البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

القرآن الكريم في الدراسات الاستشراقية الفرنسية ـ مناولة بلاشير أنموذجاً

الباحث :  أنس الصنهاجي
اسم المجلة :  دراسات استشراقية
العدد :  8
السنة :  السنة الثالثة - صيف 2016م / 1437هـ
تاريخ إضافة البحث :  July / 14 / 2016
عدد زيارات البحث :  6930
تحميل  ( 609.25 KB )
ظل الغرب المسيحي حتى منتصف القرن السادس عشر ميلادي مؤمناً بوحي إنجيله ومبعثه السماوي، وبعد الاكتشافات العلمية التي توصل إليها بعض العلماء الأوروبيين المخالفة للحقائق التي جاءت بها الكنيسة، طفقت الظنون والريبة تلف حقيقة المصدر الإلهي لكتابهم المقدس، وانسابت الدعوة إلى القطع مع الكنيسة وهرطقتها، وفي غمرة ذلك ظهرت مدارس فلسفية لائكية حاولت إعطاء تفسير للظاهرة الدينية باعتبارها ضرب من ضروب الجهل والخوف والضعف الكامن في وعي ولا وعي الإنسان، إذ زعمت  المدرسة الماركسية أن الظاهرة الدينية هي انعكاس؛ لتفوق الطبيعة في ذهن الإنسان البدائي باعتبارها في تمثله ووجدانه تملك من القدرة ما تستطيع به تحديد حياته، وإغداقها الخير أو سومها بالشر، ومسالمتها واستجداء رضاها يأتي عبر التزلف بعبادتها وتذكية الأضاحي والقرابين لها، والاعتقاد نفسه روجت له المدرسة النفسية، التي صورت في سياق تحليلها لنشأة الظاهرة، أن ضعف الإنسان وتوجسه من الطبيعة هي التربة التي استنبتت المعتقد الديني والأطراف المؤسسة له. وفي خضم هذه التصورات الجديدة للظاهرة الدينية، وفي حمأة تدافع الحضارات وصراع الأيديولوجيات، شكل القرآن الكريم محورا مركزيا لجملة من الدراسات الاستشراقية، التي تغيا جلها نسف حقيقة سماوية الدين الإسلامي المنزه عن التحريف والتأليف، وذلك من خلال أرجفة مصدره والطعن في نصوصه ومناهج حفظه وجمعه وتدوينه، وقد جاء هذا الاهتمام في سياق المشروع الامبريالي العلماني الطامح في محق كل الأسس الدينية ودحر قيمها، تمهيدا لإرساء قيم جديدة تذلل سبل السيطرة على الشعوب وتوجيهها خدمة لمصالح الأوليغارشيات الرأسمالية الجديدة، ومن جوقة المستشرقين الذين سلكوا هذا المضمار وتخندقوا في نفس التيار، المستشرق الفرنسي "ريجي بلاشير"  الذي انطلق في دراسته للقرآن الكريم من مسلمة تقول بتأليف القرآن وزيف قدسيته، فخص لذلك ترجمتين ومؤلفين، حيث حاول في المؤلف الأول المعنون ب "المدخل إلى القرآن" إثارة كل ما يتعلق بمسائل كتابة القرآن ورسمه وقراءته بالمعنى، في حين قدم في المؤلف الثاني الموسوم ب "القرآن" حصيلة دراسته للقرآن الكريم.

وبالعودة إلى تاريخ الترجمات الفرنسية للقرآن الكريم، يتضح لنا أنها مرت بثلاث مراحل رئيسة هي:
المرحلة الأولى: هي مرحلة الترجمة من اللاتينية إلى اللغة الفرنسية.
المرحلة الثانية: هي مرحلة الترجمة من اللغة العربية مباشرة إلى اللغة الفرنسية، وهذا مسلك نهجه كثير من المستشرقين الفرنسيين في ترجماتهم للقرآن في القرن العشرين، أمثال "مونتيه" و"بلاشير" و"بيرك".
 المرحلة الثالثة: هي مرحلة دخول المسلمين ميدان الترجمة إلى اللغة الفرنسية، مثل ترجمة الجزائري لايمش وابن داود، والتي كانت ـ كما يقول "بوسكي" - بأسلوب بليغ وعجيب وترجمة أحمد تيحاني سنة 1936، وترجمة حميد الله سنة 1959، وترجمة الدكتور صبحي الصالح سنة 1979·

1 ـ المحاولات الأولى لترجمة القرآن الكريم والأهداف المرجوة من ذلك:
يعد موضوع ترجمة القرآن الكريم المعجز بمعناه ومغزاه من المناولات الهامة في "الدراسات القرآنية"، والمعلوم أن فكرة ترجمة القرآن الكريم في أوروبا في مراحله الأولى نضجت في أحضان المبشرين المسيحيين بدافع تشويه الإسلام والطعن في أسسه ومصادر تشريعه، فرصدت لذلك كل ما من شأوه إنجاح هذا المخطط الجهنمي، ولعل من أهم الوسائل التي وظفتها لبلوغ الغاية، الاشتغال على ترجمة القرآن ترجمة بنفس يحكمه التأويل بالهوى، ومنهج يحرف القصد عن حقيقته بوعي وبغير وعي، مدعوم بدباجات وتدبيجات وهوامش تصر بأحكام جاهزة دون دليل على التشكك في مصدر القرآن الكريم ووحيه وكتابه...، فالمترجمون لم يتجشموا عناء استيعاب النص القرآني ومعاني الألفاظ ودلالاتها، ولم يهتموا بأسباب النزول وحيثياته، وقواعد الأحكام الفقهية وأصول الدين وغيرها من الأحكام والضوابط،  ولم يكونوا من الملمين بتفاصيل علم النحو وجزئياته الدقيقة وعلم البلاغة والبيان. إن هذه الهجمة المسيحية الحاقدة المرتب لها بمكر، استهلها القساوسة عقب نشوب الحروب الصليبية بهدف تحميس الجنود على قتال المسلمين، وتبشيع الصورة الإيجابية التي رسمها المحاربون المسيحيون العائدون من الشرق عن سماحة الإسلام وزيف ادعاءات رجال الدين عن المسلمين. ويعتبر الفرنسي "بيتر المحترم" أول من أجرأ مشروع ترجمة القرآن الكريم تحت إشرافه(1)، إذ أوكل تنفيذه إلى "بيتر الطليطلي" و"هرمن الدماشي"(2) و"روبرت كيت"(3) مقابل مبلغ مغرٍ من المال(4) بمساعدة عربي مسلم يدعى محمد،(5) فأتموا المهمة سنة 1143م(6)، وقد تكفل روبرت في هذا المشروع بترجمة القرآن، في حين قام "هرمن"  بترجمة النبذة المختصرة،(7) وفي خطاب أرسله "بيير المحترم"، إلى القديس "برنار" قال فيه ما يلي: " قابلت روبرت وصديقه هرمان عام 1141م، بالقرب من "الأبر" في إسبانيا وقد أقنعتهما بتحويل اهتمامهما من دراسة علم الفلك إلى ترجمة القرآن باللاتينية، فأتماها سنة 1143م"، وكانت أول ترجمة للقرآن باستعانة اثنين من العرب".(8) أحدهما مغربي مسلم ملم بالقرآن واللغة العربية.(9) وبعد مراجعتها باللاتينية من قبل "بيير دي بواتييه"، تم إرسالها إلى رئيس دير "كلوني" العام "برندوس" مشفوعة بخطاب من بطرس ينوه فيها بنضالات رجال الكنيسة ضد سائر أشكال الإلحاد،(10) فوضعها إثر ذلك  تحت تصرف رجال الكنيسة ليستفيدوا منها في استكمال دراساتهم اللاهوتية أو للقيام بأعمال التبشير، وكان ظهور هذه الترجمة بعد الحملة الصليبية بأربع سنوات.
وقد أفنى "بيير المحترم" عمرا في دراسة العلوم العربية والإسلامية، لإنتاج الأفكار وتجييش الحملات وإحكام الخطط  التي من شأنها هدم الإسلام  والقضاء على مصادر قوته، وهذا ما أكده "بوسكي" بالقول: "منذ سنة 1141م، اجتمع رجال الدين بإيعاز من بيتر المحترم رئيس دير كلوني لترجمة القرآن إلى اللاتينية، قصد محاربة الإسلام" (11)
وقد خلت هذه الترجمة من الأمانة العلمية، وعجّت بالبهتان والتضليل، إذ تعددت فيها هنات الإضافة والحذف، وأغفلت العديد من المفردات، كما لم تتقيد بأصل السياق ولم تقم وزنا لخصوصية الأسلوب،(12) وهذا ما عبر عنه عبد الرحمن بدوي حين اعتبر هذه الترجمة أقرب إلى التلخيص الموسع منها إلى الترجمة، فهي لا تلتزم بالنص الحرفي، ولا تنضبط لترتيب الجمل في الأصل العربي، وإنما تؤول المعنى العام في أجزاء السورة الواحدة، ثم تعبر عن هذا بترتيب من عند المترجم.(13) وفي هذا الصدد علق المستشرق آربري عن هذه الترجمة بالقول: "بالرغم من امتلاء هذه الترجمة بالأكاذيب وسوء الفهم، فإنها كانت الأساس الذي قامت عليه الترجمات الأوربية المبكرة في الأسلوب الذي استخدمته."(14) وقد ظلت ترجمة "بطرس المحترم" مصدراً لتحقيق الأغراض المتعددة ومرجعا لبث الروح الصليبية، وشحذ الهمم لمحاربة الإسلام(15)، وقد انتشرت هذه الترجمة انتشارا واسعا في مختلف كنائس أوروبا، وباتت هي الأرضية والبوصلة التي توجه أغلب الترجمات الأوروبية الحديثة، وعلى الرغم من اشتمال هذه الترجمة على كل ذلك الزيف والتزوير لحقائق العقيدة الإسلامية وشرائعها، فإن الكاتدرائيات والمؤسسات الدينية المسيحية منعت ظهورها وانتشارها بين العامة إذ توجست من تحقيقها لعكس الهدف المرجو وهو التعريف بالإسلام، وزيادة في الحرص أشاعت الكنيسة  بأن من يطبع القرآن أو يحاول طبعه فإنه سيموت قبل أن يحل أجله الطبيعي.(16)  

