البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

مقال "الإسلام" بالموسوعة العبريّة العامّة ... عرض ونقد

الباحث :  أحمد البهنسي
اسم المجلة :  دراسات استشراقية
العدد :  37
السنة :  شتاء 2024م / 1445هـ
تاريخ إضافة البحث :  January / 14 / 2024
عدد زيارات البحث :  699
تحميل  ( 680.205 KB )
ملخّص
رغم غلبة الاهتمامات السياسيّة على الإنتاج الفكريّ للاستشراق الإسرائيليّ، إلّا أّنه ظهرت به بعض الموضوعات الدينيّة أيضًا، والتي كان من أبرزها مقال الإسّلام «אִסְלַאם» في الموسوعة العبريّة العامّة باللغة العبريّة، من إعداد المؤرّخ والأديب اليهوديّ يوسف كلاوزنر، ويقع في نحو 38 صفحة داخل الموسوعة.
اشتمل المقال على عدد من الفرضيّات الخاطئة عن الإسلام ومصادره من أبرزها ردّ الإسلام لمصادر يهوديّة ونصرانيّة، وكذا اعتبار الفتوحات الإسلاميّة «احتلالات»؛ إذ ساق البحث الأدلّة التاريخيّة والعلميّة والموضوعيّة على استحالة تأثّر الإسلام باليهوديّة والنصرانيّة، وكذا أدلّة من كتابات بعض المستشرقين المُنصفين على أنّ الفتوحات الإسلاميّة لم تكن احتلالات، بل هدفت لنشر الدين ورفع الظلم.

كما يقدّم البحث نقدًا لأبرز المناهج التي استخدمها مؤلّف المقال؛ فقد أثبت عدم موضوعيّة منهج «التأثير والتأثّر» والذي يقوم على فكرة خاطئة من خلال تفريغ الظاهرة الفكريّة من مضمونها وردّها إلى عناصر خارجيّة. أمّا المنهج «الإسقاطيّ»، فرصد البحث استخدام مؤلّف المقال له في وصفه الفتوحات الإسلاميّة بـ«الاحتلالات» في أجزاء مختلفة من المقال، بدون أن يُعزّز ذلك بأيّ دليل علميّ أو برهان تاريخيّ، وهو ما يؤكّد أنّ استخدامه لهذا المنهج يقوم على أساس نفسيّ وحسب.

كما استخدم مؤلّف المقال المنهج «الوصفيّ»؛ نظرًا لأنّ المقال موسوعيّ ويجب أن يصف ويسرد أكبر كمّ من المعلومات، إلّا أنّه لم يلتزم بهذا المنهج في كّل أجزاء مقاله، بل استخدم مناهج أخرى تخدم أيديولوجيّته.

كلمات مفتاحيّة: الإسلام، موسوعة، يهوديّة، نصرانيّة، القرآن، محمّد...

مقدّمة
تبدّى الاهتمام اليهوديّ في العصر الحديث بالإسّلام، وبكلّ ما يتعلّق بشؤونه، في ظهور وتكوّن ما يمكن تسميتَه بـ«المدرسة اليهوديّة في الاستشراق»، التي كان من أهمِّ مجالاتها الدراساتُ الدينيّةُ المقارِنةُ بين اليهوديّة والإسّلام، بهدف ردِّ الإسلام ومصادره الأساسيّة وفي مقدّمتها القرآن الكريم إلى مصادر دينيّة يهوديّة من أبرزها العهد القديم. وكان من أبرز المؤلّفات الاستشراقيّة اليهوديّة في هذا الصدد كتابُ الحَبْر اليهوديّ الألمانيّ الشهير أبراهام جايجر «ماذا أخذ محمدٌ عن اليهوديّة؟ Was hat Mohammed aus dem ?Judenthume aufgenommen» الذي صدر باللغة الألمانيّة في بون عام 1834م[2].

ورغم أنّ «الاستشراق الإسرائيليّ» تحديدًا، وهو المرحلة الثالثة والأخيرة من مراحل تطوّر المدرسة اليهوديّة في الاستشراق[3]، ارتبط بدولة الكيان المحتلّ (إسرائيل) ككيان سياسيّ، وبالتالي غلب عليه «الطابع السياسيّ»، إلّا أنّ موضوعاته واهتماماته لم تخلُ من الموضوعات الدينيّة أو ذات البعد الدينيّ؛ إذ هدف من وراء ذلك إلى توظيف المصادر والأفكار الدينيّة لخدمة مصالح سياسيّة إسرائيليّة بحتة[4].
كانت الموسوعات ودوائر المعارف سواء العلميّة الضخمة أو العامّة من أهمّ المنتجات والمنافذ التي نشر فيها روّاد وباحثو هذه المدرسة الاستشراقيّة اليهوديّة أفكارهم وأيديولُوجيَّاتِهم الاستشراقيّةِ عن الإسلام وتاريخه ونشأته ومصادره الأساسيّة وانتشاره في أرجاء العالم، وكلّ ما يتعلّق به[5]؛ والتي كان من أبرزها مقال الإسّلام «אסלאם» في الموسوعة العبريّة العامّة باللغة العبريّة.

أوّلًا: الموسوعة وموقع مقال «الإسلام» بها ومؤلّفه
تعدّ «الموسوعةُ العبريّة العامّة لليهوديّة وأرض إسرائيل» האנציקלופדיה העברית כללית יהודית וארץ ישראלית. من أهمّ وأكبر الموسوعات اليهوديّة قاطبةً؛ فهي الموسوعة الأكثر شمولاً، المكتوبة باللغة العبريّة، وقد خرجت للنور في النصف الثاني من القرن العشرين، ويعود ظهورُ فكرتها إلى صيف عام 1944؛ إذ تمّ تشكيلُ لجنة من أجل تحديد توجّهات الموسوعة، وبدأت طباعة المجلّد الأوّل منها في صيف عام 1948، وأصبح البروفيسور حاييم فايتسمان، أوّل رئيس لـدولة إسرائيل، هو الرئيسَ الشرفيّ لهذه الموسوعة[6].
فيما يتعلّق بالترجمة الإنجليزيّة للموسوعة التي حملت اسم Encyclopaedia Hebraica، فقد صدرت عام 1948 في إسرائيل، وأشرفَ على ترجمتها للإنجليزيّة Bracha Peli صاحبة دار نشر «ماسادا» في تل أبيب[7].
ينعكس طابعُ الموسوعة من خلال اسمها فهي موسوعةٌ «عامّة وشاملة» ولا تختصّ بعلم واحد دون الآخر، أي أنّها «غيرُ متخصّصة»، لكن يسيطر عليها الطابعُ اليهوديّ الإسرائيليّ. كما أنّ مُحررِّي وكتَّاب الموسوعة لم يخفوا وجهاتِ نظرهم السياسيّة اليهوديّة القوميّة، فعلى سبيل المثال لم يُذكر بها مقال أو معلومات عن مملكة الأردن؛ لأنّ الموسوعة لم تعترفْ بها[8].

