البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

الاستشراق ومملكة التطرّف

الباحث :  محمد سعدون مهلهل المطوري/ باحث مقيم في المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية
اسم المجلة :  دراسات استشراقية
العدد :  6
السنة :  السنة الثالثة - شتاء 2016 م / 1437 هـ
تاريخ إضافة البحث :  January / 26 / 2016
عدد زيارات البحث :  2682
تحميل  ( 400.451 KB )
الاستشراق ومملكة التطرّف

■  محمد سعدون مهلهل المطوري(*)
بعد سقوط الشاه غادر المستشرقون او منظرو السياسة الغربيين ـ وعلى رأسهم الامريكان ـ طهران، وقد فهم هؤلاء رسالة الشعب الايراني الذي هاجم رموز الثقافة الامريكية كدور السينما ومحلات بيع الخمور، وكان من العسير عليهم البقاء مع ولادة سلطة دينية فتية في هذا البلد، والتي استقبلت علاقتها بالغرب بأزمة الرهائن.
في المقابل كانت المملكة السعودية على استعداد لسد الفراغ الذي تركه الشاه، لتصبح مركزاً استراتيجياً للثقل السياسي والمعرفي والاقتصادي لأمريكا، وبالفعل كان الامريكان أدرى بشعاب السعودية من أهلها، كما عمل آل سعود في الوقت نفسه إلى طمأنة حلفائهم بأنهم لن يسلكوا مصير الشاه، فهم يقفون في المكان الصحيح ما بين المسجد ومنابع النفط.
تتخطى علاقة السعودية بأمريكا العديد من التحفظات، وتتساقط امامها العديد من الثوابت، ولذلك مصاديق في ظهور مسميات مثل (حلال المكدونالد)، و(مكة كوكا كولا)، التي اعطت مدلولات تخرج عن الاطار الاقتصادي حسب وصف الباحث الفرنسي اولفييه روا([1])، وقد استطاع الامريكان من خلال تلك العلاقة المتينة تحديد الاطر السياسية الواجب على المملكة التزامها مع المحيط، فكان عليها ان تساعد بعض الاقطار وتؤوي بعض الجماعات، وتحارب وتحجم اقطار وجماعات اخرى، ولكن المملكة صنعت لها نفوذا اقليميا ومن ثم عالميا من خلال مصدرين عملت على ديمومتهما، يتركز الاول في الساحل الغربي للمملكة متمثلاً بالجذب القدسي حيث الاماكن المقدسة، وهو ما جعل عدداً من الشعوب العربية تؤمن بأنّ المملكة بمثابة الحارس للإسلام والامة العربية، ويتمثل المصدر الاخر بالساحل الشرقي، حيث يتكدس البترول الذي ساعد المملكة على دخول الاسواق العالمية، وتسخير نفوذ النفط في اللعبة السياسية، هاتان القوتان تدعم إحداهما الأُخرى، في بلدٍ لم يكن على الخريطة السياسية الا منذ مدة بسيطة لا تزيد عن عمر الولايات المتحدة.

مشروع افغانستان:
كانت أُولى التجارب او المشاريع الاستراتيجية بين امريكا والسعودية هي حرب افغانستان، وقد جسدت اعلى مستويات التعاون بين البلدين، إذ قدّم كلا منهما دعماً مالياً يقدر بمليارات الدولارات للمجاهدين الافغان، وكانت وكالة المخابرات المركزية الامريكية احد الاطراف التي عملت على ايصال شتى المساعدات الى الافغانيين لان السعودية لم تقدر على التصدي للمهمة لوحدها([2])، وقد اسفرت هذه التجربة عن نتائج مذهلة، جنبت الامريكان الخسائر البشرية وعناء ايجاد المبررات والشرعية في خوضها الحرب ضد روسيا، وعرفانا لتلك الخدمة لم تحتل امريكا السعودية بعد ان ثبت ان تنفيذ عملية الحادي عشر من سبتمبر كان بإشراف عناصر سعودية، بل تم احتلال افغانستان والعراق، وزيادة التأكيد على ان حزب الله وايران وسوريا من اكبر الدول الراعية للإرهاب.
ان الجماعات المتطرفة التي ازدهرت في المملكة لم تعرف غير القتال، والطعن، وحزّ الرقاب، كما ان امريكا لا تريد ان تعرف عن الاسلام اكثر من ذلك، انها المعرفة التي تنبعث من وحي السياسة الواعية بمصالح امريكا في الشرق، وقد جلبت معها تباشير مجموعة من المكاسب السياسية والاقتصادية، فمن منظور خفي تبدو تلك الجماعات مجرد جناح في قوات التدخل السريع التي اعدتها امريكا لمهام كبيرة في الشرق الاوسط، وبالفعل كان تنقل تلك الجماعات المتطرفة في بلدان الشرق والعالم اسرع من الاساطيل الحربية الامريكية، تحمل معها الدمار والموت الذي اصبح مشروعا معلنا من قبل امريكا والسعودية مؤخرا، وتحكي لنا مجموعة من البلدان الاسلامية عن تلك الحقيقة المؤلمة من افغانستان الى اليمن مرورا بسوريا والعراق، ولهذا المشروع فروعا كثيرة في ليبيا والجزائر والبحرين، وبلدان اخرى.
ولكن هل للاستشراق دور في صناعة المملكة؟ على وفق رؤية ادوارد سعيد يكون الجواب: نعم، فمع وجود الارتباط بين الاستشراق والإمبريالية، سيكون للمعرفة التي يتفرع منها الاستشراق دورا في صناعة دولة مثل المملكة، وهو ما سيتضح في هذا البحث حول ما يقوم به قسم من المستشرقين والصحافيين الغربيين من ترويج للتطرف بوساطة مجالهم المعرفي، حيث يبدو ان عدداً من رسائل قادة التطرف وتوجيهاتهم قد مرّت من قنوات معرفية غربية الى انحاء العالم على شكل معلومات مقروءة او مسموعة او مصورة، لقد اصبحت شخصيات من امثال الفلسطيني عبد الله عزام، والمصري ايمن الظواهري، والسعودي اسامة بن لادن رموزا بفضل الاعلام الغربي، وطريقته في التعامل مع تلك الظاهرة، لذلك غادر على حد قول ادوارد سعيد دارسو القبائل (الاستشراق الكلاسيكي) ارض الجزيرة وحل مكانهم مديرو شركات النفط، والصحفيون، وباحثون لهم ارتباط بشركات السلاح.
واذا اردنا ان نبحث عن المستشرقين مؤخرا فلن نعرفهم الا بوصفهم خبراء سياسيين في الشرق الاوسط، او خبراء في الاسلام، وهم على الاغلب أمريكيون، وممكن ان نعدّ مجالهم معادلا فكريا لإدارة الازمة، وقد نالوا مكانة رفيعة لرعايتهم فكرة ان العالم الاسلامي يمثل بالنسبة لأمريكا منطقة ذات اهمية استراتيجية، تكمن فيها انواع المشكلات المحتملة كافة، وقد فاقت امريكا فرنسا وبريطانيا في مستوى خبرائها بالشرق، حتى اصبحوا طبقة لها ملحقيات وشركات عملاقة في عموم الشرق([3]).
وقبل أن تتبنى امريكا ملف الشرق قدم مستشرقو بريطانيا وفرنسا خدمات جليلة لحكوماتهم في تفسير الشرق واستجلاء غوامضه واسراره، حتى يكون في متناول اليد، ولا يكون مخيفا ومريبا([4])، ثم أفاد الامريكان من تلك التجارب للتعمق بمعرفة الشرق والاطمئنان اليه الى حد التعاطي مع الجماعات المتطرفة، وقد انعكس ذلك على موضوعات الباحث الامريكي التي ملئت بالحروب والنزاعات في المنطقة، معرفة تكاد تخلو من النتاج الانساني الادبي والفني والفكري والاخلاقي، لأنها تنطلق من غرف المخابرات ومقرات الشركات المستثمرة وتوجيهات السياسيين، وسوف لن تجلي تلك المعرفة أي غموض وسحر يمتلكه الشرق، لكنها ستساعد الامريكان على الاقتحام والتوغل داخل العمق الشرقي من دون خوف أو مفاجآت، وهو ما يفسر قدرة الباحث الامريكي على خلق معرفة لها في عالم السلطة والسياسة حضور مؤثر.