وبالفعل فقد ظلت الترجمة المذكورة ضمن مخطوطات دير "كولوني" وظلت مخطوطة في نسخ عدة، تتداول في الأديرة مدة أربعة قرون ولم تصدر إلا في سنة 1543م، أي بعد أربعمائة عام من صدورها حيث قام بطبعها ونشرها اللاهوتي السويسري"ثيو دور بييلياندر" في ثلاثة مجلدات،(17)  اشتملت على مقدمة لـمارتن لوثر وفيليب ميلانختون، بيد أن "جورج سال" اعتبر ما نشره "بيبلياندر" باللاتينية ليست ترجمة للقرآن، فالأخطاء اللانهائية والحذف والإضافة والتصرف بحرية شديدة في مواضع عدة يصعب حصرها، جعلت الترجمة عارية عن أي تشابه مع الأصل،(18)ورغم ما انطوت عليه هذه الترجمة من تدليس و افتراء وتشويه، فقد أمر البابا "بولس الثالث" بعيد صدور طبعة منها بإتلافها، ولم تسمح الكنسية بطبع الترجمة باللاتينية إلا على عهد البابا ألكسندر السابع "1555-1568م".(19) وفي سنة 1647م ظهرت أول ترجمة للقرآن الكريم باللغة الفرنسية على يد "أندري ديريو" الذي ظلت ترجمته محط اهتمام ودراسة ردحا من الزمن، ومرجعا في الترجمات إلى لغات أُخر، ، وفي هذا الشأن يقول "جون برسون" "إن الترجمة الفرنسية القديمة جداً هي ترجمة "أندري ديريور"، طبعت كثيراً بين الأعوام 1647م و1775م، إذ احتوت كلها على مختصر لديانة الأتراك وبعض المستندات، وقد نتج عن هذا العمل أول ترجمة للقرآن إلى الإنجليزية بوساطة "ألكسندر روس" وكانت أيضاً للأب ترجمات أُخر إلى الهولندية بوساطة "جلازماخر"، وإلى الألمانية بوساطة "لانج"، وإلى الروسية بوساطة "بستنكوف وفريفكين"(20)·  وبعد ظهور ترجمة الإيطالي " ولودفيك مراكي" سنة 1698م، باتت عمدة في الترجمات إلى اليوم، بسبب ترجمتها للقرآن الكريم من العربية إلى الإيطالية، المعزز بالنص الأصلي للقرآن الكريم وترجمة لاتينية وجيزة جدا له وبعض التعاليق، وقد عكف المترجم على دراسة القرآن الكريم ومؤلفات أشهر المفسرين المسلمين ما ينيف عن أربعين سنة. واعتبر "هنري لامنز" هذه الترجمة أكثر الترجمات إنصافاً للقرآن الكريم، ومرجع كثير من المترجمين الأوروبيين، غير أنهم لا يشيرون إليها في معظم الأحيان، بسبب موضوعيتها(21).
وبعد الربع الأول من القرن الثامن عشر، ترادفت الترجمات الأوروبية المعتمدة على النص العربي للقرآن الكريم،  فاشتهر في هذا الصدد ترجمة الإنجليزية "جورج سال" سنة 1734م، جزم في مقدمتها أن القرآن من تأليف محمد واعتبر ذلك مسلمة لا تقبل الجدل(22)، وفي سنة 1751م نشر الفرنسي "سافاري " ترجمة مباشرة إلى الفرنسية سنة 1751م،(23) وصفها "إدوارد مونتيه" بالترجمة العارية عن الدقة،(24) ولكنه في المقابل أثنى على ترجمة "كزيمرسكي" (25)التي أصدرها سنة 1840م واعتبرها أكثر رصانة وشيوعا في فرنسا رغم ضعف معارفه في علوم اللغة العربية وغياب الأمانة العلمية في دراستها.(26)
بيد أنه في سنة 1925م ظهرت له ترجمة اعتبرها شكيب أرسلان أفضل الترجمات الأوروبية وأكثرها دقة، وقد ذيلها المترجم بفهرس لمواد القرآن الكريم المفصل بعناية،(27) وبعد أربعة وعشرين سنة من ترجمة "مونتيه"، ظهرت ترجمة "بلاشير"(28) سنة 1949م المتسمة بترتيب السور حسب التسلسل التاريخي لنزولها، والتي قال عنها الدكتور صبحي "تظل ترجمة "بلاشير" للقرآن في نظرنا أدق الترجمات للروح العلمية التي تسودها ولا يغض من قيمتها إلا الترتيب الزمني للسور القرآنية"(29)  لكن ما عاب جاك بيرك على "بلاشير" هو علمانيته التي حجبت عنه القدرة على اكتناه العمق الروحي للقرآن الكريم، وفي هذا المعنى يقول: "لا شك أن "بلاشير" هو أستاذ عظيم فذ، فقد كان أستاذاً لي وصديقاً كبيراً، ولكننا لو تكلمنا كعلماء بعيداً عن العلاقات الخاصة، فإنني أقول إن ترجمته للقرآن على الرغم من مزاياها فإن لها نواقص، ولكنها تبقى من أفضل الترجمات الفرنسية للقرآن"(30) واللافت في هذه  الترجمة إيراده للآية الواحدة بترجمتين، إذ يبرز في إحداها المعنى الرمزي، وفي الأخرى المعنى الإيحائي الذي يغلّبه في كثير من الأحيان، كما لم يفته تدبيج نص الترجمة ببعض التعاليق والبيانات. وفي سنة 1966م، ظهرت ترجمة المستشرق الألماني"رودي بارت"، التي عدت في ذلك الوقت أحسن ترجمة للقرآن الكريم باللغة الألمانية، بل في اللغات الأوروبية عموماً، وقد حرص صاحبها أن تكون دراسته منضبطة قدر الإمكان للدقة والأمانة في نقل المعاني القرآنية من العربية إلى الألمانية، وحين تقابله عبارة يصعب فهمها وترجمتها إلى اللغة الألمانية فلا يتوان في إدراجها بعبارتها الأصلية كما وردت في الآية الكريمة.(31) 
وقد كثرت بعد ذلك إصدارات الترجمات القرآنية الفرنسية، لكنها لم تأت بجديد يذكر،(32)حتى أصدر "جاك بيرك" سنة 1990 مناولة جديدة في ترجمة القرآن الكريم استغرق إنجازها ثمان سنوات من العمل، استعان فيها بعشرة تفاسير تنوعت بين ما هو قديمة وحديثة. والحق أن الترجمة تميزت بمقدمة تناولت بالتحليل النص القرآني ومميزاته ومضامينه والخصوصيات التي يحظى بها، لكن على الرغم من الإطراء الذي حف هذا العمل، فقد اعتبره المترجم، عملاً عارياً عن الكمال، وأن الفئة المستهدفة منه هم المسلمين المتمكنين من اللغة الفرنسية غير الناطقين باللغة العربية(33).

