العدد 30

العدد 30

محتويات العدد 

■ ترتيب نصّ القرآن قراءة نقديّة في أطروحة آرثر جيفري

المنتصر بالله عمّار الحموي

■ جماليّة تلقّي القرآن الكريم عند ثيودور نولدكه

زهراء دلاور ابربكوه؛ روشنفكر؛ عيسى متقي زاده

■ رؤية دي بور للأخلاق والحياة الأخلاقيّة الإسلاميّة

د. أحمد عبد الحليم عطيّة

■ موقف المستشرقين من المعتزلة في الأندلس؛ وامتداداتها في المذاهب اليهودية

د. عادل سالم عطيّة جاد الله؛ محمد مجدي السيّد مصباح

■ تمثّلات مغرب نهاية القرن 19 وبداية القرن 20 بعيون رحّالة إيطاليّة

جلال زين العابدين

■ تاريخ العلوم العربيّة بجامعة برشلونة من جورج سارتون إلى خوان برنيت

عبد الكريم بولعيون

■ أصالة الشعر الجاهليّ بين نولدكه وآلڤرت ولايل ومارگلياث قراءة نقديّة مقارنة في الأصول

د. هلال محمّد جهاد

■ اَلاِسْتِعْرَابُ خَادِمًا للاِسْتِعْمَار؛ أو عَن كْلِيمِنْت سيرْدِيرَا  Clemente Cerdiera

د. محمّد العمراني

■ ترجمة ملخّصات المحتوى 

 

افتتاحية العدد 

لماذا القرآن؟

لا شكّ في أنّ القرآن الكريم المصدر الأوّل للشريعة المقدّسة، وهو الحجّة القاطعة بيننا وبين الله تعالى، التي لا شكّ ولا ريب فيها، كلام الله الذي أنزله على عبده ورسوله محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان يراجعه مع أمين الوحي في كلّ شهر من شهور رمضان؛ للتأكّد من سلامته مبنى ومعنى[1]، وقد بلَّغ نبيُّ الإسلام القرآن الكريم تبليغًا كاملًا باتّفاق المسلمين، وأمر بحفظه وكتابته وجمعه حال حياته، وأنّ ما بين الدفّتين والمتداول بين المسلمين منذ عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، لم يزد فيه ولم ينقص منه، يقول العلامة حسن زاده آملي «واعلم أنّ الحق المحقّق المبرهن بالبراهين القطعيّة من العقليّة والنقليّة أنّ ما في أيدي الناس من القرآن الكريم هو جميع ما أنزل الله تعالى على رسوله خاتم النبيين محمّد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وما تطرّق إليه زيادة ونقصان أصلًا»[2] ومن المتفّق عليه أنّ هذا القرآن تنزّل عليه منجَّمًا في حوالي ثلاث وعشرين سنة، فاقتضت حكمة الله تعالى ألّا ينزل القرآن على رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) جملة واحدة كما نزلت الكتب السماويّة الأخرى السابقة، وإنّما نزل متدرِّجًا ومفرَّقًا حسب الحوادث والوقائع ومقتضيات التشريع بعد نزوله على قلب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مرة واحدة، ولهذا الأمر فلسفة خاصّة ليس هنا محلُّ بحثها.

والقرآن كتاب هداية «إنّ القرآن أُنزل لهداية البشر، وسوقهم إلى سعادتهم في الأُولی والأُخری، وليس هو بكتاب تاريخ أو فقه، أو أخلاق، أو ما يشبه ذلك ليعقد لكلٍّ من هذه الجهات بابًا مستقلًّا. ولا ريب في أنّ أسلوبه هذا أقرب الأساليب إلى حصول النتيجة المقصودة، فإنّ القارئ لبعض سور القرآن يمكنه أن يحيط بكثير من أغراضه وأهدافه في أقرب وقت وأقلّ كلفة فيتوجّه نظره إلى المبدأ والمعاد، ويطّلع علی أحوال الماضين فيعتبر بهم، ويستفيد من الأخلاق الفاضلة، والمعارف العالية، ويتعلّم جانبًا من أحكامه في عباداته ومعاملاته. كلّ ذلك مع حفظ نظام الكلام، وتوفية حقوق البيان، ورعاية مقتضی الحال. وهذه الفوائد لا يمكن حصولها من القرآن إذا كان مبوّبًا؛ لأنّ القارئ لا يحيط بأغراض القرآن إلّا حين يتمّ تلاوة القرآن جميعه»[3].