في السبعينيات من القرن الماضي اعتمدت امريكا على عدد هائل من الباحثين المختصين بالعالم الاسلامي، كان على 1650 منهم تعليم لغات المنطقة لـ 2659 طالبا من طلاب الدراسات العليا في عام1970، ولـ 4150 طالبا من طلاب الشهادات الجامعية الاولى وهي نسبة تقارب الـ 10 % من مجموع الطلاب المختصين بالمناطق الاخرى، ومن المثير للاهتمام ان الشركات الخاصة لها دخل في تمويل مثل تلك الدراسات، كما هو الحال لشركة (إسو) للشرق الاوسط، وهي فرع من شركة إكسبون، وقد رضخت الجامعات لهذا النفوذ بزعم دعمها لتطوير خبراء ومختصين بالسرعة اللازمة وبأعداد كبيرة لتحقيق غايات الحكومة والشركات الكبرى والتربية([5])، وهذا ما يبرر ثقل شركات امريكا وخبرائها في السعودية والخليج عموما لان تلك المنطقة تحوي الفكر والمال اللازمين لتحريك الامور، وهو ما يعزز الاهتمام المتزايد بالإسلام السياسي، وقضايا الصراع والازمات.

الاستشراق ــ الوهابية:
من اللافت للنظر ان العديد من الباحثين والصحفيين الغربيين ممن كتبوا عن الوهابية والمملكة عبرت مؤلفاتهم ومقالاتهم عن الانبهار والاعجاب بالقادة الذين أنتجهم الفكر الوهابي معتبرين اياهم الاقرب تمثيلا للإسلام، وهو مخالف للتيار السائد او نمط البحث المتبع عند المستشرقين الذي يغلب عليه طابع النقد والانتقاص حول مجمل قضايا الاسلام والمسلمين، ومن هنا تكمن غرابة ما يكتبه هؤلاء حول الوهابية وتحركاتهم في الوسط الاسلامي، وقد يعطي هذا الاهتمام والتشجيع والترويج من قبلهم اشارة الى امكانية استخدام الوهابية سلاحاً لضرب العمق الاسلامي وتشويش عقائد المسلمين، واحداث شرخ بينهم، وهي الحسنة التي وجدها المستشرقون وامثالهم في الحركة الوهابية.
ازداد اهتمام المستشرقين بالجزيرة العربية بالتزامن مع ظهور حركة الوهابية التي اتسع نفوذها في بداية القرن التاسع عشر على حساب القبائل العربية القاطنة في الجزيرة واليمن وعمان، وامتد خطرها تجاه الشرق في البصرة ومدن وسط العراق، واغلب الظن ان غارات الوهابية بقيادة آل سعود على العراق هي التي نبهت المستشرقين الى قوة واعدة ومهمة في المنطقة، ففكر قسم منهم بدراسة الدعوة الجديدة والاهتمام بها، وكانت البداية مع الرحالة نيبور الذي اقام مدة قصيرة في نجد.

لوييس دوكورانسي:
استفاد دوكورانسي الذي ألف فيما بعد كتاب عن الوهابية من معلومات نيبور، وارسل مقالا موجزا عن تاريخ الوهابية نُشر في جريدة لومونيتور في 31 تشرين الاول 1804، ثم نقلت هذا المقال مجلة فرانكفورت في ثلاثة فصول هي: اصل الوهابية، قصة الشيخ محمد عبد الوهاب ـ وابن سعود، الاستيلاء على مكة([6]).
ان قصة دوكورانسي مع الوهابية تعطي انطباعا غريبا، فالوهابية بنظره حركة اصلاحية تمتلك مقومات النجاح والقبول بسبب تشابهها مع بداية الدعوة الاسلامية، والاغرب انه جعل من نفسه مصحح ومدافع عن تاريخ الحركة الوهابية مع ان كتابه (الوهابية تاريخ ما اهمله التاريخ) مليء بالأخطاء التاريخية الواضحة، بل ان بعض الاحداث تبدو له مقلوبة تماما، كما ان بعض اسماء الشخصيات المشهورة تاهت عليه فيذكرها بمسميات اخرى.
ان المطلع على كتاب دكورانسي سيكتشف ميله واعجابه بتلك القبيلة الصحراوية التي استطاعت ان تهزم جميع القبائل المجاورة وتضمها اليها لتشكل القوة القاهرة والوحيدة في الصحراء، فتلك القبيلة تجسد بنظره واقع العرب البدوي وطبيعة حياتهم القاسية، وهذه الطبيعة كانت هي المنبت الصحيح لحركة الوهابية الاصلاحية، مثلما ادت الدور نفسه في عصر الرسول (ص) في تبنيها لرسالة السماء ونشرها بين الامم.
ينزه دوكورانسي الوهابية مما نسب اليهم على انهم امتداد للقرامطة الفوضويين الذي ثاروا على خليفتهم الشرعي، واشباههم من الحشاشين وغيرهم، فالوهابية تناقض تلك الفرق، لأنها اعادت الديانة الى بساطتها الاولى([7])، كما فضل الوهابية على مذهب التشيع وهو لا يعرف عن عقائد الطرفين الا القليل، فعندما قُتل ثلاثين شخص من الوهابية على اثر نزاع بينهم وبين احد العشائر العراقية وهم (الخزاعل) في النجف الاشرف، وصف دكورانسي تلك الحادثة بانها ظلم، ولكنه عندما يمر على ذكر الفجائع التي مارسها الوهابيون في كربلاء المقدسة مع الاطفال والنساء، لا يرى في ذلك أي ظلم، بل يتطرق الى ما يتمتع بها الوهابية من حظ لان عقيدة عمياء ساقت لهم اصناف الكنوز هي التي استولوا عليها في ضريح الامام الحسين (ع)([8]).
من المعروف عن المستشرقين ابتعادهم عن ذكر محامد الشخصيات الاسلامية، وقد لقي الرسول (ص) هجوماً عنيفا من اقلامهم منذ بعثته والى يومنا هذا، ولكن دوكورانسي يخالف تلك السيرة مع ال سعود والوهابية، فيصف عبد العزيز بن سعود بانه سياسي وقائد ماهر، وكان العدل يوجهه في جميع تصرفاته، ثم يذكر دوكورانسي ان عبد العزيزكان يسطو على الاقوام المجاورة وينهب اموالهم، ويترك من يقبل حكمه وهو حكم القرآن وحكم القادر الاعلى([9])، وهو تلميع لصورة شخص اعتاد الغزو والظلم، وتسقيط لمكانة القرآن ونظرة المسلمين الى الخالق في الوقت نفسه، لان من يمثلهما شخص مثل عبد العزيز الذي يستمد فتواه من المذهب الوهابي.
