البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

وصف الرحالة المستشرق جوهان لودفيج بوركهارت لقبور البقيع

الباحث :  الاستاذ الدكتورة إلهام محمود كاظم
اسم المجلة :  دراسات استشراقية
العدد :  12
السنة :  السنة الرابعة - صيف 2017م / 1439هـ
تاريخ إضافة البحث :  November / 23 / 2017
عدد زيارات البحث :  7717
تحميل  ( 383.954 KB )
 دخل الجزيرة العربية كثير من الرحالة والمستشرقين بأهداف عدة، فمنهم التاجر ومنهم المبشر ومنهم الجاسوس ومنهم المغامر وعالم الآثار، وكتبوا التقارير والكتب التي احتوت مادة علمية ذات قيمة للباحث في التاريخ الحديث للمناطق التي مروا بها(1). ومن هؤلاء الرحالة المستشرق جوهان لودفيج بوركهارت (1784- 1817) الذي له مؤلفات قيمة أهمها: مواد لتاريخ الوهابيين، ترحال في جزيرة العرب، ملاحظات على البدو الوهابيين، الأمثال العربية أو العادات والتقاليد عند المصريين المحدثين، أسفار في بلاد النوبة ورحلات إلى شبه الجزيرة العربية(*).. ولأهمية ماكتبه ارتأينا أن نعطي نبذة عنه.

جوهان لودفيج بوركهارت: الذي يُعرف اسمه في الإنجليزية بـ (John Lewis Burckhardt  ) وفي الفرنسية بـ (Jean Louis Burckhardt) وفي لغة قومه بـ( Johann Ludwig Burckhardt) رحالة ومؤرخ وجغرافي ومستشرق ومؤلف سويسري الجنسية(2)، ولد بمدينة لوزان السويسرية بتاريخ الرابع والعشرين من شهر تشرين الثاني عام 1784م، لعائلة عريقة من أم انجليزية ووالد سويسري كان برتبة كولونيل في الجيش السويسري. درس بوركهارت بجامعتي لايبزيج( Leipzig)  وجوتنجن( (Gottingen الألمانيتين والتي تخرج منها عام 1805(3)، ولكنه اضطر عام 1806 للرحيل عن بلاده عندما احتل من قبل الفرنسيين بقيادة نابليون بونابرت، متجها إلى لندن(4).

 وتجدر الإشارة إلى أن بوركهارت وهو صغير سيطرت عليه قناعة راسخة بأن يعمل في خدمة الدول المعادية لفرنسا، وكانت إنجلترا هي الهدف المناسب لتحقيق مآربه، فهي القوة الوحيدة في ذلك الوقت القادرة على منافسة نابليون ونزعاته التوسعية. كما كان في الوقت نفسه مغامراً يحب الرحلات الاستكشافية، وقد شجعه على ذلك احد أساتذته (البروفسور بلومينياخ) وحمله وصية إلى  السير جوزيف بانكس عضو الجمعية الملكية الأفريقية في لندن(5)، التي تولت تمويل عدد من الرحلات الاستكشافية في حوض النيجر(6)، ولكنها كلها كانت تنتهي بوفاة المستكشفين، فرحب به ووافق على انتسابه إليها عام 1808، وعرض الأمر على بوركهارت أن يحاول الوصول إلى تمبكتو عن طريق اصطحاب قافلة من حجاج النيجر عند عودتهم من مكة. وحظي عرضه بالقبول، مقابل منحه جنيهاً إسترلينياً واحداً عن كل يوم، وراح من فوره يهيئ نفسه للرحلة. وتجنس بالجنسية الإنجليزية. وانتسب إلى جامعة كمبرج في العام نفسه في عمر لايتجاوز الرابعة والعشرين، ليدرس اللغة العربية والطب والفلك وترك لحيته تنمو، وكنوع من تمارين اللياقة المطلوبة لرحلة يستعد للقيام بها كان يفترش الأرض الصلبة عند النوم ويمشي مسافات طويلة ويتغذى الخضروات ونباتات الأرض ليرافق الحجاج الأفارقة إلى الشرق. ونصحه أستاذه إدوارد دانيال كلارك بالذهاب أولاً إلى سوريا لدراسة اللغة العربية فيها، ثم التوجه فيما بعد إلى الجزيرة العربية ومصر ومن هناك الانطلاق نحو تمبكتو في النيجر استعداداً لرحلة استكشاف في القارة السمراء لصالح "الرابطة الإفريقية"(7).

شد رحاله إلى جزيرة مالطه في عام 1809 إذ ادّعى انه طبيب هندي وتسمى بإبراهيم، ومنها توجه إلى حلب التي قضى فيها عامين رسخ فيهما اللغة العربية واكتسب العادات والتقاليد وحفظ جزأً من القرآن واتصل بقبائل عنزة في بلاد الشام ووصل برفقتهم عبر بادية الشام إلى شواطئ الفرات، ودرس أصول الإسلام ومبادئه حتى اعتنقه رسميا وعرف بشخصية رجل مسلم اسمه إبراهيم عبد الله الشامي، ومما ينسب إليه اكتشافه لآثار مدينة البتراء القديمة(*) (الموجودة في المـملكة الأردنية الهاشمية حاليا) في الثالث والعشرين من عام 1812 عندما زار المدينة برفقة دليله البدوي وقد كتب(8):

"إن على الرحالة أن يرى كل شيء بعينيه .. "  واستأجر مرشدا حتى يرشده إلى مكان الأطلال التي سمع عنها من السكان المحليين " ويضيف قائلا: (9).

"كنت حريصا جدا على زيارة وادي موسى وتذرعت بزيارة مقام هارون شقيق النبي موسى لتقديم العنزة قربانا له وبعد مروري من ممر ضيق لايتجاوز عرضه عدة أقدام وفجأة أرى أروع انجاز من خلال الأبنية ذات الصخور الوردية اللون.. مؤكدا إن تكون الأطلال أو الخرائب الموجودة في وادي موسى هي نفسها بقايا البتراء".

ويشير الكولونيل ليك(Leake)  إلى الجهود التي قدمها بوركهارت من خلال مؤلفاته  للجمعية الأفريقية في لندن بقوله (10):

"لقد قدم بوركهارت للجمعية الأفريقية في لندن أدق المعلومات عن الحجاز، خاصة عن مكة والمدينة، على نحو لم يصل أبداً إلى أوروبا قبل ذلك. لقد مكنته معرفته باللغة العربية وعادات المسلمين من الظهور بشخصية مسلم بنجاح كبير. لقد أقام في مكة طيلة موسم الحج وقام بأداء مناسك الحج من دون أن يثير أدنى شك حول حقيقة شخصيته".

وصل بوركهارت إلى القاهرة في نهاية عام 1812 واتصل بمحمد علي باشا (والي مصر آنذاك) لتسهيل أمر سفره مع القوافل المتجهة إلى فزان بجنوب ليبيا ومنها يتجه إلى نهر النيجر لاكتشاف منابعه لمصلحة الجمعية الملكية الأفريقية في لندن , وبعد موافقة الوالي على سفره مع القافلة باعتباره سوريا كفلاح أو تاجر بسيط يرتدي ملابس شعبية بجلباب قطني أزرق وتحته قميص خشن وسروال ابيض فضفاض وعمامة شعبية من الشاش وكانت له لحية سوداء كثيفة(*)، ولم يكن يرتدي جورابا واكتفى بالنعال المحلية. وكان يحمل معه 50 دولار فضيا ودفترين صغيرين وبندقية ومسدس (11).  

وسارت الحملة باتجاه الجنوب على ضفاف نهر النيل، وهناك تعرف على جماعة من قافلة سنارية أوصلته إلى السودان ابتدءا من وادي حلفا شمالا إلى شندى جنوبا ثم اجتاز صحراء العتمور شرقا إلى سواكن التي أبحر منها إلى جدة مع قافلة  أخرى متجهة إلى الحجاز تضم حجاجا  فقرر الالتحاق بهم ليضيف لقب الحاج إلى اسمه واشترى عبدا لخدمته .واستمرت هذه الرحلة من عام 1813 حتى منتصف عام 1814 اصـدر خلالها عن السـودان كتـابا سمّاه (رحلة بوركهارت إلى بلاد السودان والنوبة)(*).

وصل بوركهارت إلى الحجاز في شهر حزيران عام 1814 وبقي يتجول بين مكة التي ظل فيها أكثر من شهر حتى أدى فريضة الحج، سافر بعدها إلى المدينة المنورة التي قضى فيها ثلاثة شهور حصل خلالها على أصح الروايات من كثير من الثقاة في الحجاز الخاصة بقبور البقيع وأسباب هدمها من قبل الوهابيين. وزار جدة والطائف التي قابل فيها الوالي محمد علي باشا وكانت له علاقة جيدة به، وبقي فيها حتى شهر نيسان عام 1816 حيث عاد إلى القاهرة، وقرر الإعداد لرحلة النيجر التي لن تتم، لإصابته بالزحار والحمى فوافته المنية في الخامس عشر من شهر تشرين الأول عام 1817 ودفن بناء على وصيته على الطريقة الإسلامية.‏ وقد كتب على قبره: "هنا يرقد الرحالة السويسري الشيخ إبراهيم المهدي ولد عام 1199هـ، توفي عام 1232 هـ"(12)  وكتب بالانجليزية اسمه الأصلي وولادته ووفاته بالتاريخ الميلادي(*).