وإنَّ مجموعة معارف القرآن مثل هرمٍ رأسُه «التوحيد». فهو يری أنّ مجموعة المعارف الإلهيّة تفصيل للتوحيد، والتوحيد إجمال لهذا التفصيل، ويذكر بهذا الصدد أنّ الآيات القرآنيّة بهذه المعارف الإلهيّة التفصيليّة والحقائق الحقّة تعتمد علی حقيقة واحدة وهي أصل، وبقيّة المعارف غصونه وأوراقه، وهذا الأصل هو توحيد الله تعالی، وهذا الأصل ـ بجميع ما فيه من إجمال ـ يتضمّن جميع تفاصيل المعاني القرآنيّة وجزئيّاتها، وبعبارة اُخری: فإنّ التّوحيد أصل إذا قمنا بتشريحه فإنّه يصير هذه التفاصيل، وإذا جمعنا هذه التفاصيل فإنّها تعود إلى أصل واحد[4].

وعند النظر في خصائص القرآن، سنجد أنّ له خصائص عديدة، من أهمها:

- أنّ القرآن هو أدلّ المصادر التشريعيّة وأهمّها على الإطلاق، وهو ما بين الدفتين الذي تداوله المسلمون في عباداتهم ومعاملاتهم وجميع شؤون حياتهم منذ بلّغه النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الأمّة الإسلاميّة، لا زيادة فيه ولا نقصان ولا تحريف. قال الله تعالى: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ)[5] وقال تعالى: (مَافَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ)[6] وهذا لا يعني أنّه يحيط بكلّ جزئيّات الوقائع والحوادث ونصّ على تفاصيل أحكامها، بل هو تبيان لكلّ شيء من حيث أنّه أحاط بجميع الأصول والقواعد والكليّات، التي لا بدّ منها في كلّ قانون أو نظام، كوجوب العدل والمساواة، ورعاية الحقوق، وأداء الأمانات والوفاء بالعقود والعهود..، وما إلى ذلك من المبادئ العامّة التي لا يستطيع أن يشذّ عنها نظام يراد به صلاح الأمم وسعادتها، وقد ورد عن الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام) قوله: «إنّ الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن تبيان كلّ شيء حتى -والله- ما ترك الله شيئًا يحتاج إليه العباد، حتّى لا يستطيع عبد يقول: لو كان هذا أُنزل في القرآن، إلاّ وقد أنزل الله فيه»[7].

- إنّ ألفاظ القرآن الكريم ومعانيه كلاهما منزَّل من عند الله تعالى، ووظيفة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) إنّما هي تلقّيه عن الله تعالى وتبليغه إلى الناس وبيان ما يحتاج منه إلى بيان.

- إنّ القرآن الكريم نزل باللغة العربيّة قال الله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً)[8]. وفيه خبر ما قبلكم ونبأ ما بعدكم، كما جاء عن علي(عليه السلام) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: كتاب الله فيه خبر ما قبلكم، ونبأ ما بعدكم، وهو الفصل ليس بالهزل...[9].

- إنّ القرآن الكريم نقل إلينا بطريق التواتر، كتابة في المصاحف وحفظًا في الصدور، فقد نقله عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) جموع غفيرة يستحيل تواطؤهم على الكذب أو الوهم أو الخطأ، أبرزهم الإمام علي(عليه السلام) ومجموعة من الصحابة الأخيار، بالإضافة إلى مجموعة من العلماء والفقهاء وصولًا إلى عصرنا حيث وصل إلينا مكتوبًا في المصاحف.

- آيات القرآن منسجمة مع بعضها البعض، وفي هذا يقول العلّامة جوادي آملي: «إنّ جميع آيات القرآن التي يفوق عددها ستة آلاف آية منسجمة مع بعضها وهي بمنزلة كلام واحد؛ ذلك لأنّ القرآن نزل من مبدأ الحكمة، وبعد الإحكام وكونه حكيمًا تمّ تفصيله»[10]. ولا ريب في أنّ القرآن الكريم -في المجموع- له لغته الخاصّة ولا يمكن قياسها باللغة الرائجة في مجموعة بشريّة خاصّة. إنّ مثل هذا الانسجام بين الألفاظ والمعاني، استقلال المطالب وترابطها، الوئام التامّ في مجموعة الكلام، الاستفادة من الأساليب المتنوّعة، والاحتواء علی المطالب والأسرار العجيبة في عين بساطة اللغة ووضوح البيان الذي هو الفصاحة والبلاغة يُعدّ إعجازًا وفوق قدرة البشر[11].