يقارب دوكورانسي بين حركة الوهابية واندفاعها مع حركة الفتوحات الاسلامية، فجماعة عبد الوهاب يحملون كتاب الدعوة الى مذهبهم بيد والسيف باليد الاخرى، وعلى ما يبدو ان الوهابية تحمل معها بالنسبة لدوكورانسي وامثاله تباشير انهاء حكم العثمانيين في الجزيرة وما حولها، لذلك رحب بفكرة اعادة الخلافة الى حضيرة العرب على يد محمد عبد الوهاب الذي اعجب به دوكورانسي كثيرا، فهو من يحمل امل القضاء على الخرافات والطقوس الوثنية التي زحفت الى الدين الاسلامي من الشرق، وعملت على انشاء مزارات اشتهرت بأعاجيب مضحكة، وجعلت بين الله والبشر وسطاء([10]). وفي كتاب دوكورانسي العديد من العبارات ينتقص فيها من عقيدة التشيع بطريقة مباشرة وغير مباشرة، في حين يجعل من جماعة عبد الوهاب وآل سعود رموزاً عربية وإسلامية، وكذلك ينال دوكورانسي من أي طقوس اخرى في الاسلام، مثلا يصف الدراويش بانهم جماعة هستيرية، ولم ترق جميع المذاهب الاسلامية له، الا حركة الوهابية التي ستنقذ دين الله مما حل به من التحريف والتزييف.

شارل ديدييه:
نستشف من آراء المستشرق الفرنسي شارل ديدييه وترجماته رغبته في طرح مذهب الوهابية على انه الاقرب الى سيرة الرسول (ص) من بين جميع المذاهب والتيارات الاسلامية. يصف ديدييه محمد عبد الوهاب بالرجل الجليل والحزين لما يراه من فساد عقيدة المسلمين وخصوصا لدى الاتراك، بتفاعل كبير حتى يظنّ المرء ان ديدييه وهابي من الطراز الاول، فكلامه ينم عن الرضا والقناعة بشعارات عبد الوهاب التي تنفي استمرار دور النبي (ص) والاولياء من بعده من الاعتبار، داعيا المسلمين الى الاعراض عنهم، والتوجه مباشرة الى الله تعالى، ولم يكتف ديدييه بذلك حتى قارن بين عبد الوهاب وبين اصلاحيين من الغرب مثل اللاهوتي الفرنسي جون كالفن (1509- 1564م)، الذي نشر راية البروتستانتية في فرنسا وسويسرا، والراهب والمصلح الديني الايطالي جيرولاموا سافونارولا (1452- 1498م)، الذي شن حملة ضد الفساد الاخلاقي داخل الكنيسة، ثم يشبه دعوة عبد الوهاب بدعوة لوثر الاصلاحية، فكما دعا لوثر الى العودة للكتاب المقدس دعا عبد الوهاب الى الرجوع للقرآن الكريم، ويعلل ديدييه النجاح القليل الذي حققته دعوة عبد الوهاب في البداية الى تمرد الشرق في وجه الاصلاحات([11]).
وسمات الوهابية كما يراها ديدييه – الذي طُبع كتابه رحلة الى الحجاز في الرياض- انها استطاعت ان تقدم للبدو في الجزيرة العربية من الوعي والتثقيف ما لم يقدمه الاسلام لأكثر من1200 سنة، فقد صححت مفاهيمهم عن الالوهية، ومصير الانسان على هذه الارض، وفتحت اذهانهم على افكار اكثر نبلا، وقلوبهم على خلق اكثر سموا، واحترام ملكية الاخر، واستأصلت عادة السرقة حتى اصبحت الصحراء اكثر امانا([12])، ان تلك الرؤية تخالف اراء الغالبية من جمهور المسلمين على اختلاف مذاهبهم الذين أبدوا منذ البداية رفضهم وصدهم لأفكار عبد الوهاب المتطرفة والمخالفة لما عرفه المسلمون عن دينهم، عندما تجول في العديد من البلدان الاسلامية كبغداد، والبصرة، والقاهرة، ودمشق، وكردستان، وبعض المدن في ايران، وهو يدعو الى مذهبه الجديد، حتى عاد الى الاحساء فوجد من يسمعه ويؤمن به.
وقد وصف بعض المستشرقين طبيعة حياة البدو القاطنين في الجزيرة بانها كانت السبب وراء تقبل المذهب الوهابي، حيث اشار المستشرق فولني الى بعض اعتراضاتهم حول الشعائر الاسلامية بقولهم : ولماذا نذهب الى مكة اذا كان الله موجوداً في كل مكان؟([13]) ومن امثال تلك التصورات وجدت الوهابية المبررات للنيل من مكانة الرسول (ص) بين المسلمين، ومن ثم تكفير المذاهب التي تقتدي بسيرة الاولياء بعدّهم مشركين.
ولم يكن عبد الوهاب الوحيد الذي استحوذ على مشاعر ديدييه، فـ(سعود) حليف عبد الوهاب هو الاخر نال مكانة اسطورية عنده، فكتاب سعود العقائدي الذي صنفه ليُدرس في المدارس ينضح في كل سطر من سطوره بروحانية خالصة، وبسمو في المشاعر يختلف كل الاختلاف عن المادية اللفظية التي ينغمس الاتراك فيها، فقد ادرك سعود وعبد الوهاب ما ادركه النبي (ص) سابقا من خطورة الخرافات على شعب يمتلك مخيلة خصبة، لذلك حرما عليهم كل انواع الصور، والوهابية جاءت لتؤكد هذه الرؤية، وعبرت عن ذلك بهدم القباب المقامة على اضرحة الاولياء لأنها من ميزات المعابد، وهي تدعو الى تقديس الاولياء وهو حرام([14]). انه مزج غريب وخطير في الوقت نفسه، وهو اكثر غرابة عندما يصدر من شخص مثل شارل ديدييه، لان حضارته وثقافته تدعم كل اشكال الفن من التصوير والنحت والنقوش بمختلف موضوعاتها، وقد عِيب على الاسلام من قبل الغرب تشدّده في حرمة صناعة التماثيل ورسم الصور للكائنات الحية في السابق، وعندما خف هذا التشدد بمرور الزمن جاءت الوهابية لتعيد النظرة السابقة بقوة، ولكن موقف ديدييه وبعض المستشرقين حيال تلك التغيرات يقود الى التناقض، فمرة يكون الاسلام ديناً متحجّراً ومتخلّفاً؛ لأنه يحارب جميع اشكال الفن والاعمال الابداعية للإنسان من زخرفة ونحت وتصوير الى آخره، ومرة تكون الوهابية هي حركة اصلاحية واصيلة لأنها تحارب ما زحف الى الاسلام من الافكار الوثنية كبناء الاضرحة وزخرفتها وانتشار التصوير والنحت في البلدان الاسلامية. وهذا يعني ان بعض المستشرقين ضد الاسلام لأنه يحارب مختلف صور الفن، ومع الوهابية لأنها تحرم جميع الاعمال الفنية التي يمارسها الانسان.
انّ طرح ديدييه لعقيدة الوهابية بهذه الطريقة يوحي بصلته من بعيد او قريب بالمملكة، ويكشف بعض الغموض حول ما يسعى الغرب اليه من توظيف لعقيدة الوهابية، والا كيف يبدي مثل شارل ديدييه اعجابه بما تطرحه الوهابية في هذا العصر من افكار هي نفسها لم تلق القبول لدى الغرب عندما جاء بها رسول الاسلام (ص) قبل 1400 سنة.
