البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

نقد ومناقشة مقالة العصمة من دائرة معارف ليدن للقرآن في ضوء آراء الشِّيعة ومبانيهم

الباحث :  نرجس جواندل- بي بي سادات رضي بهابادي
اسم المجلة :  دراسات استشراقية
العدد :  38
السنة :  ربيع 2024م / 1445هـ
تاريخ إضافة البحث :  April / 13 / 2024
عدد زيارات البحث :  403
تحميل  ( 779.250 KB )
الملخّص
يتناول المؤرِّخ والأستاذ في الجامعات الأمريكيَّة والكنديَّة بال أي واكر في دراسته المنشورة في دائرة معارف ليدن للقرآن الكريم منشأ العصمة، وماهيَّتها وأبعادها، حيث يرى أنَّ العصمة تعني الصِّيانة، والوقاية من الوقوع في الذَّنب والخطأ، وعلى الرَّغم من أنَّ هذا المصطلح وهذا المفهوم لم يرد في القرآن الكريم على هذا النَّحو، إلَّا أنَّ مفهوم العصمة يُعدُّ -في ضوء رؤية أكثر المتكلِّمين- مفهومًا قطعيًّا، بل إنَّ القرآن الكريم يصرِّح بصدور المعاصي من الأنبياء بشكل وآخر، وقد صدَّق المسلمون الأوائل بذلك على نحو من الأنحاء، ثمَّ صار الشِّيعة لاحقًا يدَّعون القدرة المطلقة لأئمَّتهم، وأسَّسوا بذلك القول بمفهوم العصمة كما يذكر، ثمَّ أخذوا بالتَّدريج ينسبون هذا المفهوم إلى الأنبياء أيضًا. وهو ما تطلَّب عرضًا علميًّا مركِّزًا لآرائه، وأدلَّته، ومناقشاته في العصمة، تمهيدًا لمناقشتها، ونقدها وبيان الرُّؤية الإسلاميَّة في هذه القضيَّة الحسَّاسة في الكلام الإسلامي. وهو غرض هذا البحث. حيث توصَّل الباحث في جانب من مناقشاته إلى أنَّ مفردة العصمة، وإن لم يرد استعمالها في القرآن الكريم بمفهومها الكلامي، إلَّا أنَّ القرآن قد صرَّح بعصمة الأنبياء بإلفاظ ومفردات أخرى.

الكلمات المفتاحيَّة: العصمة، بال أي واكر، دائرة معارف ليدن للقرآن الكريم.

المدخل
إنَّ الشِّيعة لم يكونوا هم المبتدعين لمفهوم العصمة، وإنَّ نسبة هذا الاعتقاد إلى المتكلِّم الشِّيعي هشام بن الحكم، والقول بأنَّه كان يرى أنَّ عصمة الإمام أكثر ضرورة بالقياس إلى عصمة النَّبي، ليس له أساس في الواقع. كما أنَّه لم يؤخذ قيد العمد، أو السَّهو في مفهوم الذَّنب. وعليه فإنَّ أفضل طريق لتأويل الآيات الَّتي يبدو من ظاهرها عدم العصمة، هو الالتفات إلى درجات الذَّنب من دون نظريَّة سهو النَّبي الَّذي هو رأي مرفوض من قبل الشِّيعة. وعلى الرَّغم من أنَّ العصمة أمر اختياري، ولطف من قبل الله سبحانه وتعالى، ولكن لها أسبابها الخاصَّة، من قبيل العلم بفساد الذَّنب، وإرادة قويَّة من قبل النَّبي، حيث تقضي هذه الإرادة على دوافع ارتكاب الذَّنب لديه، لا أنَّ هذا اللُّطف يشمله بعد عقد النَّيَّة، والعزم على ارتكاب الذَّنب.

بيان المسألة
إنَّ المفاهيم الدِّينيَّة الَّتي هي ثمرة التَّفكير الشَّيعي تعدُّ -بسبب اشتمالها على عنصري العقلانيَّة، وشموليَّة المعرفة الدِّينيَّة الصَّادرة عن الأئمَّة المعصومينb- دقيقة ومقبولة من النَّاحية العقليَّة، ومشتملة على التَّحليلات الخالصة؛ إلَّا أنَّ طبيعة دراسات الغربيِّين حول الإسلام، كانت تستند في الغالب إلى مصادر أهل السُّنَّة عمومًا. إنَّ المصادر الشِّيعيَّة إمَّا يتمُّ تجاهلها في هذه الدِّراسات بشكل كامل، أو لا يتمُّ الالتفات إليها إلَّا نادرًا؛ في حين يُتوقَّع من الباحث الغربي في الشَّأن الدِّيني، ويتكفَّل بتقرير آراء المسلمين في ما يتعلَّق بالموضوعات الدِّينيَّة، أن يلتفت إلى آراء الشِّيعة في هذا المجال أيضًا؛ لا سيَّما بالنِّسبة إلى الموارد الَّتي يتمُّ فيها بيان آراء الشِّيعة؛ حيث لا ينبغي الاقتصار على تقارير أهل السُّنَّة فقط.
إنَّ دائرة معارف ليدن للقرآن تعدُّ واحدة من المؤسَّسات التَّحقيقيَّة لدى الغربيِّين حول القرآن الكريم. إنَّ ناشر هذه الموسوعة هي دار نشر بريل الَّتي سبق لها في عام 1907م أن نشرت دائرة المعارف الإسلاميَّة أيضًا. إنَّ رئيسة المحقِّقين في دائرة المعارف القرآنيَّة هي السَّيِّدة مك أوليف[3] وهي أستاذة حقل اللُّغة العربيَّة والتَّاريخ من جامعة جورج تاون واشنطن دي سي. وقد كتبت في حقول المعارف الدِّينيَّة، والدِّراسات المقارنة بين الأديان الإبراهيميَّة، وتاريخ الإسلام. وقد ذكرت أنَّ الغاية من نشر هذه الموسوعة هي توفير معرفة دقيقة[4]، وأكاديميَّة حول القرآن الكريم. وهي معرفة تنبثق من خلال جمع الآراء، ومختلف الفرضيَّات والنظريَّات. إن الـ(EQ, 1, xi) وخصوصيَّتها الخاصَّة عبارة عن ادِّعاء الحياد، وعدم الانحياز، والمعرفة غير المتحزِّبة. إنَّ هاتين الكلمتين هما من الكلمات المفتاحيَّة الَّتي ينظر إليها البروفيسور مظفَّر إقبال[5] -مؤسِّس ورئيس المركز الإسلامي في كندا، ومدير التَّحقيقات في دائرة المعارف الجامعة للقرآن الكريم- بنظرة خاصَّة في إطار نقده الجادِّ لهذه الموسوعة[6].

يرى مظفر إقبال في مقالة له بعنوان «الدِّراسات الأكاديميَّة للمستشرقين في مورد القرآن الكريم»، أنَّ أكثر مقالات دائرة معارف ليدن للقرآن الكريم -الَّتي تحتوي على حدِّ تعبير رئيسة المحقِّقين فيها السَّيِّدة مك أوليف على «الطَّابع الأكاديمي»- تمثِّل تكملة للتَّحقيقات الأكاديميَّة السَّابقة حول القرآن الكريم، والَّتي يمكن تتبُّع خيوطها، وآثارها في دراسات، وتحقيقات المستشرقين في القرن التَّاسع عشر للميلاد، والعمل من خلالها على تتبُّع آثار خمسة قرون من الأبحاث الجدليَّة حول القرآن من قبل المتكلِّمين اللُّغويِّين المسيحيِّين.
وهو يرى أنَّ البحث الأكاديمي للقرآن الكريم مقتبس من التُّراث ذاته الَّذي أسَّست له التَّيَّارات، والاتِّجاهات الخاصَّة في الغرب. وبرأيه أنَّ أصحاب الرُّؤية الأكاديميَّة قد صبُّوا الدِّين في قالب حديث، وفسَّروا معناه من جديد. وهي الرُّؤية الَّتي لا تقبل بالوحي على نحو ما يتمُّ فهمه في الإسلام؛ وكذلك هي الرُّؤية الَّتي لا تعتبر القرآن «كلمة الله»؛ بل تعمل على التَّعريف به بوصفه من صنع البشر، وأنَّه قد تمَّ إيجاده بشكل شفهي في فترة زمنيَّة، ومكانيَّة خاصَّة، وأنَّه قد تعرَّض لظاهرة التَّكامل النَّصِّي مثل جميع النُّصوص والمتون الشَّفهيَّة[7][8].

إنَّ الَّذي يأتي بحثه في هذه الدِّراسة هو بحث، ومناقشة واحدة من مقالات هذه الموسوعة تحت عنوان «العصمة» بقلم: بال أي واكر[9]. وفي البداية سوف نعمل على بيان الإشكالات الصُّوريَّة على هذه المقالة، لننتقل بعد ذلك إلى البحث المفهومي في إطار الإجابة عن هذه الأسئلة:
ـ كيف تعرَّض كاتب المقالة إلى المفاهيم القرآنيَّة في معرض بيانه للموضوع؟
ـ ما هو مدى صحَّة نظريَّاته وإمكان الاستناد إليها، في ضوء الآراء والمباني الشِّيعيَّة؟
ـ هل كان مهتمًّا في آرائه برؤية أهل السُّنَّة بشكل أكبر أم برؤية الإماميَّة؟

بحث مقالة العصمة
سوف نعمل في البداية على بيان المسائل الصُّوريَّة لهذه المقالة، لننتقل بعد ذلك إلى البحث في محتوى المقالة ومضمونها.
الصُّورة
إنَّ الصَّبغة غير العلميَّة للمقالة في ما يتعلَّق بالإحالة إلى المصادر تعدُّ من بين إشكالاتها الأساس. إنَّ الإحالات المتنيَّة للمقالة تستند إلى المداخل الموسوعيَّة بشكل كامل، وهي لا تعدُّ قطعًا من المصادر الأولى. في معرفة مصادر المقالة نجد الكاتب بدلًا من ذكر آحاد التَّفاسير، يقول: بالإضافة إلى التَّفاسير المعياريَّة للآيات مورد الاستشهاد في النَّصِّ، تمَّت الاستفادة من هذه الكتب أيضًا. في هذا الأسلوب غير العلمي لم يتَّضح المراد من التَّفاسير المعياريَّة أيضًا. إنَّ من بين المصادر المذكورة في فهرسة المصادر، عبارة عن «ابن تيميَّة ومفهوم العصمة» لكاتبها. هذا في حين أنَّ ابن تيميَّة (م 728 هـ) كان بسبب آرائه الشَّاذَّة، واشتهاره بمناوئة أهل البيتb والشِّيعة، منبوذًا من قبل علماء عصره، وبسبب تعارض آرائه مع المذاهب الإسلاميَّة، وصل الأمر إلى حدِّ تكفيره من قبلهم. ومن بين المصادر الأخرى لهذه الدِّراسة مقالة «العصمة» لكاتبها مادلونغ. إنَّ هذا المستشرق يعتبر أنَّ الفكر الشِّيعي معقول، وهو بخلاف أقرانه -الَّذين غالبًا ما يكتبون عن الشِّيعة من وجهة نظر أهل السُّنَّة- يستند إلى المصادر الشِّيعيَّة من الدَّرجة الأولى. وعلى الرَّغم من قرآنيَّة هذه الموسوعة، كان من المتوقَّع أن تكون آيات القرآن الكريم هي المستند الأصلي لهذه المقالة؛ ومع ذلك لم تتمَّ الإشارة في المتن إلَّا إلى أربع آيات فقط، وهي آيات تبدو بحسب الظَّاهر متماهية مع معتقد الكاتب.

المحتوى
يمكن تقسيم محتوى المقالة إلى ثلاثة أقسام، وهي: منشأ وأبعاد وماهيَّة العصمة. لا شكَّ في أنَّ الالتفات إلى سياق العبارات واتِّصال المطالب، له تأثير في فهم آراء الكاتب بشكل دقيق؛ ومن هنا فإنَّه بعد بيان المتن الكامل للمقالة على التَّرتيب الَّتي كتبت به، سوف نعمل على دراسة محتواها ومضمونها.

منشأ العصمة
على الرَّغم من أنَّ عصمة الأنبياء تعدُّ من التَّعاليم الأساس للإسلام، إلَّا أنَّ بعض المنظِّرين يذهب إلى الاعتقاد بعدم وجود ذكر لعصمة الأنبياء في المصادر الإسلاميَّة الأولى. وقال في هذا الشَّأن:

إنَّ العصمة تعني عدم التَّعرُّض إلى الذَّنب والمعصية (انظر: الذُّنوب الكبيرة والصَّغيرة)، كما تعني الصِّيانة من الذَّنب والخطأ. وإنَّ مفردة "العصمة" في اللُّغة العربيَّة تشير تلويحًا إلى مفهوم العصمة من الذَّنب، ولها ارتباط وثيق بمفهوم عدم إمكان الوقوع في الخطأ. وفي الوهلة الأولى يرتبط هذا المصطلح بالأنبياء (انظر: الأنبياء والنُّبوَّة)، وهذا السُّؤال القائل: هل الأنبياء معصومون من الذَّنب أم لا؟ وإن لم يرد استعمال هذا المصطلح، ولا مفهومه في القرآن الكريم على هذه الشَّاكلة. إنَّ مفهوم العصمة يُعدُّ في ضوء رؤية أكثر المتكلِّمين مفهومًا قطعيًّا (انظر: الإلهيَّات والقرآن)، لو حصل لنا اطمئنان فقط بأنَّ الأنبياء لم يكن بمقدورهم الكذب؟ وذلك عندما كانت تلقى عليهم حقيقة الوحي الإلهي (انظر: الوحي والإلهام)، وكانوا بدورهم ينقلون نصَّ الوحي، وخطابه إلى النَّاس بشكل كامل.
وعلى كلِّ حال، وبحسب الحقيقة فإنَّ اقتراف الأنبياء للذُّنوب قد ورد التَّصريح به في القرآن الكريم وفي الأحاديث (انظر: الحديث والقرآن) أيضًا، ولو تمَّ فهم هذه النُّصوص بحسب مدلولها اللَّفظي، يبدو أنَّ المسلمين الأوائل قد فهموا منها هذا المطلب تقريبًا. وفيما بعد عمد الشِّيعة (انظر: التَّشيُّع والقرآن) في سعي منهم إلى إظهار القدرة المطلقة لأئمَّتهم (انظر: الإمام) - إلى إيجاد مفهوم العصمة، واستدلُّوا على أنَّ الأئمَّة معصومون، ولا يمتلكون القدرة على ارتكاب الذُّنوب والأخطاء.
ولكن ذهب التَّيَّار الأصلي للشِّيعة لاحقًا إلى القول بأنَّ الأنبياء بدورهم معصومون من ارتكاب الأخطاء والذُّنوب أيضًا. وقام المعتزلة بانتهاج أسلوب مشابه للشِّيعة في القول بعصمة الأنبياء من دون الأئمَّة (انظر: المعتزلة). كما تصرُّ جماعات أخرى -وهي لا تخلو من بعض السُّنَّة- على أنَّ الأنبياء معصومون من ارتكاب الذُّنوب، ولا سيَّما الكبائر منها.

بل وهناك من المتكلِّمين المتقدِّمين من الشِّيعة من ذهب حتَّى إلى حدِّ الادِّعاء بأنَّ الإمام يجب أن يكون معصومًا من الزَّلل؛ على الرَّغم من أنَّ النَّبيَّ نفسه كان عرضة للذُّنوب إلى حدٍّ ما، كما ورد التَّصريح والإقرار بذلك في القرآن أيضًا. وفي معرض ردِّ الفعل على أيِّ نوع من أنواع الزَّلل الخاصِّ من قبل النَّبيِّ، حيث كان الله في اتِّصال دائم معه، فقد كان بمقدوره أن يتدخَّل مباشرة، ويعمل على تصحيح عمله من دون إبطاء. وحيث كان الأئمَّة مهديِّين من قبل الله بشكل عامٍّ، وليس بشكل خاصٍّ، لا ينبغي أن يكونوا على استعداد لاقتراف أيِّ خطأ من الأخطاء[10].