بالنسبة لمقال الإسّلام «אִסְלַאם» في الموسوعة، فهو يقع في نهاية المجلّد الرابع منها، والذي صدر في عام 1951 في إسرائيل، ويشمل المقال حوالي 38 صفحة داخل الموسوعة، وهو مُقسّم لـ12 عنوانًا مختلفًا حول الإسّلام، وينتهي كلّ جزء تحت هذا العنوان بمجموعة من المصادر والمراجع التي اعتمدت عليها الموسوعة في هذا الجزء.
أمّا مؤلفُ المقال، فمن المعروف أنّ هناك آليّة أو طريقة محدّدة لمعرفة مؤلّف أو محرّر المقالات بالموسوعات؛ إذ يوجد في نهاية كلّ مقال «حرف أو حرفين منفصلين»، هما اختصار لاسم المؤلّف، وتوجد في بداية الموسوعة أو في بداية الجزء الذي يوجد به المقال في الموسوعة قائمة بالاختصارات، وأمام كلّ اختصار اسم المؤلّف وتعريف مختصر به.
وقد تعرّفنا على كاتب مقال الإسلام في الموسوعة العبريّة العامّة من خلال استخدام هذه الآليّة، إذ يوجد في نهاية المقال حرفا (מ.פ) بالعبريّة، وهما يشيران إلى يوسف كلاوزنر יוסף גדליה קלוֹזְנֶר (1874-1958م)، وهو مؤرّخ وباحث وأديب يهوديّ-إسرائيليّ، من مواليد روسيا عام 1874، لكنّه درس في جامعة هايدلبرج بألمانيا، وكان من المحرّرين الأوائل للموسوعة العبريّة العامّة، كما كان من الشّخصيات الفكريّة المهمّة في إسرائيل، وتمّ ترشيحه لمنصب رئيس الدولة عام 1949م[9].

تتركّز أهمّيّة ذلك المقال حول الإسلام في الموسوعة، في أنّه يقع ضمن أهمّ وأكبر موسوعة عامّة صدرت في إسرائيل، وهي المصدر المعرفيّ الأساسيّ لكلّ إسرائيليّ أو يهوديّ يتقن العبريّة، علاوة على أنّه تمّت ترجمة هذه الموسوعة إلى اللغة الإنجليزيّة واسعة الانتشار والاستخدام، ما يضيف لها أهمّيّة أخرى، إضافة إلى أنّه شارك في تحريرها نخبة من المفكّرين اليهود على مدار فترات تاريخيّة مختلفة.
لذلك فإنّ مقال الإسّلام «אִסְלַאם» في الموسوعة، هو المصدر الأوّليّ والأساسيّ لمعظم الباحثين والمستشرقين الإسرائيليّين واليهود المهتمّين بالإسّلام وكلّ ما يرتبط به. ما يعني أنّه من الأهّمّيّة بمكان عرض هذا المقال والردّ على أهمّ ما ورد فيه من فرضيّات[10] حول الإسلام ونقدها.
ثانيًا: أبرز موضوعات مقال «الإسلام» ونقد منهج مؤلِّفه
نظرًا لأنّ المقال «موسوعيّ»، فقد شمل العديد من الموضوعات والأفكار والقضايا عن الإسلام، ليُلبّي حاجة القارئ المهتمّ بمعرفة الإسلام وشؤونه ومصادره وتاريخه، والتي يمكن استعراض أبرزها في الآتي:

موضوعات المقال
ينحصر الجزءان الأوّل والثاني من المقال في «الوصف المُبسّط للإسلام» وتاريخ نشأته وتكوّنه، ويركّز على تعريف الإسلام من خلال القرآن على أنّه «دين التوحيد وأنّه الدين الأخير من بين الديانات التوحيديّة»، وأنّه نشأ وتكوّن في أرض العرب وفي مدينة مكّة التجاريّة، وأنّ مَن جاء بهذا الدين وهو النبيّ محمّد كان تاجرًا؛ ما أتاح له فرصة التواصل مع عناصر من اليهود والنصارى بشكل جعله يتأثّر بديانتهما علاوة على تأثّره بديانات أخرى.

أمّا الجزء الثالث فيعدّ كبيرًا نسبيًّا من حيث الحجم، وركّز على انتشار الإسلام الذي وصفه بـ«الاحتلالات» التي بدأت مباشرة عقب وفاة محمّد، وبعد أنّ تمّ قمع تمرّد قبائل الجزيرة العربيّة التي حاولت التخلّص من سلطان المدينة. ورغم أنّ هذا الجزء غلب عليه «الوصف المُسهب» إلّا أنّ التوجّهات الأيديولوجيّة اليهوديّة بدت في عدّة نقاط ليس فقط في وصف انتشار الإسلام بـ«الاحتلالات»، ولكن في التركيز على فشل بعض هذه «الاحتلالات»، وكذلك التركيز على تفرّق المسلمين وانقسامهم لطوائف وفرق ودول وإمبراطوريّات مختلفة ومتصارعة.
مع ذلك يُلحظ في هذا الجزء من المقال اعتراف كاتبه بأنّ الإسلام كان متسامحًا جدًّا في التعامل مع اليهود والنصارى في البلدان التي احتلّها؛ وأنّ اليهود تحديدًا عاشوا في ظلّ الإسلام بظروف أفضل بكثير من تلك التي عاشوها في بلدان النصارى.
أمّا بالنسبة إلى الجزء الرابع، فيركز على علاقة الإسلام بالثقافات التي سبقته، ورأى أنّها تتحّدد في العناصر الداخليّة المتمثّلة بالدين واللغة العربيّة، وكذا عناصر خارجيّة تتمثّل في ثقافة البلدان التي احتلّها الإسلام والتي كانت معظمها تسيطر عليها الثقافة الهلينيستيّة، ويخلص إلى أنّ ثقافة هذه البلدان لم تتغيّر بدخول الإسلام إليها، وأنّ الإسلام لم يرث هذه الثقافة أو يلبسها لباسًا عربيًّا-فارسيًّا.