عندما يصف الشيعة سمات علي والائمة عليهم السلام وشمائلهم يكونون مغالين ومفرطين، فيذكر ديدييه متناغما مع الوهابية ان طريقة تعامل الشيعة مع اضرحة اهل البيت ما هي الا عودة الى الوثنية وانتكاسة في مسيرة التوحيد، ولكنه لا يكون مبالغا ولا ومفرطا عندما يصف سعود بانه متواضع يدخل عليه جميع الناس غنيهم وفقيرهم، وهو لا يميز بين احد، فالجميع يتحدث إليه بحرية وخصوصا الفقراء، وكان يقيم العدل بين الناس بتجرد وموضوعية، لا يعرف الانحياز اليهما سبيلاً، كان صادقاً بوعده، يمقت الكذب، متمكنا من التراث الاسلامي شأنه شأن صفوة العلماء، وفي حكمه بين الناس كان يطبق قانون القرآن بحذافيره بلا تأويل ولا تعسف([15])، ولندع الفقرات السابقة التي جعلت من سعود بمستوى الانبياء، ونسأل ديدييه عن تطبيق حكم القرآن بحذافيره الذي استعصى على الخلفاء في صدر الاسلام وايام الدولتين العباسية والاموية، وجميع القبائل والجماعات التي استولت على منبر الشرعية في الاسلام، اما في الوقت الراهن فإنّ موضوعات القرآن وتطبيقاتها على ارض الواقع تصطدم بممانعات شديدة، حتى باتت معظم احكام القرآن معطلة في بلدان اسلامية، والتطبيق بالحذافير لم نجد له مصاديق الا في طبيعة تعامل القاعدة ومن ثم داعش، اللتين اشاعتا اعمالاً بشعة من ذبح وتقتيل، بدعوى التطبيق الحرفي لأحكام القرآن، وليطمئن ديدييه لذلك لان القاعدة وداعش وجدا بفضل عبد الوهاب وسعود.

روبرت ليسي:
لقد احاط روبرت ليسي المملكة بهالة من الجاذبية تدعو للانبهار، فهو يصف رجالها اصحاب الثياب الغريبة بالعظام، ولثقتهم بالله اكثر من ثقتهم بالبشر استطاعوا ان يديروا دولتهم الغنية بنجاح حتى اصبحت تتحدى المنطق والتاريخ ببقائها، ثم يصف روبرت المملكة بانها احد ألغاز هذا الكوكب المثيرة للبعض والمزعجة للبعض الاخر، لذلك ذهب للعيش هناك في عام 1979([16])، ويبدو من كلام روبرت ليسي ان النفوذ والقوة الاقتصادية التي اصبحت تمتلكهما المملكة في الشرق هما من اقوى العوامل التي تدفع الى تواجد الباحث الغربي هناك.
لقد قابل روبرت ليسي الملك خالد بن عبد العزيز ال سعود في عام 1979. ووصفه بالملك الرقيق والخجول، وهو وصف لا ينطبق على بدوي، فما زالت صفة البداوة يطلقها الباحثون الغربيون على المسلمين العرب أين ما حلوا، وان تأثروا بالثقافات الاخرى فإنّ صفة البداوة كامنة في نفوسهم، هذا ما يقوله الغرب عن العرب، ومن المعروف ان البدوي قاسي القلب وخشن الطباع، فكيف بملك اقام مملكته في قلب الصحراء ان يكون رقيقا، واذا كان الملك قد اصبح رقيقا بالفعل فهذا يعني ان الجانب الروحي للملكة اصبح اسيرا للثقافة الغربية، ولم يبق من تراثها وماضيها الا المظاهر فقط.
ان فضل ال سعود كما يراه (روبرت ليسي) على الاسلام هو انهم اقاموا مملكتهم في البيت الحرام، وسيطروا على حقول النفط، ولولاهم لكانت تلك الحقول امارة اخرى مرفّهة وعصرية، ومليئة بالمناطق الضحلة والعاهرات الروسيات، والفضل في ذلك يعود ايضا الى المذهب الوهابي الصارم([17])، ولو نظر روبرت قليلا لوجد ان جميع المدن في العالم الاسلامي التي تحوي المساجد الكبرى، والاضرحة انها بقيت ذات طابع ديني محافظ ولا يعود الفضل في ذلك لطبيعة النظام الذي يحكمها، بل بالثقافة السائدة، تتبدل الانظمة باستمرار وتبقى هذه المدن صامدة بوجه الثقافات الاخرى.
ساهم روبرت ليسي في تحليل الغموض الذي احاط بشخصية جيهمان العتيبي، الذي عرف عنه تصلبه الديني ومحاولاته في احياء الزمن الذي كان يعيشه الرسول صلى لله عليه واله في جميع تفاصيله في العصر الحاضر، ولقد دهش المجتمع السعودي عندما علموا ان العتيبي استولى على الحرم المكي في عام 1979، واتخذ منه مقرا لدعوته لإسقاط حكم ال سعود، بدأوا يتساءلون عن الطرف المحق في هذا النزاع، وازدادت شكوك الناس بمصداقية المملكة وعلمائها الوهابيين عندما صدرت الفتوى بضرب الحرم واستخدام انواع العنف لإخراج المحتلين منه. ولكن جهيمان يستحق النسيان من المجتمع السعودي لتهوره، وجرأته على الحرم المكي، استعرض روبرت هذا الحدث لي انه قوة وانتصار لسلطة آل سعود وعلماء الوهابية، وبطريقة وصفية جيدة كان فيها جهيمان شخصا تافها لم يحقق شيئاً، كما انه اذل نفسه في طلبه العفو من ال سعود، وربما كان ذلك السبب الذي جعل المملكة توافق على نشر الطبعة الرابعة من كتابه داخل اراضيها، ولم يتم حظرها كبقية الطبعات السابقة.
هناك عدد من ابناء المملكة يحمل افكار العتيبي وهم رافضون للصلات القوية التي تعقدها المملكة مع امريكا والغرب، ولم يوقفهم الا علماء الوهابية وعلى رأسهم ابن باز، وقد وجدت المملكة لهذا الغضب والاحتقان سبيلا في توجيهه نشاط المتطرفين خارج حدودها، وكانت فتاوى ابن باز جاهزة، لذلك انطلق الشباب السعودي على العكس من جهيمان العتيبي الى تفريغ غضبهم في بلدان اسلامية اخرى، وقد اتاحت المملكة الوصول الى هذا الخيار وقدمت لهم تسهيلات.
أمّا وصف روبرت ليسي لابن باز فهو عبارة عن مهزلة خصوصا انه جاء على لسان مستشرق، فقد وضع روبرت ابن باز في عالم الماورائيات والروحانيات، انه رجل دين لا يشق له غبار، مضبوط في وضعية الاستماع، لأنه اعمى، وجهه قوي القسمات، منتصب نحو السماء، كما لو كان يريد الامساك بهمسات شفيفة من لدن الله خفيفة لاتكاد تدرك، فهو شجاع لم يكن يخشى سلطة دنيوية([18])، كما قام ليسي بتبرير جهالة ابن باز وضيقه حول موضوع كروية الارض، حيث ظلّ ابن باز مصراً على ان الارض مسطحة حتى اصبح مهزلة أمام الرأي العام، الا ان روبرت عمل على اخراج ابن باز من هذا المأزق بطريقة ذكية، مدعيا ان ابن باز كان من حقه ان يطلب الدليل القاطع على كروية الارض لأنه يقف على ارض مسطحة([19])، وببساطة يكون الرد على روبرت ليسي ان ابن باز من حقه ان يطلب الدليل لو كان في القرن الثامن عشر او القرن التاسع عشر، ولعل ابن باز اخر مخلوق على الارض بقي معتقدا ان الارض مسطحة وليست كروية.

جان جاك بيربي:
اما المستشرق الفرنسي جان جاك بيربي، فهو مختص بتنزيه سياسة ال سعود من الاخطاء، باعتبارها نموذجاً ملائماً لواقع المملكة المبني على الدين والبترول، وقد اعطى بريبي بعدا دوليا لزعماء ال سعود، من خلال ادارة التحالفات الدولية بشكل رائع ومبهر، فضلاً عن وصفهم بأنّهم يحملون هما وهم جديرون به وهو قيادة العالم العربي نحو الوحدة، تحت لواء الى سعود، فقد حمل هذا الهم سعود بن عبد العزيز منذ عام 1955، وقد وصف بيربي عامله بانها تحمل البراهين المتعددة على رغبته المستمرة في توحيد الشعوب العربية، بل كان يهدف الى تعريب الشعوب الاسلامية بأسرها([20])، ان كلام بيربي يحمل في طياته دافعا وتشجيعا لأجيال آل سعود ليلعبوا دورا رياديا في منطقة الشرق الاوسط ويحافظوا على شرعيتهم وعدم التفريط بها، كونهم يقودون مملكة الحق الالهي كما يصفها بيربي.