وتجدر الإشارة إلى إن بوركهارت نجح في تدوين نتائج بحوثه التي جمعها من مصدرين الأول: انفق وقتاً كثيراً في الحديث مع البدو في مقاهي حلب ودمشق والحجاز. والثاني: من خلال الرحلات الطويلة برفقتهم إلى مناطق بعيدة من خلالها اكتسب مهارة عالية في تدوين مذكراته من دون أن يلحظ أحد.

ومن خلال الاطلاع على كتاباته نجده يصف قبور البقيع وصفا شاملا له أهميته في تاريخ المدينة المنورة، وقبل الإشارة إلى ذلك لابد من أن نعطي لمحة عن قبور البقيع التي تعد من أهم المعالم المأثورة منذ عهد النبي محمد 9 ولحد يومنا هذا، ويكفينا في مكانته أن النبي محمداً 9 تعهد بالزيارة والدعاء لمن فيه من الأرواح التي بذلت وقدمت كثيراً من أجل إعلاء كلمة الإسلام.

ولقرون طويلة، وبعد انتماء المسلمين القادمين من كل أنحاء العالم (العراق وبلاد الشام والهند وباكستان ودول جنوب شرق آسيا وإيران ومصر وغيرها) من فريضة الحج والعمرة ،يعرجون على مدينة الرسول 9 لزيارة قبره الشريف، وزيارة القبور الشريفة والأضرحة المباركة في البقيع(*)، لما حوته من شخصيات طاهرة مطهرة، من أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة، الذين خصهم الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم بآية التطهير ﴿أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ﴾ وغالبا ما كانوا يجلبون الهدايا والنذور معهم، من حُلي وفُرش ثمينة وأموال والبخور ودهن المسك والعود والعنبر وأنواع الطيب لسكبها فوق حجارة القبر. كما يحرص بعضهم على صبغ حجارته باللون الأخضر، فيما يقوم آخرون بكسوة ظهر الضريح بلفائف من القماش الأخضر تكريما لصاحبه وحبا وتعظيما للرسول وأهل بيته الكرام،وتعظيمهم هو تعظيم للإسلام وتعاليمه.

1- التسمية والتعريف:

قبور بقيع الغرقد: هي بقعة من الأرض اختصها الله سبحانه وتعالى بالقدسية الربانية والتكريم الإلهي لتصل إلى نتيجة حتمية مفادها أنّ هذه البقعة التي حوت أجسادا طاهرة لذوات عظيمة فمنها المعصوم الذي هو حجة الخالق على خلقه ومنها أعلام الأنصار والمهاجرين، وبذلك أصبح البقيع، الذي يقع في الجهة الجنوبية الشرقية للمسجد النبوي في المدينة المنورة، مدفناً لعدد من عظماء المسلمين وأئمتهم(13)، وكان النبي 9 يقصد البقيع كلما مات أحد من الصحابة ليصلي عليه ويحضر دفنه. وقد يزور البقيع في أوقات أخرى ليناجي الأموات من أصحابه ويقول(14):

" سلامٌ عليكم دار قومٍ مؤمنين , واتاكم ما توعدون , وإنا إن شاء الله بكم لاحقون , اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد".

وقد ورد في دائرة المعارف الإسلامية أن البقيع هي مقبرة المدينة وكانت مغطاة بشجر التوت المرتفع(15). وورد في كتاب التعريف بما أنست الهجرة في حديث عن رسول الله 9 انه قال(16):

"مقبرتان تضيئان لأهل السماء كما تضئ الشمس والقمر لأهل الدنيا البقيع بقيع المدينة ومقبرة بعسقلان"(*).



2-  بقيع الغرقد لغةً:

 الموضع الذي فيه أُروم الشجر من ضروب شتى، وبه سمي بقيع الغرقد. والغرقد: كبار العوسج وهو جمع عوسجة وهي شجيرات من فصيلة الباذنجانيات أغصانه شائكة  ولذا سُمّي ببقيع الغرقد لأن هذا النوع من الشجر كان كثيراً فيه ولكنه قطع (17).

3- الموقع:

تقع روضة‌ مقبرة البقيع في قلب المدينة المنورة ووسطها وهي مجاورة لحرم النبي9 وتقع في الجهة الشرقية لمسجد النبي 9 تحيط به المزارع من الشمال والجنوب والشرق(18) أما جهة الغرب فكان يفصلها عن المسجد النبوي الشريف مساكن ودور ومدارس حارة الأغوات(*)، وحاليا أصبح البقيع من الجهة الغربية ملاصقا لساحات المسجد لايفصلها أي مبان أو منشآت (19).

والخارج من باب جبرائيل 7 من حرم النبي 9 من أبوابه الشرقية تكون مقبرة البقيع مقابلاً له. ولقد جعل للبقيع ثلاثة أبواب: فالباب الأول يقع في شرقه، والثاني في الجهة الشمالية، والثالث في غربه وهي البوابة الرئيسية فيه وهي التي تكون دائماً مفتوحة ويتم من خلالها إدخال جنائز الموتى ودخول الوافدين لزيارة قبور أهل بيت النبي 9 وأصحابه المنتجين(*).

وتشير المصادر إلى إن النبي محمد  9  خرج لنواحي المدينة وأطرافها باحثا عن مكان يدفن فيه أصحابه حتى جاء البقيع، وقال (20): " أمرتُ بهذا الموضع" وكان شجر الغرقد كثيرا، فسميت به". ويقال لها كفته (بفتح أوله وإسكان ثانيه بعدها تاء معجمة باثنين من فوقها) وهذا الاسم مشتق من قوله تعالى(21): ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً ‎وَأَمْوَاتًا﴾ بمعنى تكفت الموتى أي: تحفظهم وتحرزهم.

وورد في سيرة رسول الله 9 أنه لما أحس بالمرض الذي عراه أخذ بيد علي بن أبي طالب 7 واتبعه جماعة من الناس وتوجه إلى البقيع فقال للذي اتبعه: (إنني قد أمرت بالاستغفار لأهل البقيع)، فانطلقوا معه حتى وقف بين أظهرهم وقال(22):

"السلام عليكم دار قوم مؤمنين، السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وأتاكم ما توعدون، غدا مؤجلون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد، اللهم لاتحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، أنتم لنا فرط ونحن لكم تبع، نسأل الله لنا ولكم العاقبة ". ثم استغفر لأهل البقيع طويلاً.

وروى الطبراني في الكبير من طريق أم قيس أن النبي محمداً 9 قال :

 "أترين هذه المقبرة (مقبرة البقيع) يبعث الله منها سبعين ألفا يوم القيامة على صورة القمر ليلة البدر يدخلون الجنة بغير حساب "(23) 

وذكرها أمير المؤمنين على بن أبي طالب 7 في قوله(24)  :

"أتموا برسول الله 9 حجتكم إذا خرجتم إلى بيت الله، فإن تركه جفاء وبذلك أمركم، وأتموا بالقبور التي ألزمكم الله عز وجل زيارتها واطلبوا الرزق عندها" .



4- القبور التي تواتر معرفتها بالبقيع(*):

نذكر فيما يأتي القبور على الترتيب على أساس الدخول إلى البقيع من الباب الغربي المقابل للمسجد النبوي الشريف في وقتنا الحاضر :

 * قبور بنات النبي محمد 9 

أمام المدخل الرئيسي للبقيع وعلى بعد منه بحوالي ثلاثين متراً ولا يفصلها إلا الساحة الرئيسة له نجد قبور بنات النبي محمد 9 وكتبت أسمائهن جميعاً فوق مدخلها.  وهن:

1- السيدة أم كلثوم   2- السيدة رقية      3- السيدة زينب .

* قبر أئمة البقيع (عليهم السلام):

على بعد خمسة وعشرين مترا من قبور بنات النبي باتجاه الجنوب إلى يمين الواقف أمام قبور بنات النبي نجد مدفن أهل بيت النبي محمد 9 وفيه القبور الآتية(*):

1 ـ الإمام الحسن الـمجتبى 7

2- الإمام على بن الحسين زين العابدين 7

3- الإمام محمّد الباقر7

4- الإمام جعفر الصادق 7 .

ويصف ابن جبير قبر الأئمة الأطهار وقبر العباس عم النبي محمد 9 فيقول(25) :

" وقبرهما مرتفعان عن الأرض متسعان مغشيان بألواح ملصقة أبدع إلصاق بصفائح الصفر ومكوكبة بمسامير " .

كما يصفها ابن بطوطة فيقول (26):

" هي قبة ذاهبة في الهواء بديعة الإحكام " .

ويشير إلى ذلك بوركهارت نقلا عن أهلها فيقول(27) :

" كانت قبة العباس وأهل بيت النبي محمد من أجمل القبب الأخرى وتقع على يمين الداخل من باب المقبرة ".

وتجدر الإشارة إلى أن النبي محمداً 9 قال لأمير المؤمنين علي 7 (28):

" إن الله جعل قبرك وقبور ولدك بقاعا من بقاع الجنة، وان الله جعل قلوب نجباء من خلقه، وصفوة من عباده تحن إليكم وتحتمل الذلة والأذى فيعمرون قبوركم ويكثرون زيارتها تقربا منهم إلى الله .. أولئك ياعلي المخصوصون بشفاعتي الواردون حوضي وهم زواري غدا في الجنة .. " .