بحث نظريَّة عدم وجود مفهوم العصمة في القرآن الكريم
كما سبق أن ذكرنا فإنَّ واكر قد ذهب في هذه المقالة إلى الادِّعاء بأنَّ مصطلح ومفهوم العصمة لم يُستعمل في القرآن الكريم. وفيما لو تماهينا مع الكاتب في هذا الشَّأن، فإنَّنا نقول إنَّ لفظ ومصطلح «العصمة» لم يرد استعماله في القرآن الكريم بمفهومه الكلامي، بمعنى الصِّيانة من ارتكاب الذَّنب والخطأ؛ وذلك لأنَّ مادَّة «عَصَمَ» لم ترد في القرآن الكريم -ضمن قالبها الفعلي، والإسمي بشكل عامٍّ- سوى ثلاث عشرة مرَّة[11]، ولا شيء منها قد استعمل في المعنى المنظور. ومن الجدير ذكره أنَّ مفردة العصمة لم يرد استعمالها في القرآن الكريم أيضًا؛ وإنَّما جاء تركيبها الجمعي فقط، ونعني بذلك مفردة «العصَم»، وكان المراد بها في ذلك الاستعمال هو النُّكاح، والعلقة الزَّوجيَّة، وذلك في قوله تعالى: (وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ) (الممتحنة: 10)[12].
على الرَّغم من عدم استعمال كلمة العصمة في القرآن الكريم بمعناها الكلامي المصطلح، إلَّا أنَّ بعض المفردات الأخرى، من قبيل: «إذهاب الرِّجس»، و«التَّطهير»،[13] و«الإخلاص»[14] و«الاصطفاء»[15] و«الاجتباء»[16]، تدلُّ على مفهوم العصمة. وحتَّى العصمة بالمفهوم العامِّ ورد استعمالها في القرآن الكريم أيضًا؛ وذلك حيث نزَّه الله الملائكة عن عدم امتثال أمر الله[17]، ونزَّه القرآن الكريم عن أن يتسلَّل إليه الباطل. يدَّعي الكاتب أنَّ القرآن الكريم حيث نسب بعض الذُّنوب إلى الأنبياء، فإنَّ مفهوم العصمة بدوره لم يرد استعماله في القرآن أيضًا. وفي هذا الشَّأن يجب القول: إنَّ القرآن الكريم قد أثبت عصمة الأنبياء في مختلف الأبعاد بالآيات المحكمة؛ وعلى هذا الأساس يجب إرجاع الآيات الَّتي تبدو متناقضة مع مفهوم العصمة في الوهلة الأولى إلى الآيات المحكمات الدَّالة على عصمة الأنبياء. ومن الجدير بالذِّكر أنَّ بعض الآيات ناظر إلى بُعد من أبعاد العصمة، وبعضها الآخر يشمل جميع الأبعاد. وبعض الآيات ناظر إلى جميع الأنبياء، وبعضها ناظر إلى نبيٍّ خاصٍّ. وفي المجموع فإنَّ هذه الآيات يثبت منها أنَّ الأنبياء معصومون من جميع أنواع الأخطاء والذُّنوب. نواصل هذه المقالة بذكر عنوان الاستدلال، والإشارة إلى بعض الآيات الأخرى، ونكتفي بشرح آيتين:

لا سلطان للشَّيطان على المخلصين[18].
إنَّ الظَّالمين لا ينالهم عهد الله[19].
التَّطهير[20].
إنَّ الله هو الَّذي يتكفَّل بحفظ وحيه[21].
إنَّ الغاية من إرسال الرُّسل وبعث الأنبياءb هي إتمام الحجَّة على العباد[22].
إنَّ ما ينطق به النَّبيُّ هو وحي من الله[23].
رفع الاختلاف هو الغاية من بعثة الأنبياءb[24].
إنَّ إطاعة الرَّسول هي إطاعة الله عزَّ وجل[25].
وجوب الإيمان بالأنبياء وتصديقهم[26].
آيات الاصطفاء[27].
إنَّ النَّبيَّ أسوة للمؤمنين[28].
إنَّ الأنبياء مشمولون لنعمة الله سبحانه وتعالى[29].
إنَّ الأنبياء مشمولون للهداية الإلهيَّة[30].
آيات الاجتباء[31].
تبعيَّة الأنبياء للوحي بشكلٍ خالصٍ[32].
إنَّ الأنبياءb أمناء[33].
حرمة إيذاء الأنبياءb[34][35].

لقد تكفَّل الله بحفظ وحيه
قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا * لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا) (الجن: 26-28).
إنَّ هذه الآية الَّتي تعرف بآية «الرَّصد الإلهي»، لا تدلُّ على عصمة النَّبيِّ الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) في مراحل تلقي الوحي وحفظه وتبليغه فقط[36]، بل وتثبت العصمة من الذُّنوب على حدِّ تعبير بعضهم أيضًا. ففي عبارة (فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا) يعود الضَّمير في كلمه «فإنَّه» إلى الله سبحانه وتعالى، وفي كلمة «يديه» و«خلفه» إلى الرَّسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، وإنَّ كلمة «رصدًا» تعني المراقب والحارس. وإنَّ المراد من قوله «ما بين يديه» هو ما يقع أمام رسول الله، والنَّاس الَّذين أرسل إليهم، والمراد من «خلفه» ما بينه، وبين مصدر الوحي؛ وهو الله سبحانه وتعالى. وعليه فإنَّ الله عزَّ وجلَّ قد رصد ملائكة بين الرَّسول والنَّاس، وملائكة آخرين بين الرَّسول وبينه. إنَّ سلوك الرَّصد أمام الرَّسول، وخلفه إنَّما يكون من أجل الحفاظ على الوحي من أيِّ تخليط، أو تغيير بالزِّيادة والنُّقصان. إنَّ هذه الآية تدلُّ على أنَّ الوحي الإلهي محفوظ منذ صدوره من مصدر الوحي إلى لحظة وصوله إلى النَّاس، كما هو محفوظ من جميع أنواع التَّحريف، والتَّغيير في طريق نزوله إلى حين وصوله إلى الشَّخص الَّذي يقع موردًا للوحي. وبعبارة أخرى إنَّ الوحي الإلهيَّ مصان في جميع مراحل التَّلقي، والحفظ، والتَّبليغ؛ وذلك لأنَّ الغاية من إرسال الرَّصد هي الاطمئنان، والوثوق من وصول الوحي الإلهيِّ إلى النَّاس؛ وإذا لم يكن النَّبيُّ معصومًا في تلقِّي الوحي، وحفظه وإبلاغه، لن يكتب التَّحقُّق لهذه الغاية. إنَّ النَّبيَّ في ضوء هذه الآية لا يكون معصومًا بواسطة الحراسة الإلهيَّة في جميع هذه المراحل الثَّلاثة فحسب، بل هو كذلك لا يقترف الذُّنوب أيضًا؛ لأنَّ التَّبليغ كما يشمل الأقوال فإنَّه يشمل الأفعال أيضًا. وعليه فإنَّ النَّبيَّ يكون معصومًا من ارتكاب المعاصي، وترك الواجبات؛ لأنَّ ذلك مخالف لتبليغ الدِّين[37].

لا سلطان للشَّيطان على المخلصين
قال الله تعالى حكاية عن الشَّيطان: (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (الحجر: 39-40).

إنَّ هذه الآية تدل على عصمة الأنبياءb من الذُّنوب؛ وذلك لأنَّ الشَّيطان لا سلطان له على المخلصين، وإنَّ الأنبياء هم من المخلصين؛ فإذن لا سلطان للشَّيطان عليهم، وهم في مأمن من تأثير الشَّيطان، واقتراف الذُّنوب. توضيح ذلك أنَّ الإغواء يعني الدَّعوة إلى الغيِّ وخلاف الرُّشد[38]. وقد صرَّح المصطفوي قائلًا: إنَّ الإغواء إرشاد إلى الشَّرِّ والفساد، دون الإضلال[39]. إنَّ المراد من غواية الشَّيطان هو تزيينه للباطل، بحيث يقوم الشَّخص بارتكاب الباطل[40]. إنَّ الإخلاص من قبل الله هو ذات التَّخليص التَّكويني للعبد، واصطفائه من بين سائر العباد بالصِّفات الممتازة، والاستعداد الخاصِّ، والصَّدر الرَّحب، حيث يكون العبد جديرًا بتحصيل الولاية، والرِّسالة، وحقيقة الإيمان، وأنوار المعرفة[41].
ومن بين الأنبياءb عدَّ الله سبحانه وتعالى نبيَّه موسى(عليه السلام)[42] ويوسف(عليه السلام)[43] من جملة المخلصين. وقال في وصف النَّبي إبراهيم، وإسحاق ويعقوب(عليه السلام): (إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ) (ص: 46). وحيث كان الأنبياء قد استحقُّوا مرتبة، ومقام نزول الوحي الإلهي عليهم، فإنَّهم يكونون من أفضل النَّاس والعباد، ولو لم يكونوا في زمرة المخلصين لما كان هناك أحد من النَّاس جديرًا بهذا المقام.

قال العلَّامة الطباطبائي في بيان كيفيَّة عصمة المخلصين: «إنَّ الله سبحانه خلق بعض عباده هؤلاء على استقامة الفطرة، واعتدال الخلقة فنشئوا من بادئ الأمر بأذهان وقَّادة، وإدراكات صحيحة، ونفوس طاهرة، وقلوب سليمة؛ فنالوا بمجرَّد صفاء الفطرة، وسلامة النَّفس من نعمة الإخلاص ما ناله غيرهم بالاجتهاد والكسب بل أعلى وأرقى؛ لطهارة داخلهم من التلُّوث بألواث الموانع والمزاحمات. والظَّاهر أنَّ هؤلاء هم المخلَصون لله في عرف القرآن. وهؤلاء هم الأنبياء والأئمَّة ... وآتاهم الله سبحانه من العلم ما هو ملكة تعصمهم من اقتراف الذُّنوب، وارتكاب المعاصي، وتمتنع معه صدور شيء منها عنهم صغيرة أو كبيرة»[44]. وقال أيضًا: «إنَّ من شأن المخلَصين من عباد الله أن يروا برهان ربَّهم، وإنَّ الله سبحانه يصرف كلَّ سوء وفحشاء عنهم؛ فلا يقترفون معصية، ولا يهمُّون بها بما يريهم الله من برهانه، وهذه هي العصمة الإلهيَّة»[45].

مناقشة القول بأنَّ العصمة من مبتدعات الشِّيعة
لقد ذهب واكر إلى القول بأنَّ الشِّيعة هم الَّذين ابتدعوا مفهوم العصمة. وفي ما يلي سوف نعمل على ردِّ هذا الادِّعاء من خلال الإشارة إلى جذور هذه الشُّبهة وجذور مفهوم العصمة.

شبهة حول مبدأ العصمة
هناك من ذهب -من خلال التَّمسُّك بالآيات الَّتي تبدو في ظاهرها متناقضة مع القول بعصمة الأنبياءb- إلى الاعتقاد بأنَّ نظريَّة العصمة ليست منبثقة من القرآن الكريم، وقد ذكروا بعض الاحتمالات حول منشأ القول بالعصمة. من ذلك ـ مثلًا ـ أنَّهم يرون أنَّ هذا الاعتقاد قد جاء بتأثير من ثقافة إيران القديمة، وتعاليم المتصوِّفة[46] وأهل الكتاب وتعاليم الدِّيانة الزَّرادشتيَّة[47].
يجب القول في معرض الرَّدِّ على ادِّعاء الكاتب بقوله إنَّ الشِّيعة هم المبتدعون لمفهوم العصمة: إنَّ لهذا الاتِّهام جذورًا قديمة في آراء غيره من المستشرقين أيضًا. فقد ذهب قبله المستشرق دونالدسون إلى الاعتقاد بأنَّ الشِّيعة قد أسَّسوا لعقيدة عصمة الأنبياء تمهيدًا لإثبات دعوة أئمَّتهم في مواجهة مدعى خلفاء أهل السُّنَّة؛ وذلك لأنَّهم يعتقدون بأنَّ الأنبياء أئمَّة، وهداة للنَّاس أيضًا. ومن هنا فإنَّ الشِّيعة يبدون احتفاء واهتمامًا كبيرًا بآية: (إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا) (البقرة: 124) الَّتي هي عبارة عن خطاب موجَّه إلى النَّبي إبراهيم الخليل(عليه السلام). إنَّ اعتقاد الشِّيعة هذا قد ظهر في عصر الإمامة التَّاريخيَّة؛ أي في الفترة الزَّمنيَّة الفاصلة بين رحيل النَّبيِّ الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)، وغيبة الإمام الثَّاني عشرf. وقد نسب الشَّيخ الكليني، والشَّيخ المفيد إلى الإمام الصَّادق(عليه السلام) في تفسير هذه الآية، أنَّه قال بوجوب أن يكون النَّبي إبراهيم الخليل(عليه السلام) معصومًا؛ وذلك لأنَّ الله سبحانه وتعالى قد جعله إمامًا، والفاسق لا يستحقُّ أن يكون إمامًا. وحيث كان الشَّيخ الكليني، والشَّيخ المفيد يعيشان في عصر مجد البويهيِّين، فقد تعزَّز الاعتقاد بعصمة الأنبياء، والأئمَّةb في تلك المرحلة الزَّمنيَّة، وبلغ ذروة قوَّته ومنتهى ازدهاره. وقد ذهب دونالدسون إلى الاعتقاد بأنَّ مفهوم العصمة قد شاع بين أهل السُّنَّة في أواخر القرن العاشر للميلاد. لم يكن أبو حامد الغزالي (م 1111 م) من القائلين بعصمة الأنبياء، بيد أنَّ الفخر الرَّازي (م 1210 م) كان من أشدِّ أنصارها والمدافعين عنها. وكان قد تأثَّر في ذلك بأفكار الصُّوفيَّة، وبشكل عامٍّ كان الصُّوفيَّة، والمعتزلة هم حلقة الوصل لتبادل الآراء والأفكار بين الشِّيعة وأهل السُّنَّة[48]. وقد ذهب أحمد أمين المصري بدوره إلى القول بأنَّ نظريَّة العصمة بعيدة عن تعاليم الإسلام، وقال إنَّ الشِّيعة هم الَّذين ابتدعوا هذه الرُّؤية[49].

جذور مفهوم العصمة
لا بدَّ من القول إنَّ للعصمة جذورًا قديمة قدم ظهور الإسلام، ونزول القرآن الكريم. فإنَّه بالإضافة إلى دلالة آيات القرآن الكريم على عصمة الأنبياءb، وتصريح النَّبي الأكرم بهذا الشَّأن، هناك الكثير من الشَّواهد الَّتي تدلُّ على وجود تقبُّل لهذه المسألة بين المسلمين في صدر الإسلام.
تصريح النَّبيِّ الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) بوجود العصمة: لقد صرَّح النَّبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) بعصمته، وعصمة أهل بيتهb. فقد ورد في الحديث المأثور عن ابن عباس، أنَّه قال: لقد سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «أنا وعلي والحسن والحسين وتسعة من وُلد الحسين مطهَّرون معصومون»[50]. وكذلك عن ابن عباس، عن النَّبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)، أنَّه قال: «فأنا وأهل بيتي مطهَّرون من الذُّنوب»[51].
امتثال أصحاب النَّبيِّ الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) لأوامره ونواهيه: إنَّ تسليم وانقياد أصحاب النَّبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) وامتثالهم لأوامره ونواهيه، يُثبت أنَّهم كانوا يعتبرون النَّبي الأكرم معصومًا، ومنزَّهًا عن جميع أنواع الزَّلل والخطأ. من ذلك -على سبيل المثال- أنَّه ورد عن سعد بن معاذ أنَّه عبَّر عن منتهى استعداده للمشاركة في معركة أحد، إذ قال للنَّبي الأكر(صلى الله عليه وآله وسلم): «فو الَّذي بعثك بالحقِّ، لو استعرضت هذا البحر [البحر الأحمر] فخضته لخضناه معك»[52].