روبرت فيسك:
تلخص توجهات ابن لادن وتحركاته في افغانستان طبيعة سياسة المملكة مع العالم الاسلامي، وهذه السياسة تكاد تتطابق كليا مع تطلعات امريكا والغرب في المنطقة، وقد كان الحديث عن دعم السعودية لمقاتلي الطالبان معلنا، فقد ذكر فيسك الاموال التي نقلها امراء سعوديون الى هؤلاء المقاتلين عن طريق باكستان، وقد كانت اموالا ضخمة تعادل ميزانيات بعض الدول الاسلامية والشرقية، ومن المؤكد ان السعودية لم تقطع الدعم عن قضايا مشابهة إلا انّ هذا الدعم اتخذ منحى سرّياً، لان المقاتلون الجدد اتجهت اعمالهم الى داخل الجسد الاسلامي.
وتواصلاً مع توجهات ممّن مر ذكرهم من المستشرقين صنع الصحفي البريطاني روبرت فيسك من اسامة بن لادن اسطورة، وما على المسلم الذي يقرا كتاب فيسك (الحرب الكبرى تحت ذريعة الحضارة) الا الالتحاق بابن لادن فورا، فهو شخصية هادفة وجدية وفاعلة ومؤثرة على مستوى الاسلام والعالم، استطاع بمدة قليلة ان يلمع مثل نجم في الساحة الاسلامية والعالمية، شارك في اخراج الاحتلال الروسي من افغانستان، ثم رحل الى السودان ليساعد الاهالي الفقراء والمهملون من قبل الحكومة، ثم عاد الى افغانستان ليتصدى للاحتلال الامريكي، وقد كشف نفاق عددٍ من القادة والقوى الاسلامية، وهو يدير الامور من خيمة بسيطة وبأسلوب مبسط يشبه فيه حياة الرسول (ص) ([21]).
ان الصحفيين يمتلكون القدرة على ابتداع الاساطير حول الشخصيات وصناعتها، والاعلام والصحافة الغربية كانا رائدين في تلك الصناعات، ويستطيع هؤلاء الصحفيون ان يجعلوننا نصدق بان اعمالهم في خدمة الانسانية والحقيقة وليس في خدمة انفسهم وبلدانهم، ولكن الواقع هو العكس تماما، فهم موظفون لخدمة بلدانهم، وقد حصلوا على انواع الدعم المادي والمعنوي من قادتهم، ومن ثمّ فإنّ هناك عدداً من الاسئلة حول لقاءات روبرت فيسك بابن لادن مرة في السودان، واخرى في افغانستان، وهل يعقل ان يحصل فيسك على تسهيلات في تنقلاته من بلد الى اخر، من دون ان يقوم بواجبه تجاه بلده وحضارته في نقل ما هو مطلوب منه حول تحركات وخطط ابن لادن، واماكن تواجده.
من هنا نتساءل حول ما يشكله سحر بن لادن وجاذبيته بالنسبة لشخص مثل فيسك، ولماذا يقوم بالثناء والاطراء المفرط على شخص ابن لادن ويصوره بصور محببة الى النفوس منذ كان صغيراً الى أن أصبح زعيما للقاعدة. قد يساعدنا ذلك في تفسير طبيعة بعض الاعمال التي يقوم بها باحثون او صحفيون غربيون عندما يحومون حول بعض القضايا والشخصيات في الشرق لتصنع منها مسائل عملاقة، انه نوع من انواع الحروب، واختبار لطبيعة الوعي الشرقي ومن ثم توجيه لمجتمعاته الى مسارات مجهولة وغامضة. وكأنّ ابن لادن واحد من اهم النماذج داخل تلك التوجهات الغربية، وهو ما نلمسه في مهمة فيسك الذي اضطلع بإيصال رسائل بن لادن الى العالم كتشجيع للعناصر التي تمتلك الاستعداد للانضمام اليه والمشاركة في معاركه الاقليمية والدولية([22])، وهي في حقيقتها معارك امريكا والغرب، لأنها تتمحور حول مصالحه في العالم الشرقي ولا تتطابق مع اهداف الدين الاسلامي الذي يدعي ابن لادن انه الممثل عنه في الوقت الراهن.
يحاول روبرت فيسك ان يقلل من شأن جميع القوى والاحزاب الاسلامية والعربية، كالإخوان وحزب الله، والاحزاب والمنظمات الاسلامية والرؤساء العرب، فهم في نظره لم يوازوا ثقل شخصية بن لادن منفردا، فهو الوحيد الذي يمتلك حسا اسلاميا اصيلا، ويحمل هموم المستضعفين، ويمثل امل الطامحين لهزيمة الباطل واحقاق الحق، ثم يضفي على شخصيته مسحة من الاعجاز، ففي احدى الحوادث التي مر بها ابن لادن اثناء معاركه مع الروس، كان لا يبعد عنهم اكثر من ثلاثين مترا، وبينما كانوا يريدون القبض عليه وهو يتعرض للقصف، كان قلبه هادئا الى درجة استغراقه في النوم، وهي حالة السكينة التي نصت عليها بعض الاحاديث، حتى ان قذيفة الهاون من عيار 120 مليمتر التي سقطت امامه لم تنفجر، اضافة الى اربعة قنابل اخرى اسقطها الروس على مقر قيادة ابن لادن ولم تنفجر ايضا([23]). تنجح هذه القصص لاستقطاب بعض المسلمين نحو مشاريع ابن لادن القتالية، بينما لا تعطي أي مفعول لدى المواطن الغربي، فروبرت فيسك يكتب الى فئة معينة، على الارجح من تم تغذيتهم بأفكار عبد الوهاب، وهم اليوم موزعون في انحاء العالم ولا تصلهم اخبار ابن لادن لولا جهود فيسك وامثاله، ممن يوفرون تلك الاخبار عن طريق مؤلفات باللغة الانكليزية. تطبع في اوروبا وامريكا وتنشر على نطاق واسع. وقد يفسر لنا ذلك بعض اسباب انضمام مجموعة من المسلمين ممن يعيشون في بلدان غربية الى القاعدة، وداعش. وكان على الغرب قبل ان يتشدد في اجراءاته الامنية متابعة ما تروجه بعض الاقلام الغربية من افكار خطيرة، ويتم طباعتها في اماكن عدة، حتى توصف بانها الاكثر مبيعا([24]).
وبعد عملية التهيئة الفكرية التي تنتجها اقلام المستشرقين والصحفيين يتدخل قادة الغرب من خلال اجهزتهم السرية المعروفة في رسم الفريسة المناسبة التي يجب على المتطرفين اقتناصها، وهو ما يفسر تغيير معارك القاعدة وبناتها جغرافيا، واقترابها نحو الشرق الادنى حيث مركز الشيعة، وابتعادها عن الاهداف القديمة المتاخمة للحدود الروسية، وقبل ان يصفي اسامة بن لادن حسابه مع الروس والمملكة وامريكا مؤخرا قام بفتح جبهة استراتيجية في العراق، وقد صرح ممثلة أبو مصعب الزرقاوي ان الشيعة بما يحملون من مذهب هدف محوري في معركة الشرق، وكانت امريكا والسعودية من المتفرجين على القنص الذي تقوم به القاعدة ضد الشيعة بالذات، وقد اشار غارودي الى العلاقة الواضحة التي تربط الحركات الاسلامية المتطرفة بالغرب تلك العلاقة ([25]) فرضتها الشراكات النفطية مع المملكة، وكذلك التحالفات السياسية معها.