* بيت الأحزان 

كانت إلى جانب قبة أئمة أهل بيت النبي محمد 9   بفاصلة قليلة قبةٌ مبنية على بيت الأحزان سميت قبة المبكى، حيث كانت الزهراء 3 تخرج إلى ذلك المكان وتبكي على أبيها(*).

* قبر فاطمة بنت أسد

عندما توفيت لحد لها رسول الله 9 لحداً، ونزل فيه قارئاً للقرآن، وكفَّنها9 بقميصه المبارك، وصلَّى عليها عند قبرها، وقال: " ما أُعفِيَ أحدٌ من ضغطة القبر إلاَّ فاطمة بنت أسد

يقع قبرها على يمين الداخل من البوابة الرئيسة في الركن الشمالي الشرقي للبقيع، وبالقرب من قبور الأئمة الأطهار(عليهم السلام) . وعلى مدخل البقعة المباركة حفرت هذه العبارة وأشعار بالعثمانية: (هذه قبة الوالدة المحترمة لعلي رضي الله عنه)، وعليها قبة صغيرة كتب عليها: " ولتبقى هذه القبة المنيرة ولتخرب يد الأعداء "(29). 

* قبر العبَّاس بن عبد المطَّلب عم النبي محمد 9 

ويقع إلى يمين قبور أئمة البقيع : إلى الجنوب من قبر فاطمة بنت أسد .

* قبرا عمّتي النَّبي 9 صفيَّة وعاتكة:

يقع قبرهما على يسار الداخل، لمسافة 15 متراً تقريباً من الباب الرئيسي، ويُسمَّى "بقيع العمَّات" وقيل إنَّ هناك أيضاً، العمة الثالثة لرسول الله 9 اسمها جمانة بنت عبد المطَّلب (30).

* فاطمة بنت حزام الكلابية (أمُّ البنين ): 

   ويقع قبرها إلى جانب قبور عمات النبي محمد 9 .

* قبور زوجات النبي محمد 9 :

تقع شمال قبور بنات النبي محمد 9 على بعد حوالي ثمانية أمتار وهن:

السيدة عائشة بنت أبي بكر .

السيدة سودة بنت زمعة العامرية .

السيدة حفصة بنت عمر الخطاب .

السيدة زينب بنت خزيمة .

أم سلمه المخزومي  .

جويرية بنت الحارث .

أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان .

صفية بنت حيي.

* قبر عقيل بن أبي طالب ومن معه من آل هاشم

على بعد نحو خمسة أمتار شمال قبور أمهات المؤمنين نجد القبور الآتية:

عقيل بن أبي طالب وعلى مدخل قبره  أبيات بالتركية وأحد هذه الأبيات هو: (قبة عقيل صاحب النباهة والعقل والدهاء) .

عبد الله بن جعفر الطيار .

أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب .

محمد بن زيد: حفيد الإمام زين العابدين7.

* قبر عثمان بن مظعون

أول من دفن من المهاجرين، ويقع قبره بين الجدار القبلي للبقيع والحدود الأولية للبقيع.

* قبور شهداء أحد وواقعة الحرَّة: 

تقع القبور بالقرب من البوابة الشمالية لمقبرة البقيع

* إبراهيم بن رسول الله 9

 ويقع إلى الجهة اليمنى من قبور شهداء أُحد والحرة. وعلى مدخل بقعة إبراهيم ابن النبي 7 إشعار بالعثمانية يقول: (أمير سلطان الرسل إبراهيم) وعليه قبة وفيه شباك من جهة القبلة. .

* إسماعيل بن الإمام الصادق7: 

ويقع إلى الشمال من قبور شهداء احد والحرة وفيه صحن وقبة كبيرة، وكان موقعه السابق غرب قبة العباس (رض) وهو ركن سور المدينة من جهة القبلة الشرقي وبابه من داخل المدينة * بناه ملوك مصر العبديين ويعتقد أنّها دار زين العابدين بن علي (ع) (31).  

* حليمة السعدية :

ويقع إلى الشمال من قبر إسماعيل بن الإمام الصادق7: وبالتركية حفر بيتين شعريين كتب فوق بابه: (هذه قبة حليمة السعدية رضي الله عنها) وكتبوا هذين البيتين الشعريين: (قبر المرضية فخر العالم حليمة صاحب الحرمة، ذات في الشرف سعدية أول من خدم محمد) (*).

ومِمَّنْ دُفن في البقيع: بعض أولاد أو أحفاد الأئمة السَّجَّاد والباقر والصادق والكاظم :، وزيد بن الأرقم، الحسن المثَّنى، حسان بن ثابت، جعفر بن الحسن7 سهل بن سعد الساعدي،، أُسامة بن زيد وآخرون.

إذن يعد البقيع من أهم البقع المباركة التي نستطيع من خلالها دراسة التاريخ الإسلامي وحضارته العريقة فكل شخصية رقدت فيه جسدت لنا جانباً مهمّاً من جوانب بناء الحضارة الإسلامية بل إن بعض الشخصيات  ومنها الإمام الباقر 7  كان لها دور رئيس في زمانه، فكان فلك الزمان يتخذه قطبا والمسلمون إليه ينجذبون ومنه يصدرون وحوله يطوفون وينهلون من علومه(*) فكانوا بحق مجدّدي الإسلام وحافظيه من الضياع وببركتهم اتسع الإسلام وعظم حتى أصبح أقوى وأعظم دولة في العالم. . فبقيع الغرقد هو التاريخ الناطق والمرآة الناصعة للتاريخ الإسلامي وتدرج تاريخي للحضارة الإسلامية.

وظلت هذه المقبرة عامرة بأضرحتها وأبنيتها الضخمة والقبب القائمة على مدافن المشاهير والأعلام(*) حتى قيام الدولة السعودية الأولى( 1744-1818)(32) التي كان مذهبها (الوهابي) يدعو إلى تسوية القبور بالأرض، فسويت تلك الأضرحة والمدافن(*).

5 - هدم قبور البقيع من خلال كتابات جوهان لودفيج بوركهارت :

     قامت الدولة السعودية الأولى عام 1744 في الدرعية وشملت أجزاءً كبيرة من شبه الجزيرة العربية بعد معارك عدّة مع حكام المناطق وبعض الأمراء الآخرين،  وبعد انتشار الدعوة الوهابية في منطقة نجد برعاية محمد بن سعود بن محمد آل مقرن أمير الدرعية، وبدأت في التسلل في أنحاء الحجاز وعسير والشام واليمن والعراق خاصة إذ بعد مناوشات مع أهالي المدن العراقية الجنوبية اشرف الجيش على مدينة كربلاء المقدسة، في 18 ذي الحجة 1216 هـ المصادف 22 نيسان 1801 م هاجم الوهابيون بقيادة سعود بن عبد العزيز مدينة كربلاء المقدسة حيث استغلوا ذهاب معظم أهالي كربلاء إلى النجف الأشرف لزيارة ضريح أمير المؤمنين علي بن أبي طالب7 في عيد الغدير، فذبحوا ما يزيد على ثلاثة آلاف من السكان. ويؤكد بوركهارت قسوة الوهابيين عند دخولهم المدينة بقوله(33) :

" وقد نشر اجتياحهم لكربلاء سنة 1801 (1216هـ) الرعب بين كل المسلمين الحقيقيين وبعث البهجة والتباهي في نفوس الوهابيين ".

 ونهبوا البيوت والأسواق ونفائس الضريح المقدس، وقد أخذوا على الأخص صفائح الذهب بعد أن اقتلعوها من مكانها، ثم هدموا الضريح المطهر. فهدموا القبة الموجودة على قبر الحسين 7 وأجزاء من بناء الضريح المقدس ونهبوا المجوهرات الثمينة وحرقوا الكتب والمصاحف(23)  ويشير بوركهارت إلى ذلك في كتابه(34):

" زاد غنى سعود بسبب رغبته في الحصول على ماهو أكثر ويقول العرب: انه منذ هجومه على قبر الإمام الحسين في كربلاء حيث حصل على غنائم كثيرة " .

وخرجت القوات السعودية بعد ذلك بسرعة من مدينة كربلاء عائدة الى الدرعية(35)  ويحلل بوركهارت ذلك بقوله (36):

 (لا يبدو أنهم رغبوا في مد نفوذهم إلى ما وراء حدود الجزيرة العربية ولذلك فإنهم يهاجمون العراق ومابين النهرين وسورية من أجل النهب فقط). ويضيف(37):

(كانت الغزوات المفاجئة أفضل شيء لذلك الغرض).

  وفي عام 1802 استولى الوهابيون بعد مناوشات خفيفة مع أهلها، على مدينة الطائف وتم نهبها بلا رحمة. وقتل الوهابيون حوالي 200 من السكان ودمروا عددا من المنازل. وكان الوهابيون يداهمون المدينة يوميا وينهبون كل ثمين، وقد اتلفوا آلاف الكتب(38).

يصف بوركهارت وحشية هؤلاء قائلا (39):

(عندما غزو كربلاء والطائف قتلوا كل الذكور من سكانها).  ويضيف قائلاً(40): "إن سعود أمر جنوده عند دخول الطائف ألا يتركوا شيخا أو طفلا إلا قتلوه".