وحول تطوّر الإسلام في الجزء الخامس من المقال، فقد بدا واضحًا محاولة كاتبه إسقاط مصطلحات يهوديّة بحتة على عدد من المصطلحات التراثيّة الإسلاميّة، مثل وصف السُنّة النبويّة بـ«التوراة الشفويّة» للمسلمين، وهو المصطلح الذي يطلقه اليهود على «التلمود» أحد أهمّ المصادر الدينيّة اليهوديّة.
أمّا الأجزاء من السادس حتّى التاسع من المقال، فقد أسهبت في شرح ووصف الفروض والشرائع والمعتقدات في الإسلام والتزمت إلى حدّ كبير بالوصف وحسب، وبـ«السرد التاريخيّ» لظهور وتكوّن الفرق والطوائف الإسلاميّة المختلفة منذ القدم وحتّى العصر الحديث.
أمّا بالنسبة للجزء العاشر من المقال، فركَّز على التعليم والعلوم في الإسلام بالعصر الحديث، وكان ملحوظًا اعتبار المقال أنّ الإسلام لم يكن مُنتجًا للعلوم فقط، بل كان مُشجّعًا على ظهورها وإنتاجها، لاسيّما العلوم اللغويّة التي واكبت دراسة القرآن.
في حين ركَّز الجزء الحادي عشر من المقال على ما سمَّاه بـ«أزمة الإسلام المعاصر»، والذي سرد تراجع واضمحلال الثقافة الإسلاميّة في مقابل التفوّق العلميّ والتقنيّ للغرب، والمحاولات الحديثة لاستعادة النهضة الإسلاميّة مرّة أخرى التي قام بها بعض العلماء، ومنهم محمّد عبده، شيخ الأزهر الأسبق (1849-1905)، والذي أسّس مدرسة تسعى لتحديث الإسلام عن طريق العودة إلى مصادره القديمة.
أمّا الجزء الثاني عشر والأخير فقد ألقى الضوء على إسهام الإسلام في الثقافة العالميّة بكلّ جوانبها، سواء في مجال الدين ونشره التوحيد النقيّ، وكذا في مجال الأدب؛ إذ منح الإسلام للعالم إنتاجًا أدبيًّا خاصًّا، وكذا في مجال الفنون والعمارة واللغة والتجارة والمفاوضات العالميّة.

نقد منهج مؤلّفه
توجد العديد من الإشكاليّات العلميّة حول ماهيّة وموضوعيّة المناهج الاستشراقيّة المستخدمة في دراسة ونقد الإسلام، لاسيّما فيما يتعلّق بالخلل العلميّ المنهجيّ المتعلّق بهذه المناهج[11].
وقد استخدم مؤلّف المقال عددًا من هذه المناهج، وهي التي يمكن استعراضها ونقدها على النحو التالي:

المنهج الوصفيّ
طغى هذا المنهج على بقيّة المناهج الأخرى التي استخدمها مؤلّف المقال؛ لأنّ الأسس العلميّة المتّبعة لكتابة وتحرير الموسوعات، تقضي بضرورة اتّباع منهج «وصفيّ» بحت يقدّم كمًّا معلوماتيًّا سرديًّا للقارئ دون تقديم نقد أو طرح رأي معيّن[12].

تبدَّى ذلك في الوصف المُسهب والسرد المُفصّل لعدد كبير من الأحداث التاريخيّة المتعلّقة بالإسلام، وكذا لوصف وشرح عقائد الإسلام وشرائعه وتكوّنه وتطوّره. وهو ما برز بشكل قويّ في الأجزاء من السادس حتى التاسع من الموسوعة والتي التزمت الوصف والسرد لتاريخ ظهور وتكوّن الفرق والطوائف في الإسلام[13].
رغم ذلك لم يلتزم مؤلّف المقال بهذا المنهج في كلّ أجزاء مقاله، بل استخدم مناهج أخرى مثل «التأثير والتأثر» و«المنهج الإسقاطيّ» بشكل يخدم أفكاره ويثبت أيديولوجيّته اليهوديّة الصهيونيّة حول الإسلام وشؤونه، وهو ما أبعد المقال عن الموضوعيّة والمعياريّة الموضوعيّة.

المنهج الإسقاطيّ
يقوم هذا المنهج بإسقاط الواقع المعيش على الحوادث والوقائع التاريخيّة، كما يمثّل تصوّر الذات في الحدث أو الواقعة التاريخيّة[14]. ويفسّر هذا المنهج تلك الوقائع وفق المشاعر الإنسانيّة الخاصّة والانطباعات التي تتركها بيئة ثقافيّة معيّنة؛ فالمستشرق الباحث عندما يضع في ذهنه صورة معيّنة يحاول إسقاطها على صور ووقائع معيّنة يُخضِعها إلى ما ارتضته مخيّلته وانطباعاته[15].
برز استخدام مؤلّف المقال لهذا المنهج في وصفه الفتوحات الإسلاميّة بـ«الاحتلالات» في أجزاء مختلفة من المقال[16]، دون أن يأتي بأيّ دليل علميّ أو برهان تاريخيّ على ذلك، وهو ما يؤكّد أنّ استخدامه لهذا المنهج كان يقوم على أساس نفسيّ أيديولوجيّ، ويرمي إلى إثبات أفكار وأيديولوجيّات متكوّنة في ذهن المستشرق ونفسيّته وبعيدة عن الواقع والموضوعيّة العلميّة.

يكمن خلل موضوعيّ آخر في استخدام كاتب المقال لهذا المنهج، يتمثّل في أنّه استبدل الظاهرة المدروسة بظواهر أخرى هي أشكال الأبنية النظريّة الموجودة في ذهن المستشرق، بشكل يحقّق له فكرة ذات خلفيّة فكريّة استشراقيّة صهيونيّة ترى في الفتوحات الإسلاميّة وانتشار الإسلام في عدد من البلدان والمناطق «احتلالات» تمّت بالقوّة وحسب؛ فهذا المنهج يتمثّل في خضوع الباحث لهواه، وعدم استطاعته التخلّص من الانطباعات التي تركتها لديه بيئته الثقافيّة المشبعة بالفكر اليهوديّ والصهيونيّ، كذلك عدم تحرّره من الأحكام المسبقة التي كوَّنها حول موضوع بحثه، سواء أكانت هذه الأحكام عقليّة أو انفعاليّة، أي (غير موضوعيّة)، مع أنّ التحرّر من ذلك يعدّ هو الشرط الأوّل للبحث العلميّ، ولتقديم المعلومات بشكل موضوعيّ[17].

منهج التأثير والتأثّر
في الجزء الأوّل من المقال ذكر مؤلِّفه أنّه نظرًا لأنّ محمّدًا الذي جاء بدين الإسلام كان يعمل تاجرًا فقد اتصل بعناصر من اليهود والنصارى ما أتاح له فرصة التأثّر باليهوديّة والنصرانيّة[18]، وهي الفرضيّة التي دأب عموم المستشرقين تقريبًا على طرحها للتشكيك في أصالة الإسلام ومصادره الرئيسة وفي مقدّمتها القرآن الكريم، مستخدمين في ذلك منهج «التأثير والتأثّر».

يحاول هذا المنهج تفريغ الظاهرة الفكريّة من مضمونها وردّها إلى عناصر خارجيّة في بيئات ثقافيّة أخرى، دون وضع أيّ منطق سابق لمفهوم التأثير والتأّثر، بل إصدار هذا الحكم دائمًا لمجرّد وجود اتصال بين بيئتين أو ثقافتين، وظهور تشابه بينهما، مع أنّ هذا التشابه قد يكون كاذبًا وقد يكون حقيقيًّا، وقد يكون لفظيًّا وقد يكون معنويًّا[19]. كما أنّ هذا التشابه قد يكون سطحيًّا جدًّا ولا يرقى لكونه حالة تأثير وتأثّر حقيقيّة وفعليّة.
طبَّق المستشرقون هذا المنهج على الإسلام نظرًا لنجاحهم في تطبيقه على اليهوديّة والنصرانيّة، وذلك بهدف نفي أيّ أصالة أو خصوصيّة للدين الإسلاميّ والحضارة الإسلاميّة، بعد أن ثبت تأثّر اليهوديّة والنصرانيّة بثقافات خارجيّة، وذلك على المستويين اللفظيّ والمعنويّ[20].