لورانس رايت:
وكان لورانس رايت الذي نشرت كتابه (البروج المشيدة) وكالة انباء رويترز العالمية، المعروفة بخضوعها لقوانين الاستخبارات العسكرية الامريكية، كان رايت مهتما بشخصية ايمن الظواهري وبعض العناصر التي تحمل فكر القاعدة، اهتم رايت بتلك الشخصيات واضفى عليها طابعا محببا، وكان محوره الرئيس من بين تلك الشخصيات ايمن الظواهري فهو الشخصية الثانية في تنظيم القاعدة، وخليفة ابن لادن.
ولكن قبل ذلك تتبع رايت مسيرة الاسلام المتطرف وبعض الروافد التي عملت على تغذيته، وكان واحدا من اهم تلك الروافد هي حركة الاخوان المسلمين، التي احاطت القصص والاحداث المثيرة بحياة مؤسسيها وعلى رأسهم سيد قطب، وهو ما اجتذب الشباب المسلم الى تلك الشخصيات بوصفها النموذج الاسلامي في العصر الراهن، حياة سيد قطب وافكاره، وقباحة الانظمة السياسية التي اصطدم معها خلقت منه قوة فكرية كتب لها الانتشار والنفوذ على نطاق واسع في العالم الاسلامي، حتى كادت ان تسقط النظام السياسي في مصر وتقيم حكومة اسلامية مكانه.
ابتدأ رايت مع سيد قطب الذي كان من اهم العوامل المؤسسة لأفكار ايمن الظواهري، ثم تكاملت أفكاره على وفق توجهات القاعدة بالتحاقه بابن لادن، وقد طرح رايت شخصية قطب بوصفها نموذجاً إسلامياً أصيلاً، فهو المعذب  والرجل الصالح الذي ستهدد عبقريته الحكومات في جميع انحاء الاسلام، وتجذب جيلا من الشباب العرب الذين يشعرون بالغربة، والذين كانوا يبحثون عن معنى وهدف لحياتهم وسيجدونها بعد ذلك في الجهاد([26])الذي احياه قطب في نفوسهم.
لقد صور رايت قطب ندّاً أو بديلاً للثقافة الامريكية التي بدت بعين قطب مجموعة من السخافات والسلوكيات السطحية التي لا تعرف أي معنى من معاني النفس، وقد شاهد قطب الثقافة الامريكية عن كثب عندما ذهب هناك لغرض الدراسة، واكتشف لعنتها على الانسان، وهو ما عزز تمسكه بثقافته ودينه اللذين يحفظان كرامة الانسان، كما ارسل رايت رسالة الى المجتمع الاسلامي على لسان قطب عن مخاطر التمدد الشيوعي، فقد رصد قطب شرور الشيوعية في امريكا واثرها في نشر الالحاد([27]). كل قراءات قطب سواء حول الثقافة الغربية وماديتها ام الى الشيوعية وإلحادها، ام لانحراف المسلمين وابتعادهم عن خط الاسلام الصحيح، جعلت منه معادياً لما يحيط به من اختلاف، واخيرا اقدم على اقتحام عالم الفتوى، فقد اشار بكفر حراس السجن الذين اطلقوا النار على سجناء محتجين في احدى مستشفيات مصر، وكان ذلك من الاحداث المؤسسة لفتاوى التكفير بين المسلمين في العصر الراهن. تلك هي القناة التي استمد منها ايمن الظواهري معظم افكاره وتطلعاته ونظرته الى الغرب والديانات والمذاهب الاخرى، وقد اشتدت نظرته الاحادية وازداد تطرفه بعد اتصاله بالقاعدة، ووصوله الى موقع مهم فيها.
جعل (رايت) من ايمن الظواهري القائد للطليعة التي تنبأ بها سيد قطب، وقد وصفه بالورع منذ عمر مبكر، كما بدت عليه النزعة الدينية بوضوح لتؤكد صورته بوصفه فتىً رقيقاً منصرفاً عن الأُمور الدنيوية، اما في الدراسة فهو تلميذ نجيب يحترمه جميع معلميه، وكان زملاؤه في الصف يرونه عبقرياً، فهو يميل للتأمل، وغالبا ما كان مستغرقا في احلام اليقظة، وكان يحصل على الدرجات الممتازة بقليل من الجهد، وذكر رايت انه كان يمتلك شخصية جريئة ومستقيمة منذ كان صغيرا، وهو ما يدلل على ايمانه الراسخ بصحة معتقداته، وقد رافقته تلك الصفات الجامحة الى المستقبل ودفعته الى صراع من يقابله، تلك المزايا والقابليات مكنت ايمن الظواهري وهو في سن الخامسة عشر من تشكيل خلية سرية للإطاحة بالحكومة المصرية التي اعدمت سيد قطب([28]).
يتضح من النماذج السابقة من المستشرقين انهم اضطلعوا بدور ترويجي واعلامي حول نقاط وشخصيات واحداث من الممكن انها ستضيع وتنسى لولا جهودهم تلك، بشكل عام يبدو ان هؤلاء كانوا يسيرون عكس التيار، ومن المرجح ان الشعوب الغربية والشعب الامريكي سوف لن يغفروا لتلك الاقلام التي تعرض اقطاب القاعدة، وخطوط من الاخوان المسلمين بصور مجيدة، ومحببة كما يفعل هؤلاء المستشرقون، والصحفيون، الا ان الساسة، وصناع المعرفة في بيوت الامبريالية الغربية مدركون لأهمية تلك الاقلام الاستشراقية ودورها في تقويض مفاهيم الاسلام، وتحطيم ثقافته الدينية والانسانية.
وقد اشار باحث سعودي يؤمن بالمذهب الوهابي ويتعصب له الى تقدير عددٍ من المستشرقين لدعوة عبد الوهاب واصفا اياهم بانهم اكثر انصافا ومعرفة من بعض الطوائف الاسلامية التي تهجمت على عبد الوهاب ومن هؤلاء المستشرقين: الفرنسي هنري لاوست الذي وصف الحركة الوهابية بانها اعادت الاسلام الى صفائه الاول في عهد السلف الصالح، فهي تكافح الخرافات والغلو في الدين الى غيره، والمستشرق غولتسيهر الذي قال: يجب على من ينصف نفسه للحكم على الحوادث الاسلامية ان يعتبر الوهابيين انصاراً للديانة الاسلامية على الصورة التي وضعها الرسول (ص) والصحابة، ويقول المستشرق الاسباني ارمانو: ان الوهابيين قوم يريدون الرجوع بالإسلام الى عصر الصحابة، وينقصهم للوصول الى اهدافهم المقدسة، رجال متنورون ومثقفون، وهم ياللأسف قلائل، وعلى نحو تلك المقولات قول بوركهارت، واليكسي فاسيلييف، وكوبر، والكاتب الامريكي لوثروب ستوادارد، والمستشرق الهولندي سنوك هروجرونيه، والمستشرق الفرنسي جان جاك، وغيرهم([29]).

امريكا ــ التطرف، الاهتمامات :
هناك عدد من الاطروحات التي قدمها باحثون امريكيون تناولت المذهب الوهابي الذي تتبناه المملكة السعودية، منها: (محمد بن عبد الوهاب وبداية إمبراطورية الموحدين في الجزيرة العربية)، لجورج زنتر من جامعة كاليفورنيا عام 1948، ورسالة ماجستير بعنوان: (كتابات الرحالة الاجانب كمرجع لدراسة الحركة الوهابية في القرن التاسع عشر الميلادي)، لديفيد كوبر من جامعة أريزونا عام 1984، واطروحة دكتوراه للباحثة (نت)، من جامعة جورج تاون بعنوان: (دراسة حول السيرة الفكرية لشيخ الاسلام الامام محمد عبد الوهاب، ابرز قادة الفكر الاسلامي في القرن الثامن عشر)([30])، وغيرها. ولكن لم يعد الاهتمام بالتطرف في امريكا مقتصرا على الباحث الاكاديمي، فرجال السياسة والادارة في امريكا متعمقون في كتابة التقارير والبحوث حول الجماعات المتطرفة وبيئاتها، ولم يخفَ على هؤلاء منابع هذا الوبال ولا مصادره، فهم ممن اشرف على انبعاثاته وعوامل انتشاره، واليوم لا يمكنهم ان يتركوه خارج السيطرة، لذلك نلحظ وجود كم هائل من الدراسات التي تقدمها شخصيات بمختلف مناصبها ووظائفها حول التطرف، فضلاً عمّا تقدّمه الاعمال المشتركة كمعاهد الدراسات الاستراتيجية، والمؤسسات الثقافية، والجامعات. حول التطرف والارهاب في العالم الاسلامي، ومع تدخل المؤسسات السياسية، والاقتصادية، وفريق الادارة الامريكية في الكتابة عن الموضوعات الاسلامية والشرق، فان الصياغات ستختلف كليا عما كان معهودا في السابق بالنسبة لما ينتجه الغرب من المعرفة حول الشرق.