تصريح أبي بكر بعصمة النَّبيِّ الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم): قال أبو بكر بن أبي قحافة في خطبة له: «إنَّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) خرج من الدُّنيا، وليس أحد يطالبه بضربة سوط فما فوقها، وكان معصومًا من الخطأ»[53].
بالنَّظر إلى اختلاف الشِّيعة عن أهل السُّنَّة في أنَّ الشِّيعة يقولون بأنَّ الإمام علي(عليه السلام) هو وصيُّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وإنَّ الشَّخص غير المعصوم غير جدير بالخلافة، فلو كان الشِّيعة هم المبتدعون لمفهوم العصمة، فما الَّذي دعا أبا بكر بن أبي قحافة -بوصفه أوَّل خليفة بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)- إلى الاعتقاد بعصمة النَّبيِّ الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)؟! كما وقد سبق لأبي بكر أن صرَّح بعصمة النَّبيِّ الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) في سياق أحداث صلح الحديبيَّة أيضًا، وذلك حيث وجد عمر بن الخطَّاب في الصُّلح إعطاءً للدنيَّة من الدِّين وذلًا للمسلمين؛ فقال له أبو بكر: «إنَّه رسول الله وليس يعصي ربَّه»[54].

ومن الجدير ذكره أنَّه كان هناك في عصر النَّبيِّ الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)من الأشخاص الَّذين لا يعترفون بشؤونه العُليا، وكانوا يعتبرونه مثل سائر النَّاس يجوز عليه ما يجوز عليهم. فقد ورد بشأن تدوين الصَّحيف الصَّادقة -وهي من أشهر الكتب الجامعة للرِّوايات في عصر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)- عن عبد الله بن عمرو بن العاص السَّهمي (م 65هـ)، قال: «كنت أكتب كلَّ شيء أسمعه من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وأريد حفظه فنهتني قريش، وقالوا: تكتب كلَّ شيء تسمعه من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، ورسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بشر يتكلَّم في الرِّضاء والغضب؟ قال: فأمسكت، فذكرت ذلك لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال : «اكتب فوالَّذي نفسي بيده ما خرج منه إلَّا حقٌّ» وأشار بيده إلى فيه»[55].
تصريح الإمام علي(عليه السلام): «لما أجمع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) المسير إلى قريش، وعلم بذلك النَّاس، كتب حاطب بن أبي بلتعة -وكان أهله في مكَّة، وكان في قلق على أبنائه من أذى الكفار، وأراد مصانعة المشكرين في ذلك؛ فلا يلحقوا ضررًا بأهله- إلى قريش يخبرهم بالَّذي أجمع عليه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)؛ وأعطى الكتاب امرأة من مزينة [اسمها سارة]، وجعل لها جعلًا على أن توصله قريشًا، فجعلته في رأسها ثمَّ فتلت عليه قرونها، فخرجت. وأتى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) الخبر من السَّماء بما صنع حاطب، فبعث عليًّا(عليه السلام) والزُّبير فقال: أدركا امرأة من مزينة، قد كتب معها حاطب كتابًا يحذر قريشًا فخرجا فأدركاها بالحليفة، فاستنزلاها فالتمساه في رحلها فلم يجدا شيئًا، فقالا لها: إنَّا نحلف بالله ما كذب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، ولا كذبنا، ولتخرجنَّ هذا الكتاب، أو لنكشفنَّك! فلمَّا رأت منهما الجدَّ، قالت: أعرضا عني! فأعرضها عنها، فحلَّت قرون رأسها فاستخرجت الكتاب فدفعته إليهما»[56].

مناقشة اتِّهام واكر لمتكلم شيعي بشأن عصمة النَّبيِّ الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)
لقد ذكر واكر -دون أن يذكر اسمًا، أو حتَّى عنوانًا لمصدره- أنَّ أحد المتكلِّمين الشِّيعة قال بأنَّ عصمة الإمام أكثر ضرورة من عصمة النَّبي. وفي ما يلي بعد تعيين هذا المتكلِّم سوف نعمل على ردِّ هذه التُّهمة عنه.
هشام بن الحكم هو المتكلِّم مورد التُّهمة: إنَّ مراد واكر من المتكلِّم المذكور هو هشام بن الحكم (م 179هـ). والمشكلة الأساس هي أنَّ الكاتب لا يكتفي بعدم ذكر اسم هذا المتكلِّم، وإنَّما هو بالإضافة إلى ذلك لا يقدِّم أيَّ مصدر لكلامه هذا. من الجدير ذكره أنَّ أبا الحسن الأشعري هو أوَّل من نسب هذا الاعتقاد في كتابه (مقالات الإسلاميِّين واختلاف المصلِّين) إلى هشام بن الحكم: «اختلفت الرَّوافض في الرَّسول عليه السَّلام هل يجوز عليه أن يعصي أم لا؟ وهم فرقتان: فالفرقة الأولى منهم يزعمون أنَّ الرسول صلى الله عليه [وآله] وسلَّم جائز عليه أن يعصي الله، وأنَّ النَّبيَّ قد عصى الله في أخذ الفداء يوم بدر، أمَّا الأئمَّة فلا يجوز ذلك عليهم؛ لأنَّ الرَّسول إذا عصى فالوحي يأتيه من قبل الله، والأئمَّة لا يوحى إليهم، ولا تهبط الملائكة عليهم، وهم معصومون فلا يجوز عليهم أن يسهوا، ولا يغلطوا، وإن جاز على الرَّسول العصيان، والقائل بهذا القول هشام بن الحكم»[57].

رأي هشام بن الحكم حول العصمة
في هذا الشَّأن يجب العمل أوَّلًا على بيان الآراء الأخرى لهشام بن الحكم. إنَّ كلام هشام بن الحكم بشأن عصمة الإمام يبيِّن رؤيته العامَّة في هذا الخصوص. إنَّ البراهين الَّتي يذكرها هشام على عصمة الإمام تصدِّق على النَّبي بطريق أولى. لقد ذكر هشام بن الحكم برهان «إقامة الحدود» وبرهان «تنافي الذَّنب مع شؤون الإمامة» بوصفهما دليلين على عصمة الإمام[58]. ببيان أنَّ الإمام لو ارتكب معصية، لوجب أن يكون هناك شخص يقيم الحدَّ عليه، كما هو الحال بالنِّسبة إلى سائر الأشخاص[59]. يُضاف إلى ذلك أنَّ الإمام إذا لم يكن معصومًا، أمكن له أن ينحاز إلى جاره، أو صديقه، أو قرابته، ويمتنع عن تطبيق الحدود عليهم، ومن هنا فإنَّ الظَّالم لا يستحقُّ الحصول على منصب الإمامة[60]. إنَّ الرِّواية أدناه تبيِّن رأي هشام بن الحكم بشأن حقيقة ومنشأ العصمة:
عن ابن أبي عمير قال: «ما سمعت ولا استفدت من هشام بن الحكم في طول صحبتي له شيئًا أحسن من هذا الكلام في صفة عصمة الإمام؛ فإنِّي سألته يومًا عن الإمام أهو معصوم؟ فقال: نعم. فقلت: فما صفة العصمة فيه؟ وبأي شيء تعرف؟ فقال: إنَّ جميع الذُّنوب لها أربعة أوجه، ولا خامس لها: الحرص، والحسد، والغضب، والشَّهوة؛ فهذه منفيَّه عنه، لا يجوز أن يكون حريصًا على هذه الدُّنيا، وهي تحت خاتمه؛ لأنَّه خازن المسلمين، فعلى ماذا يحرص؟ ولا يجوز أن يكون حسودًا؛ لأنَّ الإنسان إنَّما يحسد من فوقه، وليس فوقه أحد، فكيف يحسد من هو دونه؟ ولا يجوز أن يغضب لشيء من أمور الدُّنيا؛ إلَّا أن يكون غضبه لله عزَّ وجلَّ، فإنَّ الله عزَّ وجل قد فرض عليه إقامة الحدود، وألَّا تأخذه في الله لومة لائم، ولا رأفة في دينه، حتَّى يقيم حدود الله عزَّ وجلَّ، ولا يجوز له أن يتَّبع الشَّهوات، ويؤثر الدُّنيا على الآخرة؛ لأنَّ الله عزَّ وجلَّ حبَّب إليه الآخرة كما حبَّب إلينا الدُّنيا، فهو ينظر إلى الآخرة كما ننظر إلى الدُّنيا، فهل رأيت أحدًا ترك وجهًا حسنًا لوجه قبيح، وطعامًا طيِّبًا لطعام مرٍّ، وثوبًا ليِّنًا لثوب خشن، ونعمة دائمة باقية لدنيا زائلة فانية»[61].

إنَّ هذه الرِّواية تتنافى مع الاستدلال المنسوب إلى هشام بن الحكم، والقائل بأنَّ عدم وجود الوحي الإلهي والارتباط مع الله هو منشأ العصمة. إنَّ أفضلية المعصوم -طبقًا لهذا الخبر- عبارة عن معرفته لحقيقة المعصية، وإنَّ معرفته لربِّه هي الَّتي تشكِّل أرضية لعصمته.

رأي المحقِّقين بشأن الكلام المنسوب إلى هشام بن الحكم
بالنَّظر إلى الشَّواهد الآنفة، ذهب بعض المحقِّقين إلى استبعاد هذا الاستدلال من شخص مثل هشام بن الحكم، والقول بأنَّ الإمام حيث لا يوحى إليه، ولا يكون الخطأ منه ممكنًا، إذن فهو معصوم. وعليه فإنَّ نسبة هذا الكلام إلى هشام إمَّا هي باطلة من الأساس، أو في الحدِّ الأدنى يجب التَّعاطي معها بشكٍّ وحذر[62]. ويرى الأستاذ هاشم معروف الحسني: «أنَّ هشام بن الحكم لم يكن بهذا المستوى من الجمود، والجهل ليقول إنَّ الإمام أحوج إلى العصمة من النَّبي؛ لأنَّ الوحي يسدِّد خُطى الأنبياء، وليس للأئمَّة من يسدِّد خطاهم؛ ذلك لأنَّ وظيفة الوصي لا تتجاوز تبليغ ما يُراد من النَّبي تبليغه إلى النَّاس، وليس له أيُّ صفة غيرها، وفيما يعود إلى النَّواحي السُّلوكيَّة، والأخلاقيَّة، والاستقامة فالنَّبي أحوج إليها من الإمام؛ لأنَّه يُفاجئ العالم بدين جديد، ونظام جديد، وثورة على الفساد والطُّغيان، وبما لم يعرفوه ولم يألفوه، فإذا لم يكن معروفًا بالاستقامة، وحسن السُّلوك، والصِّدق، والأمانة، والالتزام عمليًّا بما يشرِّع ويخطط، لم يكن لدعوته ذلك الأثر المجدي في النُّفوس»[63].
وهناك من احتمل أنَّ هذا الكلام من هشام إنَّما قيل في مقام إلزام الخصم. وبعبارة أخرى: إنَّه كان في مقام إثبات عصمة الإمام، وليس إنكار عصمة النَّبي؛ بيد أنَّ الآخرين لم يفهموا مراد هشام بن الحكم من هذا البيان. وقد كان مراد هشام هو أنَّ النَّبي حيث يكون مؤيِّدًا بالوحي الَّذي يمكن بواسطته أن يُسدِّد خطاه، ومع ذلك تكون عصمته بحسب البرهان ضروريَّة، فإنَّ عصمة الإمام -مع عدم نزول الوحي عليه- تكون ضروريَّة بطريق أولى[64].

وعلى فرض صحَّة انتساب هذا الكلام إلى هشام بن الحكم، فإنَّ كلامه هذا لا يعني إنكار العصمة بشكل مطلق، حتَّى في تلقِّي الوحي وتبليغه؛ وذلك أوَّلًا: إنَّ القول بعدم العصمة في هذه الجهَّات، مخالف لما يقتضيه العقل، ويكون فيه نقض للغرض. وثانيًا: يتَّضح من الاستدلال المنسوب إلى هشام في الحدِّ الأدنى العصمة في تلقِّي الوحي. وعليه فإنَّ المراد هو إنكار عصمة النَّبي من الذَّنب والمعصية، وهو ما لم يقل به أحد من الشِّيعة، وأن يكون هشام بن الحكم قد تحدَّث بكلام خالف فيه جميع الشِّيعة، موضع شكٍّ وترديد. كما أنَّ هذا الاعتقاد يتنافى مع استدلال هشام بشأن ضرورة إرسال الرُّسل أيضًا. فإنَّ الأنبياء من وجهة نظره هم حجج الله في الأرض، والَّذين يبيِّنون الأحكام الإلهيَّة، وهم وسائل لرفع الاختلاف بين النَّاس، وهم المعيار لمعرفة الحقِّ والباطل؛ فكيف يمكن لهم بالنظر إلى هذه المهام، والمسؤوليَّات الجسام أنَّ يكونوا عرضة للذُّنوب[65]؟

أبعاد العصمة
لقد ذهب واكر -بالاستناد إلى آيات القرآن الكريم- إلى إمكان التَّشكيك بنظريَّة عصمة النَّبي في جميع الأبعاد، ويعتبر السَّهو، والخطأ طريقًا لتوجيه الآيات الَّتي توهم عدم عصمة الأنبياء. وقال في هذا الشَّأن:
"لقد ذهب جميع المسلمين تقريبًا إلى نفي الشِّرك، وعبادة الأوثان عن الأنبياء (انظر: الصَّنم والوثن)، والذُّنوب الَّتي لا يغفرها الله -بصريح القرآن- أبدًا، ولكن في ما يتعلَّق بصغائر الذُّنوب والأخطاء، فقد تصدر عنهم كما وردت الإشارة إلى ذلك في صرح القرآن، كما يحدث بالنِّسبة إلى النَّبيِّ محمَّدs على سبيل المثال 2/ 8، فلو أخذنا هذه الألفاظ بحسب ظهورها اللَّفظي بنظر الاعتبار، فإنَّها تعني أنَّ بعض الأنبياء في الحدِّ الأدنى قد ارتكبوا الذُّنوب قبل بعثتهم وليس بعدها. وعلى هذا الأساس فإنَّ هذا النَّوع من الذُّنوب بالنِّسبة إلى الحنابلة وغيرهم من أصحاب الظَّاهر (الَّذين يتمسَّكون بظواهر الألفاظ) واقعيَّة ولا ينبغي تجاهلها. وفي المعنى العام فإنَّ المسلمين يعتقدون بهذا الأصل، وهو أنَّ هذا النَّوع من النُّصوص إذا كان موضوعًا لتفاسير متفاوتة، فإنَّه سوف يُنسب إلى الأنبياء أفضلها فقط. إنَّ المعصية عبارة عن مخالفة الله وأوامره؛ وبالتَّالي الابتعاد عنه. وعلى هذا الأساس فإنَّ كلَّ عمل يتمُّ ارتكابه عمدًا بقصد مخالفة القوانين الإلهيَّة (انظر: الحدود والثُّغور: الشَّريعة في القرآن)، فإنَّه يؤدِّي إلى ذنب خطير، ويحتمل أن يكون من الكبائر؛ وأمَّا الخطأ الَّذي يصدر عن سهو، أو في لحظة نسيان، أو غفلة، فإنَّ ذلك لا يدلُّ على الذَّنب. وبهذا الاستدلال، هناك إمكان نسبة أفضل التَّفاسير حتَّى بالنِّسبة إلى النَّبي آدم(عليه السلام) (انظر: آدم وحواء)، ونعمل بذلك على تنزيهه من ارتكاب عمل يخالف صريح الأوامر الإلهيَّة، على الرَّغم من تصديق هذا العمل في القرآن الكريم (انظر: 121/ 20) بشكل واضح (انظر: الضلال/ سقوط الإنسان)"[66].