ما هي مشكلة المستشرقين مع كتاب الله؟

لعب المستشرقون من أمثال «برنارد لويس» و «صموئيل هنتنغتون» و «غوستاف فون غرونبون» وأمثالهم، دورًا  كبيرًا في تشويه صورة الاسلام والمسلمين، وقد كانوا يهدفون إلى: الحيلولة دون وصول مبادىء القرآن وتعاليمه إلى شعوب بلدانهم، والتقليل من أهمّية القرآن عند المسلمين وقد أشار غلادستون إلى ذلك عندما قال: «ما دام هذا القرآن موجودًا فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الشرق، ولا أن تكون في أمان»[12]. وأكمل هنتغتون بأنّ المشكلة الأساسيّة بالنسبة للغرب ليست في الأصوليّة الإسلاميّة بل الإسلام. وقد ساهمت مقولات هنتنغتون في صناعة رأي عام غربي يرفض التعايش مع الحضارات والأمم الأخرى، ما دفع البعض لمحاولات إلحاق الأذى بهم وتشويه سمعتهم[13]. وزعم جورجسيل(G. Sale)  في مقدّمة ترجمته لمعاني القرآن 1736م، أنّ القرآن إنّما هو من اختراع محمّد ومن تأليفه وأنّ ذلك أمر لايقبل الجدل. ويزعم ريتشارد بل (richard Bell) بأنّ النبي محمّدًا (صلى الله عليه وآله وسلم) قد استمدّ القرآن من مصادر يهوديّة ومن العهد القديم بشكل خاصّ، وكذلك من مصادر نصرانيّة. ويزعم دوزي (ت: 1883م): أنّ القرآن الكريم ذو ذوق رديء للغاية ولا جديد فيه إلّا القليل،كما يزعم أنّ فيه إطنابًا بالغًا ومملًا إلى حدّ بعيد.

وذهب بعض المستشرقين ومنهم تسدال ومستر كانون (سل) وغيرهما إلى أنّ الحنفية ورجالها قبل البعثة المحمّديّة هم أحد مصادر القرآن بدليل وجود توافق وتشابه بين أحكام القرآن وهداياته وبين ما كان يدعو إليه الحنفاء مثل: الدعوة لإفراد الله بوحدانيّته سبحانه وتعالى، ورفض عبادة الأصنام، والوعد بالجنان، والوعيد بالعقاب في جهنم...، ومنع وأد البنات. والإقرار بالبعث والنشور والحساب.