وقد تصدر بين الحين والاخر بعض التقارير من امريكا تنتقد النظام السعودي ونظامه التعليمي الذي ينتج التطرف، ولكن هذه التقارير لم تكن بجدية التعاون بين البلدين، الى حد صدور مؤلفات واوراق عمل امريكية تصور السعودية من مناهضي الارهاب، كدراسة رويل ميجر بعنوان: (حرب السعودية ضد الارهاب)، تحدث المؤلف فيها عن ادراك النظام السياسي في السعودية لخطر التطرف الذي يحمله الفكر الوهابي، لذا سعى هذا النظام الى اصلاح العلاقة بين الدين والسياسة، والنظر في نظام التعليم، كما صدر تقرير عن مجلس الشيوخ الامريكي حول نفوذ التطرف الوهابي في داخل الولايات المتحدة في عام 2004، ولكن ردود الفعل إزاء هذا النفوذ متواضعة لان القوم مدركون لأبعاده التي تبدو بالنسبة لهم بوصفها تعبيراً عن ديناميكية العلاقة مع المملكة، كما ان تحديد شكل الاسلام في المملكة اصبح من ضمن مهام الامن القومي الامريكي الذي كانت القاعدة بالنسبة له محور رئيس تأسست عليه مجموعة من الخطوات السياسية تجاه الشرق الاوسط. وقد ذكر جون بركنز في كتابه الاغتيال الاقتصادي للأمم ان امريكا وضعت مختصين مهمتهم التنبؤ بما قد يحدث في المملكة السعودية حول توجهاتها البترولية، وكان على هؤلاء الباحثين ايضا ان يجعلوا اقتصاد المملكة يزداد تشابكا وخضوعا للمصالح الامريكية، وباستغلال اقتصادها سيزداد تقليدها للأسلوب الغربي، وتزداد تبعيتها وميلها الى الغرب([31]).
وفي عبارات بروفيسور العلوم السياسية في جامعة يال (إيان شابيرو) دلالات واضحة على دراية فريق بوش بتحركات القاعدة تجاه امريكا الا انهم لم يريدوا ايقافها، وكأنهم ينتظرون حدثا مهما، حيث قال ايان: ان كبار فريق بوش وهم: دك تشيني، وكولن باول، ورايس، لم يسمحوا له ان يقدم تقريرا الى بوش يتضمن ايجازاً لخطة القضاء على القاعدة قبل ان تصدم الطائرات برجي التجارة ومبنى البنتاغون، وذكر ايان ان مسئولو الادارة الامريكية لم يريدوا التركيز على خطورة التهديدات الارهابية حتى ان الموظفين المهنيين في وزارتي العدل والدفاع بدأوا يشكون في انجازاتهم حول تحرك الارهابيين ولم يستعيدوا الثقة بأنفسهم امام مسئولي ادرة بوش الا بعد هجوم الطائرات في 11/9([32]).
وهناك العديد من الباحثين هم في الاساس ضمن دائرة التخطيط السياسي الذي ترعاه الادارة الامريكية، ومن الامثلة على هؤلاء الباحثين اندرو كوهوت المدير المؤسس لمركز (بيو) للأبحاث، و الباحث المتخصص في الاعلام والسياسة العامة، له مقالات في قسم افتتاحية صحيفة نيويورك تايمز، وكان احد خبراء استطلاعات الراي الامريكي، ومشارك في مؤلفات وبحوث عن الاسلام، منها: المسلمون في اوروبا اكثر اعتدالا([33])، كما اهتم بموضوع الانقسام بين الغربيين والمسلمين، ونظرة احدهما الى الاخر. لم يعرف عن كوهوت في مسيرة حياته الا وهو متصدٍّ لإدارة بعض المؤسسات والمنظمات، كإدارته لمنظمة غالوب التي تمتلك اربعين مكتبا حول العالم ومقرها في واشنطن، ورئاسته للجمعية الامريكية لبحوث الرأي العام والمجلس الوطني، وكان ضيفا منتظما على برامج الاذاعة الوطنية، ونشرات الاخبار التلفزيونية، مثل pbs نيوز، حيث كان يقدم فيها نتائج استطلاعات مؤسسة بيو التي يديرها.
ماذا يمكن ان يقدمه كوهوت حول الاسلام امام جميع تلك الوسائل التي استطاع ان يظهر او يكتب فيها، فهو لا يعمل في مؤسسة مختصة بالعلوم او القضايا الاجتماعية انه رجل متعمق في السياسة، ومراقب لتطوراتها، ان ما يمكن ان يعكسه كوهوت للمجتمع الغربي والامريكي ما هو الا وجه واحد عن الاسلام، وجه الصدام، والتحدي الحضاري الذي يترقبه الغرب بعد التزايد المستمر للوجود الاسلامي على الاراضي الغربية.
وتبين لنا اهتمام شخص مثل انتوني كوردسمان بالإسلام، وموضوعات التطرف المسار الذي كتب على الدراسات الشرقية في امريكا ان تسلكه، فالرجل باحث في الشؤون الاستراتيجية، ويعمل محللاً عسكريا لشبكة اخبار ( أي بي سي .abc.news)، وقد برزت تحليلاته في حرب الخليج 1990-1991، وعمليات ثعلب الصحراء، والصراع في البوسنة، والصومال، وكوسوفو، وافغانستان، والحرب الاخيرة في العراق، وكان مدير مشروع التقدير النهائي لمنطقة الخليج، وكانت له دراسات عن برنامج الدفاع الامريكي، وتغيير القوة، والتوازن العسكري، والتوازن النووي، ومنع انتشار اسلحة الدمار الشامل. وقد شغل عدداً من المناصب العليا في وزارة الدفاع، ووزارة الخارجية، ووزارة الطاقة، كما شغل منصب المساعد المدني لنائب وزير الدفاع، ومدير التقييم الاستخباراتي للدفاع، وممثل وزير الدفاع في مجموعة عمل الشرق الاوسط، كما عمل مساعدا للأمن القومي للسيناتور جون ماكين، مرشح الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية 2008، بلجنة الخدمات العسكرية بمجلس الشيوخ، ان اهتمامات كوردسمان كثيرة لكنها من نوع واحد، فهي لا تخرج عن اطار السياسة، والبحث عن مصادر القوة والضعف في العالم الاسلامي، فمن اهم تقاريره حول حروب امريكا في الشرق، تقرير بعنوان: الفوز والعنف في العراق، نوه فيه الى مجازفة امريكا بدخولها الى العراق ولكنه اشار الى وجود خطورة اكبر على مصالح امريكا في حال انسحابها منه، ونشر مقالا في صحيفة الواشنطن بوست بعنوان حربان يمكن كسبهما، اشار فيه الى معاناة افغانستان والعراق بسبب الانقسامات الداخلية، لذا تتطلب المعالجة استمرار العمليات الامريكية الى 2020([34]).كما استبعد كوردسمان ان يتحول العراق الى بلدٍ غربي، وهو افصاح عن النوايا التي تحملها امريكا تجاه العراق بتحويله الى بلدٍ غربي، مؤكدا ان الحل سيكون في قيام دولة صديقة تتمتع بالتعددية.