مناقشة رؤية الكاتب بشأن آراء المسلمين في حقل العصمة
يذهب الكاتب إلى الاعتقاد بأنَّ الأنبياءb من وجهة نظر القرآن الكريم معصومون من الذُّنوب الكبيرة، ولكنَّهم قد يبتلون بالذُّنوب الصَّغيرة، أو أن يكونوا قد ارتكبوا بعض المعاصي قبل بعثتهم. وفي ما يلي لكي نحدِّد مدى تماهي رأي الكاتب مع وجهة نظر الشِّيعة، سوف نتعرَّض إلى بحث أبعاد عصمة الأنبياءb وعقيدة المسلمين في هذا الشَّأن.

إنَّ مسألة عصمة الأنبياء من الذُّنوب، والأخطاء مقبولة على نحو الإجمال من قبل جميع المسلمين، بل ومن قبل جميع الأديان، وإن كانوا يختلفون في بعض التَّفاصيل، والخصوصيَّات في هذا الشَّأن، بل وهناك اختلاف حتَّى في ذكر آراء الفرَق أيضًا[67]. إنَّ أبعاد العصمة عبارة عن: العصمة في تلقِّي الوحي، وحفظه، وتبليغه، والعصمة من الذُّنوب، والعصمة من الخطأ، والنِّسيان في الأمور الفرديَّة والاجتماعيَّة. لقد ذهبت أغلب الفرق الإسلاميَّة إلى القول بعصمة الأنبياء في التَّبليغ[68]، بل وقد ادَّعي الإجماع في هذا الخصوص[69].
إنَّ عمدة الاختلاف يكمن حول العصمة من الذُّنوب. فقد ذهب الحشويَّة إلى تجويز الذُّنوب الصَّغير، والكبيرة على النَّبي عمدًا. وأمَّا المعتزلة فلا يجيزون للنَّبي اقتراف الكبائر، وأيُّ ذنب يستوجب النُّفور، واشمئزاز النَّفس سواء قبل البعثة أو بعدها[70]. وبشكل عامٍّ فإنَّ الأشاعرة لا يرون ضرورة إلى القول بالعصمة قبل البعثة، ولكنَّهم لا يجيزون ارتكاب الذُّنوب الكبيرة عمدًا وسهوًا، كما لا يجيزون ارتكاب الذُّنوب الصَّغيرة عن عمد بعد البعثة. وهناك منهم من يجيز صدور الصَّغائر عن الأنبياء عمدًا[71]، وهناك من لا يرضى صدور أيَّ ذنب عنهم بلا فرق بين العمد والسَّهو[72]. وأمَّا الإماميَّة فلا يجيزون صدور أيَّ نوع من أنواع الذُّنوب والمعاصي، صغيرها وكبيرها، عن عمد أو سهو، قبل البعثة وبعدها[73]. وعليه فإنَّ نظريَّة جواز اقتراف الذُّنوب قبل البعثة تتطابق مع رأي الأشاعرة، وأمَّا جواز ارتكاب الصَّغائر -الَّتي لا توجب النَّفرة- فهي مطابقة لرأي المعتزلة. وقد عمد الزَّمخشري المعتزلي في الكثير من مواضع تفسيره إلى تفسير الآيات الموهمة لصدور الذَّنب عن النَّبي آدم بالذُّنوب الصَّغيرة، والنَّوايا القلبيَّة[74].

مناقشة الآية مورد استناد واكر في عدم ضرورة العصمة قبل البعثة
يذهب الكاتب إلى الاعتقاد والقول: إنَّ القرآن الكريم يثبت في الحدِّ الأدنى أنَّ بعض الأنبياء لم يكونوا معصومين من الذُّنوب قبل البعثة. وفي الجواب عن ذلك يجب القول: إنَّ العصمة قبل النُّبوَّة كالعصمة بعد النُّبوَّة؛ وذلك لأنَّ العصمة إنَّما هي ثمرة التَّقوى وهي ملَكة تحصل بالرِّياضة، وجهاد النَّفس، لا أنَّ النَّبي يتحوَّل من عدم العصمة إلى العصمة بعد نزول جبرائيل عليه بالوحي والرِّسالة فجأة. وكذلك فإنَّ سيرة النَّبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) قبل البعثة إذا كانت مختلفة عمَّا بعدها، فإنَّه بسبب السَّابقة القبيحة الَّتي كان عليها، لا يمكن الرُّكون إليه، والوثوق بدعوته، والاطمئنان بكلامه على نحو كامل. لو لم يكن النَّبي معصومًا قبل البعثة، قد يعمد منذ البداية إلى إخفاء رسالته، أو ألَّا يقوم ببعض ما يؤمر به من شؤون الرِّسالة[75].
وقد عمد الكاتب في هذا السِّياق إلى الاعتماد على آية من القرآن الكريم. وهي الآية الثَّانية من سورة الأنفال (8) الَّتي ذكرها في متن المقالة، حيث لا توهم أيُّ شبهة حول عصمة النَّبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم). وبعد العمل على جمع الآيات كافَّة الَّتي يبدو منها بحسب الظَّاهر تنافيًا مع عصمة النَّبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)، وأخذ أنواع الأخطاء المحتملة بنظر الاعتبار، نصل إلى نتيجة مفادها أنَّ الآية الثَّانية من سورة الفتح (48) هي الَّتي أرادها الكاتب، حيث ورد فيها الكلام عن غفران الذُّنوب الصَّادرة عن النَّبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) في الماضي وفي المستقبل، وهي قوله تعالى: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا) (الفتح: 1-2).
وفي ما يلي سوف نتعرَّض إلى إجابات المفسِّرين من الأشاعرة، والمعتزلة، والإماميَّة عن نسبة الذَّنب إلى النَّبي الأكرم k؛ فنقول:

لقد ذهب بعض الأشاعرة في ضوء مبناهم الكلامي إلى ذكر الذُّنوب قبل النَّبوَّة ضمن الاحتمالات الأخرى[76]. واحتمال ترك الأولى[77]، والصَّفح عن ذنوب الأمَّة[78] بواسطة الشَّفاعة[79]، وهذه جملة الإجابات المشتركة بين الأشاعرة والإماميَّة. وأمَّا الجواب البديع الَّذي أفاده السَّيِّد المرتضى فهو أنَّ «الذَّنب» مصدر، ويمكن إضافته إلى فاعله، أو إلى مفعوله. وعلى هذا الأساس فإنَّ المراد من «ذنبك» هو الذَّنوب إليك: (مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ)، أي تلك الأمور القبيحة الَّتي مورست بحقِّك، وحقِّ قومك من قبل، والَّتي سوف يتمُّ اقترافها لاحقًا. والمراد من «الذَّنب» هو الذُّنوب الَّتي اقترفها النَّاس بحقِّ النَّبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) إذ منعوه من الدُّخول إلى المسجد الحرام. وعلى هذا الأساس فإنَّ معنى غفران هذا الذَّنب هو العمل على إزالة، ونسخ أحكام أعداء النَّبي ومخطَّطاتهم ضدَّه[80].
وقد ذكر العلامة الطَّباطبائي هذا المعنى ذاته، ولكن ببيان آخر. فهو يرى أنَّ الذَّنب، والمغفرة في هذه الآية لم يُستعملا في معناهما الاصطلاحي، وإنَّما تمَّ استعمالهما في معناهما اللُّغوي. فليس المراد هو الذَّنب بمعنى ارتكاب الحرام، ولا المغفرة بمعنى رفع العقاب عن الَّذي يستحقَّه. إنَّ الذَّنب هنا يعني العمل الَّذي تترتَّب عليها تبعات سيِّئة أيًّا كانت هذه التَّبعات. والمغفرة تعني إلقاء السِّتر على كلِّ شيء. توضيح ذلك أنَّ وقوف رسول الله في وجه الكفَّار، والمشركين قبل الهجرة، وبعدها والحروب الَّتي خاضها ضدَّ الكفار والمشركين بعد الهجرة، كانت من الأمور الَّتي تعدُّ من وجهة نظر المشركين في مكَّة من كبائر الذُّنوب، وتترتَّب عليها آثار سيِّئة؛ ولا شكَّ في أنَّ الكفَّار من قريش مع ما يتمتَّعون به من الشَّوكة والقوَّة، لن يغفروا له ذلك أبدًا، بمعنى أنَّهم لن يقصِّروا في وضع العراقيل أمام دعوته، ولن ينسوا أبدًا زوال مجدهم وانهيار تقاليدهم وطريقتهم، ولن ينسوا ثأرهم والدِّماء الَّتي سفكت من جرَّاء قتل كبارهم وسادتهم، وما لم ينتقموا، ويعملوا على محو اسم النَّبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)، وآثاره لن يهدأ لهم بال، ولن تشفى أحقادهم الدَّفينة. إلَّا أنَّ الله سبحانه وتعالى من خلال فتح مكَّة، أو صلح الحديبيَّة الَّذي أفضى بدوره إلى فتح مكَّة، قد كسر شوكة وقوَّة قريش؛ وبالتَّالي فإنَّه قد غفر وستر الذُّنوب الَّتي كان المشركون يرون أن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قد اقترفها بحقِّهم، وإنَّ الله سبحانه وتعالى قد أمنه من شرِّهم[81]. وهذا الجواب متطابق مع جواب الإمام الرِّضا(عليه السلام) إلى المأمون، إذ قال له إنَّ المراد من الذَّنب في هذه الآية هو الذُّنوب الَّتي نسبها مشركو مكَّة إلى النَّبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)[82].

مناقشة نظريَّة الخطأ والسَّهو بوصفه تأويلًا لمعصية الأنبياءb
يذهب الكاتب بالنَّظر إلى أنَّ الخطأ السَّهوي لا يُعدُّ ذنبًا، إلى القول بأنَّ المسائل المذكورة في القرآن بشأن الأنبياء لا تعدُّ ذنبًا، وإنَّما هي مجرَّد سهو وخطأ. وفي هذا القسم سوف نبحث نظريَّة مراتب الذَّنب في هذا الرَّأي وسهو النَّبي.
مراتب الذُّنوب: يرى الكاتب أنَّ التَّعمُّد يعدُّ من القيود الأصليَّة للذَّنب، وإنَّ طريقته في خصوص الآيات الَّتي تبدو في ظاهرها أنَّها تنسب بعض الذُّنوب إلى الأنبياء، هي أنَّ هذه الموارد تعدُّ من السَّهو والغفلة. يجب القول في الجواب: إنَّ المعصية -في قبال الاتباع- تعني عدم التَّبعية[83]. لم يلحظ قيد العمد، أو السَّهو في تعريف المعصية، كي لا يتمَّ عدُّ الذَّنب الصَّادر عن سهو معصية؛ ولكن يمكن القول إنَّ الذَّنب لا يعني دائمًا عدم امتثال الأوامر، والنَّواهي الإلهيَّة، بل إنَّ للذُّنوب مراتب مختلفة تقع في طول بعضها، كما أنَّ للمغفرة بدورها مراتب حيث تتعلَّق كلُّ واحدة من مراتبها بذنب تلك المرتبة:

الذَّنب المرتبط بالأمر، والنَّهي المولوي، بمعنى مخالفة الحكم الشَّرعي الفرعي أو الأصلي؛ وبعبارة أعم: مخالفة القوانين الدِّينيَّة، أو غير الدِّينيَّة، حيث إنَّ المغفرة المتعلِّقة بهذه المرتبة من الذَّنب، تعدُّ المرتبة الأولى من المغفرة.
الذَّنب المتعلِّق بالأحكام العقليَّة الأخلاقيَّة، والمغفرة المتعلِّقة به تعدُّ هي المرتبة الثَّانية من المغفرة.
الذَّنب المتعلِّق بالأحكام الأدبيَّة بالنِّسبة إلى الَّذين يكون أفق حياتهم ظرفًا للآداب. وإنَّ لهذا المرتبة مغفرة خاصَّة بها. وإنَّ العُرف لا يعدُّ النَّوعين الأخيرين من الذَّنب والمغفرة ذنبًا ومغفرة، وربَّما قام بحملهما على المعاني المجازيَّة؛ ولكنَّهما ليسا من المجاز حقيقة؛ لأنَّهما يشتملان على آثار الذَّنب والمغفرة.

الذَّنب الَّذي يقتضيه مجرَّد ذوق العشق، ويقتضي المغفرة المرتبطة به. وبطبيعة الحال هناك في جهَّة البغض، والنُّفور كذلك يتمُّ تصوير ذنب، ومغفرة مشابهين لذلك أيضًا. إنَّ هذا النَّوع من الذَّنب، والمغفرة لا يعدُّه الفهم العرفيُّ ذنبًا حتَّى بالمعنى المجازي؛ وذلك أنَّ فهم العُرف قاصر عن إدراك هذه الحقائق. بيد أنَّ هذه التَّصورات ذاتها الَّتي تبدو في أفق الحياة الاجتماعيَّة تصوُّرات وهميَّة، هي في أفق العبوديَّة حقائق لا تذكر. أجل، إنَّ العبوديَّة النَّاشئة عن محبَّة الله، تصل بالإنسان إلى مرتبة بحيث يتخلَّى فيها عن قلبه، ويصبح لبُّه مشدوهًا، وعقله حائرًا، ولا يبقى لديه شعور يدرك به شيئًا غير الله، ولا إرادة غير إرادته. وفي مثل هذه الحال يعتبر الإنسان أدنى التفاتة منه إلى نفسه ورغباتها ومشتهياتها، ذنبًا عظيمًا وحجابًا سميكًا، لا يمكن لشيء أن يعمل على إزالته غير المغفرة الإلهيَّة[84].

رأي المتكلِّمين بشأن سهو النَّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)
لقد ذهب كاتب المقالة إلى الاعتقاد قائلًا: يمكن تأويل الآيات الموهمة لعدم العصمة، واعتبار ذلك من السَّهو. ويبدو أنَّه قد قبل برأي أهل السُّنَّة في هذه المسألة (السَّهو). وفي البداية سوف نتعرَّض إلى ذكر رأي الأشاعرة، والمعتزلة، والإماميَّة بشأن سهو النَّبي. إنَّ من بين أبعاد عصمة الأنبياءb عصمة النَّبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) من السَّهو والخطأ، وعلى الرَّغم من أهمِّيَّة هذا البحث إلَّا أنَّ المتقدِّمين قلَّما تعرَّضوا إلى جزئيَّات البحث عن عصمة النَّبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) في كتبهم الكلاميَّة. وقد كان لهذا المطلب صدى واسعًا في الكتب الفقهيَّة، والرِّوائيَّة في ما يتعلَّق بمسألة سهو النَّبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) في الصَّلاة. إنَّ للعصمة من السَّهو في حدِّ ذاتها أنواعًا وأقسامًا، وهي: العصمة من الخطأ في تلقِّي الوحي وإبلاغه، والعصمة من السَّهو والنِّسيان في العبادة، والعصمة من الخطأ في القضاء، والعصمة من ارتكاب الذَّنب سهوًا، والعصمة من الخطأ في الأمور العاديَّة[85].
لقد برَّأ المحقِّقون من الإماميَّة النَّبي الأكرم من جميع أنواع السَّهو[86]، وقد ذهب ابن تيميَّة الحرَّاني -على حدِّ تعبيره- إلى أنَّ هذا الاعتقاد من الرَّوافض يُعدُّ من الغلوِّ[87]. وقد عدَّ الشَّيخ الصدوق وأستاذه محمَّد بن الحسن الوليد من الإماميَّة القولَ بنفي السَّهو المطلق عن الأنبياء من الغلوِّ، وكانا يقولان بإسهاء النَّبي. وعلى أساس هذه النَّظريَّة فإنَّ النَّبي لا يتعرَّض إلى السَّهو، والنِّسيان بنفسه ومن تلقائه، ولكن الله سبحانه وتعالى قد ينسيه، أو يسهيه أحيانًا ليعلِّم النَّاس أحكام السَّهو في العبادة من النَّاحية العمليَّة[88].