2 ـ "بلاشير" ومزاعمه الطاعنة في قدسية القرآن الكريم:
هدف "بلاشير" وأمثاله  من ترجماتهم لمعاني القرآن الكريم إيهام القراء بتناقضاته، وإضفاء صفة النحل والحبكة والتأليف البشري عليه، وذلك بما يبثون في مقدماتهم وحواشيهم من أكاذيب وافتراءات، لاعتقادهم الجازم أن ذلك يصيب الإسلام في الصميم.
 وتقع مقدمة الطبعة الأولى لترجمة "بلاشير" في 310 صفحة ضمنها عدة موضوعات، منها:

- تدوين القرآن الكريم.
- وصف للمصحف العثماني.
- انتقادات مثارة من خلال النص القرآني.

- الترجمات الأوربية (34) .
أما طبعة سنة 1980 للترجمة المذكورة(35)، فلم تتجاوز مقدمتها عشر صفحات، تناول فيها المترجم فترة النبوة التي قسمها إلى أربع مراحل، وضمنها تحليلات وتعليقات مزيفة تهيئ ذهن القارئ لقبول ما يختلقه في ترجمته من افتراءات للنيل من القرآن الكريم، وهذا يدل على ما بذله "بلاشير" من مجهودات جهيدة لتحقيق الهدف الاستشراقي المنشود.

1-المناولة المنهجية ل"بلاشير" في ترجمة القرآن الكريم :
 رتب "بلاشير" سور القرآن الكريم وترجم معانيه الجليلة في الطبعة الأولى سنة 1949 وفق نزولها، مقتديا بنهج بعض المترجمين البريطانيين، وذلك بقصد تفسير التشريع على ضوء الوقائع التاريخية، وقد أصبح القرآن وفق هذا الترتيب 116 سورة بدلاً من 114، إذ قسّم سورتي العلق والمدثر إلى أربع سور، وهو ما لا يعرفه المسلمون وما لا يعرفه المصحف الشريف منذ حضور زيد بن ثابت العرضة الأخيرة للقرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل حتى اليوم(36).
ثم عفا عن ذلك في الطبعات التالية، ويستهل "بلاشير" دائما في مقدمة كل سورة كريمة ذكر مصدر اسمها(37)  وآراء المفسرين المسلمين وغير المسلمين في مكيتها أو مدنيتها جزئيا أو كليا، لكنه في أغلب الأحيان يرجِّح آراء غير المسلمين، وقد يقحم معلومات أُخر عن السورة،  والآية يترجم بعضها مرتين أو أكثر، وإذا رأى أن للآية أكثر من معنى يضع في ترجمته رقمين للآية: الرقم الأول هو رقمها حسب طبعة "فلوجل" للمصحف الذي اعتمد في عدِّ آياته على ترقيم خاص به مخالف لما عليه علماء الأمة، والرقم الثاني رقمها حسب طبعة القاهرة، وقد أشار إلى ذلك في " التنبيه  الذي كتبـه قبل مقدمـة ترجمته.(38) وقد ادعى أنه اعتمد على أربعة تفاسير وهي: الطبري، والبيضاوي، والنسفي، والرازي. ولكن عند قراءة ترجمته، يلاحظ أنه يرجح دائما آراء المستشرقين على ما جاء في هذه الكتب، ومن آرائه أنه يرى أن بعض الآيات إلحاقية نزلت متأخرة عن الآية السابقة لها، ويشير إلى هذه الآيات التي يراها متأخرة بطباعتها بطريقة خاصة تميزها عن الآيات الأُخر، وذلك إما بطباعتها في الجانب الأيمن من الصفحة أو بطباعتها بحرف مائل.(39) ومثال ذلك الآية 129 في سورة النساء، ويدَّعي في مواضع أن الآيات ناقصة، فيأتي بعبارات من التوراة ليستكمل بها هذا النقص المزعوم، كما لم يتوع عن نقل بعض الآيات من أماكنها(40).