وأكد السيد أحمد بن السيد زيني دحلان ماقام به الوهابيون في هذه المدينة بالقول(41): "ولما دخلوا الطائف قتلوا الناس قتلاً عاماً واستوعبوا الكبير والصـغير، والأمير، والشريف والوضيع، وصاروا يذبحون علـى صدرا لأم الطفـل الرضيع، وصاروا يصعدون البيوت يخرجون من توارى فيها، فيقتلونهم. فوجدوا جماعة يتدارسون القرآن فقتلوهم عن آخرهم حتى أبادوا من في البيوت جميعاً. ثم خرجوا إلى الحوانيت والمساجد وقتلوا من فيها، ويقتلون الرجل في المسجد وهو راكع أو ساجد، حتى أفنوا هؤلاء المخلوقات.. " .

وفي نيسان من عام 1219هـ- 1803م دخل الوهابيون مدينة مكة المكرمة ،بعد حصار دام أكثر من شهرين اضطر سكانها إلى شرب الماء المالح وأكلت جميع القطط والكلاب في المدينة بسبب ندرة المؤن(42) . ويقول بوركهارت: "لذا اضطر أهلها إلى اعتناق الوهابية " وبعد أداؤهم مراسم الحج أخذوا يدمرون كل الأضرحة والمزارات ذات القباب وتعريضها للاهانة بفتوى من وعاظهم واجبروا سكان المدينة على الإيمان بدعوتهم(43) ، وفي ذلك يقول بوركهارت (44): 

"من عارض دعوة ال سعود وبقي مسلماً حقيقياً عرض نفسه لهجمات أتباعه الذين كانوا يخربون المزارع والنخيل ويأخذون المواشي في حين إن جيرانهم الذين اعتنقوا العقيدة الجديدة ظلوا سالمين  .. ولم يشعر بميل حقيقي إلى القضية الوهابية ممن أعلنوا أتباعها إلا عدد قليل".

ويؤكد ذلك أحمد أمين قائلا(45):

 "فلما دخلوا مكة، هدموا كثيراً من القباب الأثرية كقبة السيدة خديجة(*)، وقبة مولد النبي 9 ..." .

 وكتب إليكسي فاسيلييف قائلا(46):

" بعد أداء مراسيم الحج أخذوا يدمّرون كل الأضرحة والمزارات ذات القباب والتي أنشئت تكريماً لأبطال فجر الإسلام، ومسحوا من وجه الأرض كل المباني التي لا تناسب معتقداتهم".

أما السيد دحلان فيقول(47)  :

" بادر الوهابيون ومعهم كثير من الناس لهدم المساجد ومآثر الصالحين فهدموا أولاً مافي المعلى من القبب فكانت كثيرة، ثم هدموا قبة مولد النبي 9 ومولد أبي بكر ومولد سيدنا علي وقبة السيد خديجة وتتبعوا جميع المواضع التي فيها آثار الصالحين وهم عند الهدم يرتجزون ويضربون الطبل ويغنون. وبالغوا في شتم القبور التي هدموها وقالوا إن هي إلا أسماء سميتموها ".

كما تعرضت مزارعهم ومواشيهم للنهب ويؤكد بوركهارت ذلك فيقول (48):  

 (يشكو العرب من أنه إذا كانت لدى احدهم فرس جميلة فإن سعودا سيجد له تهمة بسوء التصرف ليبرر أخذ الفرس غرامة).

وقد جمع آل سعود ثروتهم من خلال النهب والغرامات التي تفرض على السكان رغم سوء الأحوال المعيشية لتنفيذ خطة تدميرية متسلسلة..كما يفعل اليوم الدواعش الوهابيون في العراق.

أشار بوركهارت في كتابه إلى فساد الحكم أيام الدولة السعودية الأولى بقوله(49):

 "إن بيت المال (الخزينة) يقسم إلى قسمين أحدهما للإمام والآخر للدولة. ويتسلم زعيم الوهابيين القسم الأكبر من مداخيله من عائدات أملاكه الخاصة. وقد جرت العادة على أن ينهب إحدى مناطقه أو مدنه إذا كانت قد تمردت لأول مرة ".

وبعد ثلاثة أيام من عمليات التدمير المنظّمة، محيت آثار إسلامية في مكة المكرمة، ثم سار سعود بجيشه إلى المدينة بعد أن أحكم سيطرته على مكة المكرمة، وبعث خبره إلى أهالي المدينة طالباً منهم تقديم البيعة له، فامتنعوا عن ذلك، فاقتحم المدينة، بعد أن هدموا مسجد حمزة ومزاره(*)، أواخر ذي القعدة سنة 1220ﻫ- 1805م بعد حصار طال سنة ونصف، خاض قتالاً شرساً مع أهلها، سقط خلاله عدد من أبنائها، ثم استباحتها قواته واكرهوا الناس على الدخول في عقيدتهم وهم كما يصفهم بوركهارت نقلا عن زعيمهم  سعود بهذه العبارة (50).

"لم يصبح أي عرب وهابيين مخلصين إلا بعد أن عانوا مرتين أو ثلاث من نهب جنوده".

ويروي صاحب لمع الشهاب، فيقول(51):

 "فلما قرب إلى المدينة أرسل ـ أي سعود بن عبد العزيز ـ إلى أهلها بدخوله فأبوا وامتنعوا من ذلك فحمل عليهم مرارا حتى دخلها فقتل منها بعض أهلها حيث سمى أهلها بالناكثين" .

ويؤكد بوركهارت على رفض أهلها لحكم آل سعود بقوله(52):

" أما المدينة وهي معقل مهم فإنه كان يعلم أن أهلها معادون لعقيدته ولشخصيته، ولذلك وضع فيها حامية عسكرية من عرب نجد واليمن ممن يشكلون خيرة فيالق الجيش الوهابي (وهم الذين اجتاحوا مدينة كربلاء) وسلحهم بالبنادق وأعطى كل واحد منهم سبعة دولارات شهريا وكمية من الدقيق والسمن".

وعند دخول آل سعود المدينة المنورة اتجهوا إلى ضريح النبي محمد (صل الله عليه واله وسلم) لهدم القبة ونهب مافيه .وقد ذكر بوركهارت في كتابه تجريد ضريح النبي محمد (صل الله عليه واله وسلم) من  قبل سعود قائلا(53):

"زار سعود المدينة بعد الاستيلاء عليها بقليل، وجرد ضريح محمد من كل الأشياء الثمينة التي كانت لاتزال موجودة فيه. وكانت الأواني الذهبية قد أخذت أيضاً". 

ويضيف قائلا(54): " ونهبت كل ما كان في ذلك الحرم المقدّس، من فرش وهدايا، وآثار قيّمة وغيرها، وحَوّلت ذلك المزار المقدّس إلى أرضٍ موحشة مقفرة..".

ويؤكد الجبرتي على ذلك بقوله(55):

" لما استولي الوهابيون على المدينة المنورة هدموا القباب التي فيها وفي ينبع ومنها قبة أئمة البقيع بالمدينة، لكنهم لم يهدموا قبة النبي 9 وحملوا الناس علىٰ ما حملوهم عليه بمكة واخذوا جميع ذخائر حجرة‌ النبوة وجواهرها حتى إنهم ملؤا أربع سحاحير من الجواهر المحلاة بالماس والياقوت العظيمة القدر" .

ويذكر بوركهارت ان آل سعود حاولوا تهديم القبة المبنية على ضريح النبي محمد (صل الله عليه واله وسلم) فيقول (56):

"حاول سعود أن يهدم القبة العالية المقامة على ضريح محمد لكنه لم يستطع". ويضيف قائلا(57): "إن القبة الكبرى على قبر محمد في المدينة كان مخططا أن تلقى مصيرا مثل مصير تلك القباب، فقد أمر سعود بهدمها، لكن بناءها القوي تحدى جهود جنوده العنيفة. وبعد أن مات عدد منهم بسقوطهم منها أوقفت المحاولة وقد قال سكان المدينة: (إن هذا كان تدخلا من السماء أو معجزة من الله)".

 ويصف حسن الركي مؤلف كتاب (لمع الشهاب) ذلك فيقول(58):

" فطلب ـ أي سعود ـ الخدم السودان الذين يخدمون حرم النبي، فقال: أريد منكم الدلالة على خزائن النبي، فقالوا بأجمعهم..نحن لا نوليك عليها، ولا نسلطك، فأمر بضربهم وحبسهم، حتى اضطروا إلى الإجابة، فدلوه على بعض من ذلك، فأخذ كل ما فيها، وكان فيها من النقود ما لا يحصى، وفيها تاج كسرى أنوشروان، الذي حصل عند المسلمين، لما فتحت المدائن، وفيها سيف هارون الرشيد وعقد كانت لزبيدة بنت مروان زوجته، وفيها تحف غريبة من جملة ما أرسله سلاطين الهند بحضرته 9، تزيناً لقبّته 9. وأخذ قناديل الذهب وجواهر عديدة..".

وقد وصف بوركهارت قبور البقيع وصفا دقيقا عند مروره بالمدينة بعد الهدم بقوله (59):

" تبدو مقبرة البقيع حقيرة جدا لا تليق بقدسية الشخصيات المدفونة فيها. وقد تكون أقذر وأتعس من أية مقبرة موجودة في المدن الشرقية الأخرى التي تضاهي المدينة المنورة في حجمها، فهي تخلو من أي قبر مشيد تشييدا مناسبا، وتنتشر القبور فيها وهي أكوام غير منتظمة من التراب. يحد كل منها عدد من الأحجار الموضوعة فوقها..".

