (ت1085هـ). ثم يتحوّل البحث إلى عرض قراءةٍ نقديّةٍ لكتاب  المستشرق آرثر جيفيري (Arthur Jeffery) الذي ألّفه  تحت عنوان (the Foreign Vocabulary of the qur’an) مستندًا إلى دراسةٍ مهمّة قدّمتها كاثرين بيناتشيو (Catherine Pennacchio) والموسومة بـ «الاستعارة المعجميّة في القرآن، الجوانب الإشكاليّة لقائمة آرثر جيفيري».

6.  الأدب العربي في عيون المستشرقين الروس، قراءة في كتابات كراتشكوفسكي للدكتور حبيب بوزوادة. عرضٌ موجزٌ وقيّمٌ لمميّزات الاستشراق الرّوسي، وأبرز المستشرقين الروس على الإطلاق، وهو إغناطيوس كراتشكوفسكي الذي تميّز بمقاربة للأدب العربي تبتعد عن المركزيّة الأوروبيّة حتى في منهجيّته النّقديّة. يقول الباحث: ومن أهمّ سمات هذه الشّخصيّة خوضها في القضايا العربيّة بروح عربيّة، وعقليّة عربيّة، تتعامل مع الأفكار بمحبّة، بعيدًا عن التعالي والفوقيّة المنتشرة في أوساط كثير من المستشرقين الغربيين.

7. وفي باب مناقشة كتاب، اخترنا لهذا العدد كتاب الزين الغمري، «الإسلام في الصحافة البريطانية»، الذي يشرح أثر الخطاب الاستشراقي على الصحافة الغربيّة المعاصرة عمومًا والبريطانية خصوصًا. ويُبيّن كيف تعيش صورة نمطيّة للإسلام والمسلمين، تمّ إنتاجها منذ قرون بين مفردات الصحافة الحديثة التي تعيد إنتاجها مع كلّ حدث يتعلّق بالعالم الإسلامي.

في 18/ 9/ 2020

 مدير التحرير

  جهاد سعد

------------------------

[1] سورة الملك الآية 30.