2 ـ  مزاعم بلاشير الطاعنة في قدسية القران الكريم:
أ- تكذيب القرآن باعتباره وحياً إلهياً:
حاول "بلاشير" إثبات تعارض في بعض الآيات القرآنية، وفي هذا الشأن ساق مثالا في العدل الإلهي في قوله تعالى:"اللهم مالك الملك توتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب"(41) وعلق بأن هذه الآية تخبر بسلطة الله المطلقة في أحكامه وقراراته وتقديره للأمور، بيد أن الآيتين التاليتين تثبتان خلاف ذلك في قوله تعالى: ﴿مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا * وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا﴾(42) .
حيث حسب قوله، تعطي الحرية للإنسان في اختيار مصيره(43). ولم يقف تجاسره عند هذا الحد، بل طفق يقدم ويؤخر الآيات القرآنية عن مواضعها حسب هواه في المصحف الشريف، من قبيل إيراده للآية الحادية عشرة من سورة النساء في الآية الثانية عشرة، وتنكيس الآيات 62-63-64، من سورة طه، وإقحامها في الآية  60 وما بعدها، أما الآيتان 16 و 17 من سورة لقمان فقد رآى أنهما تعترضان وصايا لقمان لابنه، الأمر الذي يستوجب إعادتهما إلى مقبل الوصايا لاستقامة المعنى. كما وصل به الأمر إلى إضافة ما ليس في القرآن مثل فعله في الآية 52 من صورة الزخرف، إذ أضاف كلمة "antérieurement":قبلا" بعد قوله تعالى " ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان" بحجة أن معنى الآية غير واضح.(44) وقد ختم "بلاشير"ديباجة ترجمته بخاتمة أكد فيها بجزم أن القرآن ليس كتاب عقيدة وشريعة، بل لا يعدو أن يكون مجرد رسالة جهاد وتحريم، وبهذا المعنى يقول:" نشدنا أن نجمع ما لايجوز جهله في رسالة قيل أنها عقيدة وشريعة... وإذا ربطنا النصوص القرآنية بعضها ببعض يتضح ويتحدد خطوط القوة فيها إذ هي رسالة جهاد وتحريم أكثر من أية رسالة أخرى"، (45) وعن مسألة الوحي زعم بلاشير أن الوحي المنزل في مكة لم يكتب بل كان يخزن في الذاكرة، وأن فكرة تدوين مقاطع الوحي الهامة التي نزلت في السنوات السالفة على مواد خشنة من الجلود واللخاف، لم تنشأ إلا بعد إقامة محمد صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، على أن هذه الحاجة للتدوين لم تظهر -حسب استنتاجه- إلا بين الحين والآخر ، أي أن الجزء الذي يكتب من الوحي هو الجزء الذي كان يرى فيه النبي الكريم خدمة وإفادة لمصلحة متوخاة في سياق معين، وقد شغلت الأدعية والأحكام الشرعية معظم حيز هذا الجزء، وبذلك يقسم بلاشير القرآن الكريم الى مهم وغير مهم.(46) وفي سياق حديثة عن مسألة جمع القرآن ومراحل تدوينه، خرج بقناعة مفادها أن التدوين لم يكن صحيحا تماما، فسقطت آيات كثيرة منه، كما أن أدوات الكتابة وما كان يكتب عليها، قد تم دون ضبط، أو نظام، مما عرض بعضه للضياع كما أن الجمع في المرحلة الثانية لتدوين القرآن بعد وفاة الرسول، لم يتجاوز ما كان في صدور الحفاظ،وبمبادرة شخصية من بعض الصحابة، و هذا ما يؤشر أن جمع القرآن وتدوينه لم يتم بطريقة علمية صحيحة، حتى عهد الخليفة الثالث عثمان. كما اعتبر "بلاشير" أن قراءة القرآن الكريم قراءة خاطئة لا تنضبط للتسلسل الزمني لتواتر السور، وفي هذا الصدد قال:"إن السور على النظام المعاكس للتاريخ الذي نزل فيه الوحي إننا نقرأ القرآن معكوسا، ومن جهة أخرى فالسور بعيدة عن تكوين مجموعات متجانسة" وعليه نصح بضرورة البحث عن ترتيب زمني للسور طالما أن الترتيب الذي عليه القرآن حاليا ترتيب مصطنع يشي عن الروح الفوضوية التي كان عليها العرب في ذلك الوقت، الأمر الذي استدعى حسب زعمه هجر هذا الترتيب والبحث عن آخر ينضبط للتسلسل التاريخي في النزول، وفي هذا الشأن قال:"من أجل فهم الكتاب المقدس للمسلمين تاريخيا يمكن الرجوع إلى التسلسل الزمني ...من أجل مساعدة القارئ"(47)وقد قسم بلاشير سور القرآن الكريم إلى أربعة مراحل، فاصلا بين كل مرحلة من هذه المراحل الأربعة بما تتميز به كل مرحلة عن الأخرى من سمات، والذي يبدو أنها مأخوذة من المستشرق الألماني "نولدكه" في معالجته لهذا الموضوع باعتبارها الطريقة المثلى- في نظر بلاشير – التي يجب التقيد بها، وفي هذا يقول: "إن التجربة أثبتت أن التقيد بالمراحل الزمنية للترتيب الذي اقترحه "نولدكه" وأخذ به بعض المترجمين يجعل القراءة المصحف سهلة بل ممتعة".(48)وفي معرض حديثه عن المرحلة الأخيرة في تدوين القرآن ورسمه ونقطه التي تمت في العهد الأموي، أكد أنها المرحلة التي تم فيه حذف بعض الآيات التي تمجد عليا وأهل البيت لأسباب سياسية.(49) 
أما على المستوى الفني فقد اعترف "بلاشير" بأن القرآن معجزة  وتحفة أدبية رائعة تسمو على جميع ما أنتجته الإنسانية وبجلته من الصحف.(50) وذلك لما يحويه من نثر موزون مقفى يأثر بسحره العجيب على المتلقي، وهذا ما اعتبره شبيها بترانيم المنجمين والسحرة وتفنن الشعراء، وفي هذا الصدد يقول "ولقد نشأ من هذا النثر انفعال إجمالي أثر على الأعداد أنفسهم...، ثم إن لهذه الميزة تأثيراً على السامع الذي لا ينطق بالضاد...  وهذا شبيه بغرابة تنبؤات المنجمين، وهدر الشعراء، وقول السحـــــرة ".(51)  فلغة القرآن ظلت في حسبه شبيهة بالشعر القديم، وذلك بفصل الأحكام الموسيقية للمقاطع اللفظية، وغنى النغم في الحركات، والقوافي المنظومة أو المسجعة.(52) 
إن منهج النفي الذي اتبعه "بلاشير"كان الغرض منه نفي الحقائق والوقائع المرتبطة بنزول القرآن الكريم، وذلك من خلال إثارة الشكوك إلى الحد الذي يجعلك تشكك في حقيقة النص القرآني المتداول.

ب- اعتبار القرآن الكريم من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم
ادعى "بلاشير" أن القرآن الكريم ألفه محمد  وجمعه من مختلف المصادر،  زاعما أن تعاليمه  و مادته العضوية تلقاها من راهب نصراني أريوسي اسمه "سيرجيون بحيرى" كان خارجا عن العقيدة القويمة،(53)، أما القصص الواردة في القرآن فقد استقاها محمد من التوراة وقصص الغابرين وحكايات سوق عكاظ وخطب وشعر قس بن ساعدة الذي أخذ عنه بعض القضايا الدينية، لاسيما ما تعلق منها بالبعث والنشور والحساب(54)، ثم أضفى عليها بذكاء الرواية والأسلوب العربي الفصيحين الذي اتسم بالإيحاء أكثر منه  بالوصف(55)، ومثالاً على ذلك ذكره  في قوله تعالى ﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ﴾(56) فقد اعتبرها "بلاشير" آية مطابقة للأسطورة المنتشرة جداً في الشرق وفي الثقافة اليهودية النصرانية"(57)، وزعمه في مقدمة سورة إبراهيم أن الآيات الخاصة بهذا الرسول الكريم (أي من الآية 38 إلى 42) هي نصوص قديمة تمَّ تنقيحها بالمدينة المنورة، واستدلاله  بطول الآية الثالثة نسبياً في سورة العصر على أنها أدرجت منذ زمن قريب(58). وجزمه  في وجود آيات هامة في مقدمة سورة الأنعام أدخلت عليها تعديلات بعد الهجرة إلى المدينة المنورة بزمن وجيز(59). كما لم يتورع عن وصف محمد صلى الله عليه وسلم بالزعيم الداهية الذي يتقلب بتقلب المصالح، وتحول موازين القوى، وفي هذا التفسير ادعى أنه سعى إلى تحسين علاقته مع اليهود،بانتمائه إلى الإبراهيمية بعدما أدرك مكانتهم ونفوذهم في المدينة وقوة حلفائهم، وحينما قويت شوكته وانقطع حبل الود بينه وبينهم ، مال إلى النصارى بعدما استشعر جأشهم إثر هزيمته في معركة مؤتة،(60) ويؤول ذلك من قوله تعالى. ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾(61).
وفي السياق ذاته ذيل الصفحة الثامنة والأربعين من كتابه معلقاً على الآية الكريمة ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لله  الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾(62)بالعبارات التالية "بقت (أي القدس) قبلة المسلمين ما يربو عن 16 أو 17 شهرا، أي حتى يئس محمد من ولاء إسرائيل، ثم تحول إلى الكعبة"(63) .
لقد ظل السواد الأعظم من المستشرقين وعلى رأسهم "بلاشير"، عند دراسهم للوحي ينطلقون من ثوابت معرفية ذات صلة بديانتهم التي ترى أن آخر تجليات الوحي قد انتهت مع موسى وعيسى عليهما السلام، بالتالي فالنبوة تستحيل ظهورها في أحد بعدهما، ومن هذه الفرضية يتعاملون مع القرآن على أنه حديث، بشري محض، فهو إما عملية انتقائية اعتمدت على الكتب السماوية الأُخر، أو إنتاج ومزج بين عناصر الديانات الوثنية التي كانت سائدة في القرن السابع الميلادي.(64)