يذكر كذلك أنّ هذا المنهج يتجاهل تمامًا خصوصيّة الدين أو الحضارة التي يدرسها، ويقول إنّها تأثّرت بدين أو بحضارة أو بثقافة سابقة لها؛ إذ لا يعطي المستشرق لنفسه الفرصة لدراسة الدين بشكل عميق أو كما يراه أتباعه وأصحابه، فعلى سبيل المثال وجود قصص قرآنيّ أو شخصيّات قرآنيّة تتشابه مع بعض القصص أو الشخصيّات في مصادر دينيّة يهوديّة يدفع المستشرق إلى تفسيره على أنّه تأثير وتأثّر، متجاهلًا مفهوم «الهيمنة» في القرآن والذي يعبّر تعبيرًا واضحًا ومباشرًا عن وضع الإسلام في تاريخ الأديان، وهو من المفاهيم «المهملة» في الدراسات الاستشراقيّة عن الإسلام والقرآن الكريم، رغم أنّه مفهوم قرآنيّ مستمدّ من الآيات 48-50 من سورة المائدة ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾[21].
ولا يعني هذا المفهوم فرض السيادة الإسلاميّة على اليهوديّة والنصرانيّة، يل يعني «الحفظ» أي الإحاطة بالكتب السماويّة السابقة و«الائتمان» عليها، أي أنّ القرآن الكريم «مؤتمنًا» على الكتب السماويّة السابقة له وليس «بديلًا» عنها؛ فالقرآن الكريم احتوى الكتب الدينيّة السماويّة السابقة في مفاهيمها ومعتقداتها الصحيحة والسليمة والأصليّة، رافضًا وناسخًا -في الوقت نفسه- للخاطئ منها[22].

هناك حقيقة أخرى تمثّل خطأً كبيرًا في هذا المنهج؛ إذ ليس دائمًا السابق سواء من الدين أو الثقافة أو الحضارة هو الذي يتأثّر باللاحق، بل أحيانًا ما يحدث العكس، ولدينا مثل قويّ من اليهوديّة نفسها وهو رأي الباحث اليهوديّ יוסף היננמן يوسف هايننمان المتخصّص في الأجادوت[23] وتاريخها، في كتابه حول بعنوان «האגדות ותולדותהן الآجادوت وتاريخها»، والذي قال إنّ هناك الكثير من «الأجادوت» اليهوديّة التي اقتُبست من القصص القرآنيّ، مشيرًا الى أنّ كثيرًا من هذه «الأجادوت» اليهوديّة كُتبت ونشأت ودُوّنت في بيئات عربيّة وإسلاميّة، وأنّه من خلال التحليل الفيلولوجيّ لهذه «الأجادوت» اتّضح أنّها متأثّرة ببيئتها العربيّة والإسلاميّة وبقصص القرآن، محدّدًا أجزاء من قصص يوسف وإبراهيم وموسى عليهم السلام في القرآن اقتبستها «الأجادوت» اليهوديّة[24].

ثالثًا: عرض أبرز الفرضيّات حول «الإسلام» بالمقال ونقدها
شمل المقال عدّة فرضيّات استشراقيّة حول الإسلام ومصادره، وكذا تاريخ الإسلام وانتشاره، وهو ما يمكن عرضه ونقده على النحو التالي:

تأثّر الإسلام باليهوديّة والنصرانيّة
في الجزء الثاني من المقال ورد أنّ ظهور الإسلام على أرض العرب، وتحديدًا في مدينة مكّة التجاريّة انعكس بشكل بالغ على الشرائع التي شرّعها محمّد؛ إذ ظهرت في ديانته دلائل تشير إلى تأثّره باليهوديّة والنصرانيّة علاوة على تأثّره بديانات أخرى. كما ورد أنّ الشيء الجديد الذي جاء به محمّد، أي مختلف عن اليهوديّة والنصرانيّة، هو القرآن العربيّ، وأنّه فقط بعد أن انتقل إلى المدينة بدأ محمّد في إبراز الفروق بين ديانته واليهوديّة[25].
كما ورد في هذا الجزء أنّه فيما يتعلّق بالمصدر الأساسيّ الذي تأثّر به دين محمّد، فقد انقسم الباحثون حول ذلك إلى معسكرين، الأوّل: مالَ كثيرًا إلى اليهوديّة، والثاني: مالَ إلى النصرانيّة.

يُلحظ في هذه الفرضة التي يطرحها مقال الموسوعة أنّها تُبرز سمة وخاصّيّة أساسيّة من خصائص الاستشراق الإسرائيليّ وهي «التكرار والاستمراريّة»؛ فهذه الفرضيّة ما هي إلّا تكرار واضح لفرضيّة قديمة طرحها أعداء الإسلام ومن خلفهم المستشرقون، حول التشكيك في الإسلام ومصادره، وجاء الاستشراق الإسرائيليّ ليكرّرها، وليُثبت أنّه -أي الاستشراق الإسرائيليّ- ما هو إلّا تكرار لمدراس استشراقيّة غربيّة نشأ في كنفها وتأثّر بها وتبنّى موضوعاتها وأفكارها بل وكرّرها.
وتقوم هذه الفرضيّة على فكرة أنّه كان هناك تواجد دينيّ يهوديّ ونصرانيّ قويّ إبان عصر البعثة المحمّديّة بمكّة أو شبه الجزيرة العربيّة مكَّن من وقوع عمليّة «التأثير والتأثّر» هذه، وهو ما تنفيه الوقائع التاريخيّة والدلائل العلميّة التي اعترف بها عدد من المستشرقين المُنصفين بأنفسهم.

فبالنسبة لليهوديّة في شبه الجزيرة العربيّة لم تكن أصيلة وصافية، بل شاعت بها الميثولوجيا، وأصبحت جزءًا لايتجزّأ منها، وذلك على مستوى المفاهيم الدينيّة والطقوس[26]، وهو ما دفع بعضهم إلى اعتبار أنّ ظهور الإسلام كان الناقل الحضاريّ للعقليّة العربيّة من الفكر الأسطوريّ الوثنيّ والدينيّ اليهوديّ والنصرانيّ إلى الحياة العقليّة العلميّة الحقيقيّة؛ إذ إنّ كلّ التراث الوثنيّ امتلأ بالأسطورة، في حين لم تنجح كلّ من اليهوديّة والنصرانيّة أيضًا في التخلّص من العناصر الأسطوريّة[27].
كما فشلت اليهوديّة في أن تكون هي ديانة العرب قبل الإسلام، فقد عُرفت في بعض مناطق شمال الجزيرة العربيّة واليمن فقط، ولعلّ ذلك راجع لطبيعتها العنصريّة غير التبشيريّة[28]، وفي هذا الصدد نجد المستشرقة الإسرائيليّة ميري شيفير מירי שפר [29]، ترى أنّ ديانة وسط الجزيرة العربيّة كانت (الوثنيّة)[30]؛ إذ كانت وسط الجزيرة العربيّة منعزلة وبعيدة عن التأثير الدينيّ والسياسيّ لليهوديّة والنصرانيّ في الشمال والجنوب[31]. كما يرجع بعض عدم انتشار اليهوديّة بين العرب إلى أنّ اليهود لم يميلوا بوجه عام إلى إرغام الأمم على اعتناق دينهم، وأنّ نشر الدعوة الدينيّة من بعض الوجوه أمر محظور على اليهود[32].