يبدو أنَّ المتكلِّمين من الأشاعرة، والمعتزلة كانوا يجيزون السَّهو على الأنبياء على نحو الإجمال. وقد ذهب القاضي عبد الجبار المعتزلي إلى القول بعدم جواز السَّهو، والغلط على النَّبي في أداء الرِّسالة؛ ولكن يجوز ذلك بناء على بعض المصالح بالنِّسبة إلى الفعل الَّذي سبق أن تمَّ بيان حكمه مستوفيًا[89]. وقد صرَّح ابن أبي الحديد المعتزلي بجواز الخطأ على النَّبي في الأمور الخارجة عن حقل التَّبليغ[90].

وقال الإيجي: لقد أجاز أكثر العلماء الكبائر عن غير عمد؛ إلَّا أنَّ القول المختار على خلاف ذلك. وأمَّا صدور الصَّغائر من الأنبياء سهوًا، فهو جائز اتِّفاقًا بين أكثر أصحابنا [من الأشاعرة] وأكثر المعتزلة[91].

أدلَّة عصمة النَّبي من السَّهو
هناك أدلَّة عقليَّة ونقليَّة على نفي جميع أنواع السَّهو عن النَّبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم). وفي البداية سوف نعمل على ذكر الدَّليل العقلي الفلسفي في هذا الشَّأن، وهو على حدِّ تعبير سماحة الشَّيخ جوادي الآملي من الوضوح، والقطعيَّة بحيث يجب توجيهه حتَّى إذا دلَّت الظَّواهر النَّقليَّة على خلافه. فهو يرى أنَّ الرُّوح من خلال صعودها إلى مقام التُّجرُّد العقلي، لا يبقى فيها موضع لتأثير الشَّيطان، لكي يحدث بفعل هذا التَّدخُّل نقصان، أو زيادة في الحقل العلمي لهذه الرُّوح المجرَّدة الصَّاعدة. إنَّ مقام التَّجرُّد الكامل هو مقام الحضور، والظُّهور الدَّائمين، وليس الغفلة،[92] ومن هنا كان الشَّيخ الرَّئيس ابن سينا يقول في معرض ثنائه على عظمة الأنبياء(صلى الله عليه وآله وسلم): «الأنبياء الَّذين لا يؤتون من جهَّة غلطًا ولا سهوًا»؛ بمعنى أنَّ الأنبياءb لا يتطرَّق إلى أفكارهم أيُّ سهو أو خطأ[93]. وإنَّ اعتماد النَّاس على الأنبياء، يُعدُّ من الأدلَّة العقليَّة الأخرى على ذلك[94].

إنَّ الآيات الَّتي تأمر بإطاعة الرَّسول بشكلٍ مطلق، والَّتي تقرن إطاعة الرَّسول بإطاعة الله[95]، تدلُّ على العصمة من السَّهو؛ وذلك لأنَّ الأمر بالإطاعة مطلق، ولم يتمَّ تحديده بأمر خاصٍّ. وعليه تثبت عصمة النَّبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) من الذَّنب سهوًا وعمدًا، وكذلك تثبت عصمته من النِّسيان في جميع المراحل. كما وقد ورد التَّصريح في بعض الرِّوايات بعصمة النَّبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)[96]، والأئمَّة المعصومينb[97] من الخطأ.

كلام المفسِّرين في خصوص معصية النَّبي آدم(عليه السلام)
في معرض الرَّدِّ على ادِّعاء الكاتب في تأويل معصية النَّبي آدم(عليه السلام) بالخطأ (وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى) (طه: 121). يجب القول: لقد عمد كلُّ واحد من المفسِّرين إلى تفسير هذه الآية على طبق مبناه الكلامي في حقل عصمة الأنبياءb. من ذلك -على سبيل المثال- أنَّ الأشاعرة يرون أنَّ معصية آدم تعود إلى ما قبل نبوَّته[98]، في حين أنَّ الزمخشري المعتزلي يرى أنَّ معصية آدم(عليه السلام) كانت صغيرة غير منفِّرة[99]، وأمَّا الإماميَّة فقد ذهبوا إلى تفسيرها بترك المستحبِّ[100]، أو معصية الأمر الإرشادي. وقال العلامة الطَّباطبائي: «أمَّا المعصية بمعنى مخالفة الأمر الإرشادي الَّذي لا داعي فيه إلَّا إحراز المأمور خيرًا، أو منفعة من خيرات حياته، ومنافعها بانتخاب الطَّريق الأصلح كما يأمر وينهى المشير النَّاصح نصحًا، فإطاعته، ومعصيته خارجتان من مجرى أدلَّة العصمة، وهو ظاهر. وليكن هذا معنى قول القائل إنَّ الأنبياءb على عصمتهم يجوز لهم ترك الأولى»[101]. ولا بدَّ من التَّذكير بأنَّ الشَّريعة لم توجد إلَّا بعد هبوط النَّبي آدم(عليه السلام) إلى الأرض، وأمَّا قبل ذلك فلم تكن هناك شريعة في البين ليكون هناك معنى للعصيان المصطلح. قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم بعد بيان قصَّة إبليس، وآدم وزوجه، وإغوائه لهما وتوبتهما: (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة: 38-39). إنَّ هذه الآية تتحدَّث عن أوَّل تشريع، وقانون وضعه الله في عالم آدم للبشر، وقد كان ذلك بعد الهبوط إلى الأرض. وعليه فإنَّه في ذلك اليوم وعند صدور مخالفة ذلك الأمر، والأكل من الشَّجرة لم يكن قد تمَّ تشريع أيِّ دين، ولم يكن قد صدر أيُّ تكليف، أو خطاب مولوي من قبل الله سبحانه وتعالى[102].

ماهيَّة العصمة
يقول واكر في هذا الشَّأن:
وعلى هذا الأساس من المهمِّ جدًّا أن نعمل على تحديد درجات للذَّنب، أو للذَّنب المحتمل في كلِّ مورد، فإنَّ المسألة لا يمكن حلُّها بسهولة، وبصرف إلغاء الاستعداد إلى الذَّنب من قبل الأنبياء فيهم ومنهم؛ وذلك لأنَّ الأنبياء إذا لم يكونوا قادرين على ارتكاب الذَّنب ذاتًا، لن يكونوا جديرين بالأجر والثَّواب (انظر: الثَّواب والعقاب) أيضًا؛ وعليه فإنَّ عصمة الأنبياء لا تعدُّ من صفاتهم الذَّاتيَّة؛ وإنَّما هي هبة ولطف من الله مودعة فيهم. وربَّما كان مورد ذلك في القرآن -والَّذي تكرر مرارًا- يرتبط بالنَّبي يوسف(عليه السلام)، حيث يظهر هذا المورد مروحة واسعة من التَّأويلات الممكنة والمحتملة، والاختلاف فيما إذا أخذت بالنِّسبة إليه القدرة على ارتكاب المعصية بنظر الاعتبار، أم نجاته من السُّقوط في مستنقع الرَّذيلة.

لقد ورد في القرآن الكريم (24/ 12) أنَّ زوجة العزيز في المصر الَّذي استخدم يوسف قد عرضت عليه أن يجامعها. والمتن القرآني صريح جدًا بأنَّها قد همَّت به، وأنَّه قد همَّ بها. إنَّ هذه النُّقطة تشير إلى أنَّ همَّ كلُّ واحد منهما بالآخرة قد كان على شكل واحد، وكيفيَّة واحدة؛ فإذا كانت الخطيئة، والمعصية، والعدوان ثابتة بالنِّسبة إلى تلك المرأة -وهو ما يتَّفق عليه جميع الباحثين- فسوف يكون الخطأ ثابتًا بالنِّسبة إلى النَّبي يوسف(عليه السلام) بالدرجة نفسها. وعليه فإنَّ الذَّنب في هذا المورد -مع أخذ القصد، والنِّيَّة بنظر الاعتبار- يُعدُّ أمرًا بالغ التَّعقيد. إنَّ الرَّغبة الجنسيَّة لدى يوسف اتِّجاه زليخا، تعدُّ في الواقع بمنزلة الذَّنب؛ بيد أنَّ الآية تواصل الكلام مباشرة بالقول: (لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ) (يوسف: 24)، وعلى هذا الأساس ربَّما أمكن تفسير النَّصِّ بأجمعه على النَّحو الآتي: إنَّ النَّبي يوسف كان قد همَّ وطمع بها؛ بمعنى أنَّه بوصفه واحدًا من أبناء البشر، فإنَّه يميل بطبعه من النَّاحية الجنسيَّة مثل جميع البشر إلى المرأة الحسناء، ولكن حيث يتدخَّل برهان الله في البين، فإنَّ هذا البرهان يشكِّل كابحًا، ورادعًا يمنعه من جميع الدَّوافع في هذا الاتِّجاه، ويحول بينه، وبين اقتراف هذا الذَّنب الَّذي أحاط به.
وعلى كلِّ حال فإنَّ المسألة كانت مورد بحث، وجدل متكرِّر بين أولئك الَّذين كانوا يقولون بأنَّ تدخُّل الله في هذا الشَّأن كان على نحو سابق، وبين أولئك الَّذين كانوا يقولون إنَّ هذا التَّدخُّل قد جاء بشكل متأخِّر. وعلى هذا الأساس فإنَّه بالنَّظر إلى كيفيَّة فهم تلقِّي النَّبي يوسف(عليه السلام) لبرهان ربه، ندرك ما إذا كان بريئًا ومنزَّهًا من جميع شوائب الذَّنب، أو على العكس من ذلك تمامًا، وأنَّه كان موشكًا على ارتكاب المعصية لولا التَّدخُّل الإلهي. وهناك من المفسرين من يدَّعي أنَّ النَّبي يوسف(عليه السلام) لم يتوقَّف عن فعل المعصية إلَّا بعد أن أوشك على ارتكاب الموبقة.

والَّذي يحظى بالمقدار الأدنى من الوضوح هو استنباط هذا الأمر، وهو أنَّ النَّبي يوسف بالنَّظر إلى معرفته بما يتعيَّن عليه فعله، وما الَّذي لا ينبغي فعله، لم يكن معصومًا (انظر: العلم، والمعرفة، والتَّعلُّم، والغفلة). فلو أنَّه كان معصومًا تمامًا، لما كانت هناك ضرورة إلى تذكيره من قبل الله عندما تستوجب الحالة ذلك. والمثال الأفضل لهذا النَّوع من العصمة نجده في ما يتعلَّق بالنَّبي موسى(عليه السلام)، وذلك حيث كلمه الله (143/ 7)، وقال موسى(عليه السلام): (أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) (الأعراف: 143). وهنا نجد أن الله سبحانه وتعالى يلوم موسى(عليه السلام) بسبب هذا السُّؤال، وأكَّد له ضمنًا أنَّ الله سبحانه وتعالى لا يُرى (انظر: الرُّؤية «البصر»، والسَّمع).

بالنِّسبة إلى تلك الجماعة من المفكِّرين الَّذين يعتقدون بعدم الإمكان الواقعي لرؤية الله؛ حيث إنَّ الله وجود غير عادي وغير جسماني؛ فإنَّ صدور هذا النَّوع من الطَّلب، والسُّؤال عن النَّبي موسى(عليه السلام)، لو تمَّ تفسيره بحسب ما يقتضيه ظاهر اللَّفظ، وجب من خلاله إثبات عدم عصمة النَّبي موسى(عليه السلام).
وعلى هذا الأساس فإنَّ النَّبي موسى(عليه السلام)لولا مساعدة الله سبحانه، وتعالى في ما يتعلَّق بفهمه، وإدراكه للدِّين، والعقيدة الدِّينيَّة، وجب أن يجوز عليه الخطأ تمامًا. وهذا تفسير زاخر بالمشاكل العقائديَّة، وهو لذلك من الأمور الَّتي يتمُّ اجتناب الخوض فيها عمومًا[103].

مناقشة رأي واكر بشأن عدم ذاتيَّة العصمة
إنَّ رأي الكاتب حول ماهيَّة العصمة هو أنَّ العصمة ليست من ذاتيَّات النَّبي، بمعنى أنَّه لا يتمكَّن من ارتكاب الذَّنب، وإنَّما هي لطف إلهي.

إنَّ ذهاب الكاتب إلى القول بعدم انتفاء قدرة النَّبي على ارتكاب الذَّنب، أمر صائب تمامًا. فمن بين المتكلِّمين الإسلاميِّين لم يذهب غير الأشاعرة إلى القول بأنَّ العصمة عبارة عن عدم خلق الذَّنب لدى المعصوم[104]، أو خلق القدرة على الإطاعة لديه[105]. لا شكَّ في أنَّ هذا التَّفسير للعصمة يؤدِّي إلى القول بالجبر بداهة. ولا ريب في أنَّ عصمة النَّبي ليست بمعنى عدم قدرته التَّكوينيَّة على ارتكاب الذَّنب، إلَّا أنَّ القدرة على ارتكاب الذَّنب لا تنهض دليلًا على ارتكاب الذَّنب. فإنَّ وجود الغرائز، والطَّاقات الشَّهوانيَّة لا يلازم اقتراف الذَّنب والمعصية حتمًا. وبعبارة أخرى: إنَّ وجود الأرضيَّة لفعل شيء، غير حتميَّة تحقُّق ذلك الشَّيء. وحتَّى في مورد جميع الأشخاص الاعتياديِّين لا يمكن القول: حيث يوجد مقتضى المعصية لديهم، فإنَّهم مدنَّسون بجميع الذُّنوب على الدَّوام. فإذا كان ترك المحرَّمات، وفعل الواجبات مستحيلًا، وغير مقدور للإنسان، إذن لماذا كلَّف الله جميع النَّاس بهذه التَّكاليف؟ فإنَّ الله الحكيم لا يكلف الإنسان بأمور لا تدخل ضمن قدرته[106]. إنَّ القرآن الكريم يؤكِّد البُعد البشري لدى الأنبياءb[107]، وإنَّ الأنبياء مكلَّفون من وجهة نظر القرآن الكريم[108]، والتَّكليف دليل على الاختيار.

ولو أنَّه قد اعتبر العصمة لطفًا إلهيًّا، ولم يقدِّم أيَّ توضيح، أو بيان آخر بشأن مفردة اللُّطف؛ ولكنَّه بالنَّظر إلى نوع، ونتيجة استناده إلى آيتين من القرآن الكريم، فإنَّه يُستنبط من وجهة نظره أنَّ هذا اللُّطف لا يحول دون ميل النَّبي إلى الذَّنب، بل إنَّ هذا اللُّطف قد يُخصُّ به النَّبي حين ارتكاب الخطأ أو بعده، وعليه فإنَّ هذا التَّحليل للعصمة لا يتناسب مع شأن النَّبي. إنَّ النَّبي يوسف(عليه السلام) كان من وجهة نظر واكر قد مال بحسب طبيعته البشريَّة نحو زليخا، ولكن رؤيته للبرهان الإلهي قد حالت بينه، وبين ارتكاب الذَّنب. وإنَّ النَّبي موسى(عليه السلام) قد طلب من الله أن يراه، ولكن الله قد نبَّهه إلى خطئه قائلًا له: «إنَّك لن تراني أبدًا». إنَّ هذا التَّعريف منه لمفردة «اللُّطف» لا ينسجم مع وجهة نظر المسلمين. إنَّ نظرية اللُّطف في ماهيَّة العصمة لم تطرح إلَّا من قبل الإماميَّة والمعتزلة. فالمعتزلة يرون أنَّ العصمة لطف، ويعتقدون أنَّ المعصوم يتجنَّب ارتكاب الذَّنب باختياره[109]. وقد عمد المتكلِّمون من الإماميَّة إلى ملاحظة اللُّطف الإلهي، واختيار المعصوم في تعريف العصمة[110]. وعليه فإنَّ العصمة لطف، ولكن لا بمعنى أنَّ الله سبحانه وتعالى يتدارك بها النَّبي بعد عزمه على ارتكاب الذَّنب. إنَّ العصمة من وجهة نظر العلامة الحلي لطف من الله بحقِّ من يلطف به، بحيث لا ينعقد لديه بعد شموله بها دافع إلى ترك الطَّاعة، أو فعل المعصية، وإن كان بمقدوره القيام بها من النَّاحية التَّكوينيَّة. وإنَّ أسباب هذا اللُّطف عبارة عن أربعة أشياء، وهي: الخصوصيَّة الرُّوحيَّة أو الجسديَّة، والعلم بقبح المعصية، وحُسن الطَّاعة، والتَّأكيد على هذا العلم بالوحي، أو الإلهام المتتابع، والمؤاخذة الفوريَّة للنَّبي في مورد ترك الأولى، بحيث يعلم النَّبي أنَّه يتعرَّض إلى مساءلة شديدة بالنِّسبة إلى غير الواجبات أيضًا[111]. وهناك آراء أخرى ذكرت بشأن ماهيَّة العصمة، وهي عبارة عن: نظريَّة العلم بمفاسد الذُّنوب، والحبِّ، والشَّوق، والاشتياق الإلهي، وتشديد العقلانيَّة، والسَّيطرة على قوَّة الغضب، والشَّهوة، والإرادة، والاختيار،[112] ونظريَّة المعرفة، والإرادة القويَّة. إنَّ هذه الآراء تُعدُّ من النَّظريَّات المهمَّة في هذا الشَّأن[113].