3 - دحض مزاعم "بلاشير":
اجتمع المسلمون على أن القرآن الكريم هو كلام الله المنزل بالوحي على رسوله الكريم، فالله تعالى بذاته الجليلة هو المتكلم به والمنشئ له، فميزته عن سائر الكتب السماوية أنه إلهي في لفظه ومعناه(65)، بيد أن "بلاشير" في إطار سعيه الحثيث والدؤوب نحو صرف القرآن الكريم عن مصدره الإلهي، أثار عدة نقاط للدفاع عن أطروحته، غير أن مجموعة من المتخصصين أدحضوا الدلائل الواهية التي بنا عليها تصوره  وذلك من خلال النقاط التالية:

1 ـ مسألة لقاء الرسول صلى الله عليه وسلم بالراهب بحيرى:
التقى صلى الله عليه وسلم الراهب بحيرى وهو في ربيعه التاسع، أي في مرحلة لا تؤهله تماما لتلقي أو استيعاب أي شيء، ما بالك رسالة بهذا الوزن، وفي هذا الصدد قال عبد الودود شلبي: "هل يتصور بشر أن طفلا لا يزيد سنّه عن تسع سنوات أو اثنتي عشرة سنة يتلقى برجل فيتعلم منه لغته ..ثم يلقنه أصول عقيدة ديانته وكل ذلك في بضع ساعات؟ هل يتصور ذلك بشر"(66)، كما أنه صلى الله عليه وسلم في لقائه بالراهب كان مع رفقة ولم يكن لوحده، ولم يدم اللقاء سوى فترة تناول الطعام، ثم إن موضوع اللقاء كما بينته الرواية يدور فحواه عن علامات النبوة لما كان عند بحيرى من ذكر ونعت عن النبي المنتظر، فأخبر بذلك أهله وأمرهم بحفظه من اليهود، زد على ذلك أن الذي دعا إليه صلى الله عليه وسلم يخالف إلى حد بعيد ما كان يعتقد بحيرى. كما أن قومه المعادين لرسالته هم أحرص الناس على القدح في نبوته، فلو علموا بذلك ولو بقيد أنملة لجرسوه ولكانت لهم حجة في إنكار بعثه. (67)

2 ـ مسألة قس بن ساعدة الإيادي مع الرسول صلى الله عليه وسلم:
ذكر ابن كثير في هذا الشأن أن الرسول الكريم سمع ابن ساعدة يوما إبان فترة الجاهلية في عكاظ على جمل، ولم يع من كلامه إلا ألفاظا مبهمة، ولما قدم وفد إياد على النبي صلى عليه وسلم لمبايعته، قال "يا معشر وفد إياد ما فعل قس بن ساعدة الإيادي، قالوا هلك يارسول الله، قال لقد شهدته يوما بسوق عكاظ على جمل يتكلم بكلام معجب مونق لا أجدني أحفظه، فقال له أعرابي من أقاصي القوم أنا أحفظه يا رسول الله ، قال فسر، قال: يا معشر الناس اجتمعوا فكل من فات فات وكل شيء آت آت، ليل داج وسماء ذات أبراج وبحر عجاج ونجوم تزهر وجبال مرسية يذهبون فلا يرجعون، أرضوا بالإقامة فأقاموا أم تركوا فناموا، أقسم قس بالله قسما لا ريب فيه إن دينا هو أرضى من دينكم هذا تم ألقى خمس أبيات شعرية يفصل القول فيهن،(68) فقال الرسول صلى الله عليه وسلم، رحم الله قسا، وإني لأرجو الله أن يبعثه أمة وحده".(69) إذاً فالرسول صلى الله عليه وسلم، سمع مرة من ابن ساعدة قولا أشكل عليه فهمه، ووقوفه لسماعه كان من باب شهرته بفصاحته وبيانه وحكمته التي طبقت الآفاق، فكيف لرجل أمي سمع من آخر كلاما راطنا بالنسبة له، سيحوله إلى قرآن أعجز العالم بمعجزاته اللغوية والتاريخية والعلمية... ؟.

3- مسألة نحل القرآن الكريم من الكتب السماوية في بعض الحقائق التاريخية
صرح "بلاشير" في كثير من الآيات القرآنية التي تروي قصص العهود الغابرة، أنها مأخوذة من الأخبار التي جاءت بها الكتب السماوية، ومن أمثلة ذلك قصة موسى عليه السلام التي سنسوقها على سبيل الذكر لا الحصر، إذ ذكر القرآن أن التي كفلت موسى عليه السلام هي امرأة فرعون مصداقا لقوله تعالى: "وقالت امرات فرعون قرت عين لي ولك لاتقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لايشعرون"(70) في حين يؤكد سفر الخروج من التوراة أن التي كفلته هي ابنة الفرعون، حيث قال: فنزلت ابنة فرعون إلى النهر لتغتسل وكانت جواريها ماشيات على جانب النهر فرأت السفط بين الحلفاء فأرسلت أمتها وأخذته ولما فتحت رأت الولد وإذا هو صبي يبكي فرقت له وقالت هذا من أولاد العبرانيين فقالت أخته لابنة فرعون هل أذهب وأدعو لك امرأة مرضعة من العبرانيين لترضع لك ولدك فقالت لها ابنة فرعون اذهبي..."(71)
كما أن القرآن يذكر غرق فرعون بشكل دقيق، ولا يتجاهل حتى مسألة نجاة بدنه من الغرق مع موته، في قوله تعالى" فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون"(72)
على حين أنّنا نجد التوراة تشير فقط إلى غرق فرعون بشكل مبهم في سفر الخروج بالقول:" فقال الرب لموسى مد يدك على البحر ليرجع الماء على المصريين على مركبهم وفرسانهم...فلم يبق منهم ولا واحد".(73)

4 ـ مسألة زعامة الرسول صلى الله عليه وسلم:
وصف  "بلاشير" الآيات القرآنية التي تعرضت للعقيدة المسيحية، بأنها تكتيك زعيم سياسي محنك، يخطب ود المسيحيين بعدما أوقعوا به هزيمة نكران في معركة مؤتة، فجهله بتفاسير القرآن وأسباب النزول، وأحكام اللغة وحقده على الإسلام، جعلته ينحى هذا المنحى، فالآيات التي جاءت في النصارى ليست عامة فيهم، بل محددة في فئة من النصارى لا يستكبرون على الحق، مصداقا لقوله تعالى ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ ثم إن الآية لم تقل ولتجدن أقربهم مودة النصارى مقابل اليهود الذين أشركوا أشد الناس عداوة للذين آمنوا، بل إن الآية أوردت "من" التبعيضية في سياق ينطق بأنهم جماعة من النصارى وليست كل النصارى بدليل قوله تعالى"ذلك بأن منهم" وهذه الفئة المخصصة قد حددتها روايات سبقت في سبب نزول الآية فهناك من المفسرين من ذكر أنها نزلت في النجاشي ملك الحبشة وأصحابه، أثناء تلاوة جعفر بن أبي طالب على مسامعهم سورة مريم، وهناك من ذكر أنها نزلت في الأحباش الذين قدموا مع المسلمين وهم سبعون رجلا، اثنتان وستون من الحبشة وثمانية من أهل الشام منهم بحيرى الراهب.