بالنسبة للنصرانيّة فقد أثبتت الحقائق التاريخيّة أنّ انتشارها في شبه الجزيرة العربيّة كان موجودًا في أطرافها وحسب. أما الوسط وتحديدًا في عمق الجزيرة العربيّة، مهبط الوحي القرآنيّ، فقد كان تواجدها وانتشارها محدودًا جدًّا، واقتصرت على بعض الأشخاص الذين كان تواجدهم بالأساس للتجارة نظرًا؛ لأنّ مكّة المكرمة كانت مركزًا تجاريًّا مشهورًا في ذلك الوقت[33].

كما كان تسلل النصرانيّة إلى وسط الجزيرة العربيّة ضعيفًا، وذلك عن طريق بعض الأشخاص من المُنصّرين والمُبشّرين، ولم يكن للنصرانيّة مراكز أو كنائس أو كاتدرائيّات مثلما كان الحال في اليمن والحبشة، فقد كان هناك أفراد من النصارى في مَدْيَن ويثرب ومكّة وإيلة الواقعه على البحر الأحمر، ومعظمهم كانوا تجارًا أو أرقاء أو مُبشّرين[34].
من جانبه، يؤكّد المستشرق الألمانيّ «هربرت بوسِه» في كتابه الذي حمل عنوان «أسس الحوار في القرآن الكريم»، أنّ النصرانيّة لم تتمكّن من تثبيت قدميها في الحجاز، موطن محمّد الحميم، ولم يسجّل هناك أيّ عمل تنصيريّ منظّم، وكان تواجد النصارى هناك إمّا أنّهم رهبان أو زهّاد تركوا الناس إلى الصحراء؛ إذ إنّ الرهبنة النصرانيّة ارتبطت منذ البداية بالصحراء، كما وجد بعض الزهّاد النصارى ببلاد العرب هربًا من كنائسهم التي اختلفوا معها لأسباب سلوكيّة أو عقائديّة[35].

كما أضاف «بوسِه» أنّ الطوائف النصرانيّة التي وجدت في الجزيرة العربيّة لم تتكّون من رجال الدين النصارى، وإنّما كانوا من التجّار الذين يجولون على طول الطرق التجاريّة؛ إذ اضطروا إلى مغادرة أوطانهم إمّا لأسباب دينيّة أو سياسيّة[36].

انتشار الإسلام
دأبت الكتابات الاستشراقيّة عامّة والإسرائيليّة خاصّة على وصف الفتوحات الإسلاميّة بـ«الاحتلالات»، وذلك دون تقديم أيّ مبرّر علميّ أو تاريخيّ أو أيّ حيثيّة موضوعيّة لذلك الأمر، إلّا أنّنا ننقد هذه الفرضيّة بداية من خلال ما اعترف به كاتب مقال الموسوعة نفسه حينما ذكر في جزء منها أنّ اليهود أنفسهم الذين كانوا في دول ومناطق احتلّها الإسلام حظوا بمعاملة طيّبة، بل كانت ظروفهم أفضل من تلك الظروف التي عاشوها في بلدان تحت سيطرة وحكم النصارى[37]. ومن البديهي أن تكون هذه المعاملة الطيبة تنطلق من مبادئ وتعاليم إسلامية سمحة، ضمنت العدل لأهل البلدان التي دخلها المسلمون لنشر القيم الاسلامية السمحة والطيبة ورفع الظلم عن أهلها، وليس لاحتلالها ونشر الظلم والفساد.
يظهر كذلك تناقض كبير فيما طرحه كاتب المقال حول هذا الأمر في قوله إنّ هناك أقوامًا دخلوا الإسلام بعدما اجتاحوا العالم الإسلاميّ أو أجزاء منه، مثل المغول، أضافوا قوّة للإسلام[38]، ومعنى ذلك أنّه اعتراف واضح منه أنّ بلدان الإسلام تعرّضت لاحتلال من طرف أقوام آخرين، وأنّ تعاليم الإسلام السمحة وسلوكيّات المسلمين الطيّبة هي التي دفعتهم للدخول إلى الإسلام ولم يجبرهم أحد عن طريق السيف أو الاحتلال على دخول الإسلام.
وبشكل عامّ لا يُكلّف المستشرق نفسه البحث في حقيقة دوافع المسلمين في الفتوحات الإسلاميّة، وهي نشر رسالة الإسلام التي تدعو إلى تحرير البشر من العبوديّة للإمبراطوريّات السابقة غالبًا، وفتح الطريق أمام دعوة الله عزّ وجلّ. وقد أثبتت الفتوحات نفسها مدى بُعد الغالبيّة العظمى من الجيش الإسلاميّ عن الطمع في الغنائم.
ولعل Stanlay Lone Poole ستانلي لين بول[39] كان أقرب المستشرقين إلى الاتجاه السليم، فهو يقول: «إنّ المحقّق أنّ تحمّس العرب للفتوح كان يؤجّجه عنصر قويّ من حبّ للدين، والرغبة فى نشره، فقد حاربوا لأنّ مثوبة الشهداء وكؤوس السعادة والنعيم كانت تنتظر من يُقتلون فى سبيل الله»[40].

نستشهد في هذا الصدد أيضًا برأي الكاتب الإسكتلنديّ توماس كارليل، حيث قال في كتابه بعنوان «الأبطال وعبادة البطولة» ما ترجمته: «إنّ اتهامه -أيّ سيّدنا محمّد- بالتعويل على السيف في حمل الناس على الاستجابة لدعوته سخف غير مفهوم؛ إذ ليس مما يجوز في الفهم أن يشهر رجل فرد سيفه ليقتل به الناس، أو يستجيبوا له، فإذا آمن به من يقدرون على حرب خصومهم، فقد آمنوا به طائعين مصدّقين، وتعرّضوا للحرب من غيرهم قبل أن يقدروا عليها»[41].
ويقول المؤرّخ الفرنسيّ غوستاف لوبون في كتابه «حضارة العرب»، وهو يتحدّث عن سر انتشار الإسلام في عهده s وفي عصور الفتوحات من بعده، ما نصّه: «لقد أثبت التاريخ أنّ الأديان لا تفرض بالقوّة، ولم ينتشر القرآن إذًا بالسيف، بل انتشر بالدعوة وحدها، وبالدعوة وحدها اعتنقته الشعوب التي قهرت العرب مؤخّرًا كالترك والمغول، وبلغ القرآن من الانتشار في الهند التي لم يكن العرب فيها غير عابري سبيل ما زاد عدد المسلمين على خمسين مليون نَفَس فيها، ولم يكن القرآن أقلّ انتشارًا في الصين التي لم يفتح العرب أيّ جزء منها قطّ»[42].