واعتبر بعضهم أنّ الصابئة مصدر من مصادر القرآن الكريم؛ وذلك للتشابه بينهما وبين ما جاء في القرآن من عقائد وعبادات ونسك، حيث قالوا إنّ التأثير من الصابئة انتقل لمحمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) عبر الوسط الوثني، الذي عاش فيه وأخذ منه كثيرًا من طقوسه الدينيّة.كما زعموا أنّ الوسط الوثني مصدر من مصادر القرآن الكريم، وقولهم أنّ محمّدًا (صلى الله عليه وآله وسلم) استقى معلوماته التي وضعها في القرآن من البيئة التي عاش فيها بدليل التشابه، وأنّ التشابه الموجود بين مقاطع من الشعر الجاهلي وبعض الآيات القرآنيّة قد استقاها محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) من وسطه الوثني ووضعها في القرآن. وكذا  وزعم (تسدال) أنّ كثيرًا من المطالب الواردة في القرآن، وفي الأحاديث تطابق مطابقة غريبة لما ورد في كتب الزرادشتّية والهنديّة القديمة، فنتج من ذلك أنّنا ملزمون -على حدّ تعبيره- أنّ الهندية مصدر من مصادر القرآن، وأنّ النصرانيّة كانت أحد المصادر التي أخذ منها محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأدخلها في قرآنه مع أنّ مصادر النصرانيّة هذه لم تكن موثوقة، بل كانت لفرق شاذّة، لها أساطير غريبة، وكان يظن أنّها الإنجيل. وكذا زعم جولد سهير وغيرهم أنّ اليهوديّة مصدر من مصادر الإسلام، واستدلوا على ذلك بتشابه القرآن واليهوديّة في القصص مثل قصة ابني آدم وقصة إبراهيم، وغيرها الكثير ممّا أثاروه ونشروه بلغات العالم. والواضح من هذه النماذج أنّ الأعم الأغلب منهم -وإن صُنّفوا علماء وباحثين عندهم- يدرس القرآن بروحيّة بعيدة عن التجرّد والموضوعيّة والشفافيّة التي تشكّل أوّليات البحث العلمي، وهو ما يكشف عن أنّ الأولويّة والاهتمام البالغ الذي أولاه الباحثون المستشرقون بالقرآن الكريم نشأ في كثير من الأحيان من المخاوف التي استحوذت على عقليّة الإنسان الغربيّ ونظرته إلى الإسلام نظرة المنافس المهدِّد له باستلاب حضارته وثقافته. ولهذا فقد ظهر الجدل ضدّ القرآن الكريم مبكِّرًا، منذ القرون الوسطى في الغرب، في الخطاب الدينيّ اليهوديّ والمسيحيّ على لسان يوحنا الدمشقيّ (ت: 749م)، وموسى بن ميمون (ت: 1204م)، وتوما الأكويني (ت: 1274م)، ورئيس دير كلوني بطرس المبجَّل (ت: 1156م) الذي كان أوّل من شجّع على ترجمة القرآن الكريم إلى لغة غربيّة ودعمه، فظهرت أوّل ترجمة للقرآن إلى اللغة اللاتينيّة على يد البريطاني روبرت كيتون (Robert of Ketton) في الفترة الممتدة بين (1136-1157م)، ثمّ تتابعت من بعدها الترجمات إلى اللغات الأوروبيّة المختلفة؛ كالإنكليزيّة، والفرنسيّة، والألمانيّة، والإيطاليّة، والهولنديّة، ... ولم يقتصر عمل المستشرقين على هذا المجال بالنسبة للقرآن الكريم، بل اتّسعت جهودهم إلى مجالات أخرى تتعلّق بالقرآن الكريم؛ كعلوم القرآن والتفسير والدراسات القرآنيّة، فبرزت في هذا الصدد شخصيّات استشراقيّة تنتمي إلى مدارس استشراقيّة أوروبيّة؛ ألمانيّة، وبريطانيّة، وفرنسيّة، ومجريّة...؛ من قبيل: الألمانيّ تيودور نولدكه (Theodor Noldke) (ت: 1930م)، ومواطنه رودي باريت (Rudi Paret) (ت: 1983م)، والمجريّ إجنتس جولدتسيهر (Ignaz Goldziher) (ت: 1921م)، والبريطانيّ ريتشارد بيل (Richard Bell) (ت: 1952م)، والفرنسيّ ريجيس بلاشير (Regis Blachere) (ت: 1973م)، والأستراليّ آرثر جفري (Arthur Jeffery)
(ت: 1959م)، ... وقد وصلت هذه الجهود الاستشراقيّة في البحث القرآنيّ إلى مرحلة إصدار موسوعات قرآنيّة؛ كـ «موسوعة القرآن» التي صدرت ما بين (2000-2006م) عن دار بريل الهولنديّة ضمن ستّ أجزاء. وفي هذا السياق ينقل إدوارد سعيد عن -نورمال دانيال- في كتابه -الإسلام والغرب- بأنّ النبي محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) يُنظر إليه في الغرب بأنّه نبي الوحي الكاذب، وقد أصبح في عيون الغربيين مثالًا «للفجور، والفسق، والشذوذ، وأنّه منظومة كاملة من الخيانات المختلفة»[14]، ويؤكّد سعيد أيضًا بأنّ القرآن لم يسلم من الهجوم العدائي للكتّاب الغربيين، -فتوماس كارلايل- يصف القرآن بأنّه «خليط مشوّش مضْجِر، خام، فجّ، تكرار لا نهائي، إسهاب مملّ، تعقيد، وباختصار هو خام، ركيك، غباء لا يحتمل»[15].