مناقشة الآيات مورد استناد واكر
الآية الرَّابعة والعشرون من سورة يوسف: يذكر الكاتب قصَّة النَّبي يوسف(عليه السلام) بوصفها شاهدًا على عدم ذاتيَّة العصمة؛ إلَّا أنَّه يعمل على بيانها بالقول إنَّ النَّبي يوسف مثل كلِّ إنسان آخر كان ـ بالنَّظر إلى طبيعته البشريَّة ـ يميل إلى ارتكاب المعصية بشكل كامل، إلَّا أنَّ اللُّطف الإلهي قد أدركه قبل ارتكاب الذَّنب، أو أثناء الشُّروع به، وحال بينه، وبين ارتكابه. هذا في حين أنَّ النَّبي يوسف(عليه السلام) -طبقًا للآية الكريمة- لم يمتنع عن ارتكاب الذَّنب فحسب، بل ولم يقصد الارتكاب أيضًا. وفيؤما يلي نشير إلى هذه الآية، ورأي المفسرين بشأنها. قال تعالى: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) (يوسف: 24).

إنَّ كلمة «همَّ» تعني الإرادة لغة: «هممت بالشَّيء همًّا إذا أردته»[114]. وهناك من قال إنَّها تعني بداية العزم، وإنَّها تستعمل حيث نريد شيئًا ولا نقوم به[115]. وقد ذكر صاحب التَّحقيق أن «همَّ» تعني العزم على فعل شيع مع البدء بمقدماته[116]. وهناك من ذكر أربعة معان لغوية لكلمة «همّ»، وهي: العزم القاطع على فعل شيء، وخطور مطلب في الذِّهن، والاقتراب، والشَّهوة، والرَّغبة الطَّبيعيَّة. وإنَّ استعمال كلمة «همَّ» في المعنى الأخير يكون على سبيل المجاز[117].
وقد اختلف العلماء في تفسير هذه الآية: هناك جماعة تذهب إلى الاعتقاد بأنَّ النَّبي يوسف(عليه السلام) لم تصدر عنه أيُّ معصية كبيرة ولا صغيرة، وذهب آخرون إلى أنَّه عقد العزم على فعل القبيح، ولكنَّه انصرف عن ذلك لاحقًا. وإنَّ الَّذين قالوا بأنَّ النَّبي يوسف(عليه السلام) قد عقد العزم الجاد على ارتكاب الفحشاء، قد شحنوا تفاسيرهم بالمطالب الَّتي لا تليق بشأن أيِّ عاقل فضلًا عن النَّبي[118]، كما أنَّها تتنافى مع أدلَّة عصمة الأنبياءb، وتتنافى كذلك مع سياق هذه الآية، وسائر الآيات الأخرى من سورة يوسف. إنَّ الآية قدَّ عدَّت النَّبي يوسف(عليه السلام) من المخلَصين، وجديرًا بشهود البرهان الإلهي، وهذا خير دليل على اتِّصاف النَّبي يوسف(عليه السلام) بالعصمة. وقد ذكر الفخر الرَّازي بالنَّظر إلى سياق سورة يوسف شهادة الله، ويوسف وامرأة العزيز، ونسوة مصر وحتَّى الشَّيطان على براءة النَّبي يوسف(عليه السلام) من اقتراف الذَّنب[119].

إنَّ الجماعة الأولى عمدت إلى تبرئة ساحة النَّبي يوسف(عليه السلام) من الذَّنب، تارة من خلال التَّوسُّع في معنى كلمة «همَّ»، وتارة أخرى في تفسير كلمة «همَّ» بمعنى مغاير للفحشاء. يقول السَّيِّد المرتضى: «إذا كانت وجوه هذه اللَّفظة [«همَّ بها»] مختلفة متَّسعة على ما ذكرناه، نفينا عن نبي الله ما لا يليق به، وهو العزم على القبيح، وأجزنا باقي الوجوه لأنَّ كلَّ واحد منها يليق بحاله»[120]. وقد ذهب الآلوسي إلى القول بأنَّ همَّ زليخا كان عبارة عن قصد المباشرة الجنسيَّة على نحو جازم، وأمَّا همَّ النَّبي يوسف(عليه السلام) فهو الميل إلى المقاربة بناء على مقتضى الطَّبيعة البشريَّة، وهي أمر غير اختياري، وقال في ذلك: «المعنى أنَّها قصدت المخالطة، وعزمت عليها عزمًا جازمًا [وأمَّا معنى] (وَهَمَّ بِهَا) أي مال إلى مخالطتها بمقتضى الطَّبيعة البشريَّة كميل الصَّائم في اليوم الحار إلى الماء البارد، ومثل ذلك لا يكاد يدخل تحت التَّكليف ... وإنَّما عبر عنه بالهم لمجرد وقوعه في صحبة همِّها في الذِّكر بطريق المشاكلة»[121]. وقال بعضهم: إنَّ قصد تلك المرأة كان هو الفحشاء، وأمَّا قصد النَّبي يوسف(عليه السلام) فهو الدَّفع والضَّرب؛ وعليه يكون معنى إراءة البرهان «أنَّه إن أقدم على من همَّ به أهلكه أهلها وقتلوه، أو أنَّها تدعي عليه المراودة على القبيح، وتقذفه بأنَّه دعاها إليه، وضربها لامتناعها منه، فأخبر الله تعالى أنَّه صرف بالبرهان عنه السُّوء، والفحشاء اللَّذين هما القتل والمكروه، أو ظنُّ القبيح به، أو اعتقاده فيه»[122]. وأمَّا صاحب تفسير المنار فقد رأى أنَّ قصد تلك المرأة، وقصد النَّبي يوسف(عليه السلام) كان هو الهجوم، وأنَّ المراء من «السُّوء» في الآية هو الاشتباك[123]. وقد ذهب صالحي نجف آبادي إلى هذا الرَّأي أيضًا.[124] وقد انتقد العلَّامة الطَّباطبائي هذه الأقوال، وذهب إلى الاعتقاد بأنَّ كلا «الهمِّين» من سنخ واحد، وهو القصد إلى الفحشاء، وأنَّ معنى الآية على النَّحو الآتي: «(وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ) اللَّام فيه للقسم، والمعنى، وأقسم لقد قصدَت يوسف بما تريده منه، ولا يكون الهمُّ إلَّا بأن تشفع الإرادة بشيء من العمل. وقوله: (وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ)، معطوف على مدخول لام القسم من الجملة السَّابقة، والمعنى: أقسم لو لا رؤيته برهان ربه لهمَّ بها، وكاد أن يجيبها لما تريده منه. والبرهان هو السُّلطان، ويراد به السَّبب المفيد لليقين»[125].

ومن الجدير بالذِّكر أنَّ بعضهم قد استند إلى هذا الرَّأي النّحوي، وهو أنَّ جواب «لولا» لا يأتي قبل أدواتها، ومن هنا فإنَّه قال بأنَّ جواب «لولا» محذوف، وإنَّ هذا الفعل المحذوف هو «لفَعل» أو «لخالطها». وطبقًا لهذا الرَّأي كان النَّبي يوسف(عليه السلام) يرتكب الفحشاء -معاذ الله- لو لم يرَ برهان ربِّه. وهناك من رفض هذا القول، وقال بعدم الإشكال في تقديم جواب «لولا»[126]. وحتَّى لو قبلنا بهذه القاعدة الأدبيَّة والنُّحويَّة، أمكن مع ذلك اعتبار قوله تعالى: «لهمَّ بها» قرينة على فعل محذوف، والقول بأنَّ هذا الفعل المحذوف هو جواب «لولا». وبهذا البيان يتمُّ تفسير الآية بشكل بديع جدًّا، وهو أنَّ النَّبي يوسف(عليه السلام) لم يمتنع عن ارتكاب الفحشاء فقط، بل وإنَّه حتَّى لم يهمَّ بها، ولم يقصدها أيضًا.

الآية رقم 143 من سورة الأعراف: لقد ذكر الكاتب دليلًا آخر من القرآن الكريم على عدم ذاتية العصمة، وهو أن طلب النبي موسى(عليه السلام) من الله أن يراه، كان خطأ منه وأن الله سبحانه وتعالى قد نبَّهه عليه. وفي ما يلي سوف نستعرض هذه الآية وآراء المفسرين فيها:
قال تعالى: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) (الأعراف: 143).

حيث يذهب الأشاعرة إلى الاعتقاد بإمكان رؤية الله بالعين الباصرة في الآخرة، فقد استدلوا بهذه الآية على جواز رؤية الله، وحملوا توبة النَّبي موسى(عليه السلام) على أن طلب الرُّؤية منه لم يكن عن استئذان[127]. يذهب المفسِّرون عمومًا إلى القول بأنَّ النَّبي موسى إنَّما طلب رؤية الله بالنِّيابة عن لسان النَّاس؛ لأنَّ بعض الجاهلين من بني إسرائيل قد طلبوا ذلك منه، وكانوا يصرِّون على رؤية الله حتَّى يؤمنوا[128]. وإنَّ هذا الطَّلب الَّذي تقدَّم به النَّبي موسى(عليه السلام) إنَّما كان لمجرَّد إسكاتهم، ولكنَّه حيث تقدَّم بهذا الطَّلب من دون أن يستأذن من الله، فإنَّه قد تاب منه بسبب عدم الاستئذان[129].
بل وإنَّ هناك من ذهب إلى الاعتقاد بأنَّ النَّبي موسى(عليه السلام)، إنَّما طلب هذا الشَّيء بأمر من الله سبحانه وتعالى، ليسمع الجميع الجواب الكافي والتَّامَّ في هذا الشَّأن[130]. وقد ورد التَّصريح بهذا الأمر في بعض الرِّوايات أيضًا[131]. وقد ذهب العلَّامة الطَّباطبائي إلى الاعتقاد بأنَّ طلب النَّبي موسى(عليه السلام) لم يكن ناظرًا إلى الرُّؤية البصريَّة، وإنَّما كان المراد منه هو الشُّهود القلبي. إنَّ كمال العلم الضَّروري في يوم القيامة أمر ممكن بالنِّسبة إلى عباد الله الصَّالحين، وأمَّا في هذه الدُّينا فلا يمكن تحقيق هذا اللِّقاء؛ لانشغال الإنسان باحتياجاته الطَّبيعيَّة فيها. وعندما تجلَّى الله إلى الجبل، وجعله حطامًا أدرك النَّبي موسى(عليه السلام) أنَّ تلك اللَّحظة لم تكن مناسبة للتَّقدُّم بمثل هذا الطَّلب[132]. إنَّ العلَّامة الطَّباطبائي لا يرتضي فرضية طلب النَّبي موسى(عليه السلام) بالنِّيابة عن قومه، وعمد إلى بيان الإشكالات المترتِّبة على ذلك[133].

الخاتمة
لم تتمَّ عدم الاستفادة في مقالة «العصمة» من المصادر الأولى فحسب، بل ونجد كذلك -على خلاف المتوقَّع- عدم الاستفادة من آيات القرآن الكريم إلَّا بشكل محدود جدًّا. كما لم تتمَّ الاستفادة من التَّعاليم الشِّيعيَّة إلَّا في الحدِّ الأدنى. ويرى استنادًا إلى أدلَّة واهية أنَّ الشِّيعة هم الَّذين ابتدعوا مفهوم العصمة، الأمر الَّذي يثبت أنَّه لم يكن غير مطَّلع على مصادر الشِّيعة فحسب، بل وإنَّه جاهل حتَّى بمصادر أهل السُّنَّة أيضًا. إنَّ التَّفسير الَّذي يتمُّ بيانه بشأن الرِّوايات المنافية، والمتناقضة مع العصمة، غير معقول. وإنَّ الكاتب وإن كان يرى أنَّ العصمة عبارة عن لطف إلهي، إلَّا أنَّه لا يقدِّم بشأن اللُّطف فهمًا دقيقًا. ويبدو أنَّ مواطن الضُّعف الَّتي تعاني منها هذه المقالة، ومثيلاتها من الأعمال الأخرى، تعود في الغالب إلى هذا الأمر الَّذي أفاده مظفر إقبال بشجاعة، ودقَّة كاملة، وهو الَّذي نعبِّر عنه تسامحًا بأنَّ ظاهرة الوحي كما يتمُّ فهمها في الإسلام، غير مقبولة بالنِّسبة إلى الكثير من المستشرقين.