5- مسألة الوحي القرآني:
المنطلق الخطأ الذي ينطلق منه "بلاشير" هو إنكار الوحي أساسا وهذا الموقف له ما يبرره وهو أن شرذمة كثيرة منهم لم يفهموا حقيقة الوحي والنبوة، ولم يعرفوا العلاقة التي تربطهما، ومن ثمّ راحوا يخضعون في دراستهم للوحي مقاييس العلوم التجريبية التي أثبتت الدراسة والبحث عجزهما التام عن تقديم أي تفسير صحيح للوحي، بحيث وقفت عند حدود ظواهر الأشياء، ولم تستشف ما وراء هذه الظواهر، ولم تصل إلى كنه الأمور. ونحن إذا تتبعنا جزئيات تفسيراته للوحي القرآني نجدها ترتكز على مركزين اثنين:

المرتكز الأول: الظروف التي تلقى فيها الرسول الكريم أول بلاغ إلهي:
حيث يرى "بلاشير" أن ظهور دعوة الرب تمت على مرحلتين: في البداية عن طريق التفكير وبعد ذلك عن طريق الرؤية(74). فلو كان ذلك ما كان له أن يشعر بالرعب والخوف حينما رأى جبريل وسمع صوته، حتى أنه قطع خلوته في الغار وعاد إلى بيته مسرعا.
وتروي أحاديث بدء الوحي، أنه صلى الله عليه وسلم خاف على نفسه لما رأى الملك أول مرة، وهذا ليس شأن من يفكر ويبحث عن الوحي، ولم يتفق أبدا أنه سعى أن يكون رسولا، ولو كان الوحي يأتي بطريقة الوهم لما كان له فيه نصيب، فلقد سبقه إلى التفكير والعزلة خلق كثير أجهدوا أنفسهم وسعوا حثيثا إلى النبوة وتلقى الوحي، لما سمعوا عن قرب ظهور نبي هذا الزمان، وما أصابوا من شيء ولا نالوا مطلبهم(75).

المرتكز الثاني: فتور الوحي:
تحدث "بلاشير"  عن الكرب الجسيم الذي عذب محمد صلى الله عليه وسلم إثر انقطاع نزول الوحي عليه، إذ طفق يشك في حقيقة بعثه.(76) وهذا دليل أن الوحي كان ينزل حين يشاء الله ويحبس حين يريد، ولا دخل للرسول الكريم فيه، والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصى، منها على سبيل حادثة الإفك حيث أبطأ الوحي شهرا كاملا لرد الريبة التي كادت أن تعصف بقلب الرسول صلى الله عليه وسلم (77).

6- في أسلوب القرآن الكريم:
في إطار السعي الحثيث والدؤوب لصرف القرآن الكريم عن مصدره الإلهي حاول "بلاشير" عند تعرضه للغة القرآن أن يصورها بصورة الأدب القديم واجتهد في التنقيب عن مواطن التشابه والمماثلة بين لغة القرآن ولغة البشر، وخرج بأن لغة القرآن تشبه إلى حد بعيد بلغة الشعر العربي القديم في إيقاعه ووزنه وقافيته، وفي هذا السياق يقول: "إن لغة القرآن  تظهر لنا بحق شبيهة بالشعر الأصيل وذلك بفضل الأحكام الموسيقية للمقاطع اللفظية وبغنى النغم في الحركات واستعمال القوافي والمنظومة أو المسجعة".(78) وفي سياق آخر يقول: "إن أسلوب خطابات القرآن يذكرنا بغرابة المنجمين وقول السحرة"(79)  معبرا في الوقت نفسه أن أسلوب القرآن يشبه الأسلوب السجعي الذي عرفت به الكهانة في شبه الجزيرة العربية، غير أنه اعتبر القران الكريم أقوى منه تعبيرا وبلاغة (80) .
والحقيقة أنه حين سماع القرآن الكريم، لا يمكن تصنيفه في نثر أو شعر، رغم أن أي نص مقروء أو مكتوب في اللغة العربية ينتمي إلى أحدهما، إلا أننا عند تلاوته والتأمل في لغته نجد أنفسنا أمام جنس أدبي متفرد، في أشكاله البلاغية وأدواته الفنية التصويرية، وبهذا المعنى يقول الماوردي: "يصنف الكلام –عموما- في ثلاث مراتب إما منثور يدخل في قدرة الخلق، وإما شعر وهو أعلى منه بقدر يقدر عليه فريق، ويعجز عنه آخر، وقرآن هو أعلى من جميعهما وأفضل من سائرها، تتجاوز رتبته النوعين لخروجه عن قدرة الفريقين،(81) فالقرآن بجنسه اللغوي الفريد أحدث طفرة هامة في اللغة العربية إذ نقلها من المرحلة اللهجية الجاهلية إلى لغة منظمة فنيا(82). وأما قوله أن لغة القرآن تشبه لغة الكهان والمنجمين وأسلوبهم، فقد أكد ألد أعداء الإسلام والمسلمين، أنه عارٍ عن ذلك، حيث قال المغيرة في ذلك ...لا والله ما هو بكاهن لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكهان ولا سجعه...فقالوا نقول ساحر قال: ما هو بساحر لقد رأينا السحار وسحرهم فما هو بنفثهم ولا عقدهم...(83).
وقد أكدت المستشرقة الايطالية "لورا فيشيا" بالقول: " ليس ثمة أيما نمط لهذا الأسلوب في الأدب العربي...والأثر الذي يحدثه في النفس البشرية إنما يتم من غير أيما عون عرضي أو إضافي من خلال سموه السليقي، إن آياته كلها على مستوى واحد من البلاغة".(84) 

7- في توثيق النص القرآني وجمعه وتدوينه وترتيبه:
في حديث طويل عن التدوين والقراءات ذكر "بلاشير" دعاوى عريضة متهافتة، تعتمد روايات شاذة، تقحم مواقف طوائف غلاة من القرآن، تطلق أحكاما على عواهنها لا سند لها حول حذف بعض آيات من القرآن أو سور، وهو افتراء القصد من إثارته تدعيم أطروحته الجاهزة في تأليف القرآن الكريم، بشواهد مذاهب آمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعضه.(85)وفي دأبه هذا لخص في كلمتين أن رسالة الإسلام يمكن اختزالها  في أوامر للجهاد ونواه عن المحرمات، مغفلاً القاعدة الأصولية التي تقول الأصل في الأشياء الإباحة، واعتبار أن دائرة الحلال والإباحة في شريعة الإسلام أوسع من دائرة التحريم(86).

أ-فيما يخص ترتيب القرآن:
خطّأ "بلاشير" خلال مناولته لمسألة ترتيب القرآن الكريم النهج الذي تم به ترتيب آياته وسوره، واعتبره فوضوياً وطريقة لا تستقيم للضبط والتسلسل التاريخي، وذلك في إطار محاولته إظهار التناقض في القرآن سواء من حيث الأسلوب أو الموضوع، وتبيين أنه مفكك الأجزاء غير متصل الحلقات، وأنه خضع في عملية تأليفه لظروف مختلفة، وتأثر مؤلفه وجماعه لعوامل متباينة أثرت في نمط تفكيرهم  وفي طريقة كلامهم، وما دام الأمر كذلك فيقينا هذا الكتاب كلام بشر وليس كلام إله، غير أن هذا اللبس الذي وقع ل"بلاشير" عائد إلى اختلاف لغته ومباينة فطرته لفطرة الذوق العربي وللأساليب الكتابية والبيانية، وعدم إلمامه إلماما كافيا بأحوال العرب في الجاهلية وظروف تنزيل القرآن على الرسول صلى الله عليه وسلم في المكة والمدينة، وتشعب الحوادث والواقعات العامة والخاصة وعدم معرفته بأصول المسائل وملابسات الأحوال التي تناولها القرآن منذ أربعمائة وألف سنة(87).