 ويعزي تخريب المقبرة إلى الوهابيين بقوله (60): " إن سبب تخريب المقبرة هم الوهابيين ".                   

ويضيف قائلا(61): " لقد هدمت واختفت عن الأنظار القباب البيضاء التي كانت تدل على قبور آل البيت النبوي.. وأصاب القبور الأخرى نفس المصير فسحقت وهشمت".

ويصور منظر مقبرة البقيع فيقول (62): " كان منظر هذه المقبرة حين زرتها عبارة عن أكوام مبعثرة من التراب وحفر واسعة وأنواع من الزبل من دون شاهدة على أي قبر " .

ويعد بوركهارت ذلك اهانة لأل بيت النبي محمد 9 بقوله (63): " وهي في الحقيقة إهانة لهم ولآل نبي الإسلام محمد " ويضيف: " لقد انصب هجوم الوهابيين الشديد على الأولياء ..".

 ومنع سعود زيارة قبورهم وعدها شركا بالله بسبب تقديس المكان بنفس تقديسهم للكعبة، من وجهة نظره، وقد وضح بوركهارت فكرة الوهابيين هذه بقوله(64): "إن بعض المسلمين  يزورون قبر محمد بنفس التقديس الذي يظهرونه للكعبة، ويقفون أمامه يرفعون دعواتهم المنكرة " كما يسميها  الوهابيون "لدرجة إنهم يستحقون التسمية المشينة للكفار".

ويؤكد بوركهارت(65) "إنّ المقصود ببعض المسلمين هم" المسلمون الحقيقيون المحبين لآل البيت" ويشبه معاملة الأولياء المسلمين كما يعامل القديسون في الكنيسة الكاثوليكية، وان لهم معجزات كما لهؤلاء، وأنهم يدعون بنفس الطريقة التي يقول بها المسيحيون  يارب ".

ويستغرب بوركهارت فيقول(66).

" وهل هذا سبب ليلحق بهم لوم الوهابيين الشديد وتهديم قبورهم  ؟ " ثم يستطرد قائلا(67):

"أصبح تهديم قباب الأولياء وأضرحتهم العمل المفضل لدى الوهابيين... وبما ان كثيرا من القباب تشكل سقوف المساجد فقد اتهموا بتهديم تلك المساجد أيضا..".

ويصف قبور الأولياء والصالحين في مكة والمدينة أيام حكم آل سعود فيقول(68): " ولم يبق في مكة والمدينة قبة واحدة غير مهدمة على قبر أي عربي مشهور. بل هدمت تلك التي كانت فوق مكان مولد محمد وفاطمة وزوجته خديجة وأحفاده..".

ويوضح عدم حرمتهم لشهري رمضان وذي الحجة قائلا(69): "يقوم الوهابيون بهجماتهم في كل شهر من شهور السنة حتى في شهر رمضان المبارك .. وقد أظهر ولعا كبيرا بشهر ذي الحجة".

   وبسبب الغضب الإسلامي الذي عم سائر البلاد الإسلامية، وارتفاع وتيرة المطالبات الشعبية بإعادة الهيبة والاحترام إلى الأماكن المقدسة كما كانت فيه على الدوام. واستشعار الدولة العثمانية خطر الحركة الوهابية التي ستكون سببا في فصل منطقة الحجاز وخروج الحرمين الشريفين من تحت نفوذها، وهو أمر سيفقدها الزعامة في العالم الإسلامي        .

شجعت هذه الأجواء الدولةَ العثمانية على التفكير في استردادها، ولذلك طلبت من واليها على مصر محمد علي باشا(*)  البدء في الاستعداد لاستعادة السيطرة على الحجاز في عام 1222هـ. 1807م(70) .

بدأ محمد علي باشا في إرسال قواته إلى الحجاز، وكانت أول دفعة أرسلها في 19 رجب 1226هـ- 8 أب عام 1811م عن طريق البحر تلتها قوة أخرى في 5 شعبان 1226هـ. 26 أب عام 1811م كما أرسل قوات برية بقيادة ابنه أحمد طوسون عن طريق العقبة إلى ينبع وهو المكان الّذي اتفق أن يكون "مكان التّجمع والالتقاء للقوات البحرية والبرية"، وقد بلغ عددها ثمانية آلاف جندي(71). ويقول بوركهارت(72):

"إنه أرسل عن طريق البحر 1500 جندي ، بينما وصل مع طوسون 800 فارس".

 ولم تجد القوات بقيادة طوسون صعوبة في النزول في ينبع وذلك لمساعدة الشريف غالب لها.

وقد تمكنت هذه القوات من إنزال أول هزيمة بالقوات السعودية في بادئ الأمر، وبدأ طوسون في التخطيط للزحف نحو المدينة المنورة، وتوغل في قلب الجزيرة حتى وصل إلى حدود مدينة (تربه) التي كانت تسكنها قبيلة (البقوم) (*) وتتزعمها "امرأة" تسمى غالية(*) التي جهزت الجيش بالسلاح والمال ودارت المعارك في وادي الصفراء، فهزم طوسون  وجيشه بعد ثلاثة أيام بلياليهن من الحرب والنزال، والكر والفر(73).  

يقول المستشرق السويسري الرحالة (جوهان لودفيج بوركهارت) الذي كان موجوداَ أثناء حملة طوسون العسكرية في منطقة الحجاز، وشاهد كثيراً من هذه الحروب ورواها كشاهد عيان:(74) :

" إن طوسون باشا استولى على وادي الصفراء بعد قتال مع رجال قبيلة حرب وواصل تقدمه إلى مضيق الجديدة .. وفي ذلك الممر الضيق الذي يمتد طوله ساعة ونصف فوجئ الجيش التركي بهجوم قوة موحدة من قبيلة حرب " ويضيف قائلا:

    " كان "يتزعم" قبيلة البقوم الذي يعمل بعضهم في الرعي و البعض الآخر في الزراعة "امرأة" تسمى غالية، كانت مائدتها دائماً معدة لكل "الوهابيين"، الذين يعقد زعماؤهم مجالسهم في بيتها ". ويضيف بوركهارت قائلا(75):

    " وبما أن هذه السيدة الكبيرة كانت مشهورة ولديها المعرفة الدقيقة بأمور القبائل المحيطة بها فإن صوتها لم يكن مسموعاً في تلك المجالس فقط، وإنما كان هو المتبنى بصفة عامة".

أما طوسون فقد طلب المدد من أبيه محمد علي باشا حيث وصله فيما بعد فبادر إلى نقل مواقعه إلى بدر (1227هـ. 1812م) وقام بتنظيم قواته وترتيبها ثم زحف إلى وادي الصفراء واحتله(76). تم وصلت قوات طوسون إلى المدينة المنورة، وحاصر طوسون بقواته المدينة المنورة مدة طويلة، تمكن في أثنائها من فتح ثغرات في سورها، فاضطرت القوات السعودية الَّتي كانت متحصنة بها إلى الاستسلام (77) .

ويؤكد بوركهارت إن(78):

" عبد الله بن سعود يعترف أن طوسون بك وصاحب خزينته المخلص ابراهيم أغا كانا أشجع رجال الجيش التركي".

لكن الوهّابيين عادوا وانتصروا في تَرَبة والحناكية وقطعوا طرق المواصلات بين مكة والمدينة، وانتشرت الأمراض في صفوف الجيش المصري، ما زاد موقف طوسون حرجًا، فرأى بعد تلك الخسائر، أن يلزم خطة الدفاع، وأرسل إلى والده يطلب المساعدة، لذا قرر محمد علي باشا أن يسير بنفسه إلى الحجاز لمتابعة القتال والقضاء على الوهّابيين. وفيما كان يتأهب للزحف توفي خصمه سعود في 27 نيسان عام 1814م، وخلفه في الإمارة ابنه عبد الله، ويبدو أن هذا الأمير لم يملك قدرات عسكرية تُمكنه مواجهه الجيش  المصري من جهة وكثرة أعدائه من العرب من جهة أخرى. وفي ذلك يقول بوركهارت(79) :

" كان عبدالله قليل الخروج ويعزو العرب ذلك إلى خوفه من أن يلقى مصيرا مثل المصير الذي لقيه أبوه، وهو الاغتيال ومن المؤكد انه كان له أعداء من العرب يتطلعون ليثأروا لدماء أقاربهم التي سفكها لوجدوا أية إمكانية لنجاح محاولاتهم لقتله".

 مما أدى إلى تداعي الجبهة الوهّابية، فصبّت هذه الحادثة في مصلحة محمد علي باشا الذي تمكّن من التغلب على الجيش الوهّابي في بسل(*)، وسيطر على تَرَبة ودخل ميناء قنفذة ويوضح بوركهارت انتصارات محمد علي وقتله للوهابيين بقوله (80):

" ما إن رأى محمد علي العدو يجري هاربا حتى أعلن لجنوده انه سيعطي ستة دولارات مقابل كل رأس وهابي .. وفي ساعات قليلة كومت خمسة آلاف رأس أمامه".