استطاعت امريكا من خلال فلاسفة الحرب ومفكري الازمات الذين قوّضوا المعرفة الانسانية والادبية الى تعريض الشرق وبالخصوص العالم الاسلامي الى عذابات مستمرة، وقد وجدوا المادة بعد الاخرى التي يمكن افتعالها في الوقت المناسب، وبقي سقف التطرف والارهاب الذريعة والمبرر الثابت لثقل امريكا في الشرق، مع اضافة عناوين من هنا وهناك، كان اخرها الربيع العربي الذي استحوذ على قراءات الباحثين الامريكيين وتقاريرهم، ولا ينكر التداخل الامريكي مع الربيع الذي كان مقدر له ان يشمل ايران، الا انه اصطدم بموقف الشعب الايراني التقليدي من نوايا الغرب لاختراق بلدهم من الداخل، ولم يكن هناك ربيع ايراني الا في مقولات بعض المحللين الغربيين، الذين استبعدوا دول الخليج من هذا المشروع مع انها بلدان عربية.
ويبلغ مجموع ما يكتبه الباحثون الامريكان عن الاسلام اضعاف ما تكبته البلدان الاوربية، ويتصدر العناوين المكتوبة موضوعا الارهاب والتطرف، وفي الغالب تكون البحوث تحت اشراف المسئولين الكبار، كذلك يتم اختيار الموضوعات على وفق اولويات تتطلبها مصلحة امريكا القومية والاقتصادية.
كل ما يقوله الباحثون الامريكيون عن الارهاب والتطرف كان له ارتباط وامتداد سعودي وهابي وهم على علم بذلك إلا ان مقدار قوة العلاقة بين امريكا والسعودية هو ما يبعد عدداً من التفسيرات الواقعية حول محاور الارهاب ومصادره، وبقيت الدبلوماسية الامريكية مهيمنة على حقيقة ما يجري في بلاد الاسلام، فهي غارقة في اللقاءات المتكررة بين قادة البيت الابيض والامراء السعوديين، التي شهدت على خلاف غيرها من اللقاءات حضوراً مكثفاً للرئيس الامريكي على الدوام في حال يكون الزائر ملك السعودية أو من ينوب عنه، واذا لم يكن الرئيس الامريكي حاضراً فسينوب عنه كبار المسؤولين في الادارة الامريكية مما يعني الاهمية القصوى لتلك العلاقة وحساسيتها، وتُبدي الاخبار مؤخرا الشراكة الامريكية السعودية في مناقشة الاوضاع المهمة في الشرق الاوسط وبحثها، من خلال تواجد متكرر ومستمر لمسئولي وزارة الخارجية الامريكية في قصور المملكة.

(*) باحث مقيم في المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية / العراق، النجف الأشرف.

*  هوامش البحث  *
([1]) روا، اولفييه، الجهل المقدس زمن دين بلا ثقافة، ترجمة: صلاح الاشمر، (دار الساقي، بيروت، 2012)، ص55.
([2]) حول هذا الموضوع ينظر: ليسي، روبرت، المملكة من الداخل تاريخ السعودية الحديث الملوك- المؤسسة الدينية –اللبراليون والمتطرفون، ترجمة: خالد عبد الرحمن العوض، ط4، (المسبار للدراسات والبحوث، دبي، 2011) ؛ فيسك، روبرت، الحرب الكبرى تحت ذريعة الحضارة (الحرب الخاطفة)، ترجمة: عاطف المولى واخرون، (شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت، 2006)، ج1
([3]) برنارد لويس- ادورد سعيد، الاسلام الاصولي في وسائل الاعلام الغربية من وجهة نظر امريكية، (دار الجيل، بيروت، 1994)، ص115.
([4]) برنارد لويس- ادورد سعيد، الاسلام الاصولي، ص58
([5]) برنارد لويس- إدوارد سعيد، الاسلام الاصولي، ص117.
([6]) دوكورانسي، لويس، الوهابية تاريخ ما اهمله التاريخ، ترجمة مجموعة من الباحثين، (رياض الريس للكتب والنشر، بيروت، 2003), ص9.
([7]) دوكورانسي، الوهابية، ص12.
([8]) دوكورانسي، الوهابية، ص27.
([9]) دوكورانسي، الوهابية، ص33.
([10]) دوكورانسي، الوهابية، ص54-55.
([11]) ديدييه، شارل، رحلة الى الحجاز في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي، ترجمة: محمد خير البقاعي، (دار الفيصل الثقافية، الرياض، 2001)، ص235-236.
([12]) ديدييه، رحلة الى الحجاز ص339.
([13]) أ . فاسيلييف، تاريخ العربية السعودية، ط2، (شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت، 2000)، ص99.
([14]) ديدييه، رحلة الى الحجاز ص240-241.
([15]) ديدييه، رحلة الى الحجاز ص242-243.
([16]) ليسي، روبرت، المملكة من الداخل تاريخ السعودية الحديث الملوك- المؤسسة الدينية –اللبراليون والمتطرفون، ترجمة: خالد عبد الرحمن العوض، ط4، (المسبار للدراسات والبحوث، دبي، 2011)، ص xxlll.
([17]) ليسي، المملكة من الداخل، صxxlx.
([18]) ليسي، المملكة من الداخل، ص14.
([19]) ليسي، المملكة من الداخل، ص151-152.
([20]) بيربي، جان جاك، جزيرة العرب، ترجمة: نجدة هاجر – سعيد الغر، (المكتبة التجارية للطباعة والتوزيع والنشر، بيروت، 1960)، ص105-108.
([21]) فيسك، روبرت، الحرب الكبرى تحت ذريعة الحضارة (الحرب الخاطفة)، ترجمة: عاطف المولى واخرون، (شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت، 2006)، ج1، ص34-37.
([22]) ينظر فيسك، الحرب الكبرى.
([23]) فيسك، الحرب الكبرى، ص39.
([24]) معظم الكتب التي مر ذكرها في هذا البحث ككتاب روبرت ليسي، وكتاب روبرت فيس، وصفت بانها الاكثر مبيعا في اوروبا وامريكا، وتم اعادة طباعتها اكثر من مرة.
([25]) غارودي، روجيه، الاصوليات المعاصرة اسبابها ومظاهرها، ترجمة: خليل احمد خليل، (دار عام الفين، باريس، 2000)، ص23.
([26]) رايت، لورانس، البروج المشيدة القاعدة والطريق الى سبتمبر، ترجمة: هبه نجيب مغربي، ط3، (كلمات عربية، مصر، 2011)، ص24.
([27]) رايت، البروج المشيدة، ص29-30.
([28]) رايت، البروج المشيدة، ص51-57.
([29]) المحمادي، مرسال عبد الله، موقف المستشرقين من دعوة محمد عبد الوهاب (عرض ونقد)، رسالة ماجستير، (جامعة ام القرى، كلية الدعوة واصول الدين) ص119-126.
([30]) المحمادي، موقف المستشرقين من دعوة محمد، ص90-94.
([31]) بركنز، جون، الاغتيال الاقتصادي للأمم اعترافات قرصان اقتصاد، ترجمة: مصطفى الطناني ـ عاطف معتمد، (الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة،2012)، ص108.
([32]) شابيرو، ايان، نظرية الاحتواء ما وراء الحرب على الارهاب، (شركة المطبوعات للنشر والتوزيع، بيروت، 2012)، ص29.
([33])published by Pew Global Attitudes, Europe’s Muslims More Moderate.
([34])wikipedia: (Antony kordesman).
***