لائحة المصادر والمراجع
ابن أبي الحديد المعتزلي، شرح نهج البلاغة، دار إحياء التُّراث العربي، بيروت، 1385هـ.
ابن الأثير الجزري، علي أبو الكرم، أسد الغابة في معرفة الصَّحابة، مكتبة وهبية، مصر، 1280هـ.
ابن تيمية، أحمد، منهاج السُّنَّة النَّبويَّة، المطبعة الكبرى الأميرية، 1321هـ.
ابن سينا، حسين بن عبد الله، كتاب الشِّفاء (من الإلهيَّات)، مكتبة آية الله المرعشي النَّجفي، قم، 1404هـ.
ابن عاشور، محمَّد بن طاهر، التَّحرير والتَّنوير، قم.
أحمد أمين، ضحى الإسلام، مكتبة النَّهضة المصريَّة، مصر، 1964 م.
أحمد بن حنبل، مسند أحمد، دار صادر، بيروت.
الإربلي، علي بن عيسى، كشف الغمَّة في معرفة الأئمة، انتشارات بني هاشمي، تبريز، 1381هـ.
أسعدي، هشام بن حكم، پژوهشگاه علوم و فرهنگ اسلامي، 1388هـ.ش.
الأشعري، أبو الحسن علي بن إسماعيل، مقالات الإسلاميِّين واختلاف المصليِّن، فرانتس شتاينر، ألمانيا.
إقبال، مظفر، «خاورشناسي و دايرة المعارف قرآن ليدن»، فصلنامه قرآن پژوهي خاورشناسان، العدد 6، 1388 هـ ش.
إقبال، مظفر، «مطالعات آكادميك مستشرقان در مورد قرآن»، فصلنامه قرآن پژوهي خاورشناسان، العدد 7، 1388 هـ ش.
الإيجي، مير سيد شريف، شرح المواقف، منشورات الشَّريف الرضي، قم.
الآلوسي، محمود، روح المعاني في تفسير القرآن، تحقيق: علي عبد الباري عطيَّة، دار الكتب العلميَّة، بيروت، 1415هـ.
البحراني، ابن ميثم، قواعد المرام في علم الكلام، مكتبة آية الله المرعشي النَّجفي، قم، 1406هـ.
البخاري، محمَّد بن إسماعيل، صحيح البخاري، دار الفكر للطِّباعة والنَّشر والتَّوزيع، دمشق، 1401هـ.
البغوي، حسين بن مسعود، معالم التَّنزيل في تفسير القرآن، دار إحياء التُّراث العربي، بيروت، 1420هـ.
التفتازاني، سعد الدين، شرح المقاصد، منشورات الشَّريف الرضي، قم، 1412هـ.
الجرجاني، علي بن محمَّد، شرح المواقف، منشورات الشَّريف الرضي، قم، 1412هـ.
جوادي الآملي، عبد الله، تفسير تسنيم، تحقيق: علي إسلامي، نشر الإسراء، ط 3، قم، 1381هـ.
جوادي الآملي، عبد الله، نزاهت قرآن از تحريف، نشر الإسراء، ط 3، قم، 1383هـ.ش.
الجوهري، إسماعيل بن حمّاد، الصِّحاح، دار العلم للملايين، بيروت.
الحاكم النيسابوري، أبو عبد الله، المستدرك على الصَّحيحين، دار المعرفة، بيروت.
الحسيني المرعشي، نور الله إحقاق الحق وإزهاق الباطل، مكتبة آية الله المرعشي النجفي، قم.
الخزاز الرَّازي، كفاية الأثر في النَّص على الأئمة الاثني عشر، تحقيق: علي بن محمَّد، انتشارات بيدار، قم، 1401هـ.
الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تقييد العلم، دار إحياء السُّنَّة النَّبويَّة، مصر، 1974م.
دونالدسون، دوايت، عقيده شيعه، تعريب: ع. م، مكتبة الخانجي، مصر، 1933 م.
رشيد رضا، محمَّد، تفسير القرآن الحكيم الشهير بـ(تفسير المنار)، دار المعرفة، ط 2، بيروت، 1393هـ/ 1973م.
رضائي إصفهاني، محمَّد علي، «بررسي دايرة المعارف قرآن ليدن»، مجلة: قرآن و مستشرقان، العدد الأول، شتاء عام 1385هـ.ش.
رضي بهابادي، بي بي سادات، عصمت انبيا در قرآن كريم، أستاذ مشرف، أطروحة علمية من جامعة طهران، 1377هـ.ش.
الزمخشري، محمود، الكشاف عن حقائق غوامض التَّنزيل، دار الكتاب العربي، بيروت، 1407هـ.
السبحاني، جعفر، الإلهيَّات على هدى الكتاب والسُّنَّة والعقل، المركز العالمي للدِّراسات الإسلاميَّة، قم، 1411هـ.
السَّيِّد المرتضى، علي بن الحسين، تنزيه الأنبياء، منشورات الشَّريف الرضي.
السيوري، المقداد بن عبد الله، اللَّوامع الإلهية في المباحث الكلاميَّة، تبريز، 1396هـ.
شبّر، عبد الله، تفسير القرآن الكريم، دار البلاغة للطِّباعة والنَّشر، بيروت، 1412هـ.
صالحي نجف آبادي، جمال انسانيت يا تفسير سورة يوسف، نشر دانش اسلامي، طهران، 1364هـ.ش.
الصدوق، محمَّد بن علي بن بابويه القمي، علل الشَّرائع، كتاب فروشي داوري، قم، 1385هـ/ 1966م.
الصدوق، محمَّد بن علي بن بابويه القمي، عيون أخبار الرِّضا (عليه السَّلام)، نشر جهان، طهران، 1378هـ.
الصدوق، محمَّد بن علي بن بابويه القمي، كمال الدين وتمام النِّعمة، انتشارات إسلاميَّة، طهران، 1395هـ.
الصدوق، محمَّد بن علي بن بابويه القمي، معاني الأخبار، جامعة المدرسين، قم، 1361هـ.ش.
الصدوق، محمَّد بن علي بن بابويه، من لا يحضره الفقيه، دفتر انتشارات اسلامي، قم، 1413هـ.
صفائي، أحمد، هشام بن حكم، دانشگاه طهران، طهران، 1342هـ.ش.
العلَّامة الطَّباطبائي، السَّيِّد محمَّد حسين، الميزان في تفسير القرآن، دفتر انتشارات اسلامي، قم، 1417هـ.
الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير، تحقيق وتخريج: حمدي عبد المجيد السلفي، دار إحياء التُّراث العربي، بيروت.
الطبرسي، الفضل بن الحسن، تفسير جوامع الجامع، جامعة طهران و مركز إدارة الحوزة العلميَّة بقم، طهران/ قم، 1377هـ.ش.
الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن (مجمع البيان لعلوم القرآن)، تحقيق: هاشم رسولي محلاتي، دار المعرفة، ط 2، بيروت، 1408هـ.
الطبري، محمَّد بن جرير، جامع البيان في تفسير القرآن، دار المعرفة، بيروت، 1412هـ.
الطوسي، محمَّد بن الحسن، تجريد الاعتقاد، دفتر تبليغات اسلامي، قم، 1407هـ.
الطوسي، محمَّد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، تحقيق: أحمد حبيب قصير العاملي، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
عظيمي فر، علي رضا، قرآن و عصمت أهل بيت، انتشارات مهر أمير المؤمنين (عليه السلام)، قم، 1389هـ.ش.
العلامة الحلي، الحسن بن يوسف، الباب الحادي عشر، مؤسسة مطالعات اسلامي دانشگاه مك گيل، طهران، 1364هـ.ش.
العلامة الحلي، الحسن بن يوسف، كشف المراد في تجريد الاعتقاد، مؤسَّسة النَّشر الإسلامي، قم، 1407هـ.
فخر الدِّين الرَّازي، التفسير الكبير، نشر دار إحياء التُّراث العربي، بيروت، 1420هـ.
فخر الدِّين الرَّازي، الأربعين في أصول الدين، حيدر آباد دكن، مجلس دائرة المعارف العثمانيَّة، 1353هـ.
الفيومي، أحمد بن محمَّد، المصباح المنير، مؤسَّسة دار الهجرة، قم، 1372هـ.ش.
القاضي عبد الجبار المعتزلي، المغني في أبواب التوحيد والعدل، الدار المصرية، مصر.
القاضي عبد الجبار المعتزلي، شرح الأصول الخمسة، مكتبة وهبة، مصر، 1408هـ.
الكليني، محمَّد بن يعقوب، الكافي، دار الكتب الإسلاميَّة، طهران، 1407هـ.
العلَّامة المجلسي، محمَّد باقر، بحار الأنوار، دار إحياء التُّراث العربي، بيروت، 1403هـ.
المصطفوي، حسن، التَّحقيق في كلمات القرآن الكريم، بنگاه ترجمه و نشر كتاب، طهران، 1360هـ.ش.
المظفر، محمَّد حسن، دلائل الصدق، دار العلم للطِّباعة، القاهرة، 1396هـ.
معروف الحسني، السَّيِّد هاشم، بين التصوُّف والتَّشيُّع، دار القلم، بيروت، 1427هـ/ 2006م.
مغنية، محمَّد جواد، تفسير الكاشف، دار الكتب الإسلاميَّة، طهران، 1424هـ.
المفيد، محمَّد بن النعمان، أوائل المقالات في المذاهب والمختارات، مكتبة سروش، تبريز، 1363هـ.ش.
المفيد، محمَّد بن النعمان، شرح عقائد الصدوق أو تصحيح الاعتقاد، مكتبة سروش، تبريز، 1364هـ.ش.
مكارم الشيرازي، ناصر ومساعدوه، تفسير نمونه (التفسير الأمثل)، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1374هـ.ش.
67 ـ مؤدب، سيد رضا، وموسوي مقدّم، سيد محمَّد، «نقد دايرة المعارف قرآن ليدن بر اساس آرا و مباني شيعه»، مجلة شيعه شناسي، العدد 23، 1383هـ.ش.
نعمة، عبد الله، هشام بن الحكم، دار الفكر اللُّبناني، بيروت، 1404هـ.
الواقدي، محمَّد بن عمر، المغازي، نشر دانش اسلامي، قم، 1405هـ.
يوسفيان حسن، وشريفي، أحمد حسين، پژوهشي در عصمت معصومان، پژوهشگاه فرهنگ و انديشه اسلامي، طهران، 1388هـ.ش.