اضطر بعدها أن يغادر شبه الجزيرة العربية ويعود إلى مصر للقضاء على حركة تمرد استهدفت حكمه، وبعد القضاء على هذه الحركة استأنف حربه ضدّ الوهّابيين، فأرسل حملة عسكرية أخرى إلى شبه الجزيرة بقيادة ابنه إبراهيم باشا في 5 أيلول من عام  1816 م للاستيلاء على وكر الفساد والفتن وهو الدرعية فتوجه بالجيش والأموال و الذخائر والعتاد في طريقه إلى الدرعية شمال غرب الرياض وكان إبراهيم باشا، يدرك أن الدرعية محصنة، وقلاعها قوية، وهي المعقل الأخير للدولة السعودية. لذا، فإن مقاومتها ستكون قوية وشديدة. فأرسل إلى والده، يطلب تزويده بالمال والمدافع والجنود(81).

ويصف بوركهارت إبراهيم باشا فيقول(82):

"وصل إبراهيم باشا أو كما يسميه أهل نجد - راعي الرقباء - على رأس الحملة الثانية وكان يفوق أخاه طوسون باشا قائد الحملة الأولى شجاعة ودهاء وجمع بين السياسة والقوة.  كان صارما غليظ القلب لكنه كان يظهر غير مايبطن واستطاع أن يسقط الدولة السعودية"

اقتربت قوات إبراهيم من الدرعية، في 9 أيار عام 1818م ووقع أول هجوم على الدرعية، من الشمال. فصبت مدافع إبراهيم باشا نيرانها على أحياء البلدة وذلك لمدة عشرة أيام متواصلة، ولكن من دون جدوى. وظلت قوات إبراهيم باشا، مدة شهرَين، وهي على حالها، لم تحرز أي تقدم ملموس. واتجه إبراهيم باشا بقواته للاستيلاء على بلدة عرقة، جنوب الدرعية في حزيران عام 1818م. وتمكن من السيطرة عليها، بعد أن أعطى الأمان لأهلها، واستفادت قواته من ثمار نخيلها (83).

وطال حصار الدرعية مدة خمسة أشهر، مما أدى إلى قلة المؤن فيها، وجلب اليأس والسأم لنفوس الأهالي. فخرج بعضهم، وانضموا إلى جيش الباشا، ودلوه على الطرق والمسالك، وأفضوا إليه بمعلومات عن مواطن الضعف في متاريس الدرعية. وبناء على هذه المعلومات، دكت المدفعية حصون الدرعية ومتاريسها ماأدى إلى ضعفت الجبهة الداخلية في الدرعية، بعد خروج أهلها منها، وتناقص عددهم، وطول الحصار، وارتفاع الأسعار، لقلة الوارد إليهم، وازداد الضعف بعد خروج رئيس الخيالة، غصاب العتيبي، لفك الحصار عن الدرعية وسقط أسيرا هو ومن معه من الفرسان (84).

وبذلك تهيأت الظروف للهجوم الشامل من كل الجهات، بما لدى إبراهيم باشا من المعلومات والأعوان الفارين إليه. فكان الهجوم في معركة البجيري (حي من أحياء الدرعية، يسكنه آل الشيخ). نتج من هذا الهجوم الاستيلاء على السهل، واستسلام أهله، واضطر عبدالله بن سعود إلى نقل معسكره، من باب سمحان إلى الطريف (من أحياء الدرعية). ودكت مدفعية إبراهيم باشا مباني الطريف، لمدة يومين. وتفرق عن الإمام عبدالله أكثر من كان عنده. وتمكن بعض رجاله من الفرار، ومنهم ابن عمه، تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود(85) .

فلما رأى عبد الله بن سعود ما وصل إليه القتال، بذل نفسه وفدى بها النساء والأطفال والأموال، فأرسل إلى إبراهيم باشا، يطلب الصلح، وخرج إلى معسكره، في 9 أيلول عام  1818م واستقبل إبراهيم باشا عبدالله بن سعود،واتفقا على الشروط الآتية (86):

أن تُسلَّم الدرعية لجيش إبراهيم باشا.

أن يتعهد إبراهيم باشا بأن يبقي على البلدة وأن لا يوقع بأحد من سكانها.

أن يسافر عبدالله بن سعود إلى مصر، ومنها إلى الآستانة عملاً برغبة الخليفة العثماني.

وأورد ابن بشر وبوركهارت هذه المعلومات عن الاتفاقية. إلا أن الرحالة بوركهارت أورد بضعة شروط أخرى من الاتفاقية منها (87): " يجب أن تخضع لعبد الله كل القبائل المتواجدة شرقي الحناكية". ويقول بوركهارت كذلك أن (88): " عبدالله وافق على اعتبار نفسه من رعية السلطان العثماني " .

وتم توقيع الاتفاق بين الطرفَين. وبه انتهى الدور الأول من حكم آل سعود.

ولم يكتف محمد علي باشا بهذا الانهيار، بل رفض الشرط الثاني من الاتفاق. وأمر ابنه إبراهيم، بأن يهدم الدرعية وحصونها وأسواره* ويخرب منازلها. وقد نفذ إبراهيم باشا هذه الأوامر، وخرب الدرعية، وأشعل فيها النيران(89).

ووصل عبدالله بن سعود إلى مصر، في 16 تشرين الثاني 1818م. واستقبله محمد علي باشا في قصره، في شبرا بالبشاشة.. وقدم عبدالله بن سعود ما كان في حوزة أبيه، من نفائس الحجرة النبوية، وكان قد جلبها معه، وفي18 تشرين الثاني 1818م، سافر عبدالله بن سعود إلى استانبول حيث أعدم في نفس الشهر والعام بعد محاكمة صورية (90) .

وبهذا انتهت الدولة السعودية الأُولى على يد القائد إبراهيم باشا ابن محمد على باشا  ولتختفى الوهابية المتحالفة مع السعوديين حتى أوائل القرن العشرين .

وعندما استعادت الدولة العثمانية المدينة المنورة أعادت عليها عمارتها وقامت ببناء الآثار الإسلامية التي هدمها الوهابيون وقد أعادوا بناء كثير من القباب على صورة من الفن تتفق مع ذوق العصر*، وساعدهم في ذلك العلماء فضلاً عن التبرعات السخية والأضرحة الجاهزة التي كانت تأتي من كافة أنحاء العالم الإسلامي(91).

إن هدم قبور البقيع مخطط سياسي مغطى بفكرة عقائدية خاطئة لتمزيق الأمة وإضعافها والقضاء على الآثار التاريخية التي لها أهمية دينية فائقة باعتبارها دليلا محسوسا على الفترة التأسيسية في الحقب الإسلامية المختلفة لاسيما عصر صدر الإسلام.

الخاتمة

كانت مقبرة البقيع قبلة الزائرين ومركز إشعاع روحي للمؤمنين في أنحاء العالم، يتسلط عليها مجموعة من المتزمتين والمتحجرين يفسرون الدين وفقا لرغباتهم ويعدون البناء على القبور من المحرمات .. ويقومون بهدمها متجاهلين مشاعر ملايين المسلمين في أنحاء العالم .. في الوقت الذي يحرصون فيه على المحافظة على تراث عائلتهم المالكة فيحتفظون بلباس أبيهم عبد العزيز وأثاث منزله وأدواته الخاصة ويقيمون مؤسسة ضخمة لهذا الغرض معروفة باسم (دارة الملك عبد العزيز) ويعقدون المؤتمرات لذلك وأنفقت الدولة 12 مليون ريال سعودي لصيانة قلعة سعودية في الدرعية (92).

إنّ خفاء تاريخ البقيع, والجهل بحاله للناشئة والشباب في هذه العصور المتأخرة، ناشئ من التعتيم الإعلامي السعودي عليه، بحيث يقلل من أهميته، أو تزول أهميته بالمرة. ولا زالت هذه الحالة موجودة حتّى في وقتنا الحاضر، فهل توجد أخلد وأطهر من ذرّية رسول الله 9 ؟ الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرّهم تطهيرا .

ألم تكن هذه الأماكن مزارات تاريخية موثّقة لأصحابها؟ مثل مكان: مولد النبي 9 ، ومولد فاطمة 3، وقبر حوّاء أُم البشر والقبّة التي عليه، أين قبر حوّاء اليوم؟ ألم يكن وجوده تحفة نادرة ؟ يدل على موضع موت أوّل امرأة في البشرية؟ أين مسجد حمزة* في المدينة؟ ومزاره الذي كان ؟ أين ...؟

إنّ هذا يدل على أن سيرة المؤمنين الموحّدين في العالم كلّه كانت جارية على البناء على القبور، وكان يُعد عندهم نوعاً من التقدير لصاحب القبر، وتبركاً به لما له من منزلة عظيمة عند الله، ولذلك بني المسجد وأصبحت قبور أصحاب الكهف مركزاً للتعظيم والاحترام.

يقول الله تعالى في كتابه الكريم(93):

﴿قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾.

إنّ لتلك الآثار دلالات للبشرية ومقومات للهداية، والعالم باجمعه يحتفظ بالآثار بكل أنواعها، إذ إنّ العقل والعرف يدلان على حفظها، ولا يكون ذلك خلاف الشرع، وقد ذكر القرآن الحكيم في كتابه الحكيم (94):

﴿ وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾.

وقال تعالى(95) : ﴿لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ﴾.

وقاله تعالى: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾.

اذ أصبح المكان مصلى للمسلمين عندما باشر النبي إبراهيم ببناء البيت الحرام وحفظ الله تعالى أثر قدمي إبراهيم على الصخرة التي جعل منها سلم لمباشرة البناء ومازالت محفوظة في مكانها في صندوق بلوري سميك على قاعدة رخامية(96) .