وقد أدّت هذه الجهود الاستشراقيّة في مجال ترجمة القرآن الكريم والدراسات القرآنيّة الكثيرة والمتنوّعة في أغلب ما نتج عنها -عن تعمّد أو عن قلّة اطلاع وعلم ودراية- إلى الوقوع في أخطاء خطيرة وجسيمة وإلقاء شبهات كثيرة بعيدة عن قيم الإسلام وعقائده ولا تليق بالقرآن الكريم؛ وهو منزّه عنها؛ ما استدعى ذلك ردودًا من قِبَل العلماء والباحثين المسلمين على مدار العقود المنصرمة. كما ساهمت بعض الدراسات الاستشراقيّة للقرآن الكريم في تعزيز جوانب من الدراسات التفسيريّة للقرآن وعلوم القرآن والدراسات القرآنيّة. وسواء أكانت ما تنتجه الجهود الاستشراقيّة فيما يتعلّق بالقرآن الكريم مصيبًا للحقيقة أو مجافيًا لها، كان لا بدّ من رصد هذه الجهود بعين البصيرة؛ تمهيدًا لتصحيح ما فسد منها، والحدّ من تداعياته الخطيرة على تقديم الإسلام والقرآن إلى الإنسان الغربيّ، والاستفادة ممّا صلح لتعميق البحث القرآنيّ، ورفد الدعوة إلى الإسلام في العالم.

وفي هذا السياق توسّعت الحركة البحثيّة والعلميّة الاستشراقيّة الغربيّة الحديثة والمعاصرة في مجال الدراسات القرآنيّة، وكذلك الحركة العلميّة والبحثيّة النقديّة لها (العربيّة، والفارسيّة، والغربيّة...)، من شخصيّات ومدراس استشراقيّة، ومؤسّسات تعليميّة، ومراكز بحثيّة، ودور نشر، ومؤتمرات، وملتقيات، وندوات، وموسوعات، ومؤلَّفات، ودراسات، وأبحاث، ومقالات...

ومع كلّ هذه الجهود البحثية النقديّة في ردّ الشبهات الكثيرة التي كرّرها المستشرقون حول القرآن الكريم، نوجّه الدعوة للباحثين في العالم الإسلامي إلى المزيد من الأعمال العلميّة والبحثيّة النقديّة التي تكشف تهافت وخلفيات أجيال المستشرقين في تعاملهم مع الإسلام والقرآن في جميع لغات العالم؛ لدحض أوهام المستشرقين وشبهاتهم حول كتاب الله العزيز. ونحن في المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجيّة، على أتمّ الاستعداد للمساهمة بنشر البحوث والكتب والدراسات العلميّة البنّاءة.

مدير التحرير

حسن أحمد الهادي

---------------------------------

[1]*- مدير التحرير، حسن أحمد الهادي.

- يراجع  صحيح البخاري، ج6، باب كان جبريل يعرض القرآن على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

[2]- رسالة في فصل الخطاب في عدم تحريف كتاب رب الأرباب من مجموعة رسائل عربيّة، ص1.

[3]- الخوئي، أبوالقاسم: البيان في تفسير القرآن، لا.ط، قم، چاپ علميّة، 1394هـ.ش، ص93.

[4]- الطباطبائي، محمّد حسين: الميزان في تفسير القرآن، لا.ط، قم، دفتر انتشارات اسلامی، 1374هـ.ش، ج10، ص139.

[5]- سورة النحل، الآية 89.

[6]- سورة الأنعام، الآية 38.

[7]- أصول الكافي، 1/ 59، ح1.

[8]- سورة يوسف، الآية 2.

[9]- مصنف إبن أبي شيبة، ج7، ص164.

[10]- {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} سورة هود، الآية 1؛ جوادی آملی، عبد الله: تفسير تسنيم، لا.ط، لا.م، نشر اسراء، 1385هـ.ش، ج1، ص394.

[11]- هادوی تهرانی، مهدی: مبانی كلامی اجتهاد در برداشت از قرآن كريم، لا.ط، قم، مؤسسه فرهنگ‌ خانه خرد، 1377هـ.ش، ص298.

[12]- صناعة الكراهية بين الثقافات وأثر الاستشراق في افتعالها، علي بن ابراهيم النملة، ص118.

[13]- الصورة النمطيّة للإسلام والمسلمين في الإعلام الأمريكي والمتغيّرات الراهنة،شريفة رزيوق، ص83-98.

[14]- إدوارد سعيد، الاستشراق، تر: محمّد عناني، مرجع سابق، ص62.

[15]- المصدر نفسه، ص152.