ب- فما يخص الوحي القرآني:
ادعى "بلاشير"  في مسألة كتابة الوحي القرآني، أنها قررت بعد استقرار الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة، وأنها لم تظهر إلا حسب الحاجة، وبطريقة انتقائية لبعض النصوص  التي تخص الأدعية والتشريع(88). هذا البهتان المبين مردود على هذا الدعي، لان كتابة القرآن بدأت قبل هجرته صلى الله عليه وسلم، يروي أبو داود السجستاني عن خارجة بن زيد أنه قال: "دخل نفر على زيد ابن ثابت فقالوا حدثنا عن بعض حديث رسول الله فقال ماذا أحدثكم ؟ كنت جار رسول الله فكانت إذا نزل الوحي أرسل إلي فكتبت الوحي."(89) وذكر فضل ابن  عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما كان ينتهي الوحي من رسالته كان يقوم بأمرين اثنين: الأمر الأول أنه يتلو ما أنزل عليه على الصحابة رضوان الله عليهم، الأمر الثاني يملي على كتبة الوحي ما نزل عليه. وهكذا كانت الكتابة مصاحبة للتلاوة في  كل مرة تنزل  آية أو سورة على الرسول الكريم، وحتى لا يلتبس شيء بالفرقان المبين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكتابة عنه سوى القرآن الكريم، حيث قال في رواية لأبي سعيد الخدري " لاتكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه"(90) كما أكد أبو عبد الله الزنجاني ذلك بالقول، "كان للنبي كتاب يكتبون الوحي بالخط المقرر وهو النسخي، وهم ثلاثة وأربعون". وقد عكف هؤلاء الكتبة على تدوين ما يملى عليهم من القرآن أولا بأول، حتى أتموا كتابته كله على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وقد كان القرآن كله مكتوب في عهده صلى الله عليه وسلم ، لكنه غير مجموع في موضع واحد ولا مرتب السور(91) وفي هذا السياق يقول صادق الرفاعي،" قبض رسول الله والقرآن في الصدور وفيما كتبوه عليه(92).

ج- فيما يخص جمع القرآن :
في معرض حديث "بلاشير" عن ملابسات جمع القرآن الكريم على عهد عثمان بن عفان، اتهم الخليفة بأن الهدف من ورائه كان براغماتيا، فاللجنة المشرفة على جمعه تجمعهم بعثمان صلات المصاهرة والقبلية ومصالح مشتركة، وأن اللجنة عملت على إقصاء بعض الشخصيات التي لها وزنها، وشأن كبير مثل علي بن أبي طالب وأبي رضي الله عنهما، وأن اللجنة عملت على محو بعض الآيات التي لا توافق مصالحها وهواها. بيد أن الهدف من التجريح في المعهود إليهم بكتابة القرآن ونزع ثوب الثقة والورع عنهم(93) للتدليل على بشرية القرآن المكتوب لخدمة مصالح شخصية وفئوية، لكن هل كان يمكن للصحابة رضوان الله عليهم، أن يسمحوا بتحريف القرآن والقيام بعمليات الحذف والتدليس على مسمع ومرأى من المسلمين دون معارضة منهم؟ هل هذا يقبله عقل أو منطق؟

خاتمة
ليس بمستغرب تلك الحملات والانتهاكات والدعوات المسعورة القديمة الجديدة، المتجددة للنيل من القرآن الكريم حرقاً أو تدنيساً أو تكذيباً أو تشويها أو تحريفاً أو تسفيهاً أو تشكيكاً…، وما انفك منذ نزوله يشكل قلقا للغربيين وحيرة وبلبلة لأفكارهم، وتاريخ تعاملهم معه حافل بالمتناقضات، وفي هذا الصدد يقول المستشرق الفرنسي "ريجيس بلاشير":"قلما وجدنا من بين الكتب الدينية الشرقية كتاباً بلبل بقراءته دأبنا الفكري أكثر مما فعله القرآن"(94) .
وتمثل الدوافع الاستشراقية وراء ترجمة القرآن الكريم أحد أهم أسباب فساد الترجمة(95)، بل إنه يمكن القول بأننا إذا بحثنا عن السبب في فساد الترجمة وجدناه راجعاً إلى الدافع الاستشراقي أكثر مما يعزا إلى الضعف في معرفة اللغة العربية وقواعدها، وعلى هذا الاساس، تعامل "بلاشير" مع القرآن باعتباره عمل بشري محض يجري عليه ما يجري على العمل الإنساني من ممارسات نقدية وعقد مقارنات بينه وبين الأدبيات التي كانت منتشرة في زمان الرسالة، إذ لم يترك منفذا للطعن إلا ولجه ولا موضعا للعورات إلا تصيده، إذ أنكر المصدر الإلهي  للقرآن، واعتبره من تأليف محمد الذي نقله من الكتب السماوية وقصص الغابرين، وهو لا يتجاوز كونه مجموعة من الأحداث التاريخية والوقائع الاجتماعية، فمفهوم الوحي عنده لا يعدو أن يكون عملية تفاعل الرسول الكريم مع الواقع الذي عاشه، ومرض نفسي يظهر وهم الوحي فيه في ذروة الحالة. غير أنه في الأخير فشل في إثبات ادعائه، ولم يستطع تأكيد فكرة قويمة عن مصدر القرآن ولا عن الوحي، علاوة على ذلك أن أكثر كلامه عن الوحي كان معطلا عن الأدلة الموضوعية.