نستعين في هذا الصدد أيضًا برأي الباحث المسيحيّ المصريّ الدكتور نبيل لوقا بباوي في كتابه «انتشار الإسلام بحدّ السيف بين الحقيقة والافتراء»، والذي أكد فيه أنّ انتشار الإسلام في السنوات الأولى من بعد وفاة النبيّ الأكرم لم يكن أبدًا بحدّ السيف، مستشهدًا بـ»عقد الأمان» الذي أبرمه الرسول الأكرمs... مع غير المسلمين بالبلدان التي دخلها الإسلام والتي تتضمّن إقرار المسلمين بأديان وحقوق غيرهم ومباشرة عقائدهم الدينيّة في أمان، بل وتمتّعهم بحماية الدولة الإسلاميّة، بل وأقرّ هذا العهد مبدأ التضامن الاجتماعيّ باعتباره مبدأً عامًّا يشمل المسلمين وغيرهم، لافتا إلى أنّ الجزية التي فرضت على غير المسلمين هي مبلغ ضئيل جدًّا تمّ فرضه على الأغنياء البالغين من الذكور منهم فقط، على حسب ثرواتهم، أمّا الفقراء منهم فتمّ إعفاؤهم[43].
أمّا إذا استعنّا بلغة الأرقام لدحض فرية انتشار الاسلام بالسيف في المئة عام الأولى من الهجرة، والاستدلال بالبرهان التاريخيّ أنّه لم يفرض الإسلام على سكّان البلدان التي دخلها المسلمون، بل إنّ دخولهم الإسلام وانتشار الإسلام بهذه البلدان كان طوعيًّا تمامًا، ولم يكن نتيجة احتلال غاشم؛ فقد كانت نسبة انتشار الإسلام في غير الجزيرة كالآتي: في فارس (إيران) كانت نسبة المسلمين فيها هي 5%، وفي العراق 3%، وفي سورية 2%، وفي مصر 2%، وفي الأندلس أقلّ من 1%.

أمّا السنوات التي وصلت نسبة المسلمين فيها إلى 25% من السكّان، فهي: إيران سنة 185هـ، والعراق سنة 225هـ، وسورية 275هـ، ومصر 275هـ، والأندلس سنة 295هـ.
والسنوات التي وصلت نسبتهم فيها إلى 50% من السكّان كانت كالآتي: بلاد فارس 235هـ، والعراق 280هـ، وسورية 330هـ، ومصر 330هـ، والأندلس 355هـ.
أمّا السنوات التي وصلت نسبة المسلمين فيها إلى 75% من السكّان، فكانت كالآتي: بلاد فارس 280هـ، والعراق 320هـ، وسورية 385هـ، ومصر 385هـ، والأندلس سنة 400هـ[44].
كما يمكن إجمال خصائص انتشار الاسلام في الآتي:

أ- عدم إبادة الشعوب.
ب- معاملة العبيـد معاملة راقية، وتعليمهم، وتدريبهم، بل وتوليتهم الحـكم في فترة اشتهرت في التاريخ الإسلاميّ بعصر المماليك.
ج- الإبقاء على التعدّدية الدينيّة من يهود ونصارى ومجوس؛ حيث نجد الهندوكيّة على ما هي عليه وأديان جنوب شرق آسيا كذلك.
د- إقرار الحرّيّة الفكريّة، فلم يعهد أنّ نصب المسلمون محـاكم تفتيش لأيٍّ من أصحاب الآراء المخالفة[45].

خامسًا: الخلاصات والنتائج
من خلال ما سبق يمكن الخروج بعدد من الخلاصات والنتائج والتوصيات، وهي كالآتي:
ضرورة حصر ونقد المجهودات الاستشراقيّة الإسرائيليّة حتى وإن كانت مكتوبة باللغة العبريّة محدودة الانتشار والاستخدام؛ نظرًا لأنّه يتمّ ترجمتها إلى اللغة الإنجليزيّة واسعة الانتشار والاستخدام، مثال مقال الإسلام بالموسوعة العبريّة العامّة.
خطورة الكتابات الاستشراقيّة الإسرائيليّة عن الإسلام وشؤونه ومصادره؛ نظرًا لأنّ المستشرقين الإسرائيليّين الذين يؤلّفونها خرجوا من رحم مدارس استشراقيّة أوروبيّة وتبنّوا أفكارها وكرّروها في كتاباتهم، علاوة على أنّ غالبيّة المستشرقين الإسرائيليّين يتّسمون بصفة «التعدّديّة اللغويّة»، فلا يكتبون باللغة العبريّة وحسب، بل يكتبون بلغات أوروبيّة متعدّدة في عدّة إصدرات استشراقيّة كبرى ومهمّة، ولا يقتصر الأمر على إسرائيل وحسب.

أهمّيّة «مقال الإسلام بالموسوعة العبريّة» ليس لأنّه المصدر الأساسيّ والأشمل لكلّ المهتمّين والباحثين بمجال الإسلاميّات بإسرائيل ممن يعرفون العبريّة وحسب، ولكن لترجمته أيضًا إلى اللغة الإنجليزيّة، ولأنّه حمل أفكارًا ليست صحيحة في معظمها، عن الإسلام وشؤونه.
لم يلتزم «مقال الإسلام بالموسوعة» بالمنهج «الوصفيّ» الذي تُلزم المعايير العلميّة والموضوعيّة استخدامه، بل استخدم منهجيّ «التأثير والتأثّر» و«الإسقاط» لإثبات أفكاره وأيديولوجيّته الاستشراقيّة اليهوديّة والإسرائيليّة.
ردّ مؤلّف المقال الإسلام لمصادر يهوديّة ونصرانيّة واعتباره «الفتوحات الإسلاميّة» أنّها «احتلالات» كانت أهمّ الفرضيّات الخاطئة التي طرحها مقال الموسوعة عن الإسلام.
الوقائع والدلائل التاريخيّة تشير إلى استحالة تأثّر الإسلام باليهوديّة والنصرانيّة؛ نظرًا لعدم انتشارهما في وسط الجزيرة العربيّة، منطقة مهبط الوحي، وعدم وجود دلائل علميّة تشير إلى وجود عناصر يهوديّة ونصرانيّة بارزة في الإسلام.
تجاهل كاتب مقال الموسوعة حقيقة الفتوحات الإسلاميّة وأنّها انطلقت لأسباب دينيّة وإنسانيّة تتمثّل في نشر العدل ورفع الظلم وفتح الطريق لنشر الدين الصحيح، مثلما اعترف بذلك عدد من المستشرقين المنصفين من أبرزهم «ستانلي لين بول».