إن حفظ آثار العذاب عبرة فكيف بآثار الصالحين.. وكيف بالنبي العظيم 9 والأئمة الطاهرين : والأصحاب المكرمين، وهكذا بالنسبة إلى المؤمنات الطاهرات..

من جانب آخر جعل المسلمون التوسل بالنبي محمد 9 وبالأولياء والصالحين بابا إلى الله وما الآية في قوله تعالى(97):

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾.

إلا تأكيدا على مشروعية التوسل بهم وزيارتهم أحياء أو أمواتا لطلب الشفاعة والتبرك وهذا ما يؤكده العقل والحديث الذي ذكره صاحب كتاب صدق الخبر حين قال: رواه مسلم، قالت عائشة: كان رسول الله 9 إذا كان ليلتي منه، يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون، غداً مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللّهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (98).

واختم البحث أن الحمد لله والشكر ان جعلنا من محبي أهل بيت النبي محمد9 وواجب علينا ان نسعى بكل ما نملك لإعادة هذه القبور إلى ما كانت عليه سابقا ونسعى للمحافظة عليها لا لتخريبها كما فعله الوهابيون في النصف الأول من القرن التاسع عشر. وهذا ما أكده الرحالة المستشرق بوركهارت عند مروره بالبقيع قائلاً(99):

"إن هدم القبور لم يحدث بفعل الزمن وعوارض الطبيعة بل صنعته يد الإنسان عن عمد وتقصد، فقد هدمت وأخفت عن الأنظار القباب البيضاء التي كانت تدل على قبور آل البيت النبوي في السابق، ولاقى أصحاب القبور الأخرى نفس المصير فسحقت وهشمت حتى الأقفاص المصنوعة من أعواد الجريد... وسويت بالأرض".

وتقوم المنظمات الدولية الرسمية بحملة شاملة للضغط من اجل إعادة بناء قبور أئمة البقيع وإرجاعها بشكل أفضل مما كانت عليه قبل هدمها، لان بقاء مقبرة البقيع بهذا الشكل(*) يعد إهانة للعقيدة والتاريخ الإسلامي وانتهاكا للتراث الإنساني.



*  هوامش البحث  *

(*) جامعة الكوفة / كلية التربية للبنات / قسم التاريخ.

1-  للتفاصيل ينظر:    Robin Bidwell, Travelers in Arbia , London, 1976  .                       نجيب العقيقي، المستشرقون، ج2،  ط5، القاهرة، دار المعارف، 2006، ص52.

* - ملحق (1) صورة لكتب بوركهارت

2- يحيى مراد، معجم اسماء المستشرقين، بيروت، دار الكتب العلمية، 2004، ص285

3- جون لويس بوركهارت، رحلات الى شبه الجزيرة العربية، ت هتاف عبد الله، بيروت، دار الانتشار العربي، 2005، ص23.  

 4- العقيقي، مصدر سابق ص، 52.

5- في عام 1788م أنشأ فريق من العلماء البريطانيين الجمعية الإفريقية، وذلك رغبة منهم في تطوير الاكتشافات الجغرافية للقارة ومعرفة الأحوال السياسية والاجتماعية فيها. وقاد المكتشف البريطاني مونجو بارك تلك الجمعية وكانت للحكومة البريطانية بعثة استكشافية على مجرى نهر النيجر في المدة من عام 1795م إلى 1806م. ينظر: الموقع الرسمي للجمعية:

 http://www.royalafricansociety.org/

6- يعد نهر النيجر ثالث أنهار أفريقيا بعد النيل والكونغو وهو يمتد في غرب أفريقيا على شكل قوس يتجه من الجنوب الغربي حتى الشمال الشرقي، وينتهي عند المصب بدلتا كثيرة الفروع، ويتصل به عند مسافة غير قصيرة من المصب نهر بنوي، وقد أطلق المستعمرون الأوائل على مجموعة الأنهار المتصلة اسم أنهار الزيت Oil rivers لأن هذه المنطقة اشتهرت بإنتاج أجود أنواع الزيوت. للتفاصيل. للتفاصيل ينظر :إلهام محمد علي ذهني، بحوث ودراسات وثائقية في تاريخ أفريقيا الحديث، القاهرة: مكتبة الأنجلو المصري،  .2009.

7- للتفاصيل ينظر :

Robin Bidwell , Op. Cit. P21 .

 يحيى مراد، معجم اسماء المستشرقين، بيروت، دار الكتب العلمية، 2004، ص285

* ينظر ملحق (  2   ) .صورة للبتراء

8- جون لويس بوركهارت، ملاحظات عن البدو والوهابيين، ت غاندي المهتار، بيروت، 2005، ص 72- 95 .

9- المصدر نفسه، ص 75 .

10- جون لويس بوركهارت، رحلات بوركهارت إلى بلاد النوبة والسودان، ت فؤاد اندرواس، مصر، المجلس   الأعلى للثقافة، 2007 .، ص 57

* - ينظر ملحق (   3  ) صورة شخصية لبوركهارت.

 11- ينظر ملحق (   4 ) .و للتفاصيل ينظر: جون لويس بوركهارت، رحلات بوركهارت إلى بلاد النوبة والسودان، ص 78.  

12- العقيقي، مصدر سابق، ص 52 .

* - ينظر ملحق (5) .صورة قبر بوركهارت في القاهرة.

* - ينظر ملحق (6) مقبرة البقيع قبل الهدم.

13- محمد باقر ألمجلسي، بحار الأنوار، ج19، بيروت، مؤسسة الوفاء، 1403، ص132.

14- نور الدين السمهودي، وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى، ج3، بيروت، مؤسسة الفرقان، 1419،  ص883 .

15- دائرة المعارف الإسلامية، ص350.

16- ابن شبه، تاريخ المدينة المنورة، بيروت، دار الكتب العلمية، 2012، ص 96.

* - أصلها عربي كنعاني بمعنى المهاجرة أو قد يحمل معنى أعلى الرأس أو ربما الأرض الصلبة المائلة الى البياض. مدينة تقع في فلسطين بين مدينة غزة وقلعة بيت لحم وتبعد عن غزة حوالي 20 كم. للتفاصيل ينظر: يوشع براور، الاستيطان الصليبي في القدس: مملكة بيت المقدس اللاتينية، ترجمة عبد الحافظ البنا، مصر، دار عين للنشر والدراسات، الزقازيق 2001، ص.29

17- ابن منظور، لسان العرب، ج1، ط3، بيروت، دار صادر، 1414هـ،ص462. ياقوت الحموي، معجم البلدان، م1، ط2، بيروت، 1977، ص473.

18- جعفر الخليلي، موسوعة العتبات المقدسة، م3، بيروت، منشورات مؤسسة الأعلمي، 1987، ص102.

* - من أشهر الحارات والمناطق في المدينة المنورة، حيث يبدأ زقاق الحارة من أمام باب جبريل من الناحية الشرقية للمسجد النبوي ويتجه شرقاً إلى باب الجمعة في السور العثماني والذي يفضي إلى البقيع كما يتجه فرع العين الزرقاء في وسطها عند الرستمية إلى الناحية الجنوبية حيث يتصل بشارع ذروان وشارع درب الجنائز،أرضيته ترابية يبلغ طوله نحو 255م وعرضه نحو 2م. ينظر ملحق (7 )  .

19- علي حافظ، فصول من تاريخ المدينة المنورة، جدة، 1996،  ص173 .

* - ينظر ملحق (  8   ) مخطط للمقبرة.

20- محمد بن عبد الله أبو عبد الله الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، تحقيق مصطفى عبدالقادر، بيروت، دار الكتب العلمية، 1990، 4/ 209. المنجد في اللغة والأعلام، ص9.  ابن منظور، لسان العرب، ج1، مصدر سابق، ص462.

21- المرسلات، أية: 25-26.

22- عبد الله بن عبد الرحمن أبو محمد الدرامي، سنن الدرامي، تحقيق فواز أحمد وخالد السبع، بيروت، دار الكتاب العربي، 1410، ص 50. السمهودي، وفاء الوفاء .. ص79.

23- – أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، المعجم الكبير ط2 ،، تحقيق حمدي عبد المجيد، الموصل، مكتبة العلوم والحكم، 1983، 25/ 181-182

24- المقدسي، بحار الأنوار ص139

* - ينظر ملحق (9) مخطط للمقبرة .وللاطلاع على الصور وتحديد المقابر ينظر: محمد انور البكري، حاتم طه، بقيع الغرقد، المدينة المنورة ،مكتبة الحلبي 2004، ص80-85

*- ملحق ( 10) صورة لضريح الأئمة الأربعة( ع) في البقيع .

25- أبي الحسن محمد ابن جبير الكناني، رحلة ابن جبير، بغداد، المكتبة العالمية، 1937، ص153-154.   

26- ابن بطوطة .

27- بوركهارت .

28- على محمد علي د\خيل، ثواب الأعمال وعقابها، بيروت، ص300.