* هوامش البحث *
1-محمد فؤاد عبدالباقي، تفصيل آيات القرآن الكريم، دار الكتاب العربي، الطبعة الثانية، بيروت ـ لبنان، 1969م، ص. 45.
2- صبحي الصالح،  مباحث في علوم القرآن للدكتور، دار العلم للملايين، الطبعة الثانية، بيروت ـ لبنان،1981، ص83.
3- ميشال جحا، الدراسات العربية والإسلامية في أوروبا، معهد الإنماء العربي، بيروت ـ لبنان، 1982، ص39.
4- يوهان فوك، تاريخ حركة الاستشراق، نقله عن الألمانية عمر لطفي العالم، دار المدار الإسلامي، بيروت- لبنان، الطبعة الثانية، بيروت ـ لبنان 2001، ص17.
5-  عبد الرحمان بدوي، موسوعة المستشرقين، دار العلم للملايين،  بيروت ـ لبنان،  1974، ص307.
6- مجلة كلية أصول الدين، المملكة العربية السعودية، العدد الرابع، 1403، ص44.
7- يوهان فوك، تاريخ حركة الاستشراق، م.س، ص17.
8- محمد صالح البنداق، المستشرقون وترجمة القرآن الكريم ، منشورات دار الآفاق الجديدة، الطبعة الثانية، ـ بيروت ـ لبنان، 1403هـ ـ 1983م. ص98.
9- يوهان فوك، تاريخ حركة الاستشراق، م.س، ص19.
10- المرجع نفسه، ص18-19.
11- محمد حسين علي الصغير، المستشرقون والدراسات القرآنية، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع،  بيروت ـ لبنان،1403هـ ـ 1983م، ص 112.
12- يوهان فوك، تاريخ حركة الاستشراق، م.س، ص 17.
13- عبد الرحمان بدوي، موسوعة المستشرقين، م.س، ص 307.
14- مجلة كلية أصول الدين، المملكة العربية السعودية، العدد الرابع، 1403، م.س، ص.46
15- المرجع نفسه، ص ص 44-45.
16- المرجع نفسه.
17- يوهان فوك، تاريخ حركة الاستشراق، م.س، ص 17.
18 - Encyclopedie de LIslam, Nouvelle Ed.G.P. Maisonneuve - Larose, S.A, paris 1986, p. 618.
19- محمد صالح البنداق، المستشرقون ...، م.س، ص 96.
20 - J.D. Person. Al Kuran, Eneyclopedie de LIslam. p.434.
21 - Lammens, Henri, Lislam croyanees et institutions, 3éme éd. Imp. Catholique, Beyrouth  1943, p.54.
22- محمد حسين علي الصغير، المستشرقون... ، م.س، ص 50.
23- J.D Pearson. Al-Koran, op. cit., p. 434
24- Montet Edwads, Mahomet, Le Coran, Payot, Paris, 1944, p. 56.
25ـ محمد فؤاد عبد الباقي،  تفصيل ...، م.س، ص 8.
26- Montet  Edwads, Mahomet…,op.cit., p.556
27- محمد فؤاد عبد الباقي، تفصيل ...، م.س، ص 8.
28- "ريجيس بلاشير": من أشهر مستشرقي فرنسا في القرن العشرين، ومن أعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق، ولد في مونروج بضواحي باريس، تعلم العربية في الدار البيضاء بالمغرب وتخرج من كـلية الآداب في الجـزائر سنة 1922م، عين أستاذاً في معـهد الدراسات المغربية العليا في الـربـاط ما بين سنتي 1924و1935م، ثم انتقل إلى جامعة السوربون بباريس محاضرا بها سنة 1938م، ثم أسندت إليه إدارة المدرسة العليا للدراسات العلمية سنة 1942م والاشراف على مجلة "المعرفة" الباريسية بالعربية والفرنسية، له عدة مؤلفات بالفرنسية ترجم بعضها إلى العربية، ونجح في فرض تدريسها في بعض المعاهد الثانوية الفرنسية. من كتبه:1- ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية في ثلاثة أجزاء، أولها مقدمة القرآن الكريم، نشر الترجمة وحدها في عام 1957م ثم أعيد طبعها عام 1966م.2 – تاريخ الأدب العربي، نقله إلى العربية إبراهيم الكيلاني.3 – قواعد العربية الفصحى.4 – أبو الطيب المتنبي، نقله إلى العربية أحمد أحمد بدوي.5– معجم عربي فرنسي إنكليزي. ينظر. محمد حمدي زقزوق، الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري.
29- صبحي الصالح، مباحث... ، م.س، ص771.
30ـ حوار مع المستشرق جاك بيرك، مجلة رسالة الجهاد، العدد 48، السنة الثامنة، يناير 1990م، ص85.
31- ـ ميشال جحا، الدراسات...، م.س، ص ص. 218 و259.
32-Kasimirski, Albert, Coran, Tome premier, Introductions et notes de G.H. Bousquet  Fasquelles, Editeurs, Paris.- p. 28.
33-- Chauvin Victor, Bibliographie des Ouvrages Arabes, Liège, 1909, p. 248.
34- Régis Blachere, Introduction au Coran  selon un essai de reclassement des sourates,  Maisonneuve Larose, 1947, p.227.
35-Encyclopediede LIslam, Nouvelle, op.cit., p. 680.
36- الزركشي، البرهان في علوم القرآن، دار حياء الكتب العربية، القاهرة، 1957، ص. 112.
37- مصطفى السباعي، الاستشراف والمستشرقون ( ما لهم وما عليهم )، دار الوراق للنشر والتوزيع، 1999، ص 7.
38- المرجع نفسه .
39- ريجيس بلاشير، القرآن نزوله، تدوينه، ترجمته وتأثيره، نقله إلى العربية رضا سعادة، 1974،  ص 8.
40- حوار مع بلاشير، مجلة رسالة الجهاد الليبية، عدد يناير 1990، ص 85.
41- سورة آل عمران، الآية 26- 27.
42- سورة الاسراء، الاية 15-16.
43- ريجيس بلاشير، القرآن...،م.س، ص. 141- 142.
44- إبراهيم عوض، المستشرقون والقرآن، مكتبة زهراء الشرق، القاهرة، 2003، ص ص 54-55.
45- المرجع نفسه، ص42.
46- إسماعيل عبد العال، المستشرقون والقرآن، دعوة الحق، العدد120، العام 1991، ص. 24
47- Régis Blachere, Introduction au Coran...op.cit.,p. .11
48- Le Coran «Que sais- je »Ed.2me,presses, Universitaire de France, Paris  p44.
49- ساسي سالم الحاج، نقد الخطاب الاستشراقي في الظاهرة الاستشراقية وأثرها في الدراسات الإسلامية ، جزء1، دار المدار الإسلامي 2002، ص  ص. 349-350.
50- ريجيس بلاشير، القرآن... م.س، ص.42.
51- Lammens, Henri, Lislam…,op.cit.,p. 52
52- Régis Blachère, le problème de Mahomet - Essai de biographie critique du fondateur de l'Islam, presses Universitaires de France, Paris,1952,  p.49.
53-Ibid,p. 36.
54- أحمد نصري، آراء المستشرقين في القرآن الكريم، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، 2009، ص. 85-86.
55- ريجيس بلاشير، القرآن...م.س، ص ص.م.س. 55-56.
56- سورة البقرة، الآية 259.
57- ريجيس بلاشير، القرآن...م.س، ص  69.
58-المرجع نفسه، ص. 664.
59- المرجع نفسه، ص151.
60- المرجع نفسه، 76.
61- سورة المائدة،الآية، 82-83.
62- سورة البقرة.الآية، 142.
63- ريجيس بلاشير، القرآن...م.س، ص ص48.
64- أحمد نصري، آراء المستشرقين...، م.س، ص98.
65-التهامي نقرة، القرآن و المستشرقون، ج1، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، مكتب التربية العربي، دون تاريخ، ص28.
66- عبد الودود شلبي،  التزوير المقدس، دار الشروق، بيروت، 1986،  ص105.
67- ابن تيمية، الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، ج 3، مطبعة مدني، دون تاريخ، ص25.
68- ابن كثير، البداية والنهاية، ج2، مكتبة المعارف، الطبعة الثانية، بيروت، 1979، ص 230.
69- المسعودي، مروج الذهب ومعادن الجوهر، ج1، دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1982، ص59.
70- سورة القصص، الآية 9.
71- التوراة، سفر الخروج، الإصحاح الثاني، الآيات 5-8.
72- سورة يونس، الآية 92.
73- التوراة، سفر الخروج، الإصحاح الرابع عشر، الآيات 26-31.
74 -Régis Blachère, le problème de Mahomet…, op.cit., p.40
75- أحمد نصري، آراء  المستشرقين….، م.س، ص. 115.
76 - Régis Blachère, le problème de Mahomet…,op.cit., p41.
77- أحمد نصري، آراء  المستشرقين….، م.س، ص 118.
78 - Régis Blachère, Le Coran «Que sais- je », op.cit., p.71.
79 -Régis Blachère, le problème de Mahomet…, op.cit., p. 49.
80- إسماعيل عبد العال، المستشرقون والقرآن، م.س، ص 29.
81- الماوردي، أعلام النبوة، دار الكتب العلمية، بيروت- مصر، 1973، ص 69.
82- مالك بن نبي، الظاهرة القرآنية، دار الفكر، دمشق، الطبعة الرابعة، 2000، ص 184.
83- ابن هشام، السيرة النبوية، الجزء 1، دار الفكر، دون تاريخ، ص283.
84- لورا فيشا فاغليري، دفاعا عن الإسلام، ترجمة منير البعلبكي، دار العلم للملايين، الطبعة الخامسة، بيروت، 1981،  ص 56.
85- إسماعيل عبد العال، المستشرقون والقرآن، م.س، ص26.
86- المرجع نفسه، ص29.
87- رابح لطفي جمعة، القرآن والمستشرقون، المجلس الأعلى للشؤون الاجتماعية، القاهرة، 1973،  ص 71-72.
88- ريجيس بلاشير، القرآن...،م.س، ص29.
89- كتاب المصاحف،إشراف أرثر جفري، مطبعة الرحمانية، مصر، 1969،  ص 31.
90- صحيح المسلم، باب التثبث في الحديث، الطبعة الاولى، 1987، ص69.
91- الشحات السيد زغلول، الاتجاهات الفكرية في التفسير، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة الثانية، الإسكندرية، 1977، ص446.
92- مصطفى الرافعي، إعجاز القرآن والبلاغة النبوية، دار الكتاب العربي، الطبعة التاسعة، بيروت، 1973، ص35.
93-  الطبري، جامع البيان عن تأويل القرآن، ج1، دار المعارف، الطبعة الثانية، مصر،  دون تاريخ. ص. 62
94- بلاشير، القرآن...، م س، ص41.
95- محمد حسين أبو العلا، القرآن وأوهام مستشرق،  المكتب العربي للمعارف، القاهرة، 1991، ص29.

***
(*) أستاذ باحث - كلية الآداب والعلوم الإنسانية فاس.