لائحة المصادر والمراجع
أوّلًا- باللغة العربيّة
الأب جرجس داوود داوود، أديان العرب قبل الإسلام ووجهها الحضاريّ والاجتماعيّ، المؤسّسة العامّة للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، الطبعة الثانية، 1988.
أحمد صلاح البهنسي، الاستشراق الإسرائيليّ..الإشكاليّة..والسمات..والأهداف، مجلّة الدراسات الشرقيّة، العد 37، مركز الدراسات الشرقيّة، جامعة القاهرة، 2007.
أحمد صلاح البهنسي، القرآن الكريم وعلومه بالموسوعات اليهوديّة، مركز تفسير للدراسات القرآنيّة، الرياض، الطبعة الأولى 2014.
إسرائيل ولفنسون، تاريخ اليهود في بلاد العرب في الجاهليّة وصدر الإسلام، مطبعة الاعتماد، القاهرة، 1927.
أنور محمود زناتي: معجم افتراءات الغرب على الإسلام، بدون ناشر، بدون تاريخ.
جورجي كنعان، محمد واليهوديّة، بيسان للنشر والتوزيع، بيروت، الطبعة الأولى، 1999.
حسن حنفي: التراث والتجديد، موقفنا من التراث القديم، مكتبة الأنجلو المصريّة، القاهرة، بدون تاريخ.
حسن عزوزي، مناهج المستشرقين البحثيّة في مناهج القرآن الكريم، ندوة القرآن الكريم في الدراسات الاستشراقيّة، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة المنورة، 2007.
ساسي سالم الحاج: الظاهرة الاستشراقيّة وأثرها في الدراسات الإسلاميّة، مركز دراسات العالم الإسلاميّ، مالطا، ط1، 1991.
عبير الحديدي محمّد السيّد الصياد، رؤية الأجاداه لداوود وسليمان، رسالة دكتوراة (غير منشورة) جامعة عين شمس، القاهرة، 2002.
غوستاف لوبون، حضارة العرب، مؤسّسة هنداوي للنشر والتوزيع، القاهرة 2013.
ليلى إبراهيم أبو المجد، كيف أصبح جبريل عدوًّا لليهود؟، مجلة رسالة المشرق، العدد 1-4، مركز الدراسات الشرقيّة، القاهرة، 1996.
محمد بشير مغلي، مناهج البحث في الإسلاميّات لدى المستشرقين وعلماء الغرب، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلاميّة، الرياض، 2002.
محمّد خلفية حسن، رؤية عربيّة لتاريخ الشرق الأدنى القديم وحضارته، دار قباء، القاهرة، 2000.
محمد خليفة حسن، تاريخ الأديان، دراسة وصفيّة مقارنة، دار الثقافة العربيّة، القاهرة، 1996.
محمود عباس العقاد، حقائق الإسلام وأباطيل خصومه، مؤسّسة هنداوي للنشر والتوزيع، القاهرة 2017.
نبيل لوقا بباوي، انتشار الإسلام بحدّ السيف بين الحقيقة والافتراء، دار البباوي للنشر، القاهرة، 2022.
هربرت بوسه، أسس الحوار في القرآن الكريم، دراسة في علاقة الإسلام باليهوديّة والمسيحيّة، ترجمة أحمد هويدي، مراجعة عمر صابر عبد الجليل، تصدير محمد خليفة حسن، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 2005.

ثانيًا- باللغة العبرية
אב"א אחימאיר: «יוסף קלוזנר: הפרופסור שלנו" בתוך: "עין הקורא, סופרים וספרים, עיתונים ועיתונאים"، הוועד להוצאת כתבי אחימאיר, תל אביב, 2002.
יוסף קלאוזנר: אִסְלַאם: האנציקלופדיה העברית כללית יהודית וארץ ישראלית، חברה להוצאת אנציקלופדיות، ירושלים 1974.
יוסף הײנימן، האגדות ותולדותהן، עיונים בהשתלשלותן של מסורות، בית הוצאה כתר ירושלים، 1978.
מירי שפר، האסלאם....מבוא קצר، אוניברסיטת תל-אביב، 2006.
ד. אלקלעי, האנציקלופדיה העברית, דבר,תל אביב، 28 בנובמבר 1947.
שלמה שבא, ההסתדרות באנציקלופדיה - ערך מסולף, דבר, 6 באפריל 1962 .
אורי דרומי: מייסד האנציקלופדיה העברית، הארץ، 05 ביוני 2007.