-----------------------------------------
[1][*]- المصدر: نُشرت هذه المقالة باللُّغة الفارسيَّة تحت عنوان «نقد و بررسی مقاله عصمت از دایرة المعارف قرآن لایدن بر اساس آراء و مبانی شیعه» في مجلَّة «شیعه شناسی» الفصليَّة الَّتي تصدر في جمهوريَّة إيران الإسلاميَّة، السَّنة الثَّانیة عشرة، العدد 48، سنة الإصدار 2015م، الصَّفحات 149-180.
ـ ترجمة: السَّيِّد حسن علي مطر الهاشمي.
[**]- عضو الهيئة العلميَّة في جامعة قم.
[2][***]- عضو الهيئة العلميّة في جامعة الزهراءh.
[3]- إنَّ للسِّيَّدة مك أوليف أعمالًا كثيرة جدًّا في حقل الدِّراسات الإسلاميَّة. وإنَّ الفهرسة أدناه إنَّما تشمل مؤلفَّاتها من الكتب فقط:
- Cambridge Companion to the Qur’an, Cambridge, Cambridge University Press, (2006).
- Encyclopaedia of the Qur’an, General Editor, Leiden, Brill Academic Publishers. Six volumes, (2001 - 2006).
- With Reverence for the Word, Medieval Scriptural Exegesis in Judaism, Christianity and Islam, Co-editor with Joseph Goering and Barry Walfish, New York, Oxford University Press. (2002).
- Abbasid Authority Affirmed, The Early Years of al-Mansur, Translation, introduction and annotation of vol. 28, Tarikh al-rusul wa al-muluk, (Albany, State University of New York Press, (1995).
- Qur’anic Christians: An Analysis of Classical and Modern Exegesis, New York, Cambridge University Press, (1991).
نقلًا عن:
http://en.wikipedia.org/wiki/Jane_Dammen_McAuliffe
[4]- rigorous.
[5]- إنَّ مظفر إقبال من مواليد مدينة لاهور في باكستان، ويقيم حاليًا في كندا بوصفه مواطنًا كنديًّا. وعلى الرَّغم من اختصاصه في علم الكيمياء، إلَّا أنَّه غالبًا ما يركِّز اهتمامه في دراساته على ارتباط الإسلام بالعلوم، والدِّراسات القرآنيَّة، والإسلام والغرب. نقلًا عن:
http://www.iequran.com/index.php
لقد قام مظفر إقبال بتدقيق الدِّراسات الأكاديميَّة للمستشرقين حول القرآن الكريم برؤية دقيقة، ولا سيَّما منها دائرة معارف ليدن القرآنية، حيث عمد إلى بحثها بذات هذه النَّظرة. إنَّ بعض أعمال مظفر إقبال في حقل الدِّراسات القرآنيَّة عبارة عن:
- Inkhila (Uprooting), Book 1 of the fiction trilogy Hijratayn (Exiles), Lahore, The Circle, 1988. In Urdu.
- Abdullah Hussein: From Sad Generations to a Lonely Tiger, South Asian Centre, University of Wisconsin-Madison, 1985. Repr. as Abdullah Hussein: The Chronicler of Sad Generations, Islamabad, Leo Books, 1993.
- Inqta (Severance), Book II of the fiction trilogy Hijratayn (Exiles), Islamabad, Leo Books, 1994. In Urdu.
- Herman Melville: Life and Works, Serialized in Savera, 1995 - 1998.
- Muzaffar Iqbal and Zafar Ishaq Ansari (Translators), Towards Understanding the Qur’an, Vol. VII, Islamic Foundation, 2001. English translation of Syed Abul Ala Mawdudi’s Tafhim al-Qur’an.
- Islam and Science, Aldershot, Ashgate, 2002. Repr. as Islam and Science: Explorations in the Fundamental Questions of the Islam and Science Discourse, Lahore, Suheyl Academy, 2004.
- Science and Islam, Greenwood Press, 2007. Repr. With Afterword as the Making of Islamic Science Islamic Book Trust, 2009.
- Islam, Science, Muslims, and Technology, Seyyed Hossein Nasr in Conversation with Muzaffar Iqbal, Islamic Book Trust, 2007. Repr. Sherwood Park, al-Qalam Publishing, 2007; Tehran, Institute for Humanities and Cultural Studies, 2008. Islamabad, Dost Publications, 2009.
- Dew on Sunburnt Roses and other Quantum Notes, Dost Publications, 2008.
- Dawn in Madinah: A Pilgrim’s Passage, Islamic Book Trust, 2008. Repr. Dost Publications, 2009.
- Definitive Encounters: Islam, Muslims, and the West, Islamic Book Trust, 2008.
نقلًا عن:
http://en.wikipedia.org/wiki/Muzaffar_Iqbal
[6]- إقبال، مظفر، «خاورشناسي و دايرة المعارف قرآن ليدن»، فصلنامه قرآن پژوهي خاورشناسان، ص11-30.
[7]- إقبال، مظفر، «خاورشناسي و دايرة المعارف قرآن ليدن»، فصلنامه قرآن پژوهي خاورشناسان، ص11-30.
[8]- إنَّ الدِّراسات النَّقديَّة من قبل المسلمين لدائرة معارف ليدن القرآنيَّة قد بدأت منذ انتشار المجلَّد الأوَّل لها في عام 2001م. وبعد انتشار بقيَّة مجلَّدات هذه الموسوعة، اتَّسعت دائرة الدِّراسات النَّقديَّة طردًا. وفي الدِّراسات الَّتي نعرفها عن هذه الموسوعة، كان نوع النَّظرة إليها تارة سيِّء الظَّنِّ وتارة أخرى حسن الظَّنِّ جدًّا. وبطبيعة الحال يمكن العثور في الوقت نفسه على أشخاص نظروا إلى المسألة بواقعيَّة أكبر. ( إقبال، مظفر، «مطالعات آكادميك مستشرقان در مورد قرآن»، فصلنامه قرآن پژوهي خاورشناسان، ص11-28؛ مؤدب، سيد رضا، وموسوي مقدّم، سيد محمَّد، «نقد دايرة المعارف قرآن ليدن بر اساس آرا و مباني شيعه»، مجلة شيعه شناسي، ص105-144؛ رضائي إصفهاني، محمَّد علي، «بررسي دايرة المعارف قرآن ليدن»، مجلة: قرآن و مستشرقان، ص43-70).
[9]- إن بال أي واكر مؤرِّخ معاصر ومتخصِّص في تاريخ الإسلام في العصور الوسطى، وأستاذ في جامعة مك كيل الكنديَّة، وكذلك في جامعة كولومبيا ومشيغان في الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة. وقد شغل منصب رئاسة مركز التَّحقيقات الأمريكيَّة في مصر. له مؤلَّفات متعدِّدة في حقل تاريخ الإسماعيليَّة والفاطميِّين. بعض أعماله عبارة عن:
- Early Philosophical Shi’ism, Cambridge University Press, 1993. The Wellsprings of Wisdom: A Study of Abu Yaqub al-Sijistani’s Kitab al-Yanabi, University of Utah Press, 1994.
- Institute of Ismaili Studies, 1996), Hamid al-Din al-Kirmani: Ismaili Thought in the Age of al-Hakim, I. B. Tauris in association with The Institute of Ismaili Studies, 1999.
- With Wilferd Madelung, An Ismaili Heresiography, Brill, 1998. The Advent of the Fatimids: A Contemporary Shi’i Witness, I. B. Tauris in association with The Institute of Ismaili Studies, 2000.
وللمزيد من الاطلاع،
http://www.iis.ac.uk/view_person.?ID=21&type=auth
[10]- ص505-506.
[11]- إنَّ بقيَّة أبنية وتركيبات هذه المادَّة الَّتي ورد استعمالها في القرآن الكريم، عبارة عن:
الفعل الثُّلاثي المجرَّد، كما في قوله تعالى: (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)، سورة المائدة (5): 67. وانظر أيضًا: سورة الأحزاب (33): 17؛ سورة هود (11): 43.
الفعل الثُّلاثي المزيد (الافتعال)، كما في قوله تعالى: (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بالله)، سورة النِّساء (4): 146. وانظر أيضًا: سورة النِّساء (4): 175؛ سورة آل عمران (3): 103؛ سورة الحج (22): 78.
الاستفعال، كما في قوله تعالى: (وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ)، سورة يوسف (12): 32.
اسم الفاعل، كما في قوله تعالى: (مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ)، سورة يونس (10): 27. وانظر أيضًا: سورة هود (11): 43؛ سورة غافر (40): 33.
[12]- الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمَّع البيان في تفسير القرآن (مجمع البيان لعلوم القرآن)، ج9، ص413.
[13]- سورة الأحزاب (33): 33.
[14]- سورة الحجر (15): 39-40.
[15]- سورة البقرة (2): 130-132.
[16]- سورة الأنعام (6): 87؛ سورة مريم (19): 58.
[17]- سورة التَّحريم (66): 6.
[18]- سورة الحجر (15): 39ـ40.
[19]- سورة البقرة (2): 124.
[20]- سورة الأحزاب (33): 33.
[21]- سورة الجنِّ (72): 26ـ28.
[22]- سورة النِّساء (4): 163ـ165. وانظر أيضًا: سورة الأنعام (6): 130؛ سورة الإسراء (17): 15؛ سورة طه (20): 134؛ سورة الملك (67): 8.
[23]- سورة النَّجم (53): 1ـ5.
[24]- سورة البقرة (2): 213.
[25]- سورة آل عمران (3): 32، و132 وغيرهما.
[26]- سورة النِّساء (4): 163ـ165.
[27]- سورة النَّمل (27): 59؛ سورة الأعراف (7): 144؛ سورة الحج (22): 75، وغيرها.
[28]- سورة الأحزاب (33): 21.
[29]- سورة مريم (19): 58ـ59؛ سورة النساء (4): 69.
[30]- سورة الأنعام (6): 88ـ90.
[31]- سورة مريم (19): 58؛ سورة النحل (16): 120ـ121؛ سورة الأنعام (6): 87.
[32]- سورة يونس (10): 15؛ سورة الأحقاف (46): 9.
[33]- سورة الشُّعراء (26): 107، و125، و143، و162، و178؛ سورة الدخان (44): 18.
[34]- سورة التوبة (9): 61.
[35]- رضي بهابادي، بي بي سادات، عصمت انبيا در قرآن كريم، ص32ـ61. (مصدر فارسي).
[36]- شبّر، عبد الله، تفسير القرآن الكريم، ج29، ص536؛ مغنيَّة، محمَّد جواد، تفسير الكاشف، ج7، ص443؛ الطبرسي، الفضل بن الحسن، تفسير جوامع الجامع، ج4، ص379؛ ابن عاشور، محمَّد بن طاهر، التَّحرير والتنوير، ج29، ص232.
[37]- العلامة الطَّباطبائي، السَّيِّد محمَّد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج20، ص57ـ58.
[38]- الطُّوسي، محمَّد بن الحسن، التِّبيان في تفسير القرآن، ج6، ص37.
[39]- المصطفوي، حسن، التَّحقيق في كلمات القرآن الكريم، ج7، ص289.
[40]- الطوسي، محمَّد بن الحسن، التِّبيان في تفسير القرآن، ج6، ص337؛ الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمَّع البيان في تفسير القرآن (مجمع البيان لعلوم القرآن)، ج6، ص518.
[41]- المصطفوي، حسن، التَّحقيق في كلمات القرآن الكريم، ج3، ص103.
[42]- سورة مريم (19): 51.
[43]- سورة يوسف (12): 24.
[44]- العلَّامة الطَّباطبائي، السَّيِّد محمَّد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج11، ص162.
[45]- م.ن، ج11، ص120.
[46]- See: Esmah in the Encyclopedia of Religion, Ch. 7, p. 405.
[47]- للوقوف على هذه الشُّبهات والإجابة عنها، يوسفيان حسن، وشريفي، أحمد حسين، پژوهشي در عصمت معصومان، ص80ـ86، پژوهشگاه فرهنگ و انديشه اسلامي. (مصدر فارسي).
[48]- دونالدسون، دوايت، عقيده شيعه، ص328ـ330.
[49]- أمين، أحمد، ضحى الإسلام، ص228ـ230.
[50]- الصدوق، محمَّد بن علي بن بابويه القمي، كمال الدِّين وتمام النعمة، ج1، ص280 ؛ الصدوق، محمَّد بن علي بن بابويه القمي، عيون أخبار الرِّضا (عليه السلام)، ج1، ص64؛ الخزاز الرَّازي، كفاية الأثر في النَّصِّ على الأئمَّة الاثني عشر، ص19؛ العلَّامة المجلسي، محمَّد باقر، بحار الأنوار، ج22، ص201، وج36، ص243، وص281.
[51]- الإربلي، علي بن عيسى، كشف الغمَّة في معرفة الأئمة، ج1، ص63؛ العلَّامة المجلسي، محمَّد باقر، بحار الأنوار، ج16، ص120.
[52]- الواقدي، محمَّد بن عمر، المغازي، ج1.
[53]- العلامة المجلسي، محمَّد باقر، بحار الأنوار، ج10، ص439.
[54]- أحمد بن حنبل، مسند أحمد، ج4، ص330؛ البخاري، محمَّد بن إسماعيل، صحيح البخاري، ج3، ص182؛ الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير، ج2، ص140.
[55]- الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تقييد العلم، ص80ـ81؛ الحاكم النيسابوري، أبو عبد الله، المستدرك على الصحيحين، ج1، ص15ـ16؛ ابن الأثير الجزري، علي أبو الكرم، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج2، ص332.
[56]- الواقدي، محمَّد بن عمر، المغازي، ج2، ص798.
[57]- الأشعري، أبو الحسن علي بن إسماعيل، مقالات الإسلاميِّين واختلاف المصلين، ص48.
[58]- أسعدي، هشام بن حكم، ص29ـ220 (مصدر فارسي).
[59]- الصدوق، محمَّد بن علي بن بابويه القمي، علل الشَّرائع، ج1، ص204.
[60]- الصدوق، محمَّد بن علي بن بابويه القمي، كمال الدِّين وتمام النعمة، ج2، ص367.
[61]- الصدوق، محمَّد بن علي بن بابويه القمي، معاني الأخبار، ص133.
[62]- صفائي، أحمد، هشام بن حكم، ص44. (مصدر فارسي).
[63]- معروف الحسني، السِّيِّد هاشم، بين التَّصوُّف والتَّشيُّع، ص114.
[64]- نعمة، عبد الله، هشام بن الحكم، ص203؛ صفائي، أحمد، هشام بن حكم، ص44.
[65]- أسعدي، هشام بن حكم، ص189ـ190. (مصدر فارسي).
[66]- ص506.
[67]- المظفر، محمَّد حسن، دلائل الصِّدق، ج1، ص598ـ600؛ الحسيني المرعشي، نور الله إحقاق الحقِّ وإزهاق الباطل، ج2، ص196ـ208.
[68]- السيوري، المقداد بن عبد الله، اللوامع الإلهية في المباحث الكلامية، ص304.
[69]- البحراني، ابن ميثم، قواعد المرام في علم الكلام، ص125.
[70]- القاضي عبد الجبار المعتزلي، المغني في أبواب التَّوحيد والعدل، ج15، ص280؛ القاضي عبد الجبار المعتزلي، شرح الأصول الخمسة، ص575.
[71]- التفتازاني، سعد الدِّين، شرح المقاصد، ص55.
[72]- فخر الدِّين الرازي، الأربعين في أصول الدِّين، ص329ـ334.
[73]- العلَّامة الحلي، الحسن بن يوسف، كشف المراد في تجريد الاعتقاد، ص349 ؛ البحراني، ابن ميثم، قواعد المرام في علم الكلام، ص125.
[74]- الزمخشري، محمود، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، ج1، ص129ـ130.
[75]- السيوري، المقداد بن عبد الله، اللَّوامع الإلهيَّة في المباحث الكلاميَّة، ص246.
[76]- فخر الدِّين الرَّازي، الأربعين في أصول الدِّين، ص366؛ الإيجي، مير سيد شريف، شرح المواقف، ج8، ص276.
[77]- م.ن؛ الآلوسي، محمود، روح المعاني في تفسير القرآن، ج26، ص89؛ الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن (مجمع البيان لعلوم القرآن)، ج9، ص916.
[78]- فخر الدِّين الرَّازي، الأربعين في أصول الدِّين، ص366.
[79]- الطوسي، محمَّد بن الحسن، التِّبيان في تفسير القرآن، ج9، ص314.
[80]- السَّيِّد المرتضى، علي بن الحسين، تنزيه الأنبياء، ص116ـ118.
[81]- العلَّامة الطَّباطبائي، السَّيِّد محمَّد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج18، ص254.
[82]- الصدوق، محمَّد بن علي بن بابويه القمِّي، عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، ج1، ص202.
[83]- المصطفوي، حسن، التَّحقيق في كلمات القرآن الكريم، ج8، ص159.
[84]- العلَّامة الطَّباطبائي، السَّيد محمَّد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج6، ص372.
[85]- يوسفيان حسن، وشريفي، أحمد حسين، پژوهشي در عصمت معصومان، ص230. (مصدر فارسي).
[86]- الطُّوسي، محمَّد بن الحسن، تجريد الاعتقاد، ص213؛ العلامة الحلي، الحسن بن يوسف، كشف المراد في تجريد الاعتقاد، ص349؛ السيوري، المقداد بن عبد الله، اللَّوامع الإلهيَّة في المباحث الكلاميَّة، ص245.
[87]- ابن تيمية، أحمد، منهاج السُّنَّة النَّبويَّة، ج1، ص234.
[88]- الصدوق، محمَّد بن علي بن بابويه، من لا يحضره الفقيه، ج1، ص360.
[89]- القاضي عبد الجبار المعتزلي، شرح الأصول الخمسة، ج15، ص281.
[90]- ابن أبي الحديد المعتزلي، شرح نهج البلاغة، ج7، ص719.
[91]- الجرجاني، علي بن محمَّد، شرح المواقف، ج8، ص26.
[92]- جوادي الآملي، عبد الله، تفسير تسنيم، ج6، ص113. (مصدر فارسي).
[93]- ابن سينا، حسين بن عبد الله، كتاب الشِّفاء (من الإلهيات)، ج1، ص52.
[94]- السبحاني، جعفر، الإلهيَّات على هدى الكتاب والسَّنَّة والعقل، ج2، ص179ـ180.
[95]- سورة آل عمران (3)، الآية: 32 و132؛ سورة النِّساء (4)، الآية: 59، وغير ذلك من الآيات الأخرى.
[96]- العلَّامة المجلسي، محمَّد باقر، بحار الأنوار، ج99، ص178.
[97]- العلَّامة المجلسي، محمَّد باقر، بحار الأنوار، ج36، ص244؛ الكليني، محمَّد بن يعقوب، الكافي، ج1، ص202ـ203.
[98]- فخر الدين الرَّازي، التفسير الكبير، ج3، ص213ـ215؛ الإيجي، مير سيد شريف، شرح المواقف، ج8، ص269.
[99]- الزَّمخشري، محمود، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، ج3، ص94.
[100]- السَّيِّد المرتضى، علي بن الحسين، تنزيه الأنبياء، ج9، ص13؛ الطوسي، محمَّد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، ج7، ص217؛ الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن (مجمع البيان لعلوم القرآن)، ج7، ص55.
[101]- العلَّامة الطَّباطبائي، السَّيِّد محمَّد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج14، ص222،.
[102]- العلَّامة الطَّباطبائي، السَّيِّد محمَّد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج1، ص137.
[103]- ص506ـ507.
[104]- الإيجي، مير سيد شريف، شرح المواقف، ج8، ص280.
[105]- التفتازاني، سعد الدين، شرح المقاصد، ج4، ص312.
[106]- يوسفيان حسن، وشريفي، أحمد حسين، پژوهشي در عصمت معصومان، ص34ـ36. (مصدر فارسي).
[107]- سورة إبراهيم (14): 11؛ سورة الكهف (18): 110.
[108]- سورة الأنعام (6): 87ـ88؛ سورة المائدة (5): 67؛ سورة الجاثية (45): 18؛ وغيرها من المواضع الأخرى.
[109]- ابن أبي الحديد المعتزلي، شرح نهج البلاغة، ج7، ص8
[110]- المفيد، محمَّد بن النعمان، شرح عقائد الصدوق أو تصحيح الاعتقاد، ص214ـ215؛ العلامة الحلي، الحسن بن يوسف، الباب الحادي عشر، ص37؛ السيوري، المقداد بن عبد الله، اللَّوامع الإلهيَّة في المباحث الكلاميَّة، ص169.
[111]- العلَّامة الحلي، الحسن بن يوسف، كشف المراد في تجريد الاعتقاد، ص365.
[112]- عظيمي فر، علي رضا، قرآن و عصمت أهل بيت، ص123ـ136. (مصدر فارسي).
[113]- مصباح اليزدي، محمَّد تقي، ؟، ص115ـ128. (مصدر فارسي).
[114]- الجوهري، إسماعيل بن حمَّاد، الصحاح، ج5، ص2061.
[115]- الفيومي، أحمد بن محمَّد، المصباح المنير، ج2، ص641.
[116]- المصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم، ج11، ص286.
[117]- السيد المرتضى، علي بن الحسين، تنزيه الأنبياء، ص47؛ الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن (مجمع البيان لعلوم القرآن)، ج5، ص341.
[118]- البغوي، حسين بن مسعود، معالم التنزيل في تفسير القرآن، ج2، ص484ـ486؛ الطبري، محمَّد بن جرير، جامع البيان في تفسير القرآن، ج12، ص109ـ112.
[119]- فخر الدِّين الرَّازي، التَّفسير الكبير، ج18، ص440ـ441.
[120]- السَّيِّد المرتضى، علي بن الحسين، تنزيه الأنبياء، ص48.
[121]- الآلوسي، محمود، روح المعاني في تفسير القرآن، ج12، ص213ـ214.
[122]- السَّيِّد المرتضى، علي بن الحسين، تنزيه الأنبياء، ص50.
[123]- رشيد رضا، محمَّد، تفسير القرآن الحكيم الشَّهير بـ(تفسير المنار)، ج12، ص277-286.
[124]- صالحي نجف آبادي، جمال انسانيت يا تفسير سورة يوسف، ص65ـ80. (مصدر فارسي).
[125]- العلَّامة الطَّباطبائي، السيد محمَّد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج11، ص120ـ140.
[126]- فخر الدِّين الرَّازي، التَّفسير الكبير، ج18، ص441ـ442.
[127]- فخر الدِّين الرَّازي، التَّفسير الكبير، ج14، ص229ـ235؛ الآلوسي، محمود، روح المعاني في تفسير القرآن، ج9، ص45ـ55.
[128]- سورة البقرة (2): 55؛ سورة النساء (4): 153.
[129]- الزَّمخشري، محمود، الكشَّاف عن حقائق غوامض التَّنزيل، ج2، ص52ـ56؛ السَّيِّد المرتضى، علي بن الحسين، تنزيه الأنبياء، ص75ـ79؛ الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمَّع البيان في تفسير القرآن (مجمع البيان لعلوم القرآن)، ج4، ص730ـ732.
[130]- مكارم الشيرازي، ناصر ومساعدوه، تفسير نمونه (التَّفسير الأمثل)، ج6، ص356.
[131]- العلَّامة المجلسي، محمَّد باقر، بحار الأنوار، ج4، ص45ـ46.
[132]- العلَّامة الطَّباطبائي، السَّيِّد محمَّد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج8، ص237ـ243.
[133]- م.ن، ص254ـ268.