*- ملحق ( 11) إن القبة الموجودة في البقيع هي لبيت الأحزان وليس لمرقدها بحسب الرواية التي تقول :حينما علمت الزهراء 3 بدنو أجلها قامت فرحة مستبشرة فغسلت الغسل الكبير ولبست ملابسها النظيفة، ثم فرشت حصيراً علي أرض بيتها الواقع بقرب قبر الرسول، وتمددت مستقبلةً القبلة فوضعت يدها تحت خدها وقالت لمن حضر بقربها.. لقد تطهرت ولبست ثيابي الطاهرة، فلا تسمحوا لأحد بأن يكشف عن جسدي بل ادفنوني حيث أنا.. وحينما عاد الإمام علي 7  وجد زوجته قد توفيت، ونفذت رغبتها الأخيرة. إخفاء قبرها 3 إلى يوم القيامة ليبقى سنداً على مظلوميتها طول التاريخ.

ينظر: جعفر الخليلي، موسوعة العتبات المقدسة .. ص 280-285. السمهودي، وفاء الوفاء، ج2، ج3. مصدر سابق. ص70 .

29- للتفاصيل ينظر: يوسف الهاجري، البقيع قصة تدمير ال سعود للأثار الاسلامية، بيروت، 1990.

30- حسين رضا غديري، تاريخ جنت البقيع، لاهور، د.ت ،ص44. 

31- جمال الدين المطري، التعريف بما انست الهجرة من معالم دار الهجرة، ت سليمان الرحيلي، الرياض، 2005، ص46-47.

* - ينظر ملحق (12 ) قبر حليمة السعدية .

* - ينظر ملحق (13 ) صورة توضح استقبال الإمام الباقر" ع " للتجار . وللتفاصيل ينظر السمهودي، وفاء الوفاء، ج2، 893- 309. محمد باقر ألمجلسي، بحار الأنوار، ج21، 309 -311 .

32- جبران شامية، آل سعود ماضيهم ومستقبلهم، تحقيق فالح صالح حسين، الرياض، 1976، ص75-77 - المصدر نفسه .. ص 179.

* - ينظر ملحق ( 14) تهديم القبور.

33- جون لويس بوركهارت، ملاحظات عن البدو والوهابيين.. ص 176.

34- المصدر نفسه.

35- عبد الرحيم عبد الرحمن، الدولة السعودية الاولى، ج 1، القاهرة، دار الكتاب الجامعي، 1997، ص 217.

36- جون لويس بوركهارت، ملاحظات عن البدو والوهابيين، ت غاندي المهتار، بيروت، 2005، ص150.

37- المصدر نفسه .

38- زكريا قورشون، العثمانيون وال سعود في الأرشيف العثماني (1745-1914) ط2، الدار العربية، 2010، ص 60-80.

39- جون لويس بوركهارت، ملاحظات عن البدو والوهابيين.. ص 176.

40- المصدر نفسه.

41- السيد أحمد بن السيد زيني دحلان، الدرر السنية في الرد على الوهابية، مصر، 1952، ص 69.

42- الهاجري، مصدر سابق، ص90-91.

43- للتفاصيل ينظر: لويس دوكراني، الوهابية تاريخ ما أهمله التاريخ، الرياض، 2003.

44- جون لويس بوركهارت، ملاحظات عن البدو والوهابيين.. ص 179 .

45- أحمد أمين، التكامل في الإسلام، بيروت، دار المعرفة، 1986، ص 62.

* - ملحق (15) قبر السيدة خديجة الكبرى .

46-  إليكسي فاسيلييف، تاريخ العربية السعودية، ت خيري الضامن، شركة المطبوعات، 2000، ص58.

47- السيد أحمد بن السيد زيني دحلان، الدرر السنية في الرد على الوهابية .. ص70.

48- جون لويس بوركهارت، ملاحظات عن البدو والوهابيين.. ص 178 .

49- المصدر نفسه .. ص 179 .

50- المصدر نفسه .. ص 179.

51- حسن بن جمال بن أحمد الريكي ،لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبد الوهاب ،تحقيق احمد مصطفى أبو حاكمة، الكويت، 2004، ص105

52- جون لويس بوركهارت، ملاحظات عن البدو والوهابيين.. ص 179 .

53- مصدر نفسه، ص 182 .

54- مصدر نفسه، ص 95  .

55- عبد الرحمن الجبرتي، تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار، ج3، مصر، 1916،  116.

56- جون لويس بوركهارت، ملاحظات عن البدو والوهابيين.. ص 182 .

57- المصدر نفسه .. ص 179 .

58-  حسن بن جمال بن أحمد الريكي ،لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبد الوهاب ... ص108.

59- جون لويس بوركهارت، ملاحظات عن البدو والوهابيين.. ص 182 .

60- مصدر نفسه، ص 182 .

61-  مصدر نفسه، ص 182 .

62- جون لويس بوركهارت، مواد لتاريخ الوهابيين .. ص22 .

63- جون لويس بوركهارت، ملاحظات عن البدو والوهابيين.. ص 182 .

64- مصدر نفسه، ص 182 .

65- مصدر نفسه، ص 182 .

66- مصدر نفسه، ص 182 .

67- مصدر نفسه، ص 182 .

68- مصدر نفسه، ص 182 .

69- مصدر نفسه، ص 182 .

* - من أصول مسيحية ابن قسيس رومي اسمه ( ستافرو لانسبان) من قرية أماسيا تم شراؤه مثل غيره من الآف المماليك صغارا وجلبوا إلى مصر واعتنقوا الإسلام واخضعوا لتربية عسكرية صارمة وكان معاصرا لعلي بك الكبير. للتفاصيل ينظر: عبد العزيز نوار، النهضة العربية الحديثة، بيروت، 2002. عبد الرحمن الرافعي، عصر محمد علي، القاهرة، النهضة المصرية، 1951.

70- محسن الأمين، كشف الارتياب في أتباع محمد بن عبد الوهاب، ط2،القاهرة، دار الكتاب لاسلامي، 2007، ص38. للتفاصيل ينظر:  السيد أحمد بن دحلان، خلاصة الكلام في بيان أمراء البلد الحرام، ج 2، تحقيق أبو عبد الله القاهري، مصر 1305  .

71- مصدر نفسه .

72- جون لويس بوركهارت، ملاحظات عن البدو والوهابيين.. ص 182.

* - البقوم من القبائل العربية (السعودية) مقرها جبل حضن وأطرافه حتى تربة والخرمة وأصل البقوم من الأزد للتفاصيل ينظر: بيير كرابيتيس، إبراهيم باشا، ت محمد بدران القاهرة، لجنة التأليف والترجمة والنشر ، 1937، ص21 - 22. 

* - وهي من عرب البقوم، من بادية ما بين الحجاز ونجد، كانت أرملة رجل من أثرياء البقوم، وأحد مشايخ سبيع وبالرغم من أن البقوم كان لهم زعيم رسمي اسمه ابن جرشان، فقد كان صوت (غالية) مسموعاً في كافة المجالس تشارك أبناء وطنها في تصريف الأمور، كما كان لها في معظم الأحوال الكلمة العليا والرأي المطاع لدرجة أن بَالَغَ أبناءُ بلدتها في تقديرها فَنَعَتُوها بالأميرة، كما بالغ الأعداءُ في التَّشْهير بها فوصفوها بالساحرة. ينظر: جوهان لودفيج بوركهارت: مواد التاريخ الوهابيين ترجمة د. عبدالله الصالح العثيمين، الرياض، 1405هـ/1985م، ص141. خير الدين الزركلي: الأعلام قاموس تراجم، المجلد الخامس بيروت، دار العلم للملايين، ص115.

73- للتفاصيل ينظر: محمد إبراهيم الغامدي، معركة وادي الصفراء الخيف 1266-1811، أسبابها   نتائجها، مكة، 2014 .

74- جوهان لودفيج بوركهارت: مواد التاريخ الوهابيين... مصدر سابق، ص 142

75- المصدر نفسه، ص142 .

76- المصدر نفسه، ص142 .

77- محسن الأمين، كشف الارتياب..، ص 39 .

78- جون لويس بوركهارت، ملاحظات عن البدو والوهابيين.. ص 184 .

79- المصدر نفسه، ص148 .

80- المصدر نفسه، ص172 .

81- الغامدي، مصدر سابق، ص 132 .

82- جوهان لودفيج بوركهارت: مواد التاريخ الوهابيين... مصدر سابق، ص 142

83- بيير كرابيتيس، إبراهيم باشا، ت محمد بدران القاهرة، لجنة التأليف والترجمة والنشر، 1937، ص22 84- جوهان لودفيج بوركهارت: مواد التاريخ الوهابيين  .. ص142

85- لويس دوكراني، الوهابية تاريخ ما أهمله التاريخ ..، ص 34 .

86- المصدر نفسه .

87-  جوهان لودفيج بوركهارت: مواد التاريخ الوهابيين  .. ص143

88- المصدر نفسه  .. ص143

* - ينظر ملحق (15 ) سيطرة إبراهيم باشا على الدرعية

89-  بيير كرابيتيس، إبراهيم باشا .. ص23

90- المصدر نفسه، ص 23.

* - ينظر ملحق (16 ) قبور البقيع بعد تعميرها.

91-  زكريا قورشون، العثمانيون وال سعود في الأرشيف العثماني .. ص85-94 .

92- الهاجري، مصدر سابق، ص 24.

93- سورة الكهف: اية 21.

94- سورة الصافات: آية 137-138 .

95- سورة الحجر: آية 76 .

96- حسين رضا غديري، تاريخ جنت البقيع، لاهور، د.ت.  

97 - المائدة: آية 35

98- السمهودي، مصدر سابق، ص75.

99- جوهان لودفيج بوركهارت: مواد التاريخ الوهابيين  .. ص145.