-------------------------------------
[1][*]- باحث مصريّ متخصّص بالاستشراق الإسرائيليّ.
[2]- للمزيد حول الاستشراق اليهوديّ والإسرائيليّ في العصر الحديث يمكنك العودة لـ: صلاح البهنسي، أحمد، الاستشراق الإسرائيليّ.. الإشكاليّة.. والسمات.. والأهداف، ص458-461.
[3]- م.ن، ص463.
[4]- صلاح البهنسي، أحمد، الاستشراق الإسرائيليّ.. الإشكاليّة.. والسمات.. والأهداف، م.س.
[5]- للاستزادة يمكنك العودة إلى: صلاح البهنسي، أحمد، القرآن الكريم وعلومه بالموسوعات اليهوديّة.
[6]- ד. אלקלעי, האנציקלופדיה העברית, דבר,תל אביב، 28 בנובמבר 1947. עמ׳ 22.
[7]- אורי דרומי: מייסד האנציקלופדיה העברית، הארץ، 05 ביוני 2007.
https://www.haaretz.co.il/misc/2007-06-05/ty-article/0000017f-f45e-d887-a7ff-fcfe69ad0000
[8]- שלמה שבא, ההסתדרות באנציקלופדיה - ערך מסולף, דבר, 6 באפריל 1962 .
[9]- אב”א אחימאיר: “יוסף קלוזנר: הפרופסור שלנו” בתוך: “עין הקורא, סופרים וספרים, עיתונים ועיתונאים”، הוועד להוצאת כתבי אחימאיר, תל אביב, 2002، עמ׳ 241–250.
[10]- استخدم الباحث لفظة «فرضيّة» بدلًا من لفظة «شبهة» فيما يتعلّق بما ورد حول الآيات القرآنيّة في الموسوعات اليهوديّة، وذلك رغم أنّ معظم، إن لم تكن كلّ الدراسات النقديّة العربيّة والإسلاميّة تستخدم لفظة «شبهة» في ردّها على آراء المستشرقين حول الإسلام ومصادره الأساسيّة. وهي لفظة يعتقد الباحث أنّ في استخدامها «تحيّزًا وعدم موضوعيّة»؛ إذ إنّها تعني في العربيّة الالتباس والريبة وترجيح الخطأ والنقصان (انظر: قاموس ومعجم المعاني متعدّد اللغات والمجالات، قاموس عربي – عربي، مجمع اللغة العربيّة، القاهرة، 2005، مادّة شبه)، ما يعني أنّ إطلاق هذه اللفظة على رأي المستشرق يفيد بوجود «حكم مسبق» من قبل الباحث أو الناقد العربيّ- المسلم بأنّ رأي المستشرق خاطئ وملتبس ومشكوك فيه، وذلك رغم فإنّ هناك عددًا من آراء المستشرقين التي تتّسم بالموضوعيّة والحياد، بل والانصاف، فيما يتعلّق بالشؤون العربيّة والإسلاميّة، وذلك على قلّتها، فرغم أنّ المستشرق يستخدم منهجًا علميًّا تشوبه نواقص وأخطاء أو يستخدم منهجًا علميًّا بشكل خاطئ في دراسته للإسلام ومصادره الأساسيّة للوصول إلى صحّة أيديولوجيّة معيّنة تحكمه، إلّا أنّه في النهاية يطرح رأيًا أو فرضيّة علميّة تخصّه قد تكون خاطئة، وهذا ما يكون عليه الأمر في أغلب الأحيان، وقد تكون صحيحة، وبالتالي فإنّ الباحث رأى أفضليّة استخدام لفظ «فرضيّة» المرتبطة بمفهوم «الفرض العلميّ» على آراء المستشرقين عامّة وما تطرحة الموسوعات اليهوديّة خاصّة، وذلك لكون هذه الآراء تطرح فرضيّة علميّة تحتمل الصواب والخطأ، وعلى الباحث الإسلاميّ- العربيّ في ردّه عليه أن يستخدم آراء وأدلّة وفرضيّات علميّة لدحض الفرضيّات الاستشراقيّة عن الإسلام ومصادره الأساسيّة.
[11]- حول مناهج المستشرقين في مجال الدراسات الإسلاميّة، انظر على سبيل المثال إلى :1- حنفي، حسن، التراث والتجديد، موقفنا من التراث القديم. 2- سالم الحاج، ساسي، الظاهرة الاستشراقيّة وأثرها في الدراسات الإسلاميّة. 3- بشير مغلي، محمد، مناهج البحث في الإسلاميّات لدى المستشرقون وعلماء الغرب.
[12]- انظر: صلاح البهنسي، أحمد، القرآن الكريم وعلومه بالموسوعات اليهوديّة، ص17.
[13]- יוסף קלאוזנר: אִסְלַאם: האנציקלופדיה העברית כללית יהודית וארץ ישראלית، חברה להוצאת אנציקלופדיות، ירושלים 1974. כרך 4 עמ׳ 959-970.
[14]- عزوزي، حسن، مناهج المستشرقين البحثيّة في مناهج القرآن الكريم، ص34.
[15]- م.ن، ص34.
[16]- יוסף קלאוזנר: שם: עמ׳ 959-960-961.
[17]- حنفي، حسن، م.س، ص76-77.
[18]- יוסף קלאוזנר: שם: עמ׳ 955.
[19]- حنفي، حسن، م.س، ص78.
[20]- انظر: سالم الحاج، ساسي، م.س، ص204.
[21]- خليفة حسن، محمّد، تاريخ الأديان، دراسة وصفيّة مقارنة، ص253.
[22]- م.ن، ص256.
[23]- الأجادوت אגדות: تعني القصص الأسطوريّة الدينيّة اليهوديّة، وتمثّل إنتاجًا أدبيًّا يهوديًّا له سمته الخاصّة، كُتب في العراق وفلسطين بالعصر الوسيط. (انظر: الحديدي محمد السيد الصياد، عبير، رؤية الأجاداه لداوود وسليمان، ص71-73. إبراهيم، أبو المجد، ليلى، كيف أصبح جبريل عدوًّا لليهود؟ ص37).
[24]- יוסף הײנימן، האגדות ותולדותהן، עיונים בהשתלשלותן של מסורות، בית הוצאה כתר ירושלים، 1978، עמ׳ 183-184
[25]- יוסף קלאוזנר: שם: עמ׳ 955-956.
[26]- كنعان، جورجي، محمّد واليهوديّة، ص273-280.
[27]- خليفة حسن، محمّد، رؤية عربيّة لتاريخ الشرق الأدنى القديم وحضارته، ص54-55.
[28]- م.ن، ص54.
[29]- ميري شيفير מירי שפר: مستشرقة إسرائيليّة معاصرة، تعمل أستاذة متخصّصة في الشؤون الإسلاميّة لاسيما التركيّة بالجامعة العبريّة بالقدس. وصاحبة كتاب האסלאם....מבוא קצר «الإسلام ...مدخل مختصر»، الذي صدر عام 2006 عن جامعة تل أبيب في إطار سلسلة تصدرها الجامعة تحت عنوان « أديان العالم» (انظر: מירי שפר، האסלאם....מבוא קצר، אוניברסיטת תל-אביב، 2006، עמ׳ 2-3).
[30]- מירי שפר، האסלאם...מבוא קצר، אוניברסיטת תל-אביב، 2006، עמ׳ 15.
[31]- שם، עמ׳ 10-14.
[32]- ولفنسون، إسرائيل، تاريخ اليهود في بلاد العرب في الجاهليّة وصدر الإسلام، ص71.
[33]- داوود داوود، الأب جرجس، أديان العرب قبل الإسلام ووجهها الحضاريّ والاجتماعيّ، ص79-81.
[34]- م.ن.
[35]- بوسه، هربرت، أسس الحوار في القرآن الكريم، ص42.
[36]- بوسه، هربرت، أسس الحوار في القرآن الكريم، م.س، ص43.
[37]- יוסף קלאוזנר: שם: עמ׳ 966-967.
[38]- שם: עמ׳ 970.
[39]- مستشرق وعالم آثار بريطانيّ. ولد في لندن، ومن عام 1874 إلى عام 1892 عمل في المتحف البريطانيّ، وبعد ذلك اشتغل بالبحث في مصر حول علوم المصريّات. من عام 1897 حتى عام 1904 شغل كرسي الأستاذيّة للدراسات العربيّة في جامعة دبلن.
[40]- نقلًا عن: محمود زناتي، أنور، معجم افتراءات الغرب على الإسلام، ص22-24.
[41]- نقلاً عن: عباس العقاد، محمود، حقائق الإسلام وأباطيل خصومه، ص166.
[42]- لوبون، غوستاف، حضارة العرب، ص128-129.
[43]- لوقا بباوي، نبيل، انتشار الإسلام بحدّ السيف بين الحقيقة والافتراء، ص122-124.
[44]- نقلًا عن فتوى لأمانة التفوى بدار الافتاء المصريّة، رقم 2430 بتاريخ 6 سبتمبر 2011، على الموقع الإلكترونيّ لدار الإفتاء المصريّة:
https://www.dar-alifta.org/ar/fatawa/12787/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AF-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D9%82%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%B4%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D9%81
[45]- لوقا بباوي، نبيل، انتشار الإسلام بحدّ السيف بين الحقيقة والافتراء.